مركز الدراسات القرآنية

د. أحمد عبادي يبرز مداخل بناء الانسان والعمران في القرآن الكريم من الفرد الأمة الى الأمة الفرد

أكد فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أن النظر في كتاب الله عزوجل إنما هو نظر استكشافي، يحاول إرساء بعض الدعامات المنهجية التي يمكن للإنسان البناء عليها، والاستعانة بها لرفع مايسمى  “بعلوم التيسير”، مشيرا إلى أن الإنسان هو المخلوق الذي أوكلت إليه مهمة حمل الأمانة حينما أشفقت السموات والأرض على حملها.

وأوضح فضيلة السيد الأمين العام، الذي كان يتحدث يوم الخميس 23 ماي 2013 في محاضرة علمية بالقنيطرة، في افتتاح الندوة العلمية الدولية التي نظمها مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء حول موضوع “دور القرآن الكريم في بناء الانسان والعمران” ، أن كلمة “العمران” تسمية لاتحمل أي حمولة عرقية أو تاريخية أو جغرافية، وإنما هي تسمية يراد بها التجمعات البشرية التي تتيمم قبلة واحدة ومعينة تجاه خالقها.

وأضاف فضيلة السيد الأمين العام، في محاضرته الافتتاحية التي تناول فيها موضوع “بناء الانسان والعمران في القرآن الكريم من الفرد الأمة الى الأمة الفرد”، أن حركة إمامة الأمة نحو قصدها، يجب أن تكون حركة مؤسسة على استنطاق الآيات والبصائر والعلامات، سواء كانت من الكتاب المسطور الذي هو الوحي، أومن الكتاب المنظور الذي هو الكون المحيط بالإنسان.

ومن جهة أخرى، أبرز الأستاذ المحاضر، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، استطاع أن يجعل من الأمة فردا من خلال استدراجه واستدراجه للروح القدسي، مضيفا أن مصطلح “العمران” تبرز فيه ما أسماه ب “الأنزيمات” و”الإدراكات” التي تمكن الإنسان من تفكيك ما يرد عليه والتعرف على الضار من النافع.

وفي هذا الصدد، قال السيد الأمين العام، “أن الإنسان الذي يتحدث عنه الله عزوجل في محكم تنزيله، هو ذلك الإنسان الذي يحمل أمانة عظيمة من أجل مظاهرها، يضيف الأستاذ “أن الإنسان مكلف بإدخال الوحي إلى مجاله، ليعمل مكابدة، ومجاهدة وكدحا، على اعتبار أن الانسان خلق أصلا من كبد.

ولدى حديثه عن علاقة الإنسان بالقرآن الكريم، أشار فضيلة الأستاذ إلى أن الإنسان حينما يتمكن من إدخال الوحي إلى مجاله، يستبين الوجهة نحو القبلة، الذي تقتضي أن يمتلك هذا الإنسان “بوصلة” تمكنه من تحديد موقعه، انطلاقا من قراءته للنسق القرآني الذي بدونه يقول الأستاذ “لا يمكن للإنسان أن يحدد وجهته من الناحية الفردية”.

وفي سياق متصل، أكد فضيلة الأمين العام، على ضرورة أن يحدد الإنسان نقطة ارتكازه وتموقعه باستعمال ما أسماه ب “البوصلة” التي هي الوحي، الذي يعمل بالكدح والمكابدة في مجال الإنسان، ولذلك فما من كلمة يضيف الأستاذ “إلا وهي في موقعها في القرآن الكريم”، مبرزا أن الإنسان يولد وهو مكلف، ومجهز بتلقي الكلمات، والقراءة في الكتاب المنظور والمسطور معا، لاستبانة وتحديد موقعه.

واعتبر فضيلة السيد الأمين العام، أن السنة النبوية المطهرة، ماهي إلا “وحدة قياسية” محفوظة وتعتبر بمثابة “منجم”، وتطبيق عملي للقرآن الكريم، وذلك بالرغم من محاولات ارجاف المرجفين الذين يجهلون أن هناك الاسناد المتصل الى الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأبرز السيد الأمين العام، أن الإنسان في حاجة الى توحيد القبلة، والوجهة في القرآن الكريم، كما هو في القبلة المادية من خلال الآيات والبصائر، مشيرا إلى أن هذا الإنسان المستخلف على الأمانة، في حاجة دائمة إلى فعل القراءة للاهتداء، على اعتبار يقول الأستاذ :” أن العديد من القضايا التي تقض مضجع الأمة اليوم، نحتاج فيها إلى قراءة تستدمج بين الكتابين المسطور والمنظور”.

ودعا فضيلة السيد الأمين العام، إلى ضرورة التركيز على البعد التنزيلي لبناء الانسان والقرآن، مع تبني صياغة جديدة للعلوم الشرعية، من حيث التوجيه، مشيرا إلى أن طلاب العلم الشرعي مدعون إلى الكدح والقراءة من أجل تكوين علمي رصين، ملفتا النظر في الوقت ذاته إلى أننا مازلنا نتعامل مع القراءة كعملية استردادية، في الوقت الذي تعتبر فيه عملية “استنطاقية”.

وفي ختام كلمته الافتتاحية، توقف السيد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، عند المستويات التي يجب أن يتأسس عليها تعاملنا مع القرآن الكريم، حيث أجملها في المستوى الصوتي، من خلال قراءة مثلى، التي يهتم بها علم القراءات، والمستوى اللفظي الذي يختص بالكلمات والمفاهيم، التي هي عبارة عن كلمات في محيطها لها أخلاقياتها وشخصيتها.

 

أما المستوى التركيبي فيتحقق حينما تصبح المفاهيم والكلمات عبارة عن مركبات مفاهيمية، شبيهة بالمدن والمركبات الصغيرة، دون نسيان مستوى التنزيل، الذي يتحقق من خلال التلاوة على أرض الواقع التي تحتاج إلى الاستنطاق.

للإشارة فهذه الندوة العلمية الدولية التي نظمها مركز الدراسات القرآنية، التابع للرابطة المحمدية للعلماء؛ بتعاون مع مختبر الدراسات الشرعية والبناء الحضاري بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن طفيل القنيطرة، ومجلة حراء التركية، عرفت مشاركة نخبة من الأساتذة والمفكرين من دول مصر، والجزائر، وتركيا، بالإضافة إلى البلد المضيف المغرب، وكدا ثلة من الأساتذة والباحثين، من مختلف الجامعات المغربية.

المحجوب داسع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق