مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مجالس النحو 6

انعقد يوم الاثنين 18ربيع الأول 1440هـ الموافق لـ 26 أكتوبر 2018م، المجلس السادس من مجالس النحو التي يؤطرها الدكتور محمد الحافظ الروسي رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية.

وتتمة لما تُطرِّقَ إليه في المجلس السابق الذي اختص بالأسماء المبنية أضاف الدكتور محمد الحافظ الروسي أن هناك أشياء أخرَ تبنى لعارض مثل: النكرة المقصودة نحو: يا مسلم؛ تقصد مسلما بعينه اجتهد؛ فـ«مسلمُ» منادى مبني على الضم في محل نصب. والمنادى العلم المفرد، ممثلا له بـ يا نوح وهو منادى مبني على الضم في محل نصب، وبعض الظروف نحو:«أمس» تبنى على الكسر في لغة أهل الحجاز إذا أردت به معيّنا وهو اليوم الذي قبل يومك، وإذا أريد به يوم من الأيام الماضية أو دخلتْه «أل» أو أضيف أعرب بإجماع، نحو: «فعلت ذلك أمسا» أي في يوم من الأيام الماضية، والأسماء المركبة كالأعداد المركبة مثل: «أحد عشر» و«تسعة عشر» وما بينهما، فهي مبنية على فتح الجزأين ما عدا اثني عشر واثنتي عشرة؛ فإن صدْرهما معرب إعرابَ المثنّى، ولفظ عشر أو عشرة مبنيّ على الفتح، واسم لا النافية للجنس في بعض أحواله، نحو: «لا رجل في البيت»، فــ«رجل» اسم لا مبني على الفتح في محل نصب.

وبعد ذلك استأنف المحاضر في هذا المجلس حديثه عن علامات الإعراب انطلاقا من أبيات الناظم أولها:

لِلرَّفْعِ مِنْ عَلَامَةِ (دَالٌ) وَفَتْ*** ضَمٌّ وَوَاوٌ أَلِفٌ نُونٌ ثَبَتْ

وفي تعليقه على هذا البيت أشار الدكتور محمد الحافظ الروسي إلى أن «الدال» في قول الناظم يعني بها «أربعة» بحساب الجُمَّل، وذكر أن للرفع أربع علامات: الضمة، وهي العلامة الأصلية، ثم الواو والألف والنون وهي فروع عن الأصلية ونائبات عنها. كما بين أن قول الناظم « نون ثبت» فيه إشارة إلى الأفعال الخمسة التي ترفع بثبوت النون؛ لهذا نقول مثلا مرفوع بالواو النائبة عن الضمة، أو مرفوع، وعلامة رفعه الواو النائبة عن الضمة.

ثم انتقل إلى الحديث عن مواضع الضمة، انطلاقا من الأبيات التالية:

فَالضَّمَّةَ اجْعَلَنَّ فِي (دَالِ) مَوَا***ضِعَ عَلَامَةً لِرَفْعٍ لَا سِوَى

فِي مُفْرَدٍ وَجَمْعِ تَكْسِيرٍ سَمَا*** جَمْعِ المُؤَنَّثِ الَّذِي قَدْ سَلِمَا

وَالرَّابِعُ الفِعْلُ المُضَارِعُ الّذِي*** لَمْ يَتَّصِل بِغِبِّه شَيْءٌ خُذِ

كَيَشْفَعُ الرَّسُولُ وَالرِّجَالُ*** لَهُمْ كَرَامَاتٌ لَهُمْ مَجَالُ

وفي شرحه لهذه الأبيات وضح الدكتور أن الضمة تكون علامة للرفع في أربعة مواضع أسهبها فيما يلي:

الموضع الأول: الاسم المفرد  وهو ما دل على واحد أو واحدة؛ والمراد به  هنا ما ليس مثنى ولا مجموعا ولا ملحقا بهما ولا من الأسماء الخمسة، سواء كان مذكرا نحو: « فلما قضى زيد منها وطرا»، و«جاء الفتى والقاضي». أو مؤنثا نحو: «جاءت هند والحبلى».

الموضع الثاني: جمع التكسير وهو ما دل على أكثر من اثنين أو اثنتين مع تغيير بناء مفرده، نحو قوله تعالى: ( وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى) فأموال وأولاد جمع تكسير. ثم ذكر أن لجمع التكسير ستة أقسام: 

الأول: التغيير بالزيادة على المفرد من غير تغيير شكل، نحو: صنو/صنوان، في مثل قوله تعالى: (صنوان وغير صنوان). فالصنو: فرع يخرج من أصل الشجرة، وصنوان يستعمل بلفظ واحد للمثنى والجمع وليس له نظير إلا قنو وقنوان وهو العنقود، ويفرق بينهما بأن الجمع يعرب بالحركات الظاهرة على النون، وأما المثنى فتكسر نونه ويعرب بالألف رفعا وبالياء جرا أو نصبا. والثاني: التغيير بالنقص عن المفرد من غير تغيير شكل، نحو: تهمة/تهم، تخمة/تخم، شجرة/شجر. والثالث: التغيير بتبديل الشكل من غير زيادة ولا نقص، نحو: أَسَد/أُسْد. والرابع: التغيير بالزيادة على المفرد مع تغيير الشكل، نحو: رجل/ رجال، سبب/ أسباب، شجاع/شجعان. والخامس: التغيير بالنقص على المفرد مع تغيير الشكل، نحو: رسول/رسل، كتاب/كتب، سرير/سرر. والسادس: التغيير بالزيادة والنقص وتغيير الشكل، نحو: غلام/غلمان، كريم/كرماء، رغيف/رُغفان.

الموضع الثالث: جمع المؤنث السالم وهو ما دل على أكثر من اثنتين بزيادة ألف وتاء في آخره، نحو قوله تعالى: ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله)، وبين أن الضمة لا تكون مقدرة في جمع المؤنث السالم إلا عند إضافته إلى ياء المتكلم، نحو: «هذه شجراتي وبقراتي»، فإن كانت الألف غير زائدة، بأن كانت موجودة في المفرد، نحو: «القاضي والقضاة»، أو التاء غير زائدة بأن كانت موجودة في المفرد، نحو: «بيت وأبيات»، كان من جمع التكسير ولم يكن من جمع المؤنث السالم. وفي معرض حديثه أشار أيضا إلى أن جمع المؤنث السالم وجمع المذكر السالم هما جمعَا تصحيحٍ وذلك لصحة مفردهما في الغالب عند جمعه عليهما، كما أشار إلى أن التغيير يدخل في جمع المذكر السالم عند الإعلال ممثلا لذلك بـ المصطفى/المصطفون، القاضي/القاضون، ومثل ذلك يقال عند جمع المؤنث السالم. 

وفي هذا السياق وضح الدكتور نقطة مهمة أن تقييد الجمع بالتأنيث والسلامة جري على الغالب، وإلا فقد يكون جمعا لمذكر نحو: إصطبلات جمع إصطبل، وقد يكون مكسرا نحو: حبليات جمع حبلى، تغييره بقلب ألف المفرد ياءً. وهنا استعرض الدكتور محمد الحافظ الروسي مذهب ابن هشام في تسمية جمع المؤنث السالم المجموع بالألف والتاء ليعم جمع المؤنث وجمع المذكر؛ وما سلم فيه المفرد وما تغير، فإنه في جميع ذلك ينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة، حملا للنصب على الجر، كما في جمع المذكر السالم، إجراء للفرع على وتيرة الأصل، وإنما تخلف الفرع عن الأصل في الإعراب بالحروف لعلة مفقودة في الفرع، وهي أنه ليس في آخره حروف تصلح للإعراب نحو: (خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ) [العنكبوت: 44] . ووقف في ذلك على بيت من الألفية وهو قول الناظم:

وَمَا بتاء وألف قد جمعا *** يكسر في الجر وفي النصب معا

  [شرح التصريح على التوضيح (1/80)]

الموضع الرابع: الفعل المضارع الذي لم يتصل به ألف الاثنين ولا واو الجماعة ولا ياء المخاطبة ولا نون التوكيد الخفيفة أو الثقيلة ولا نون النسوة، وهو قوله: « الذي لم يتصل بغبه شيء» فهذا تكون علامة رفعه الضمة إما لفظا، نحو: ( تكاد تميز من الغيظ)، أو تقديرا، نحو: (قل الله يهدي للحق)، فيهدي  فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل. وأضاف أنه إذا اتصل بآخر المضارع نون النسوة  نحو: «يتربصن» بني على السكون، أو نون التوكيد نحو: «ليسجنن» و«ليكونن» بُني على الفتح. وإذا كان من الأفعال الخمسة بأن اتصل به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة، نحو يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين كان رفعه بثبوت النون، والألف أو الواو أو الياء في محل رفعٍ فاعل.

وفي ذكره لهذه المواضع الأربعة وقف الدكتور على هذا  البيت في قول الناظم: 

كَيَشْفَعُ الرَّسُولُ وَالرِّجَالُ*** لَهُمْ كَرَامَاتٌ لَهُمْ مَجَالُ

فقوله: «يشفع» مرفوع بالضمة لكونه فعلا مضارعا لم يتصل بآخره شيء، والرسول: مرفوع بالضمة لأنه مفرد، والرجال: جمع تكسير، والكرامات: جمع مؤنث سالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق