مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مجالس الألفية الحلقة 8

انعقد يوم الاثنين 13 صفر1440هـ الموافق لـ 22 أكتوبر 2018م، بمركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية المجلس الثامن من «مجالس الألفية»، يؤطره الدكتور عبدالرحمن بودرع.

ويأتي هذا المجلسُ تتمة لما تم التطرق إليه في المجلس السابق من التطبيق على نماذج إعرابية من القرآن الكريم في باب «الاستثناء».

وفي البداية أشار الدكتور عبد الرحمن بودرع إلى أن التطبيق الإعرابي الذي فيه بعض وجوه الاستثناء فيه فروع ووجوه نحوية وبلاغية، سيتم الوقوف عندها تطبيقا وإعرابا وذلك للتوصل لدلالات الجمل التي فيها الاستثناء.

وأُولَى الآيات التي وقف عندها المُحاضرُ في هذا المجلس قولُه تعالى: «وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي». [البقرة: 149] ففي هذه الآية تأكيد لئلا تبقى للمعاندين حجة في نظرهم  ينفذون منها أو ثغرة يتسربون إلى الإرجاف عن طريقها، وفي قوله «لئلا» ذكرالدكتور عبد الرحمن بودرع أن اللَّام هنا للتعليل، وأن المدغمة بلا النافية حرف مصدري ونصب، وأن اللَّام والمصدر المُؤَوَّل متعلقان بـ «وَلُّوا». وبين في هذه الآية أن «إِلا» تفيد الاستثناء المتصل لأنه جزء لما قبله.

ثم انتقل إلى قوله تعالى: «وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ». [البقرة: 162] فالشاهد في الآيَة هو قولُه تعالى: «لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ» والاستثناءُ فيه للحَصر؛ لأن «إلّا» مسبوقة بـ «لَا» النافية للجنس، وهو بدل من محل لا واسمها لأن محلها الرفع على الابتداء، أو بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، وذكر الدكتور عبد الرحمن بودرع أن في ذلك وجوه كثيرة.

وعرج إلى آية أخرى في قوله تعالى:«وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ» [ البقرة: 227]، وذكر أن «الواو» هنا استئنافية أو عاطفة، ولا نافية، وأن الشاهد في هذه الآية «إِلَّا أَنْ يَخَافَا» فـ «إلَّا» أداة حصر تحصر ما تقدم من النفي، أو استثناء، وأن والفعل بعدها في تأويل مصدر، وأشار الدكتور إلى اختلاف العلماء في إعراب هذا المصدر اختلافا شديدا، والظاهر أنه نصب على الحال، أي: إلا خائفين، وذكر أن سيبويه منع جعل المصدر المؤول حالا.  

 ثم انتقل إلى قوله تعالى:«عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا»، فجملة « عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ » بمثابة التعليل لا محل لها، وأن وما بعدها سدت مسد مفعولي عَلِمَ، وجملة ستذكرونهن خبر أن، وأشار في قوله تعالى: «وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا» أن الواو هنا عاطفة على محذوف وقع عليه الاستدراك أي: فاذكروهن، ولكن مخففة مهملة، ولا ناهية، وأضاف إلى أن لفظة «سِرَّا» معناها هنا النكاح، ويجوز أن يعرب حالا مؤولة أي: مستخفين عن الناس، أو منصوبا بنزع الخافض، أي: في السر، كما أنه يجوز أن يعرب مفعولا  مطلقا، أي: مواعدة سرا، وأشار إلى أن العرب كثيرا ما كانوا يستعملون السر بمعنى النكاح، و في ذلك ساق بيتا للأعشى حيث يقول:

وَلَا تَقْرَبَنْ مِنْ جَارَةٍ إِنَّ سِرَّهَا*** عَلَيْكَ حَرَامٌ فَانْكِحَنْ أَوْ تَأَبَّدَا

وفي شرحه لهذه الآية:  «إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا» ذكر أن «إلَّا» أداة استثناء، وأن مصدرية، «و تَقُولُوا» فعل مضارع منصوب بـ «أَنْ»، وأن وما بعدها مصدر في محل نصب على الاستثناء من سرًّا، و«قَوْلًا» مفعول مطلق، و«مَعْرُوفًا» صفة.

وآخر آية وقف عندها في هذا المجلس قوله تعالى: «الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ» [آل عمران:1]، فقوله: «إلا» أداة حصر وهو بدل من محل لا واسمها على الصحيح، أو من الخبر المحذوف، أي: لا إله موجود إلا هو، والجملة خبر الله، وقوله: «الْحَيُّ الْقَيُّومُ» خبر ثان وثالث لـ «الله»، أو خبران لمبتدأ محذوف، أي: هو الحي القيوم؛ فهو حي لا يموت وقيوم السموات والأرض، نزل الكتاب لكي تحيا الأرض ويحيا الإنسان. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق