مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مجالس النحو «10»

تتمة لمجالس النحو التي يلقيها فضيلة الدكتور محمد الحافظ الروسي رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات والبحوث اللغوية والأدبية، انعقد يوم الخميس 29 جمادى الثانية 1440هـ الموافق ل 7 مارس 2019م، المجلس العاشر من هذه المجالس بمقر المركز.

 وكان الحديث في هذا المجلس تابعا للحديث في المجلس قبله، وأول ما بدأ به الحديث عن نيابة الياء عن الفتحة انطلاقا من أبيات الناظم، وهي:

 وَالْيَاءُ فِي تَثْنِيَةٍ وَالْجَمْعِ*** عَلَامَةٌ لِلنَّصْبِ دُونَ مَنْعِ

كَزُرْتُ شَيْخَيْنِ وَبَشَّرَانِي*** بِأَنَّ وَالِدَيَّ فِي الْجِنَانِ

وَقَدْ رَأَيْتُ الْعُلَمَاءَ الصَّالِحِينْ*** يَدْعُونَ لِي بِنَيْلِ خَيْرٍ أَجْمَعِينْ

قال في الأجرومية: «وَأَمَّا الْيَاءُ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ»، وفي إعرابه لكلام ابن آجروم ذكر الدكتور محمد الحافظ الروسي أن «الواو»: للعطف أو للاستئناف، و«أما» حرف شرط وتفصيل، و«الياء» مبتدأ مرفوع، و«الفاء» واقعة في جواب «أما»، و«تكون» فعل مضارع ناقص، واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هي يعود على الياء، و«علامة» خبر تكون منصوب بالفتحة الظاهرة، وجملة تكون واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ وهو الياء، وجملة المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط وهو «أما»، «للنصب» جار ومجرور متعلق بـ«علامة»، «في التثنية» جار ومجرور متعلق بـ «علامة»، و«الجمع» معطوف على «التثنية».

يعني أن الواو تكون علامة للنصب في موضعين؛ الموضع الأول: التثنية بمعنى المثنى نحو: رَأَيْتُ الزَّيْدَيْنِ. وفي إعراب هذا المثال ذكر محمد الحافظ الروسي أن «رأيت»: فعل وفاعل، و«الزيدَين» مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

أما الموضع الثاني فهو جمع المذكر السالم نحو: رَأَيْتُ الزَّيْدِينَ، فـ «رأيت»: فعل وفاعل، و«الزيدِين» مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها لأنه جمع مذكر سالم.

ثم انتقل إلى الحديث عن نيابة حذف النون عن الفتحة انطلاقا من أبيات الناظم وهي:

وَحَذْفُكَ النُّونَ عَلَامَةً بَدَا*** لِلنَّصْبِ فِي مُضَارِعٍ قَدْ وَرَدَا

بِالنُّونِ مَرْفُوعًا كَمَا قَدْ وَقَعَا*** تَبْيِينُهُ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَارْجِعَا

كَالطَّالِبَانِ لَنْ يُصِيبَا وَطَرَا*** مَا لَمْ يَكُونَا يَصْبِرَانِ عَنْ فِرَى

وَلَنْ تَنَالَا رَشَدًا أَوْ تَفْطِمَا*** نَفْسَيْكُمَا عَنِ اللَّغَى فَلْتَفْطِمَا

وَلَنْ تَنَالِي الدِّينَ حَتَّى تَسْتُرِي*** جِسْمَكِ يَا زَيْنَبُ بِالتَّخَمُّرِ

وَلَنْ تَحُوزُوا عِلْمَ أَشْيَاخِكُمُ*** مَا لَمْ يَكُونُوا نَاصِحِينَ لَكُمُ

قال في الأجرومية: «وَأَمَّا حَذْفُ النُّونِ فَيَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي رَفْعُهَا بِثَبَاتِ النُّونِ».

و«الواو»: للعطف أو للاستئناف، و«أما» حرف شرط وتفصيل، و«حذف» مبتدأ مرفوع وهو مضاف، و«النون» مضاف إليه، و«الفاء» واقعة في جواب «أما»، و«يكون» فعل مضارع ناقص، واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على «حذف»، و«علامة» خبر يكون منصوب بالفتحة الظاهرة، وجملة يكون واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ وهو «حذف»، وجملة المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط وهو «أما»، «للنصب» جار ومجرور متعلق بـ «علامة»، و«في التثنية» جار ومجرور متعلق أيضا بـ «علامة»، و«التي» اسم موصول نعت للأفعال مبني على السكون في محل جر، و«رفعها» مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفع مضاف و«الهاء» مضاف إليه في محل جر، و«بثبات» جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره «كائن» في محل رفع خبر المبتدأ، و«ثبات» مضاف، و«النون» مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب صلة الموصول وهو «التي» والعائد الهاء من (رفعها).

يعني أن حذف النون يكون علامة للنصب – نيابة عن الفتحة- في الأفعال الخمسة نحو: لَنْ يَفْعَلَا وَلَنْ تَفْعَلَا ولَنْ يَفْعَلُوا ولَنْ تَفْعَلُوا ولَنْ تَفْعَلِي، لن: حرف نفي ونصب واستقبال، و«يفعلا» فعل مضارع منصوب بـ «لن» وعلامة نصبه حذف النون والألف فاعل، لن: حرف نفي ونصب واستقبال، و«يفعلوا» فعل مضارع منصوب بـ «لن» وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل، وفي «لن تفعلي» الياء فاعل.

وبعد فراغه من الحديث عن علامات النصب انتقل إلى الحديث عن علامات الخفض من خلال أبيات الناظم الآتية:

وَاعْدُدْ عَلَامَاتٍ ثَلَاثًا يَا فَتَى*** لِلْخَفْضِ وَهْيَ كَسْرَةٌ يَاءٌ أَتَى

وَفَتْحَةٌ وَالْكُلُّ مِنْهَا خُصِّصَتْ*** بِمَوْضِعٍ عَنْ غَيْرِهَا وَانْفَرَدَتْ

وَفِي ثَلَاثَةٍ مَوَاضِعَ اقْضِ*** كَسْرَتَهَا عَلَامَةً لِلْخَفْضِ

فِي مُفْرَدٍ وَجَمْعِ تَكْسِيرٍ كَذَا*** فِي جَمْعِ تَأْنِيثٍ سَلِيمٍ فَخُذَا

كَأَرْتَجِي خَيْرَ الْجَزَاءِ الْآتِي*** مَعَ الْكِرَامِ الْغُرِّ فِي الْجَنَّاتِ

قال في الأجرومية: «وَلِلْخَفْضِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ: الكَسْرَةُ وَالْيَاءُ وَالْفَتْحَةُ، فَأَمَّا الْكَسْرَةُ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلْخَفْضِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: فِي الِاسْمِ الْمُفْرَدِ الْمُنْصَرِفِ، وَجَمْعِ التَّكْسِيرِ الْمُنْصَرِفِ، وَجَمْعِ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ».

و«الواو» حرف عطف أو للاستئناف، و«للخفض» جار ومجرور متعلق بمحذوف في محل رفع خبر مقدم، و«ثلاث» مبتدأ مؤخر و«ثلاث» مضاف، و«علامات» مضاف إليه، و«الكسرة» بدل من «ثلاث»، وبدل المرفوع مرفوع، والياء والفتحة معطوفان على الكسرة والمعطوف على المرفوع مرفوع.

يعني أن للخفض ثلاث علامات: العلامة الأولى: الكسرة، وبين الدكتور أن ابن آجروم بدأ بها لكونها الأصل، والعلامة الثانية الياء وثنى بها لكونها بنت الكسرة تنشأ عنها إذا أشبعت، والعلامة الثالثة الفتحة. ولما قدم العلامات إجمالا أخذ يتكلم عليها تفصيلا.

ثم انتقل الدكتور إلى إعراب كلام ابن آجروم حيث يقول: «أما» حرف شرط وتفصيل، و«الكسرة» مبتدأ مرفوع، و«الفاء» واقعة في جواب «أما»، و«تكون» فعل مضارع ناقص، واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هي يعود على «الكسرة»، و«علامة» خبر «تكون» منصوب بالفتحة الظاهرة، وجملة تكون واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ وهو الكسرة، وجملة المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط وهو «أما»، و«للخفض» جار ومجرور متعلق بـ «علامة»، و«في ثلاثة» جار ومجرور متعلق أيضا بـ «علامة» و«ثلاثة» مضاف، و«مواضع» مضاف إليه مجرور بالفتحة النائبة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف.

يعني أن الكسرة تكون علامة للخفض في ثلاثة مواضع: الموضع الأول: الاسم المفرد المنصرف أي المنون ولو تقديرا كالفتى نحو: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَالْفَتَى وَالْقَاضِي وَغُلَامِي، فـ «مررت» فعل وفاعل، و«بزيد» جار ومجرور متعلق بـ «مررت»، و«الفتى» معطوف على «زيد» مجرور بكسرة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، و«القاضي» معطوف على «زيد» مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، و«غلامي» معطوف أيضا على «زيد» مجرور بكسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، و«غلام» مضاف وياء المتكلم مضاف إليه في محل جر. وأشار الدكتور إلى أنه قيدَ الاسم المفرد بالمنصرف لأن غير المنصرف يُجَرُّ بالفتحة نحو: مَرَرْتُ بِأَحْمَدَ.

والموضع الثاني جمع التكسير المنصرف نحو: مَرَرْتُ بِالرِّجَالِ وَالْأَسَارَى وَالْهُنُودِ وَالْعَذَارَى. و«الأسارى» معطوف على «الرجال» مجرور بكسرة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، و«الهنود» معطوف أيضا على «الرجال» مجرور بالكسرة الظاهرة، و«العذارى» معطوف أيضا على الرجال مجرور بالكسرة المقدرة للتعذر. وقيده أيضا بالمنصرف لأن غيره يجر بالفتحة نحو: «مَرَرْتُ بِمَسَاجِدَ».

والموضع الثالث: جمع المؤنث السالم، نحو: مَرَرْتُ بِالْمُسْلِمَاتِ وَمُسْلِمَاتِي، فـ «المسلمات» مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة، و«مسلماتي» معطوف على المسلمات وهو مجرور بكسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة. و«مسلمات» مضاف، وياء المتكلم مضاف إليه في محل جر لأنه اسم مبني لا يظهر فيه إعراب. 

وفي هذا السياق أشار الدكتور إلى أن ابن آجروم رحمه الله لم يقيد جمع المؤنث السالم بالمنصرف لكونه لا يكون إلا منصرفا. نعم لو سمي به جاز فيه الصرف وعدمه نحو: أذرعات، علما على بلدة (العلمية والتأنيث) وهذا مذهب فيه، والمذهب المشهور أن يعرب بإعرابه قبل العلمية فيرفع بالضمة وينصب ويجر بالكسرة وينون. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق