مركز الدراسات القرآنية

سؤال المعنى بين الهرمنوطيقا والتفسير محاولة في نقد القراءات الحداثية للقرآن الكريم

يونيو 2, 2016

في إطار أنشطته العلمية والفكرية، نظم مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء، منتدى الدراسات القرآنية (9) في موضوع: “سؤال المعنى بين الهرمنوطيقا والتفسير: محاولة في نقد القراءات الحداثية للقرآن الكريم”، ألقتها الدكتورة فاطمة الزهراء الناصري؛ الأستاذة الباحثة بمركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء، وذلك يوم الخميس 02 يونيو 2016م، ابتداء من الساعة الثانية والنصف بعد الزوال، بمقر الرابطة المحمدية بساحة الشهداء بالرباط.

وفي مقاربتها لموضوع: “سؤال المعنى بين الهرمنوطيقا والتفسير”، استهلت الدكتورة فاطمة الزهراء الناصري محاضرتها بمجموعة من الإشكاليات المؤطرة للموضوع كالآتي: ما هوالمعنى؟ وماذا يعني أن نفهم النص؟ وهل يمكن بلوغ قصد المؤلف؟ وهل هذا الأخير مهم للوصول إلى المعنى؟ وهل هناك معنى ودلالة معينة ونهائية للنصوص؟ ثم كيف أجابت كل من الهرمنوطيقا ونظرية التفسير عن هذه الأسئلة، وأين تتجلى مظاهر التقليد الحداثي للهرمنوطيقا؟

وبعدها تناولت المحاضرة بعض أهم الفلاسفة الذين أجابوا عن سؤال المعنى بخلفيات مختلفة مما ولد دلالات مختلفة للمعنى مثل: الفيلسوف فريدريك شلايرماخر (Schleiermacher (Friedrich(1834)، ومارتن هيدِغر Martin Heidegger 1976))، وبول ريكور Paul Ricoeur (1913)،  وإريك هيرش Eric Donald Hirsch  (1928)…

وفي المحور الثاني تناولت مختلف المناهج الهرمنوطيقية التي استنسخها القراءة الحداثية للنص القرآني، ومنها:
الهرمنوطيقا الفنومينولوجية (الظاهراتية): التي اهتمت بقصد المؤلف، واعتبرت القرب أو البعد من المعنى هو بقدر القرب أو البعد منه.

   والهرمنوطيقا البنيوية: التي حددت المعنى في ثنايا وبنية النص بغض النظر عن أي معطى خارجي، فالمعنى كامن في العلاقة بين مفردات النص، وفي نسيجه الذي يخضع لتنظيم ذاتي في غنى عن المؤلف وعن المتلقي معا.
الهرمنوطيقا التفكيكية: التي انبثقت خصيصا لنقض البنيوية وتحطيم مفهوم البنية الثابتة، وقد أعلنت موت المؤلف والنص معنا، ليبقى المعنى بيد المتلقي هو يقرر أي معنى يمكن أن يمنحه للنص، مما قاد النظرية النقدية إلى مساق اللامعنى لتتعالى بعد ذلك عدة أصوات فلسفية داعية إلى إعادة الاعتبار لقصد صاحب النص.

 ثم تطرقت المحاضرة في المحور الثالث لقضيتين هامتين هما: الفهم الذي يبحث عنه المفسر للآيات القرآنية، والذي ذكرت بأنه القصد الإلهي، باعتبار أن التفسير هو: علم يبحث فيه عن مراد الله عز وجل بقدر الطاقة البشرية بعد التمكن من الآليات اللغوية والأصولية…، فالوصول إلى مراد الله هو غاية المفسر،  وذكرت بأن هناك علم قائم بذاته يتعلق بتحديد مقاصد الشارع…،

 أما القضية الثانية في المحور الثالث فقد تعلقت بحدود فهم النص القرآني، وقد بينت الدكتورة الناصري أن فهم كتاب الله تعالى ممتد عبر الزمان والمكان والأحوال، فالمفسرون في كل زمان ومكان يجب أن يفسروه بمقتضيات أحوالهم ويفتشوا فيه عن الأجوبة الحارقة لمجتمعاتهم، ودون القطع بأن ما وصلوا إليه هو مراد الله تعالى، لأن الاجتهاد في فهم كلام الله تعالى مطلوب، يؤجر عليه في جميع الأحوال.

وقد ختمت الأستاذة محاضرتها بتقرير حقيقة مهمة؛ وهي أن هذه النظريات النقدية يصعب تطبيق بعضها حتى على النصوص الأدبية فمابالك بالنص القرآني الذي يتميز بخصوصيات شكلية ومضمونية تنبع من كونه نص إلهي مفارق للنصوص البشرية في الطبيعة.

وقد أعقب هذه المحاضرة نقاش علمي مستفيض من لدن أساتذة  وباحثين بالمركز وخارجه،  ومن قبل مهتمين  حضر بعضهم من مدينة طنجة مما أغنى  محاور المحاضرة، وفتح آفاقا مهمة للبحث في موضوع سؤال المعنى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق