مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مجالس النحو 4

انعقد يوم الأربعاء 16 محرم 1440هـ الموافق لـ 26 شتنبر 2018م، المجلس الرابع من مجالس النحو التي يؤطرها الدكتور محمد الحافظ الروسي رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية.

تطرق المحاضر في مستهل هذا المجلس إلى علامات الحرف من خلال بيتي الناظم التاليين:   

وَالحَرْفُ مَا لَيْسَ يَكُونُ يَصْلُحُ *** مَعْهُ دَلِيلُ ذَيْنِ فِيمَا صَرَّحُوا 

كَلَا وَلَمْ وَلَنْ وَسَوْفَ وَكَهَلْ*** وَقَدْ وَإِنْ وَعَنْ وَمِثْلَ: فِي وَبَلْ

وفي تعليقه على هذين البيتين ذكر أن دليل حرفية الحرف عدم قبوله لعلامات الاسم وعلامات الفعل واستشهد على ذلك بالبيت التالي وهو:

الحَرْفُ مَا لَيْسَتْ لَهُ عَلَامَهْ*** تَرْكُ العَلَامَةِ لَهُ عَلَامَهْ

 وقد أشار الدكتور إلى أن هناك كلمات كثيرة لا تقبل شيئا مما ذكره المصنف، وليست بحرف كـ«هو» من الأسماء، غير أنه عقد هذه المقدمة للمبتدئ.

ثم عرج إلى بيان أقسام الحرف وأولها: قسم مشترك بين الاسم والفعل فلا يعمل شيئا ومثاله «هل» و«بل»، وثانيها: قسم خاص بالأسماء فيعمل فيها ومثاله: «في» و«عن»، وثالثها قسم خاص بالأفعال فيعمل فيها ومثاله: «لم» مستشهدا في ذلك ببيت الألفية:

سِوَاهُمَا الحَرْفُ كَهَلْ وَفِي وَلَمْ *** فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ

وذكر الدكتور أن المؤلف ترك بيان البناء لأنه يُدْرَكُ بمعرفة معنى الإعراب، فالبناء هو ما لزم آخره حالة واحدة لغير عامل ولا اعتلال لأنه إذا لزم حالة واحدة بسبب اعتلال فإعرابه مقدر.

وقد مثل للمبني على السكون بـ «كم» و«من»، ومثل للمبني على الكسر بـ «هؤلاء» و«حَذَام»، و«أمس»، ومثل للمبني على الضم بـ «منذ» و«حيث»، ومثل للمبني على الفتح بـ «أين» و«كيف».

 وبين الدكتور أن القسم الخاص بالأفعال ينقسم إلى نوعين؛ نوع خاص بالمضارع كـ «لم» و«لن» و«سوف»، ونوع مشترك بين الماضي والمضارع كـ «قد»، وإلى هذه الأنواع أشار بقوله: (كـ «لا» و«لم» و«لن»).

ثم انتقل إلى باب آخر هو باب الإعراب وفي ذلك ذكر قول الناظم:  

حَقِيقَةُ الإِعْرَابِ تَغْيِيرٌ يُرَى*** أَوَاخِرَ الكَلِمِ عِنْدَ مَنْ دَرَى

لِأَجْلِ خُلْفِ مَا عَلَيْهَا يَدْخُلُ *** مِنَ العَوَامِلِ كَهَذَا الأَمْثَلُ

وفي شرحه لهذين البيتين ذكر أن الإعراب هو تغيير آواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظا أو تقديرا. وبين أن قول الناظم: «تغيير يرى أواخر الكلم» يشير إلى أن المقصود بعبارة ابن آجروم أنه تغيير يلحق أحوال أواخر الكلم، وأن قوله: «لأجل خلف ما عليها يدخل من العوامل»، أي: إن هذا التغيير اللاحق آخر الكلمة سببه اختلاف العوامل الداخلة عليها.

ومَثَّلَ لذلك بقوله: «هذا الأمثل»، فـ «الهاء» حرف تنبيه و«ذا» اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والأمثل خبرٌ مرفوع، فأشار بـ «الأمثل» إلى الاسم المعرب، وأشار بـ «ذا» إلى ما دخل عليه عامل معنوي هو الابتداء فلم يغير آخره، لأنه مبني لذلك أعرب مبتدأ مبنيا على السكون في محل رفع، لأنه لولا البناء لكان حقه الرفع.

ففهم من هذا أنه لا يكفي ورود العامل بل لا بد من حدوث أثره، وهو تغير الحركات الإعرابية بتغيره، وأشار إلى أن المقصود بالعامل اللفظي نحو: «جاء»، فإنه يطلب الفاعل المقتضي للرفع، ونحو: «رأيت»، فإنه يطلب المفعول المقتضي للنصب، ونحو: «الباء»، فإنها تطلب المضاف إليه ( أي المنسوب إليه المعنى الذي قبل الباء فإن حروف الخفض تسمى حروف الإضافة، لأنها تضيف معنى ما قبلها وتوصله لما بعدها) المقتضي للجر. 

وبين أنه اجتمع ذلك كله في قوله تعالى: (الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ، فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ)، وذكر أن «الحج» الأولى مرفوعة بالابتداء، و«الحج» الثانية منصوب بـ «فَرَضَ»، و«الحج» الثالثة مخفوضة بـ «في»، ووضح أن العامل الذي رفع الحج الأولى معنوي وهو الابتداء والتجرد، وأن العامل الذي نصب الحج الثانية لفظي، وكذلك العامل الذي خفض الحج الثالثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق