مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

مركز أبي الحسن الأشعري يقدم لمحاضرة الدكتور عبد المجيد الصغير بالمكتبة الوطنية بالرباط

بمناسبة صدور أعمال
الندوة الدولية التي نظمتها كلية الآداب بالقنيطرة ومركز روافد للدراسات
والأبحاث في حضارة المغرب وتراث المتوسط، والتي اختير لها موضوع:
«واقع وآفاق البحث في تاريخ الفكر بالغرب الإسلامي: مراجعات
في الفلسفة والتصوف وأصول الفقه»، وذلك يومي 21 و22 فبراير
2018، احتفاء بأحد أعلام الفكر المغربي؛ الدكتور “عبد المجيد الصغير”..
ألقى المحتفى به، يوم الأربعاء 04 يوليوز 2018، محاضرة علمية تحت عنوان:
«الجامعة المغربية ورهانات البحث في العلوم
الإنسانية».
وقبل انطلاق المداخلة
عرض الدكتور جمال علال البختي باسم مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات
والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء بتطوان ورقة تقديمية
استهلها بالإلماع إلى ما يسكن المثقفين والمفكرين من همّ تأزم البحث
العلمي في العلوم الإنسانية بالجامعة المغربية، وما خلفه من ضمور في
الإنتاج وضعف في الجودة وانحسار في الفاعلية،  منوها بالمقابل
بمجهودات مباركة يقوم بها جلة من المفكرين والباحثين مقاربة لهذه الأزمة
ومن أبرزهم الدكتور الصغير. وبعد التذكير بغيض من فيض السيرة العلمية
والمسار العملي للمحاضر،  انعطف الدكتور علال البختي إلى موضوع
هذا اللقاء العلمي ملقيا بجملة من تمظهرات  واقع البحث العلمي
المتأزم في الجامعات المغربية خصوصا في مجال العلوم الإنسانية؛ فالجامعة
عموما  يشوب العمل فيها مجموعة من العراقيل جعلتها مأسورة
بالجمود والخمول والتقليد ما يحول دون قيامها ـ على الوجه الأمثل ـ
بأدوارها العلمية والبحثية وأدائها لرسائلها التنويرية
والتربوية،  وهي عراقيل ناتجة عما يتخبط فيه قطاع
التعليم  بالمغرب من طوره الأساسي إلى منتهاه الجامعي من
مشاكلَ وعوائقَ جعلت هذا القطاع الحيوي في أدنى مستوياته من حيث التدبير
والفاعلية والمردودية، وليس أدل على ذلك من هذه المشاريع الاستعجالية
المتتالية التي يرام منها استنقاذ هذا الواقع المتردي في غياب إصلاح
بنيوي شمولي للمنظومة التعليمية ببلادنا.. أما بخصوص العلوم الإنسانية
فإن الفاعلين فيها يسكنهم وَجَل عميق من انكماش رقعتها وضمور مكانتها
ضمن نسيج العلوم والتخصصات الأخرى المبرمجة في الجامعات.
 أمام هذه الصورة المأزومة، ألقى المقدّم ـ
استنهاضا لهمم الباحثين والفاعلين ـ مجموعة من التساؤلات الحارقة، مركبة
من العام إلى الخاص، أظهرها؛
ـ أليست العلوم
الإنسانية ضرورة وجودية للإنسان والمجتمع لا انفكاك عنها باعتبارها
رافعة من رافعات الحضارات ومرآة تعكس روحها؟
ـ ألم يكن رواد العلوم
الإنسانية منارات تضيء للإنسان سبل التحضر والتقدم وتمكنه من فهم الذات
والآخر والواقع؟
ـ وإذا كانت العلوم
الرياضية والتجريبية تصنع وسائل المعيش من مخترعات ومبتكرات وتسعى إلى
التحكم في الطبيعة وسبر قوانينها، فمن ينبري لفهم قيمة هذه الوسائل
وتفسير وظيفيتها داخل المجتمع واستشراف أثرها على الإنسان والإنسانية
مستقبلا؟ ومن يقوّم مسارها؟
ـ من ينكر وظيفة
الدراسات الإسلامية الجامعية ـ وهي من العلوم الإنسانية ـ في فهم الدين
والحياة فهما يستجيب لشروط البحث العلمي بعيدا عن الركون إلى مجرد
التقريرات الجاهزة والأحكام النهائية، أو العُلوق في شراك الثقافة
الدينية الشعبية؟
ـ من منا يستطيع أن
يجحد قيمة الفلسفة في توليد المفاهيم الكلية واستشكال موضوعات الوجود
والمعرفة والقيم والأخلاق والعقل..؟
ـ هل يمكن أن نتصوّر
الجامعة عارية عن العلوم الأدبية، مع أن الأدب هو أرقى أشكال التعبير
الإنساني؟
ـ وهل يمكن فهم الواقع
واستشراف المستقبل بالاستغناء عن علوم التاريخ، وهي التي تدرس الذاكرات
الجماعية وتواريخ الأشخاص والأحداث والدول؟
لهذا وذاك نستشرف اليوم
– يقول مسير اللقاء- التقديم لمحاضرة رجل من رجالات الفكر
والفلسفة بالمغرب يُعتبر من أكثر المفكرين تهمّما برهان البحث العلمي في
العلوم الإنسانية داخل الفضاء الجامعي، ومن أشدهم نقدا لمنسوب الإنتاج
العلمي في الجامعة المغربية خصوصا في مجال العلوم الإنسانية.. يتعلق
الأمر إذن بالأستاذ الجامعي والمفكر الإنساني عبد المجيد الصغير فاسحا
المجال له لمخاطبة جمهور الحاضرين الذين حجوا بكثافة لمتابعة هذه
المداخلة العلمية.
انطلق الدكتور عبد
المجيد الصغير إثر ذلك في إلقاء مداخلته مبتدئا بتوجيه عبارات الشكر
والتنويه لمركز روافد على استدعائه للمرة الثانية لملاقاة جمهور
الباحثين والمتتبعين، شارعا في وضع مجموعة من الإشكالات تهم مسار البحث
والإبداع في العلوم الإنسانية ومنعرجات الإصلاح والتجديد في الجامعة
المغربية، مذكرا بالتجربة الإسلامية التراثية التي أحدثت تطورا ملحوظا
في العالم بأسره من خلال جعلها الفكر الإنساني منفتحا على عوالم جديدة
وفق الرؤية الإسلامية التي تنزل العلم منزلة الفاعل في بناء الحضارة
وترشيد الإنسان والمجتمع،  وتحث على طلبه جميع الناس دون وقفه
على فئة مخصوصة منهم لها مرتبتها الدينية أو السياسية أو الاجتماعية..
فلا غرو أن انتشرت العلوم بين المسلمين خاصتهم وعامتهم بهذا الانتشار
الذي وثقه التاريخ؛ وكانت منزلة  العلم والعالِم بتلك المثابة
والمكانة التي صنعت الحضارة الإسلامية، بخلاف الحضارات السابقة اللاتي
احتكرت فيها فئات مخصوصة صناديق العلم ووثائق الحكمة والمعرفة، وجعلتها
ممنوعة على عامة الناس وسوقتهم ممن ليس لهم الأهلية الجنيالوجية (كما في
اليهودية) أو الدينية (كما في المسيحية) للخوض في شأن
العلوم.
وبين الماضي والحاضر،
شدد الدكتور الصغير على مسيس الحاجة  اليوم إلى العلوم
الإنسانية وضرورة جعلمها بؤرة اهتمامنا ليس فحسب على المستوى العلمي
المعرفي ولكن أيضا على المستوى القيمي الأخلاقي ترشيدا للمعارف لمصالح
الإنسان، وفي غياب هذا الترشيد يظل هناك خطر الانحلال والتسلط (ولا أدل
على ذلك من إنشاء جائزة نوبل) في وجه هذا التقدم التكنولوجي
المتسارع.
ثم ذكر المحاضر أن غياب
مراكز للدراسات الميدانية في العالم العربي قد فوت علينا الكثير مما
تتطلبه إنسانية المجتمع بسبب عدم قيام المجالس العلمية والنوادي
الثقافية ومراكز البحث العلمي بدورها في ذلك وهو ما وعت بأهميته الدول
الغربية فأصبحت تعتمد مقرراتهم في توجهاتها السياسية ومشاريعها
العامة.
وفي الشأن المغربي دعا
المحاضر إلى ضرورة الاعتراف بما حققته الجامعة المغربية ـ رغم حداثة
تأسيسها بالمقارنة مع نظيرتها المصرية ـ من إنجازات على صعيد العلوم
الإنسانية؛ فإن كليات الآداب بها وكليات الحقوق صارتا ترعيان بقوة
العلوم الإنسانية والاجتماعية، كما أن مساهمة الباحثين والمفكرين بها
تشهد لهم بالتوجه العام لتثوير النهضة العلمية في هذا المجال، وذلك عبر
المشاركة الفعلية في مختلف التظاهرات العلمية والثقافية بل حتى السياسية
منها (المسيرة الخضراء) تحقيقا للتصالح بين رجل العلم ورجل السياسة، وهو
ما توج ـ بعدُ ـ بصدور ظهير إصلاح الجامعة (1975) الذي اعتبر إجراء
ثوريا متقدما كرس مبدأ استقلال الجامعة المغربية، وأوكل لأساتذتها مهام
تأسيس شعبهم الدراسية وبرامج تكويناتهم، وهو ما مكن الجامعة المغربية من
احتلال مكانة متقدمة في ترتيب الجامعات العربية.
لكن- يضيف المتحدث-
ظهور المغادرة الطوعية حجم من هذا الدور الذي أصبحت عليه الجامعة
المغربية لانحياز العديد من الأساتذة إلى مشاريعهم الشخصية على حساب
المراكز البحثية التي كانوا يشرفون عليها. وقد خلص المتدخل إلى التساؤل
في الختام: هل من سبيل إلى تدارك هذه المعضلة وهذه النتائج السلبية التي
أحدثتها؟ ومبينا أن الجواب يكمن فيما دعت إليه وزارة التعليم العالي من
ضرورة الاعتناء بجانب العلوم الإنسانية أملا في تكسير العزلة التي انخرط
فيها هؤلاء الأساتذة للعودة إلى التواصل والتلاقي من خلال المراكز
البحثية والعلمية مساهمة في معالجة ما فرضته تلك السنوات العجاف التي
أعقبت تلك النكسة والمضي قدما من أجل رد الاعتبار للعلوم الإنسانية
بالجامعة المغربية، أملا في تطوير هذه العلوم، مجددا الدعوة إلى أن يرصد
لها من الدعم المالي الكافي الذي كثيرا ما يبذر على غيرها مما لا فائدة
منه. وشكر المحاضر في الأثناء هذه المبادرات من مثل ما اضطلع به مركز
روافد وغيره من المراكز العلمية الموازية لعمل الجامعة
المغربية.

بمناسبة صدور أعمال الندوة الدولية التي نظمتها كلية الآداب بالقنيطرة ومركز روافد للدراسات والأبحاث في حضارة المغرب وتراث المتوسط، والتي اختير لها موضوع: «واقع وآفاق البحث في تاريخ الفكر بالغرب الإسلامي: مراجعات في الفلسفة والتصوف وأصول الفقه»، وذلك يومي 21 و22 فبراير 2018، احتفاء بأحد أعلام الفكر المغربي؛ الدكتور “عبد المجيد الصغير”.. ألقى المحتفى به، يوم الأربعاء 04 يوليوز 2018، محاضرة علمية تحت عنوان: «الجامعة المغربية ورهانات البحث في العلوم الإنسانية».

وقبل انطلاق المداخلة عرض الدكتور جمال علال البختي باسم مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء بتطوان ورقة تقديمية استهلها بالإلماع إلى ما يسكن المثقفين والمفكرين من همّ تأزم البحث العلمي في العلوم الإنسانية بالجامعة المغربية، وما خلفه من ضمور في الإنتاج وضعف في الجودة وانحسار في الفاعلية،  منوها بالمقابل بمجهودات مباركة يقوم بها جلة من المفكرين والباحثين مقاربة لهذه الأزمة ومن أبرزهم الدكتور الصغير. وبعد التذكير بغيض من فيض السيرة العلمية والمسار العملي للمحاضر،  انعطف الدكتور علال البختي إلى موضوع هذا اللقاء العلمي ملقيا بجملة من تمظهرات  واقع البحث العلمي المتأزم في الجامعات المغربية خصوصا في مجال العلوم الإنسانية؛ فالجامعة عموما  يشوب العمل فيها مجموعة من العراقيل جعلتها مأسورة بالجمود والخمول والتقليد ما يحول دون قيامها ـ على الوجه الأمثل ـ بأدوارها العلمية والبحثية وأدائها لرسائلها التنويرية والتربوية،  وهي عراقيل ناتجة عما يتخبط فيه قطاع التعليم  بالمغرب من طوره الأساسي إلى منتهاه الجامعي من مشاكلَ وعوائقَ جعلت هذا القطاع الحيوي في أدنى مستوياته من حيث التدبير والفاعلية والمردودية، وليس أدل على ذلك من هذه المشاريع الاستعجالية المتتالية التي يرام منها استنقاذ هذا الواقع المتردي في غياب إصلاح بنيوي شمولي للمنظومة التعليمية ببلادنا.. أما بخصوص العلوم الإنسانية فإن الفاعلين فيها يسكنهم وَجَل عميق من انكماش رقعتها وضمور مكانتها ضمن نسيج العلوم والتخصصات الأخرى المبرمجة في الجامعات.

 أمام هذه الصورة المأزومة، ألقى المقدّم ـ استنهاضا لهمم الباحثين والفاعلين ـ مجموعة من التساؤلات الحارقة، مركبة من العام إلى الخاص، أظهرها؛

ـ أليست العلوم الإنسانية ضرورة وجودية للإنسان والمجتمع لا انفكاك عنها باعتبارها رافعة من رافعات الحضارات ومرآة تعكس روحها؟

ـ ألم يكن رواد العلوم الإنسانية منارات تضيء للإنسان سبل التحضر والتقدم وتمكنه من فهم الذات والآخر والواقع؟

ـ وإذا كانت العلوم الرياضية والتجريبية تصنع وسائل المعيش من مخترعات ومبتكرات وتسعى إلى التحكم في الطبيعة وسبر قوانينها، فمن ينبري لفهم قيمة هذه الوسائل وتفسير وظيفيتها داخل المجتمع واستشراف أثرها على الإنسان والإنسانية مستقبلا؟ ومن يقوّم مسارها؟

ـ من ينكر وظيفة الدراسات الإسلامية الجامعية ـ وهي من العلوم الإنسانية ـ في فهم الدين والحياة فهما يستجيب لشروط البحث العلمي بعيدا عن الركون إلى مجرد التقريرات الجاهزة والأحكام النهائية، أو العُلوق في شراك الثقافة الدينية الشعبية؟

ـ من منا يستطيع أن يجحد قيمة الفلسفة في توليد المفاهيم الكلية واستشكال موضوعات الوجود والمعرفة والقيم والأخلاق والعقل..؟

ـ هل يمكن أن نتصوّر الجامعة عارية عن العلوم الأدبية، مع أن الأدب هو أرقى أشكال التعبير الإنساني؟

ـ وهل يمكن فهم الواقع واستشراف المستقبل بالاستغناء عن علوم التاريخ، وهي التي تدرس الذاكرات الجماعية وتواريخ الأشخاص والأحداث والدول؟

لهذا وذاك نستشرف اليوم – يقول مسير اللقاء- التقديم لمحاضرة رجل من رجالات الفكر والفلسفة بالمغرب يُعتبر من أكثر المفكرين تهمّما برهان البحث العلمي في العلوم الإنسانية داخل الفضاء الجامعي، ومن أشدهم نقدا لمنسوب الإنتاج العلمي في الجامعة المغربية خصوصا في مجال العلوم الإنسانية.. يتعلق الأمر إذن بالأستاذ الجامعي والمفكر الإنساني عبد المجيد الصغير فاسحا المجال له لمخاطبة جمهور الحاضرين الذين حجوا بكثافة لمتابعة هذه المداخلة العلمية.

انطلق الدكتور عبد المجيد الصغير إثر ذلك في إلقاء مداخلته مبتدئا بتوجيه عبارات الشكر والتنويه لمركز روافد على استدعائه للمرة الثانية لملاقاة جمهور الباحثين والمتتبعين، شارعا في وضع مجموعة من الإشكالات تهم مسار البحث والإبداع في العلوم الإنسانية ومنعرجات الإصلاح والتجديد في الجامعة المغربية، مذكرا بالتجربة الإسلامية التراثية لتي أحدثت تطورا ملحوظا في العالم بأسره من خلال جعلها الفكر الإنساني منفتحا على عوالم جديدة وفق الرؤية الإسلامية التي تنزل العلم منزلة الفاعل في بناء الحضارة وترشيد الإنسان والمجتمع،  وتحث على طلبه جميع الناس دون وقفه على فئة مخصوصة منهم لها مرتبتها الدينية أو السياسية أو الاجتماعية.. فلا غرو أن انتشرت العلوم بين المسلمين خاصتهم وعامتهم بهذا الانتشار الذي وثقه التاريخ؛ وكانت منزلة  العلم والعالِم بتلك المثابة والمكانة التي نعت الحضارة الإسلامية، بخلاف الحضارات السابقة اللاتي احتكرت فيها فئات مخصوصة صناديق العلم ووثائق لحكمة والمعرفة، وجعلتها ممنوعة على عامة الناس وسوقتهم ممن ليس لهم الأهلية الجنيالوجية (كما في اليهودية) أو الدينية (كما في المسيحية) للخوض في شأن العلوم.

وبين الماضي والحاضر، شدد الدكتور الصغير على مسيس الحاجة  اليوم إلى العلوم الإنسانية وضرورة جعلمها بؤرة هتمامنا ليس فحسب على المستوى العلمي المعرفي ولكن أيضا على المستوى القيمي الأخلاقي ترشيدا للمعارف مصالح الإنسان، وفي غياب هذا الترشيد يظل هناك خطر الانحلال والتسلط (ولا أدل على ذلك من إنشاء جائزة نوبل) في وجه هذا التقدم التكنولوجي المتسارع.

ثم ذكر المحاضر أن غياب مراكز للدراسات الميدانية في العالم العربي قد فوت علينا الكثير مما تتطلبه إنسانية المجتمع بسبب عدم قيام المجالس العلمية والنوادي الثقافية ومراكز البحث العلمي بدورها في ذلك وهو ما وعت بأهميته الدول الغربية فأصبحت تعتمد مقرراتهم في توجهاتها السياسية ومشاريعها العامة.

وفي الشأن المغربي دعا المحاضر إلى ضرورة الاعتراف بما حققته الجامعة المغربية ـ رغم حداثة تأسيسها بالمقارنة مع نظيرتها المصرية ـ من إنجازات على صعيد العلوم الإنسانية؛ فإن كليات الآداب بها وكليات الحقوق صارتا ترعيان بقوة العلوم الإنسانية والاجتماعية، كما أن مساهمة الباحثين والمفكرين بها تشهد لهم بالتوجه العام لتثوير النهضة العلمية في هذا المجال، وذلك عبر المشاركة الفعلية في مختلف التظاهرات العلمية والثقافية بل حتى السياسية منها (المسيرة الخضراء) تحقيقا للتصالح بين رجل العلم ورجل السياسة، وهو ما توج ـ بعدُ ـ بصدور ظهير إصلاح الجامعة (1975) الذي اعتبر إجراء ثوريا متقدما كرس  مبدأ استقلال الجامعة المغربية، وأوكل لأساتذتها مهام تأسيس شعبهم الدراسية وبرامج تكويناتهم، وهو ما مكن الجامعة المغربية من احتلال مكانة متقدمة في ترتيب الجامعات العربية.

لكن- يضيف المتحدث- ظهور المغادرة الطوعية حجم من هذا الدور الذي أصبحت عليه الجامعة المغربية لانحياز العديد من الأساتذة إلى مشاريعهم الشخصية على حساب المراكز البحثية التي كانوا يشرفون عليها. وقد خلص المتدخل إلى التساؤل في الختام: هل من سبيل إلى تدارك هذه المعضلة وهذه النتائج السلبية التي أحدثتها؟ ومبينا أن الجواب يكمن فيما دعت إليه وزارة التعليم العالي من ضرورة الاعتناء بجانب العلوم الإنسانية أملا في تكسير العزلة التي انخرط فيها هؤلاء الأساتذة للعودة إلى التواصل والتلاقي من خلال المراكز البحثية والعلمية مساهمة في معالجة ما فرضته تلك السنوات العجاف التي أعقبت تلك النكسة والمضي قدما من أجل رد الاعتبار للعلوم الإنسانية بالجامعة المغربية، أملا في تطوير هذه العلوم، مجددا الدعوة إلى أن يرصد لها من الدعم المالي الكافي الذي كثيرا ما يبذر على غيرها مما لا فائدة منه. وشكر المحاضر في الأثناء هذه المبادرات من مثل ما اضطلع به مركز روافد وغيره من المراكز العلمية الموازية لعمل الجامعة المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق