مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

زيارة مكتبة أوطاح ـ معلمة ثقافية وسيرة عالم ـ

وفاء بما تعهد به مركز
أبي الحسن الأشعري التابع للرابطة المحمدية للعلماء من المساهمة في
الاحتفال السنوي بيوم المخطوط العربي، نظم المركز زيارة لمكتبة العالم
السبتي سيدي أحمد أوطاح صباح يوم الأربعاء 04/04/2018 ابتداء من الساعة
العاشرة بحضور رئيسه الدكتور جمال علال البختي والأستاذ الدكتور محمد
المعلمي (الرئيس السابق لمركز ابن أبي الربيع السبتي) والأستاذ مصطفى
بنسباع (أستاذ التاريخ بكلية الآداب بتطوان) والباحثون بالمركز بالإضافة
إلى صفوة من طلبة الدكتوراه والماستر من المتعاونين مع فريق البحث
بالمركز.
في بداية هذه الزيارة
تقدم الدكتور علال البختي  بإلقاء كلمة بالمناسبة ذكر فيها أن
الزيارة تأتي في إطار فعاليات مشاركة مركز أبي الحسن الأشعري في
الاحتفال بيوم المخطوط العربي الذي سنته المنظمة العربية للتربية
والثقافة التابع لجامعة الدول العربية، حيث تم اختيار مكتبة هذا العالم
السبتي لاعتنائه بالمخطوطات ولما تحتويه من عدد هائل من الكتب نفيسها
ونادرها، شاكرا صاحبها على رحابة الاستقبال وكرم
الضيافة.
بعد ذلك تفضل السيد
أحمد أوطاح بسرد ضاف لمراحل هامة من مساره العلمي وسيرته المهنية وحياته
الشخصية، وقف فيها على جملة من الأحداث المؤثرة فيها، وكانت المحطة
الأولى: التعريف بنسب أسرة أوطاح التي تعد من بين خمس أسر سبتية عريقة
ظلت مستقرة بالمدينة إلى الآن (اليزيد البقيوي أوطاح)، وقد ازداد
مترجمنا بنفس المدينة سنة 1942م، وانتسب في البداية إلى الكُتاب
القرآني؛ حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وشهد له جل شيوخه بالحفظ
والإتقان وعلى رأسهم المقرئ عبد السلام التوزاني البيوني المعروف
بـ”حجي” (أعرف الناس بمن مرَّ بسبتة من العلماء والمقرئين)، ثم تلقى
مبادئ العلوم الشرعية واللغوية على يد شيوخ العلم من آل بنعجيبة وآل
حمدون، كما كان يتحين فرص زيارة بعض علماء فاس وتطوان لمدينة سبتة
فيلتقي بهم ويأخذ عنهم؛ وكان على رأسهم سيدي عبد السلام السوري الغماري
الذي كان يلقي دروسه بمسجد القادريين هناك. وقد شهد له هذا العالم
بالتفوق كما حكى لنا ذلك بلسانه قائلا: فضرب على يدي وقال لي: (أهلا
بالمدير ديالنا) كناية وإشارة صوفية إلى ما سيستقبله من مكانة إدارية
تربوية وعلمية في حياته بعد ذلك.
ثم حدثنا عن
ملاقاته لبعض العلماء الذين ذكر منهم الفقيه محمد برادة الفاسي السبتي
الذي درس عليه مفتتح المرشد المعين، وكان من بين الذين زاروا سبتة أيضا
أيامئذ الشيخ العربي بن أحمد الفيلالي الغماري بالزاوية القادرية؛ فتلقى
عنه «المرشد المعين» و«مختصر
خليل» معا، وهما سند المغاربة في الفقه في تلك الفترة، كما
تلقى عنه دروس النحو من متن «الأجرومية»
و«الأزهري»، ومن محكياته قال: إن هذا الشيخ طلب منه
أن يُعرب بيتين من مقدمة الكتاب فلما أعربهما بدقة متناهية قال له: (أنت
فقيه ونحوي)، وألح على والده أن يساعده على إتمام دراسته، وتوافق أن حضر
أحد أقربائه من جهة الأم وطلب من والده أن يصحبه إلى تطوان لإتمام
مشواره الدراسي فكان ذلك سببا في التحاقه بالمعهد الديني
بتطوان.
وبهذا المعهد تابع
الشطر الثاني من مساره العلمي، وقد حكى لنا أن رفيقه في مجالس الدرس
طيلة هذا المشوار كان هو عالم تطوان الكبير سيدي عبد الله المرابط
الترغي (رحمه الله). وقد حكى لنا من فتوحات تمدرسه بهذا المعهد، حصوله
على المراتب الأولى، وذكر كذلك أنه حضر إلى المعهد يومئذ الأستاذ العالم
الحسين بلبشير مفتش التعليم آنئذ، ولما اطلع على سجله بالمعهد أعجب به
وطلب إحضاره لامتحانه بنفسه؛ فكانت المفاجأة حيث شهد له بالكفاءة، ثم
عاد في نهاية الموسم الدراسي وامتحنه بنفسه، فحصل كذلك على أعلى مرتبة
من بين طلاب جميع المعاهد الدينية بالمغرب.
ثم عرج مترجمنا على
أحداث الريف التي توقف بسببها عن استكمال الدراسة، وعاد إلى سبتة قصد
العلاج، لكنه عاود الالتحاق بحلق العلم على يد العالم الشيخ الخرباق وهو
بحر لا ساحل له –كما وصفه- وكذا الفقيه محمد بنعجيبة وبعض
الفضلاء من بلاد مصر، مذكرا أنهم كانوا يحضرون هذه الدروس من الليل إلى
الفجر.
ولما عاد إلى تطوان بعد
هذه الرحلة السبتية التقى مرة أخرى بالوجيه الحسين بلبشير بالمعهد
الديني، وقد تمكن بفضل شهادة هذا الرجل من متابعته الدراسة بالتعليم
الثانوي مع تمتيعه بالمنحة الدراسية جزاء له على كفاءته وتفوقه، فتمكن
بفضل ذلك من الالتحاق بكلية أصول الدين في أول فوج عند افتتاحها سنة:
65/1966، وكان مُصاحبه في الدرس آنذاك صديقه الأستاذ (الدكتور معمر
النوري –الأستاذ بدار الحديث الحسنية سابقا)، وقد تلقى العلم
في الحلقات الدراسية بالكلية على يد كل من الأساتذة عبد الله كنون، وحسن
إبراهيم حسن، وأحمد بن تاويت، والتهامي الوزاني، وحكمت هاشم، ثم التحق
بسلك التعليم بعد تخرجه من المدرسة العليا للأساتذة بكل من فاس وتطوان
وعمل بالإدراة التربوية بكل من وجدة، وأبي الجعد، والقصر الكبير، ثم
بتطوان في الثانويتين المعروفتين: (جابر بن حيان) و(الحسن الثاني) التي
ظل بها إلى أن طلب إعفاءه للعودة إلى مدينة سبتة التي اهتم فيها بالعمل
الجمعوي والدعوي، وأثناء ذلك التحق بكلية أصول الدين فحصل بها على دبلوم
الدراسات العليا المعمقة، مما خول له التسجيل في سلك الدكتوراه… وبعد
تحقق ذلك، تغيرت القوانين فمنعته عراقيل إدارية من استكمال مساره
العلمي، وكان موضوع أطروحته عن “أبي عبد الله الحجري شيخ الحديث
والإسناد بمدينة سبتة”، ولا زال عمله هذا في الموضوع مرقونا ينتظر الطبع
إلى الآن.
واستكمالا لهذه الزيارة
رافقنا الأستاذ أحمد أوطاح إلى خزانة بيته العامرة، حيث أطلعنا على
محتوياتها، فقام يعرفنا ببعض مكنوناتها، مبينا لنا علاقته بالكتاب منذ
الصغر؛ حيث علق بحبه وشغف باقتناء ما يراه صالحا في العلم والتوجيه
والإرشاد، مع التنبيه إلى مساعدة زوجته الفاضلة في المشاركة على تنمية
رصيد محتويات مكتبته. وقد أخبرنا بأن المكتبة تحتوي إلى جانب الكتب
المطبوعة (حوالي 40 ألف كتاب) مجموعة من المخطوطات التي توفرت لديه من
مصادر متعددة. وذكر لنا أسماء مجموعة من الطلبة الذين استفادوا من خدمات
هذه المكتبة، وكلهم اليوم أطر كفأة يزاولون مهام التدريس بأسلاك التعليم
المختلفة أو باحثون بعدد من مراكز البحث العلمي والأكاديمي
بالمملكة.
وفي الأخير قام
الباحثون والطلبة بأخذ صور تذكارية لمكتبة الأستاذ أحمد أوطاح، حفظا
للذاكرة العلمية لهذه المكتبة الفريدة، وقدمت لفضيلته عبارات الشكر
والثناء لحسن استقباله وحفاوة لقائه.

وفاء بما تعهد به مركز أبي الحسن الأشعري التابع للرابطة المحمدية للعلماء من المساهمة في الاحتفال السنوي بيوم المخطوط العربي، نظم المركز زيارة لمكتبة العالم السبتي سيدي أحمد أوطاح صباح يوم الأربعاء 04/04/2018 ابتداء من الساعة العاشرة بحضور رئيسه الدكتور جمال علال البختي والأستاذ الدكتور محمد المعلمي (الرئيس السابق لمركز ابن أبي الربيع السبتي) والأستاذ مصطفى بنسباع (أستاذ التاريخ بكلية الآداب بتطوان) والباحثون بالمركز بالإضافة إلى صفوة من طلبة الدكتوراه والماستر من المتعاونين مع فريق البحث بالمركز.

في بداية هذه الزيارة تقدم الدكتور علال البختي  بإلقاء كلمة بالمناسبة ذكر فيها أن الزيارة تأتي في إطار فعاليات مشاركة مركز أبي الحسن الأشعري في الاحتفال بيوم المخطوط العربي الذي سنته المنظمة العربية للتربية والثقافة التابع لجامعة الدول العربية، حيث تم اختيار مكتبة هذا العالم السبتي لاعتنائه بالمخطوطات ولما تحتويه من عدد هائل من الكتب نفيسها ونادرها، شاكرا صاحبها على رحابة الاستقبال وكرم الضيافة.

بعد ذلك تفضل السيد أحمد أوطاح بسرد ضاف لمراحل هامة من مساره العلمي وسيرته المهنية وحياته الشخصية، وقف فيها على جملة من الأحداث المؤثرة فيها، وكانت المحطة الأولى: التعريف بنسب أسرة أوطاح التي تعد من بين خمس أسر سبتية عريقة ظلت مستقرة بالمدينة إلى الآن (اليزيد البقيوي أوطاح)، وقد ازداد مترجمنا بنفس المدينة سنة 1942م، وانتسب في البداية إلى الكُتاب القرآني؛ حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وشهد له جل شيوخه بالحفظ والإتقان وعلى رأسهم المقرئ عبد السلام التوزاني البيوني المعروف بـ”حجي” (أعرف الناس بمن مرَّ بسبتة من العلماء والمقرئين)، ثم تلقى مبادئ العلوم الشرعية واللغوية على يد شيوخ العلم من آل بنعجيبة وآل حمدون، كما كان يتحين فرص زيارة بعض علماء فاس وتطوان لمدينة سبتة فيلتقي بهم ويأخذ عنهم؛ وكان على رأسهم سيدي عبد السلام السوري الغماري الذي كان يلقي دروسه بمسجد القادريين هناك. وقد شهد له هذا العالم بالتفوق كما حكى لنا ذلك بلسانه قائلا: فضرب على يدي وقال لي: (أهلا بالمدير ديالنا) كناية وإشارة صوفية إلى ما سيستقبله من مكانة إدارية تربوية وعلمية في حياته بعد ذلك.

ثم حدثنا عن ملاقاته لبعض العلماء الذين ذكر منهم الفقيه محمد برادة الفاسي السبتي الذي درس عليه مفتتح المرشد المعين، وكان من بين الذين زاروا سبتة أيضا أيامئذ الشيخ العربي بن أحمد الفيلالي الغماري بالزاوية القادرية؛ فتلقى عنه «المرشد المعين» و«مختصر خليل» معا، وهما سند المغاربة في الفقه في تلك الفترة، كما تلقى عنه دروس النحو من متن «الأجرومية» و«الأزهري»، ومن محكياته قال: إن هذا الشيخ طلب منه أن يُعرب بيتين من مقدمة الكتاب فلما أعربهما بدقة متناهية قال له: (أنت فقيه ونحوي)، وألح على والده أن يساعده على إتمام دراسته، وتوافق أن حضر أحد أقربائه من جهة الأم وطلب من والده أن يصحبه إلى تطوان لإتمام مشواره الدراسي فكان ذلك سببا في التحاقه بالمعهد الديني بتطوان.

وبهذا المعهد تابع الشطر الثاني من مساره العلمي، وقد حكى لنا أن رفيقه في مجالس الدرس طيلة هذا المشوار كان هو عالم تطوان الكبير سيدي عبد الله المرابط الترغي (رحمه الله). وقد حكى لنا من فتوحات تمدرسه بهذا المعهد، حصوله على المراتب الأولى، وذكر كذلك أنه حضر إلى المعهد يومئذ الأستاذ العالم الحسين بلبشير مفتش التعليم آنئذ، ولما اطلع على سجله بالمعهد أعجب به وطلب إحضاره لامتحانه بنفسه؛ فكانت المفاجأة حيث شهد له بالكفاءة، ثم عاد في نهاية الموسم الدراسي وامتحنه بنفسه، فحصل كذلك على أعلى مرتبة من بين طلاب جميع المعاهد الدينية بالمغرب.

ثم عرج مترجمنا على أحداث الريف التي توقف بسببها عن استكمال الدراسة، وعاد إلى سبتة قصد العلاج، لكنه عاود الالتحاق بحلق العلم على يد العالم الشيخ الخرباق وهو بحر لا ساحل له –كما وصفه- وكذا الفقيه محمد بنعجيبة وبعض الفضلاء من بلاد مصر، مذكرا أنهم كانوا يحضرون هذه الدروس من الليل إلى الفجر.

ولما عاد إلى تطوان بعد هذه الرحلة السبتية التقى مرة أخرى بالوجيه الحسين بلبشير بالمعهد الديني، وقد تمكن بفضل شهادة هذا الرجل من متابعته الدراسة بالتعليم الثانوي مع تمتيعه بالمنحة الدراسية جزاء له على كفاءته وتفوقه، فتمكن بفضل ذلك من الالتحاق بكلية أصول الدين في أول فوج عند افتتاحها سنة: 65/1966، وكان مُصاحبه في الدرس آنذاك صديقه الأستاذ (الدكتور معمر النوري –الأستاذ بدار الحديث الحسنية سابقا)، وقد تلقى العلم في الحلقات الدراسية بالكلية على يد كل من الأساتذة عبد الله كنون، وحسن إبراهيم حسن، وأحمد بن تاويت، والتهامي الوزاني، وحكمت هاشم، ثم التحق بسلك التعليم بعد تخرجه من المدرسة العليا للأساتذة بكل من فاس وتطوان وعمل بالإدراة التربوية بكل من وجدة، وأبي الجعد، والقصر الكبير، ثم بتطوان في الثانويتين المعروفتين: (جابر بن حيان) و(الحسن الثاني) التي ظل بها إلى أن طلب إعفاءه للعودة إلى مدينة سبتة التي اهتم فيها بالعمل الجمعوي والدعوي، وأثناء ذلك التحق بكلية أصول الدين فحصل بها على دبلوم الدراسات العليا المعمقة، مما خول له التسجيل في سلك الدكتوراه… وبعد تحقق ذلك، تغيرت القوانين فمنعته عراقيل إدارية من استكمال مساره العلمي، وكان موضوع أطروحته عن “أبي عبد الله الحجري شيخ الحديث والإسناد بمدينة سبتة”، ولا زال عمله هذا في الموضوع مرقونا ينتظر الطبع إلى الآن.

واستكمالا لهذه الزيارة رافقنا الأستاذ أحمد أوطاح إلى خزانة بيته العامرة، حيث أطلعنا على محتوياتها، فقام يعرفنا ببعض مكنوناتها، مبينا لنا علاقته بالكتاب منذ الصغر؛ حيث علق بحبه وشغف باقتناء ما يراه صالحا في العلم والتوجيه والإرشاد، مع التنبيه إلى مساعدة زوجته الفاضلة في المشاركة على تنمية رصيد محتويات مكتبته. وقد أخبرنا بأن المكتبة تحتوي إلى جانب الكتب المطبوعة (حوالي 40 ألف كتاب) مجموعة من المخطوطات التي توفرت لديه من مصادر متعددة. وذكر لنا أسماء مجموعة من الطلبة الذين استفادوا من خدمات هذه المكتبة، وكلهم اليوم أطر كفأة يزاولون مهام التدريس بأسلاك التعليم المختلفة أو باحثون بعدد من مراكز البحث العلمي والأكاديمي بالمملكة.

وفي الأخير قام الباحثون والطلبة بأخذ صور تذكارية لمكتبة الأستاذ أحمد أوطاح، حفظا للذاكرة العلمية لهذه المكتبة الفريدة، وقدمت لفضيلته عبارات الشكر والثناء لحسن استقباله وحفاوة لقائه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق