مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مجالس الألفية (2)

استؤنف يوم الأربعاء 27 شوال 1439هـ، الموافق لــ 11 يوليوز 2018م، المجلس الثاني من «مجالس الألفية» التي تعقد بمقر مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية، ويشرف عليها الدكتور عبد الرحمن بودرع.

وقد خُصصَ موضوعُ هذا المجلس للحلقة الثانية من باب «اشتغال العامل عن المعمول» وذلك انطلاقاً من شرح البيت الثامن وهو قول الناظم:

 وَإِنْ تَلَا المَعْطُوفُ فِعْلًا مُخْبَرَا*** بِهِ عَنْ اسْمٍ، فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا

وقد بَيَّنَ المُحاضرُ أن حديث الناظم في هذا البيت عن القسم الخامس؛ وهو جواز الأمرين على السواء؛ أي الرفع والنصب، وذكر أن النحويين فسروا الجملة ذات الوجهين بأنها جملة صدرها اسم وعجزها فعل، فيجوز الرفع مراعاة للصدر، والنصبُ مراعاة للعجز.

ثم انتقل إلى شرح البيت التاسع من هذا الباب وهو: 

وَالرَّفْعُ فِي غَيْرِ الّذِي مَرَّ رَجَحْ؛*** فَمَا أُبِيحَ افْعَلْ، وَدَعْ مَا لَمْ يُبَحْ

وأشار  إلى أن كلام الناظم في هذا البيت عن القسم الرابع وهو ما يجوز فيه الأمران ويختار الرفع، وذلك كل اسم لم يوجد معه ما يوجب نصبَه، ولا يوجب رفعه، ولا ما لا يرجح نصبه، ولا ما يُجَوِّز فيه الأمرين على السواء، فيجوز رفعُ الاسم ونصبُه والمختار رفعه؛ لأن عدم الإضمار أرجح من الإضمار، وفي هذا السياق بين المحاضرُ أن الأصل في الكلام عدم الإضمار وإذا جاء ما يستوجبه جاز.

ثم استعرض قول الناظم في البيت العاشر حيث يقول:

وَفَصْلُ مَشْغُولٍ بِحَرْفِ جَرِّ*** أَوْ بِإِضَافَةٍ كَوَصْلٍ يَجْرِي

وفي شرح هذا البيت ذكر المحاضرُ أنه لا فرق في الأحوال الخمسة السابقة بين أن يتصل الضمير بالفعل المشغول به أو ينفصل منه بحرف جر أو بإضافة، فيجب النصب وكذلك يجب الرفع، ويجوز الأمران على السواء.

وانتقل بعد ذلك إلى البيت الحادي عشر من هذا الباب وفيه يقول الناظم:

وَسَوِّ فِي ذَا البَابِ وَصْفًا ذَا عَمَلْ*** بِالفِعْلِ، إِنْ لَمْ يَكُ مَانِعٌ حَصَلْ

وفي تعليقه على هذا البيت ذكر أن قول الناظم: «وصفا ذا عمل» يعني به أن الوصف العامل يجري مجرى الفعل فيما تقدم، وأن المراد بالوصف العامل: اسم الفاعل، واسم المفعول.

وذكر أن قوله «وصفا» احترز به عما يعمل عمل الفعل وليس بوصف كاسم الفعل، لأن أسماء الأفعال لا تعمل فيما قبلها، فلا تفسر عاملا فيه. كما أشار إلى أنه احترز بقوله: «ذا عمل» من الوصف الذي لا يعمل كاسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي؛ لأن ما لايعمل لا يفسر عاملا. وبين أيضا أنه احترز بقوله:«إن لم يك مانع حصل» عما إذا دخل على الوصف مانع يمنعه من العمل فيما قبله.

ثم ختم المُحاضرُ الحديث في هذا الباب بالبيت الثاني عشر، حيث يقول الناظم:

وَعُلْقَةٌ حَاصِلَةٌ بِتَابِعِ*** كَعُلْقَةٍ بِنَفْسِ الاسْمِ الوَاقِعِ

فبيَّنَ أن مفادَ قول الناظم في هذا البيت  أن الملابسة بالتابع كالملابسة بالسببي، ومعنى ذلك أنه إذا عمل الفعل في أجنبي وأتبع بما اشتمل على ضمير الاسم السابق من صفة أو عطف بيان أو معطوف بالواو خاصة، حصلت الملابسةُ بذلك كما تحصل بنفس السببي. ونبه على أنه لا بد من المطابقة بين الضمير والاسم السابق في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع لضمان الاتساق.

وفي ختام الحديث في هذا الباب أشار المحاضرُ إلى أن باب الاشتغال  باب لطيف ودقيق؛ لأنه يتضمن أبوابا نحوية عديدة كباب العوامل والمعمولات وباب الحذف والعطف…وغير ذلك.

وقد تخلل الحديث في هذين المجلسين مجموعة من الإشارات والتنبيهات نجملها فيما يلي:

– أن العامل لا يعمل في الشيء الواحد مرتين: مُظهراً ومُضمراً.

– أن يعطف الشيء على مثله أولى من أن يعطف على غيره لمراعاة التناسب.

– ما لا يصلح أن يعمل فيما قبله لا يصلح أن يفسر عاملا فيما قبله.

– وجود الخطاب بكثرة في أبيات المنظومة (الألفية) وهي موجهة إلى المتعلم كقوله في باب الاشتغال [افعل/دع/اعطفن…].

– تتنزل الفروع منزلة الأصول إذا تحققت الشروط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق