مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

مركز أبي الحسن الأشعري ينظم لقاء علميا لقراءة كتاب: عقيدة أبي بكر المرادي الحضرمي

بمناسبة بداية شهر رمضان المبارك نظم مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالتعاون مع نادي الاتحاد بتطوان لقاء علميا خصّصه لقراءة كتاب: «عقيدة أبي بكر المرادي الحضرمي – دراسة وتحقيق» شارك فيه الباحثون:د. حسن الغشتول ود. ياسين الهبطي وذ. محمد بلال أشمل بحضور محقق الكتاب: د. جمال علال البختي، وذلك يوم الجمعة 3 رمضان 1434هـ الموافق ل 12 يوليوز 2013م على الساعة الرابعة والنصف بقاعة نادي الاتحاد بتطوان (قرب سينما اسبانيول).

اللقاء كان من تسيير الدكتور عبد العزيز سعود رئيس نادي الاتحاد بتطوان الذي قدم للمحاضرين ومحقق العقيدة المرادية ليعطى الكلمة بعدها للدكتور ياسين الهبطي ليقدم قراءته لكتاب “العقيدة المرادية” لأبي بكر المرادي الحضرمي، حيث اعتبره عملا يهم كل قارئ؛ لأنه تطلب الكثير من الجهد من صاحبه لكي يخرجه على الشكل الذي هو عليه الآن، وأن تبني الرابطة المحمدية للعلماء للكتاب نشرا وتوزيعا لهو شهادة دامغة على أنه عمل متميز كانت الخزانة المغربية في حاجة ملحة إليه، وفي قراءته ذهب الدكتور إلى أنه على الرغم من أن عنوان الكتاب يوحي بمضمون ديني صرف، فإن محققه جعله كتابا ذا أبعاد سياسية ودينية وتاريخية في الوقت نفسه، وذلك عبر الإضافات التي أضافها إليه كالسياق التاريخي الذي عاش فيه أبو بكر المرادي الحضرمي، والأحداث التي عاشها هذا الرجل وساهمت في تكوين شخصيته الفكرية الدينية ودوره الروحي والديني والسياسي كقاض ومستشار للأمير المرابطي أبي بكر بن عمر اللمتوني هذا التقدير التاريخي الذي وضعه محقق الكتاب الدكتور جمال علال البختي أمر مهم يحسب له حسب الدكتور القارئ؛ لأنه ربط الإطار التاريخي بشكل وثيق وناجح بمضمون الكتاب المحقق وهو ما يبرهن أن المحقق كان يعمل بوعي ومنهجية واضحة، وأن ما قدمه في هذا الكتاب يعد محاولة للمساهمة في كتابة تاريخ المغرب على اعتبار أن العقيدة الأشعرية هي إحدى مقومات ومكونات الهوية المغربية.
بعدها أخذ الكلمة الدكتور الحسن الغشتول الذي قدم ورقة بعنوان” المعنى الجامع / قراءة بلاغية لمؤلف عقيدة أبي بكر المرادي الحضرمي ت 489هـ/ 1106م ” قصد فيها إبداء ملاحظات عن هذا الإسهام العلمي، حيث جعل ورقته في جملة آراء وتعليقات تخص الأشكال الأدبية التي تواكب العمل سواء في شقه السيري، أو في محموله العقدي الأشعري كما يظهر من خلال بنيات أسلوبية واختيارات بلاغية حجاجية دون غيرها. ساعيا فيها إلى التوحيد من حيث الرؤية والمنهج بين المسعيين من خلال محاولة فحص طبيعة العلاقة بين الفرد والمجتمع كما تظهر في سيرة المرادي التاريخية. متسائلا: هل توجد حدود فاصلة بين سيرة تاريخية، وأخرى أدبية أو خيالية؟
وقد جعل ورقته في محاور تناول في الأول: “سيرة فرد أم مجتمع؟” منطلقا من كلام أحد النقاد المعاصرين. وهو إحسان عباس حين يقول:” كلما كانت السيرة تعرض للفرد في نطاق المجتمع، وتعرض أعماله متصلة بالأحداث العامة أو منعكسة منها أو متأثرة بها، فإن السيرة في هذا الوضع  تحقق غاية تاريخية؛ وكلما كانت السيرة تجتزئ بالفرد، وتفصله عن مجتمعه، وتجعله الحقيقة الوحيدة الكبرى، وتنظر إلى كل ما يصدر عنه نظرة مستقلة، فإن صلتها بالتاريخ تكون واهية ضعيفة” فلا يخفى حسب الدكتور القارئ ما في هذا القول من موضوعية، لا سيما عندما يقرن صاحبه بين العنصر التاريخي وسر التأثير الأدبي.
أما المحور الثاني فعنونه بـ:”صيغ بلاغية مهيمنة في مؤلف العقيدة”
وهي صيغ بلاغية اعتبرها آلية الكاتب في تمرير المشروع الأشعري في حلته الجديدة؟ حيث أجملها في:
1 ـ إبداء النية في التعاون مع علماء وباحثين.. أو بالأحرى مع نخب، وقراء عاديين، بما يقتضي ذلك من إيلاء عبارات الثناء والشكر والامتنان والاعتراف بفضل الغير.
2ـ تسخير كم واضح من الصيغ الاستفهامية، وطرح حالات شتى للتنافي، مع منح القارئ الشعور بأنه ليس أمام مسعى تجميع للنصوص، بل أمام بناء يخضع لمنطق حجاجي مستضمر جمال اللغة والأسلوب.
3ـ بلاغة المعنى الجامع/ وهي التي لا نتوصل إليها إلا عندما نقرأ العمل من أوله إلى آخره، حيث يقوم الدليل على أن الانكباب على البحث في الهوية الأشعرية في المغرب بمنظور د. جمال البختي، يتجاوز حدود الوثيقة في سكونيتها ليصل إلى مقام الوثيقة في حيويتها واستمراريتها.

وفي المحور الثالث الموسوم ب:”مظاهر الصيرورة التاريخية للتفكير العقدي في الغرب الإسلامي” ذهب القارئ فيه إلى أن العرض التحليلي المتسلسل / الموسوم لدى الباحث بالمقدمة التأطيرية، يشكل خطابا مستقلا وفي الآن نفسه مدخلا إلى المعنى الجامع، باعتبار أنه بمثابة السجل المرجعي. فبالإخبار والسرد المتعلقين بنشأة العقيدة الأشعرية ونموها في المغرب، رجوعا إلى أصولها السنية السلفية، ووقوفا عند تجلياتها عند الفقهاء وعلماء الكلام، نضع الأصبع على خصوصية الموضوع. وكلما تقدمنا في التواصل مع المادة المعرفية والتاريخية المنتقاة صارت عملية الفهم منبئة بالغنى والتنوع ، في حدود لا تتجاوز أثر البنية الكلية للخطاب.
وكانت القراءة الأخيرة من نصيب الأستاذ بلال أشمل والتي عنونها بـ:”استشكالات وإشارات قراءة في كتاب عقيدة أبي بكر المرادي الحضرمي” من تحقيق د. جمال علال البختي” كانت غايتها بسط جملة من الأفكار، وصياغة طائفة من الحدوس، واستشكال ثلة من القضايا؛ مشاركة في النظر العلمي المنعقد حول هذا الكتاب الفريد من ذخائر التراث العقدي الأشعري المغربي.
فمن بين ماورد في ورقته “استشكال مالكية مالك”: تحدث محقق كتاب “عقيدة أبي بكر المرادي الحضرمي” في معرض تتبعه لتأثير مالكية الباقلاني في تحويل عقيدة الكثير من المغاربة والأندلسيين إلى الأشعرية، والانصراف عن مضامين الفكر السلفي، عما سماه بـ”مالكية الباقلاني” و”مالكية مالك”.  وإذا كان الأستاذ القارئ لا يرى مانعا من تسمية مذهب أبي بكر بالمذهب المالكي؛ لأن الرجل اختار السير وفق المبادئ العامة لمذهب إمام دار الهجرة، وانتصر لاختياراته، وقد حقق أئمة المذهب أقواله، ووضعوا أسسه، وشيدوا أركانه، إلا أنه استشكل الحديث عن “مالكية مالك” كمذهب مكتمل ومتحقق، إلا بعد وفاة من تسمى على اسمه.
ومما استشكله أيضا “أندلسية المرادي”: حيث يقول: والحق أن ما يجعلنا نستشكل نسبة المرادي إلى الأندلس وتسميته بـ”المفكر الأندلسي” هي المسائل التالية:
– أن المغرب قد يقال على غرب الأندلس أو البرتغال كما هو لدى ابن بشكوال،   أو تتم التفرقة بينهما كما صنع عياض في الغنية حين كان يترجم للحجاج الضرير يوسف بن موسى الكلبي تلميذ المرادي؛   
– أن اسم المرادي لم يرد ذكره في لائحة المفكرين والفقهاء والأدباء الأندلسيين الذين وضعهم المجلس الأعلى للأبحاث العلمية بعناية ثلة من الباحثين أمثال “مانويلا مرين” و”إيثابيل فييرو”، و”مارية كامبوي” و”ديلفينا سيرانو” وغيرهن،  ولا في معجم المفكرين الأندلسيين الذين أشرف عليه خورخي ليرولا ديلغادو  وهي المعاجم والمجاميع التي لم يذر فيها الاستعراب الإسباني الحالي أي اسم معروف أو مجهول من أسماء الأعلام الأندلسيين الذي عاشوا في شبه الجزيرة الإبيرية، وسلكوا ضمن الفكر الأندلسي في العصر الوسيط. وغيرها من المبررات…
ولعل أفضل تسمية يمكن أن يقرن بها المرادي هو المغربي بما للمغرب من معنى يشمل إفريقية والمغرب والجزائر يخرج عن ضيق “المغرب الأقصى”، الخاص، وينفلت من سعة “الغرب الإسلامي” العام الذي يضم كل المغارب والأندلس.
ومما استشكله أيضا” أشعرية أبي بكر المرادي ونسبة “العقيدة المرادية” إليه” حيث تساءل: إذا صح أن كتاب العقيدة المرادية من تأليف أبي بكر المرادي الحضرمي، فكيف يمكن رد تهمة التجسيم التي رمي بها المرابطون والكتاب فيه من التنزيه ما فيه للذات الإلهية؟
 بعدها أخذ الكلمة التعقيبية الدكتور جمال علال البختي محقق الكتاب فقام بتوضيح ما التبس لدى القارئين للكتاب كما رد على الاستشكالات التي طرحها الأستاذ بلال أشمل حول مالكية مالك وأندلسية المرادي ونسبة العقيدة المرادية إليه بكثير من التحقيق والأدلة، أعقب ذلك تدخلات الحضور ومناقشتهم لما تم عرضه في هذا اللقاء العلمي المتميز.

                                                      إعداد الباحث: يوسف الحزيمري

‫2 تعليقات

اترك رداً على المركز إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق