مركز الدراسات القرآنية

لقاءات المركز يناقش تفسير القرآن بالقرآن دراسة تاريخية ونظرية

ديسمبر 1, 2016

 في إطار أنشطته العلمية والفكرية نظم مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء لقاء علميا, ضمن لقاءات المركز العلمية (2) خصص لقراءة كتاب: «تفسير القرآن بالقرآن دراسة تاريخية ونظرية» للأستاذ الدكتور محمد قجوي, وذلك يوم الخميس 01 ربيع الأول 1438 ه / موافق 01 دجنبر 2016 م, على الساعة 15:00 بعد الزوال, بمقر الرابطة المحمدية للعلماء بساحة الشهداء الرباط, وذلك بمشاركة مؤلف الكتاب فضيلة الدكتور محمد قجوي أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط, ونخبة من الأساتذة الباحثين في مجال الدراسات القرآنية; وهم السادة:

– الدكتورة فريدة زمرد: أستاذة بدار الحديث الحسنية وعضو المكتب التنفيذي للرابطة المحمدية للعلماء.

– الدكتورة فاطمة الزهراء الناصري: أستاذة باحثة بمركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء

– الدكتور محمد المنتار رئيس مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء

بالإضافة إلى حضور مهم لمجموعة من الأساتذة وباحثين بمركز الدراسات القرآنية بالرابطة, وباحثين ينتمون لمختلف الجامعات المغربية.

افتتح اللقاء بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم للقارئ علي عبيد, أعقبتها كلمة الدكتور محمد المنتار رئيس مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء, الذي أدار فعاليات هذا اللقاء العلمي, فعبر في كلمته التأطيرية عن سعادته بهذا اللقاء الثاني, مرحبا بضيف هذا اللقاء العلمي فضيلة الأستاذ الدكتور محمود عبدالعمان مبرزا أهمية موضوع هذا الكتاب الذي يندرج ضمن مباحث علم أصول التفسير.

بعد ذلك قدم الأستاذ الدكتور محمد قجوي أرضية علمية لكتابه: مبينا أن موضوع الكتاب في حقيقته هو مشروع مرتبط بأصل عظيم هو (تفسير القرآن بالقرآن), وهو أصل أصليته ثابتة بالقرآن والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من العلماء, مشيرا إلى أن أصول علوم القرآن وأصول.

لكن مع جهود المتقدمين في التفسير نجد أن العناية بهذا الأصل تفسير القرآن بالقرآن لم ترقى إلى ذلك المستوى الذي يستحقه من العلماء عبر مسيرة علم التفسير, وهذا لا يعني أنهم لم يكونوا عارفين بهذا الأصل ولكن كان متضحا في وجدانهم مستوعبا فلم يحتاجوا معه إلى بيان .

بعد ذلك أكد الأستاذ الدكتور محمد قجوي على أهمية هذا المشروع العلمي، وحاجته إلى جهود متظافرة ومؤهلة لاستيعاب جزئيات هذا المشروع العلمي الواسع في إطار مؤسساتي، يستوعب أوراش علمية متعددة: مفاهيم القرآن ومصطلحاته، نظم القرآن وأساليبه، التقعيد لأصول التفسير وقواعده، مقاصد القرآن.. وكلها تتعلق بهذا الأصل الذي هو تفسير القرآن بالقرآن.

كما أوضح الدكتور محمد قجوي أن بداية اهتمامه بهذا الموضوع كان سنة 1987م، حيث سجل الأستاذ رسالة دبلوم الدراسات العليا، في موضوع: «محمد الأمين الشنقيطي ومنهجه في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن»، تحت إشراف فضيلة الدكتور الشاهد البوشيخي ـ حفظه الله ـ حيث خص الإمام محمد الأمين الشنقيطي هذا اللون بالتصنيف، وفي سنة 1991م اكتمل مشروع الدبلوم، ليسجل موضوع الدكتوراه في نفس السنة وهي عنوان هذا الكتاب: (تفسير القرآن بالقرآن دراسة تاريخية ونظرية).

أما واقع الاهتمام بالموضوع في تلك المرحلة، فيرى  الدكتور محمد قجوي أن ما ورد في المصنفات القديمة حول تفسير القرآن بالقرآن كان عالة على ما ذكره ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير، بينما في الدراسة الحديثة كان هناك شيء من الإضافة كما نجد عند حسين الذهبي في «التفسير والمفسرون»، ومحسن عبد الحميد في «دراسات في أصول التفسير» .. أما الواقع الموضوع اليوم فقد سجل الدكتور محمد قجوي أن بداية الاهتمام بهذا الموضوع كانت ما بعد سنة 2000م، ملخصا تلك الجهود كالآتي:

– رسائل جامعية: وظهرت فيه جهود في المغرب والمشرق مشيرا إلى أن مجموعة من البحوث العلمية بالمشرق استفادت من الكتاب «تفسير القرآن بالقرآن دراسة تاريخية ونظرية» قبل أن يُطبع.

– جهود مؤسساتية: جهود مؤسسة «مبدع»، وجهود «مركز الدراسات القرآنية» بالرابطة المحمدية للعلماء، وفي السعودية جهود موقع التفسير.

 – مؤلفات فردية سنية وشيعة: وهي تتضمن مباحث في تفسير القرآن بالقرآن.

 وفي مداخلة الدكتورة فريدة زمرد أستاذة بدار الحديث الحسنية، وعضو المكتب التنفيذي للرابطة المحمدية للعلماء أكدت فيها على أهمية موضوع الكتاب لارتباطه بأصول التفسير من جهة، وكونه يثير مجموعة من القضايا والإشكالات العلمية من جهة ثانية، فهو في نظرها عمل تأصيلي تجديدي رام تأصيل أحد أهم أصول التفسير من خلال دراسة ضافية وافية أبرزت تاريخ ظهور هذا الأصل، والعناية التي حظي بها لدى المتقدمين، وكذا مشروعيته وحجيته، كما بين مظاهر وأنواع هذا الأصل في عدد من الفنون بشكل لم يسبق إليه، وهو عمل تجديدي لأنه أعاد عرض هذا الأصل بصورة جديدة بينت مداه ومظاهره وتجلياته بشكل لم نعهده فيما جاء عند المتقدمين، مما جعله مرجعا أساسيا للباحثين في مجال التفسير وخصوصا في أصول التفسير، ومحفزا للنسج على منواله مع أصول أخرى من جزئيات أصول التفسير.

وقد أشارت الدكتورة فريدة زمرد إلى أن الكتاب بسبب غنى مباحثه وكثرة نصوصه وشواهده آثار عدة القضايا  من أهمها: تعدد جهات اعتبار هذا الأصل، وسماه المتقدمون طريقا، وهذا يدل على تعدد جهات اعتباره، وهو ما يجعل له في حقيقة في كل جهة معينة مختلفة عن الأخرى ومظهرا ومقصدا معينا، مبينة أننا اليوم نحتاج إلى بيان ضوابط إعمال هذا الأصل، وتكيفيه بما يناسب مع كل تطبيق له وكل سياق من سياقاته، فرغم اعتقادنا بأهمية وحجيته هذا الأصل ـ تفسير القرآن بالقرآن ـ نحتاج اليوم إلى تطوير عرض هذا الأصل بشكل يكون له قبول لدى الباحثين في ظل هذه الثقافة المفتوحة، وهي دعوة للمتخصصين لتجديد في عرض هذا الأصل.

وارتباطا بالاعتبار الأول ارتأت الدكتورة فريدة زمرد إمكانية اعتبار (تفسير القرآن بالقرآن) ضابط ترجيحيا وقاعدة من قواعد الترجيح مُهما عند الاختلاف في التفسير، كما نجد عند الإمام ابن جزي في تفسيره.

 لتخلص في ختام مداخلتها إلى اعتبار الكتاب لبنة أساس في ضبط هذا الأصل وفي التنظير له وفي إعادة بيان جهات اعتباره وإمكانات تطبيقه.

أما مداخلة الدكتور أحمد نصري أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية-المحمدية فأكد ـ أيضا ـ على قيمة الكتاب من الناحية العلمية باعتباره إبداع غير مسبوق، مبينا أن موضوع الكتاب قديم إشكالي وأن التوصيف والتوجه المنهجي الذي استنه المؤلف في مقاربة الموضوع، مشيرا إلى بنية الكتاب ومباحثه الأساسية، مبديا مجموعة من الملاحظات حول بنية الكتاب وعناوين بعض فصوله ومباحثه، ومنهج المؤلف فيه.

كما نبه الدكتور أحمد نصري على ضرورة انطلاق المؤلف من البحث عن علمية هذه التصنيفات: التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي التي درج عليها بعض المؤلفين من أمثال الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه «التفسير والمفسرون»، والدكتور مصطفى الصاوي في كتابه «مناهج في التفسير».. وغيرهما، وهو جهد علمي لإبراز مزايا هذين المنهجين وإخراجهما من ثنايا كل تفسير على حدة لتجاوز التعميم الذي غلف أسلوب كثير من الدراسات التي تناولت التفاسير القرآنية، وتخطي التصنيفات المجحفة إلى درجة المبالغة مما يفقد تلك الدراسات موضوعيتها ويبعدها عن الروح العلمية..، ليقف بعد ذلك عند مسألة الاختلاف في ترتيب السور التي وردت في الكتاب، متسائلا عن عدم التعليق على هذا الموضوع رغم ما يثيره من إشكالات.

بعد ذلك تطرق الدكتور أحمد نصري لأهمية تفسير القرآن بالقرآن في التفسير الموضوعي مضيفا بعض الخطوات المنهجية للبحث في التفسير الموضوعي وهي الآتي:

    1. تحديد الموضوع وعنونته.
    1. الوقوف على أقوال أهل التفسير في تلك الآيات وترتيب نزولها وأمكانها.
    1. استنباط عناصر الموضوع عن طريق عرض القرآن الكريم له وأقوال أهل التفسير فيه.
    1. التنسيق بين تلك العناصر بما تقتضيه طبيعة البحث.
    1. وضع مقدمة عن طريق عرض القرآن أفكار ذلك الموضوع.
    1. تقسيم الموضوع إلى أبواب وفصول ومباحث ومسائل مستدلا على ذلك التقسيم بالآيات ذاتها.
  1. ربط الموضوع بواقع الحياة ومشكلاتها لتقديم حلول قرآنية لها.

ليخلص فضيلة الدكتور أحمد نصري إلى التأكيد على أن الكتاب اتسم بالدقة والإقناع والإمتاع خاصة لدى أصحاب هذا التخصص، معتمدا أدلة وشواهد مهمة، مكنه من وضع الإطار النظري لمنهج أصل تفسير القرآن بالقرآن. موضحا أن قيمة الكتاب تتجلى في دراسة الموضوع دراسة استقصائية، وقدرة المؤلف ـ حفظه الله ـ على قراءة النصوص قراءة واعية متأنية، ثم الجمع بين فائدتين علميتين هما: التنظير والتطبيق، بالإضافة إلى عرض محكم للآراء موضوع الدراسة، مما انعكس إيجابا على المعطى المعرفي للكتاب، وحسن ترتيب عناصر الموضوع..

 ليختم هذا اللقاء العلمي بمداخلة الدكتورة فاطمة الزهراء الناصري أستاذة باحثة بمركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء، التي أبرزت فيها قيمة الكتاب من الناحية الأكاديمية، باعتبار أنه يتناول موضوعا مفصليا في الدراسات القرآنية، يمكن للباحثين في مجال العلوم الشرعية الاستفادة منه.

وقبل مناقشتها لمضامين الكتاب مهدت بمجموعة من المقدمات من بينها؛ ضرورة تفسير القرآن بالقرآن، ثم بيان أن التعامل مع أصول التفسير ينطلق من بيان حجيته، لتنتقل بعد ذلك لعرض ملخص موجز لمضامين كتاب «تفسير القرآن بالقرآن دراسة تاريخية ونظرية»، ومناقشة بعض مباحثه ومسائله؛ من ذلك مسألة تفسير القرآن بالقراءة الشاذة، والناسخ والمنسوخ، كما تساءلت عن سبب غياب الدراسات المصطلحية كنوع من تفسير القرآن بالقرآن، وتأخير التفاسير المصنفة حسب ترتيب المصحف.

وفي ختام مداخلتها أوضحت أن كتاب «تفسير القرآن بالقرآن دراسة تاريخية ونظرية» مُؤَلفٌ يفتح آفاقا علمية شاسعة للباحثين في أصول التفسير بما يثيره من إشكالات علمية تحتاج إلى تشمير علمي وحياد منهجي من أجل معالجتها.

وقد أعقب مداخلات السادة الأساتذة الذين قدموا قراءات مفيدة وقيمة حول الكتاب تعقيب فضيلة الأستاذ الدكتور محمد قجوي الذي وضح أن هناك جوانب معينة وقع فيها شيء من الالتباس، فالكتاب ينقسم إلى قسمين كبيرين فالشق النظري هو الذي يمثل اجتهاد المؤلف ونظرته الخاصة لمباحث هذا الموضوع، أما ما ورد في الجانب التاريخي فهو تقديم وقراءة وصفية لما فيها من المباحث، ولذلك ما أستشكله الدكتور أحمد نصري حول مسألة ترتيب سيدنا عثمان ـ رضي الله عنه ـ للمصحف هذا جملة من قال بالمناسبة بمن فيهم ابن الزبير استدل بما أوردته في الكتاب، نفس الشيء بالنسبة لكتب النسخ، فمجموعة من الآيات هي محل خلاف بين العلماء. أما عن أرجائه للشق النظري على الشق التاريخي، فلأن الشق التاريخي هو أساس الموضوع أما الشق النظري فهو ثمرة وحصيلة ما أفاده المؤلف ـ حفظه الله ـ في موضوع الكتاب.

أما تأخير التفاسير الموسوعية فلأن منهج التصنيف في علوم القرآن والتفسير بدأ التصنيف مستقلا في جزئيات مستقلة، ككتب غريب القرآن وكتب الوجوه والنظائر… وعندما جاءت كتب علوم القرآن الموسوعية جمعت كل ما تفرق، التفاسير نفس الشيء أفادت من هذا المتفرق..

وفي ختام هذا اللقاء العلمي المتخصص شكر الدكتور محمد المنتار رئيس مركز الدراسات القرآنية الدكتور محمد قجوي، والأساتذة المشاركين في هذا اللقاء والأساتذة والباحثين على تشريفه بحضور هذا اللقاء العلمي الماتع ضاربا موعدا للقاء قريب حول قراءة في كتاب «مفهوم التأويل في القرآن الكريم» للدكتورة فريدة زمرد أستاذة بدار الحديث الحسنية وعضو المكتب التنفيذي للرابطة المحمدية للعلماء.

إعداد: ذ. رضوان غزالي
 مركز الدراسات القرآنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق