مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

محاضرة بعنوان: «رسائل أبي إسحاق الصابي بين مرتكزات التحقيق وإيجاد النص» قدمها بمركز ابن أبي الربيع السبتي محقق الكتاب فضيلة الدكتور محمد سعيد البقالي

نظم مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية بتطوان التابع للرابطة المحمدية للعلماء محاضرة بعنوان: «رسائل أبي إسحاق الصابي بين مرتكزات التحقيق وإيجاد النص»، قدمها محقق الكتاب فضيلة الدكتور محمد سعيد البقالي، وذلك يوم الخميس 29 رمضان 1444هـ الموافق ل 20 أبريل 2023م، بمقر المركز، وتأتي هذه المحاضرة في سياق الاحتفاء بيوم المخطوط العربي يوم 4 أبريل من كل عام –ويستمر خلال شهر كامل-، وهي تظاهرة عربية إقليمية تشارك فيها الجهات المعنية بحقل التراث المخطوط العربي في رسالة نشر الوعي التراثي العربي، والتعريف بجهود الحضارة العربية ومنجزاتها.

استُهلت المحاضرة بكلمة رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي فضيلة الدكتور محمد الحافظ الروسي التي قدم فيها الأستاذَ المحاضرَ، كما رحب فيها بالحضور.

ثم تلت هذه الكلمةَ الافتتاحيةَ مداخلةُ الأستاذ المحاضر التي تحدث فيها عن مرتكزات تحقيق هذه الرسائل، وقد أشار في هذا السياق إلى النسخ التي حصل عليها من مكتبات متعددة في العالم، لكنه اكتفى بوصف نسخة واحدة منها وهي نسخة «ليدن» مع بيان أهميتها في تحقيق المخطوط، كما وقف عند بعض المصاعب التي واجهته خلال تحقيق هذا النص القديم وتخريجه خاصة في الرسائل التي حذفت منها التواريخ وأسماء الأعلام.

كما بين منهجه في التحقيق وذلك باتخاذ مجموعة من الخطوات الإجرائية منها: تخريج النص وقراءته وفك غوامضه والاستئناس بطريقة رسمه والتمرس بطريقة الكتابة، ووضع علامات الترقيم تيسيرا لقراءته وضبطا لمدلوله، مشيرا إلى أنه استأنس بنسخة مطبوعة من تحقيق شكيب أرسلان الموسومة بــ «المختار من رسائل أبي إسحاق الصابي».

ووضح المحاضر أنه عُنِيَ بترجمة وافية لصاحب هذه الرسائل من خلال مصادر تراثية ومراجع معاصرة.

وبالإضافة إلى ذلك عَمِل على فك المستغلق من الألفاظ والكلمات المستعصية على غير المتخصص وذلك بالرجوع إلى المعاجم اللغوية، وبذلك أصبح المحقق أمام مدونة لغوية مهمة أدت وظيفة خاصة في الاقتراب من عوالم هذا النص التراثي. كما ساعده ذلك في التثبت من الأمثال التي كان الصابي يكثر من استدعائها في رسائله ويضمنها فيها، وقد أعادها المحقق إلى مظانها في مدونات الأمثال.

وأشار المحقق إلى أنه لم يكتف بتخريج الأشعار من مظانها وتحديد وزنها، بل سعى إلى توثيق الخلاف في الروايات أيضا، وأشار كذلك إلى الأبيات التي قام الصابي بحلها على عادة الكتاب في القرن الرابع.

كما بين أنه وقف عند النقول التي وردت في الرسائل وهي نقول تتوزع بين نقول من القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية أو إشارات تاريخية حاول رَجْعَها إلى منابعها، كما عمِلَ على جرد الأعلام البشرية وهم صنفان؛ إما كاتب لرسالة أو مخاطَب يقوم الصابي بتوجيه الرسالة إليه، وصنف آخر وهم الأعلام الذين ورد ذكرهم في متن الرسائل، كما عمِلَ على جرد   أسماء الأمكنة وعرضها على كتب معاجم البلدان.

وبخصوص مضمون الرسائل بيَّن أنه عثر على رسائل خالية من الابتداء والاختتام ورجح أن الناسخ هو من قام بإسقاطها فجاءت غفلا من مكونين رئيسيين من مكونات البناء المعماري للرسالة، وأشار إلى أنه ختم بعض رسائله بالدعاء قبل السلام، وبيَّن أيضا أنه ثمة تفاوت في رسائل الصابي بين الطول المستفيض والقصر الموجز. كما أن هذه الرسائل تزخر بالعديد من المصطلحات السياسية والحضارية لكونها تنقل لنا أصداء الفكر والسياسة والمجتمع السائدة في تلك الفترة. وفي ختام تحقيقه ذيَّل المحقق هذه الرسائل بفهارس فنية للآيات والأحاديث والأبيات والأعلام والبلدان والمصطلحات جريا على سنن أهل التحقيق.

وقد عرَض المحقق في ختام مداخلته الدراسات والمقالات الكثيرة التي أنجزت حول رسائل الصابي.

وأعقبت المحاضرةَ مداخلاتٌ قيمة ناقش فيها المتدخلون إشكالات مهمة تتعلق بمعمار الرسائل الديوانية وهل حافظ الصابي على نفس المعمار المعمول به في الكتابة الديوانية في هذا القرن، وكذا مضمون هذه الرسائل، بالإضافة إلى بيان أهمية تحقيق هذه الرسائل في وقتنا الراهن وحاجة المكتبة العربية إليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق