مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

محاضرة بعنوان: «لُمَعٌ في دراسة وتحقيق «بغية المبصر في إيضاح المزهر»» قدمها بمركز ابن أبي الربيع السبتي الدكتور المصطفى لغفيري

يسهر مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية بتطوان التابع للرابطة المحمدية للعلماء على تنظيم سلسلة محاضرات علمية لفائدة الأساتذة والطلبة الباحثين في سياق مواكبة ما استجد من إصدارات علمية تخدم الحقل اللغوي بصفة عامة، عن طريق تقديم قراءات علمية ونقدية لها. وفي هذا الإطار نظم المركز محاضرة بعنوان: «لُمَعٌ في دراسة وتحقيق «بغية المبصر في إيضاح المزهر»»، قدمها الدكتور المصطفى لغفيري، وذلك يوم الإثنين 17 شوال 1444هـ الموافق ل 08 ماي 2023م، بمقر المركز.

وقد قدم هذه المحاضرة فضيلة الدكتور عبد الرحمن بودرع حيث رحب بضيف المركز الدكتور المصطفى لغفيري وكذلك بالحضور الكرام، كما قدم بيانا موجزا للسيرة الذاتية للمحاضر مُرْفِقا إياها بإصداراته العلمية.

وبعد هذه الكلمة التقديمية انتقلت الكلمة للأستاذ المحاضر الدكتور المصطفى لغفيري الذي أثنى في بداية مداخلته على مركز ابن أبي الربيع السبتي ثناء طيبا، مبينا أن هذا الأخير يؤثث المشهد الثقافي باقتدار، ثم ذكر أن كلمته عبارة عن محاولة لتجلية لمع من مراحل التلبس بمعاني إحياء الموؤود الذي بعِث من مرقده وأصدرته دار الكتب العلمية ألا وهو: «بغية المبصر في إيضاح المزهر» للشيخ محمد بن عبد الكبير ابن الحاج السلمي رحمه الله تعالى.

وقد مهد كلمته حول هاته اللمع بمهاد تأطيري تحدث فيه عن أن النزوع لتحقيق النصوص التراثية يعد مطلبا علميا رصينا لكونه يفتح الأفق العلمي ويغذيه بمعطيات جديدة قد تسهم في بناء المعرفة أو بلورتها على الأقل مع الإقرار بوعورة هذا الحقل المعرفي وخطورته.

ثم انتقل إلى الحديث عن فلسفة التحقيق وسؤال الثمرة وفيه أشار إلى أنه بعد تراجع التلقي الشفهي نشطت الوجادة وحرفة النساخة وما إليها، حيث انطلقت رحلة العلم مع الصحف وبدأت المعاناة في التوثيق والضبط وكذا في القراءة والفهم، وبفعل التحولات الثقافية العامة أصبح طلاب العلم في مواجهة المخطوطات، وقد أشار الدكتور المصطفى لغفيري في هذا السياق أيضا إلى استنساخ التجربة الأوروبية المسماة بنقد النصوص استفادة من الطباعة التي يسرت إخراج النصوص من مخطوطيتها فتوجهت الهمم إلى إحياء التراث العربي الإسلامي وفق روح فن نقد النصوص مُؤْثِرَةً لفظ «تحقيق» مشيرا إلى كتاب محمد عبد السلام هارون الفذ «تحقيق النصوص ونشرها»، مع التنويه برائد هذه الحركة وهو أحمد زكي باشا الذي تقدم بمشروع  إحياء التراث العربي الإسلامي.

ثم انتقل للحديث عن ما سماه «سردية بغية المبصر» وفيه تحدث عن قصة الوجادة والأحداث التي اعترت الجمع والبحث والتحقيق، وقد أشار إلى أنه وقعت عينه على «بغية المبصر» ضمن مخطوطات الخزانة الحسنية بوصفه «مجهول المؤلف» لتبدأ رحلة رفع الجهالة، ليُلَوِّحَ له المخطوط وهو يتناول لوحاته بإشارتين فانجلت العقدة التي أرخت بظلالها الوارفة على بُنْد النسبة، استنادا على حجج دامغة مقنعة.

ثم تحدث المحاضر في مبحث: إلماعات منهجية وفق مشروع الأصل أي «المزهر» والشرح أي «البغية» عن تقسيم العلوم ليضع «المزهر» في سياقه، مشيرا إلى الثراء المعرفي في فقه اللغة، ومبينا أن «بغية المبصر» تمثل علامة فارقة على رصد مشروع معرفي للنهوض بالمسلم المغربي الذي جابه الاستعمار الذي دعا «جامع القرويين» حيث كان يدرِّسُ الشيخ هذا الشرح بـ«البيت المظلم»، فكان تدريس «المزهر» وتحشيته يشكل رافعة لإثبات الذات في مواجهة المستعمر.

وقد أفاض الدكتور المصطفى لغفيري في الحديث عن الأصل المشروح مبينا أن أقطاب مصنفي العلوم الإسلامية أطبقوا على أن موسوعة «المزهر» تندرج تحت صنف «فقه اللغة» الذي يمكن اختزاله في اتجاهين اثنين هما: طلب اللفظ وطلب المعنى، وكلاهما غايته تفصيح لسان الإنسان المسلم أملا في إدراك خطاب الوحي وتمثله ليكتسب هذا الدرس اللغوي الشرف؛ فالسيوطي ومحمد بن عبد الكبير السلمي -حسب تعبيره- يريان معا أن وجه المشابهة هو الخبر المرتقي بالسند، وهو ركن شديد آوى إليه أقطاب علماء فقه اللغة وعلماء الحديث معا.

وانتهى المحاضر إلى خلاصة تحدث فيها عن الأبعاد الروحية في التحقيق المتمثلة في أنك حينما تتفرغ لتحقيق نص ما فأنت بذلك مسوق بتقدير إلهي لأن تشكل لبنة من لبنات صرح عريض عنوانه «نصرة دينك الحنيف».

   

وأعقب ذلك كله مناقشة علمية أثرتها أسئلة الحاضرين، ودار معظمها حول لفظ «التحقيق» الذي وَسَم به الدكتور المصطفى لغفيري عمله، إضافة إلى أسئلة أخرى متعلقة بتدريس «المزهر» في القرويين، ولمن وُجِّهَ هذا التأليف في الأصل، وكذا النسخة المخطوطة هل هي من خط المؤلف، وقد أجاب المحاضر عن هذه الأسئلة بإضاءات جديدة أنارت معالم طريق «بغية المبصر».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق