مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

قراءات علمية في كتاب: “الجوهرة الفريدة في حل رموز الخريدة”

في إطار الانفتاح على
كل العلوم التي من شأنها أن تخدم الدرس الكلامي الأشعري، وانطلاقا من
الصلة المعرفية التي تربط علم المنطق بعلم الكلام، نظم مركز أبي الحسن
الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء
وجمعية تطاون أسمير بتطوان والجمعية المغربية للدراسات الأندلسية ومؤسسة
محمد داود للتاريخ والثقافة، قراءات في متن منطقي يحمل عنوان “الجوهرة
الفريدة في حل رموز الخريدة” لأبي عبد الله محمد المحدث ابن الحاج
السلمي الفاسي (1274هـ)، تحقيق: الدكتور جعفر ابن الحاج السلمي، بمشاركة
السادة الأساتذة: د.محمد عبد الواحد العسري-د.أحمد مونة-د.محمد بلال
أشمل-د.عبد الله التوراتي-د. محمد رضا بودشار، فيما اعتذر د.محمد
العدلوني الإدريسي لظروف صحية. وذلك يوم الجمعة 27 أبريل 2018 على
الساعة الخامسة والنصف بعد الزوال بالمكتبة الداودية.
افتتح هذه
الأمسية العلمية الدكتور جمال علال البختي بكلمة هنأ فيها المحقق بعمله
الذي أخرجه للباحثين والمتخصصين وعموم القراء، منبها إلى الوجوه التي
تجمع علم الكلام بالمنطق، ومدى حاجة الكلام الأشعري للدرس المنطقي،
مثمنا جهود المحقق وموسوعيته وترحاله بين الحقول العلمية، ومن بينها حقل
علم المنطق الذي يندرج فيه كتاب “الجوهرة الفريدة” مستغرقا من المحقق 12
سنة في الاشتغال عليه. ثم أحال الكلمة إلى الدكتور إسماعيل شارية ممثل
المكتبة الداودية التي احتضنت النشاط، الذي رحب بالحضور، معربا عن
سعادته باحتضان الخزانة الداودية لهذا اللقاء، ومذكرا بما أضحت عليه هذه
المؤسسة من فضاء ثقافي يحتضن كل ما من شأنه إحياء التراث، ومعرجا بعد
ذلك على وصف عام للكتاب.
في المداخلة الأولى
ابتدأ د.عبد الواحد العسري كلمته بوصف العمل بـ”الأطروحة”، وقد برزت عبر
تحقيق هذا المتن، وهو عمل كان تعلة للمحقق للتأريخ للعقلانية المغربية،
مناقشا بعد ذلك التداخل في الدراسة بين هويتين، المحقق/المؤرخ، مبينا
صمود علم المنطق بوصفه ثابتا من ثوابت الفكر الإسلامي بالرغم مما تعرض
له أصحابه من متابعات واضطهادات، ومنبها إلى أن المحقق/المؤرخ لم يكتف
برصدها فحسب، بل قام بتفسيرها وتبيين أسبابها وأهدافهـا، كما وضع ـ
المتدخل ـ المتن في سياق نهضة علم المنطق بالمغرب، فكان ـ بحسبه ـ
مشروعا في استئناف عقلانية اليوسي التي انطوت على موقف متقدم من علم
المنطق، كما شدد على أن العلاقة بين المعرفة الفقهية والمعرفة المنطقية
لا تتضمن أية خصومة من حيث المبدأ الابستيمولوجي.
ومن زاوية منطقية وضع
د.أحمد مونة متن الكتاب ضمن إشكال تاريخي عام ابتدأ مع الكندي في
مناقشته للإشكالية الكبرى التي تحكم مشروعية هذا العلم بوصفه فرعا من
الفلسفة، متتبعا بعد ذلك التعريفات المتعلقة بالفلسفة بوصفها استشكالا
واستدلالا، مبينا الأسباب المتعددة (النفسية، والسياسية، والشخصية..)
لاتخاذ الموقف من المنطق، عارضا بعد ذلك مواقف مختلفة، كموقف الغزالي،
وابن حزم، بوصفها نماذج اشتغلت على مشروع التقريب، وهو المشروع الذي
يندرج فيه كتاب «الجوهرة الفريدة»، ومبينا تمرس
صاحبه بهذا العلم من خلال أمثلته وقضاياه ومسائله، ما سهل عليه عملية
التقريب التي تكشف عن جانب مهم كذلك من جانبه البيداغوجي والتعليمي،
مبرزا بعدها بعض الإضافات النوعية التي تضمنها الكتاب، كصناعة الحد
والتعاريف والاستدلالات المطوية، وطريقة ترتيب الشواهد والانتقاء
بينها.
وفي المداخلة الثالثة
قدم د. بلال أشمل قراءة للمتن مستشكلا الغايات والمقاصد من تحقيق العمل
وإخراجه، مبديا بعد ذلك ملاحظات رأى فيها أن الدراسة ترصد تاريخ تطور
علم المنطق وصيرورته في الثقافة العربية عموما، والمغربية خاصة، كما
تبرز التصور بين المنطق في المشرق والمغرب، وهي تفرقة جغرافية من شأنها
أن تكون تحققا من فرضية فكرة القطيعة الابستيمولوجية بين المشرق
والمغرب، كذلك ذكر أن الاشتغال بالمنطق في الفكر المغربي لم يكن عقيمـا،
إنما أثمر الشيء الكثير بحسب المتدخل، غير أن هذا الاشتغال يتصف بجملة
من المميزات، أهمها أنه كان ينطوي على الافتتان البلاغي البياني أكثر
منه اشتغالا على البرهان، كما أنه جرد هذا العلم من الآثار الفلسفية
اليونانية.
ومن جانب التراث
المخطوط، وفي الموضوع نفسه، عرض د.عبد الله التوراتي لنصين لم يخرجا بعد
للناس، مبينا أن قراءته للمتن لن تكتمل إلا عبر قراءة هذين النصين،
الأول لأبي منصور البغدادي (ت.429)، وهو نص يدل على المعرفة الدقيقة
بعلم المنطق وإشكالاته، ورجاله وطبقاتهم، وكذلك تضمن ـ بحسب القارئ ـ
نقداً للمنطق من وجهة نظر حضارية لا علاقة لها بموقف ماهوي من المنطق
بوصفه منطقا، ولا من الفلسفة بوصفهـا كذلك. والنص الثاني يرجع للطرطوشي
(ت.520هـ)، وقد تضمن توجيها للخائض في علم المنطق أن يقدم إحكام معاقد
العلوم الشرعية.
ومن وجهة نظر
سوسيولوجيا المعرفة قرأ د.رضا بودشار الكتاب، منبها إلى أن فهم الكتاب
لا بد أن يعتبر بثلاث عناصر أساسية، عنصر عام حدده بانشغال المحقق
وهمومه بالثقافة والأدب المغربيين، والثاني يتعلق بكتاب آخر سبق للدكتور
جعفر أن حققه، وهو «الأزهار الطيبة النشر»، والثالث
في ولعه بالتحقيق وإخراج النصوص، بعدها قام بعرض الكتاب من منطلق رؤية
تاريخية متتبعا في ذلك المسار التاريخي الذي قطعه المنطق بأطواره، كاشفا
عن علاقة هذا العلم بجدلية السلطة والعوام، والعلاقات المزدوجة التي
كانت تحدد موقف الحكام من المنطق والمناطقة.
وفي الختام عقب محقق
الكتاب على جملة المداخلات، شاكراً الباحثين، ومثمنا جهودهم في قراءة
المـتن، مبينا بعد ذلك بواعث تحقيقه، ولخصها في باعثين اثنين، بادئا
بالصلة الوجدانية المتمثلة في القرابة التي تربطه بالمؤلف والشارح، ثم
الباعث الموضوعي الذي اعتبر فيه تحقيق الكتاب عملا يهدف إلى الكشف عن
الوثائق التي من شأنها أن تيسر لنا إدراك طبيعة العقلانية المغربية،
والتنقيب عن أسباب هيمنة اللاعقلانية على المجتمع المغربي في تعثراته
التاريخية، وهو الموضوع الذي نعت أسئلته وإشكالاته بـ”الخطيرة”، لذلك
فتشخيص علل كل هذا يصعب دون وجود وثائق أغلبها ما زال
مخطوطـا.

في إطار الانفتاح على كل العلوم التي من شأنها أن تخدم الدرس الكلامي الأشعري، وانطلاقا من الصلة المعرفية التي تربط علم المنطق بعلم الكلام، نظم مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء وجمعية تطاون أسمير بتطوان والجمعية المغربية للدراسات الأندلسية ومؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة، قراءات في متن منطقي يحمل عنوان “الجوهرة الفريدة في حل رموز الخريدة” لأبي عبد الله محمد المحدث ابن الحاج السلمي الفاسي (1274هـ)، تحقيق: الدكتور جعفر ابن الحاج السلمي، بمشاركة السادة الأساتذة: د.محمد عبد الواحد العسري-د.أحمد مونة-د.محمد بلال أشمل-د.عبد الله التوراتي-د. محمد رضا بودشار، فيما اعتذر د.محمد العدلوني الإدريسي لظروف صحية. وذلك يوم الجمعة 27 أبريل 2018 على الساعة الخامسة والنصف بعد الزوال بالمكتبة الداودية.

افتتح هذه الأمسية العلمية الدكتور جمال علال البختي بكلمة هنأ فيها المحقق بعمله الذي أخرجه للباحثين والمتخصصين وعموم القراء، منبها إلى الوجوه التي تجمع علم الكلام بالمنطق، ومدى حاجة الكلام الأشعري للدرس المنطقي، مثمنا جهود المحقق وموسوعيته وترحاله بين الحقول العلمية، ومن بينها حقل علم المنطق الذي يندرج فيه كتاب “الجوهرة الفريدة” مستغرقا من المحقق 12 سنة في الاشتغال عليه. ثم أحال الكلمة إلى الدكتور إسماعيل شارية ممثل المكتبة الداودية التي احتضنت النشاط، الذي رحب بالحضور، معربا عن سعادته باحتضان الخزانة الداودية لهذا اللقاء، ومذكرا بما أضحت عليه هذه المؤسسة من فضاء ثقافي يحتضن كل ما من شأنه إحياء التراث، ومعرجا بعد ذلك على وصف عام للكتاب.

في المداخلة الأولى ابتدأ د.عبد الواحد العسري كلمته بوصف العمل بـ”الأطروحة”، وقد برزت عبر تحقيق هذا المتن، وهو عمل كان تعلة للمحقق للتأريخ للعقلانية المغربية، مناقشا بعد ذلك التداخل في الدراسة بين هويتين، المحقق المؤرخ، مبينا صمود علم المنطق بوصفه ثابتا من ثوابت الفكر الإسلامي بالرغم مما تعرض له أصحابه من متابعات واضطهادات، ومنبها إلى أن المحقق/المؤرخ لم يكتف برصدها فحسب، بل قام بتفسيرها وتبيين أسبابها وأهدافهـا، كما وضع ـ المتدخل ـ المتن في سياق نهضة علم المنطق بالمغرب، فكان ـ بحسبه ـ مشروعا في استئناف عقلانية اليوسي التي انطوت على موقف متقدم من علم المنطق، كما شدد على أن العلاقة بين المعرفة الفقهية والمعرفة المنطقية لا تتضمن أية خصومة من حيث المبدأ الابستيمولوجي.

ومن زاوية منطقية وضع د.أحمد مونة متن الكتاب ضمن إشكال تاريخي عام ابتدأ مع الكندي في مناقشته للإشكالية الكبرى التي تحكم مشروعية هذا العلم بوصفه فرعا من الفلسفة، متتبعا بعد ذلك التعريفات المتعلقة بالفلسفة بوصفها استشكالا واستدلالا، مبينا الأسباب المتعددة (النفسية، والسياسية، والشخصية..) لاتخاذ الموقف من المنطق، عارضا بعد ذلك مواقف مختلفة، كموقف الغزالي، وابن حزم، بوصفها نماذج اشتغلت على مشروع التقريب، وهو المشروع الذي يندرج فيه كتاب «الجوهرة الفريدة»، ومبينا تمرس صاحبه بهذا العلم من خلال أمثلته وقضاياه ومسائله، ما سهل عليه عملية التقريب التي تكشف عن جانب مهم كذلك من جانبه البيداغوجي والتعليمي، مبرزا بعدها بعض الإضافات النوعية التي تضمنها الكتاب، كصناعة الحد والتعاريف والاستدلالات المطوية، وطريقة ترتيب الشواهد والانتقاء بينها.

وفي المداخلة الثالثة قدم د. بلال أشمل قراءة للمتن مستشكلا الغايات والمقاصد من تحقيق العمل وإخراجه، مبديا بعد ذلك ملاحظات رأى فيها أن الدراسة ترصد تاريخ تطور علم المنطق وصيرورته في الثقافة العربية عموما، والمغربية خاصة، كما تبرز التصور بين المنطق في المشرق والمغرب، وهي تفرقة جغرافية من شأنها أن تكون تحققا من فرضية فكرة القطيعة الابستيمولوجية بين المشرق والمغرب، كذلك ذكر أن الاشتغال بالمنطق في الفكر المغربي لم يكن عقيمـا، إنما أثمر الشيء الكثير بحسب المتدخل، غير أن هذا الاشتغال يتصف بجملة من المميزات، أهمها أنه كان ينطوي على الافتتان البلاغي البياني أكثر منه اشتغالا على البرهان، كما أنه جرد هذا العلم من الآثار الفلسفية اليونانية.

ومن جانب التراث المخطوط، وفي الموضوع نفسه، عرض د.عبد الله التوراتي لنصين لم يخرجا بعد للناس، مبينا أن قراءته للمتن لن تكتمل إلا عبر قراءة هذين النصين، الأول لأبي منصور البغدادي (ت.429)، وهو نص يدل على المعرفة الدقيقة بعلم المنطق وإشكالاته، ورجاله وطبقاتهم، وكذلك تضمن ـ بحسب القارئ ـ نقداً للمنطق من وجهة نظر حضارية لا علاقة لها بموقف ماهوي من المنطق بوصفه منطقا، ولا من الفلسفة بوصفهـا كذلك. والنص الثاني يرجع للطرطوشي (ت.520هـ)، وقد تضمن توجيها للخائض في علم المنطق أن يقدم إحكام معاقد العلوم الشرعية.

ومن وجهة نظر سوسيولوجيا المعرفة قرأ د.رضا بودشار الكتاب، منبها إلى أن فهم الكتاب لا بد أن يعتبر بثلاث عناصر أساسية، عنصر عام حدده بانشغال المحقق وهمومه بالثقافة والأدب المغربيين، والثاني يتعلق بكتاب آخر سبق للدكتور جعفر أن حققه، وهو «الأزهار الطيبة النشر»، والثالث في ولعه بالتحقيق وإخراج النصوص، بعدها قام بعرض الكتاب من منطلق رؤية تاريخية متتبعا في ذلك المسار التاريخي الذي قطعه المنطق بأطواره، كاشفا عن علاقة هذا العلم بجدلية السلطة والعوام، والعلاقات المزدوجة التي كانت تحدد موقف الحكام من المنطق والمناطقة.

وفي الختام عقب محقق الكتاب على جملة المداخلات، شاكراً الباحثين، ومثمنا جهودهم في قراءة المـتن، مبينا بعد ذلك بواعث تحقيقه، ولخصها في باعثين اثنين، بادئا بالصلة الوجدانية المتمثلة في القرابة التي تربطه بالمؤلف والشارح، ثم الباعث الموضوعيالذي اعتبر فيه تحقيق الكتاب عملا يهدف إلى الكشف عن الوثائق التي من شأنها أن تيسر لنا إدراك طبيعة العقلانية المغربية، والتنقيب عن أسباب هيمنة اللاعقلانية على المجتمع المغربي في تعثراته التاريخية، وهو الموضوع الذي نعت أسئلته وإشكالاته بـ”الخطيرة”، لذلك فتشخيص علل كل هذا يصعب دون وجود وثائق أغلبها ما زال مخطوطـا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق