مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقدية

تكريم الأستاذة حسناء داود بمناسبة يوم المخطوط العربي

 

تحت شعار “التراث في زمن المخاطر”، وتخليدا لليوم العربي للمخطوط الموافق للرابع من شهر أبريل من كل سنة، نظم مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية بتطوان بتنسيق مع معهد المخطوطات العربية بالقاهرة (التابع للألكسو) على مدار ثلاثة أيام جملة من الأنشطة العلمية والتربوية الهادفة توزعت كما يلي:
ـ لقاء علمي تكريمي للأستاذة حسناء داود.
ـ محاضرة علمية تربوية في أهمية المخطوطات وأسباب تلفها وآليات صيانتها.
ـ زيارة علمية تفقدية للمكتبة الداودية بتطوان. 
ـ النشاط الأول: قراءات علمية تكريمية لمسار الأستاذة حسناء داود.
بتعاون مع المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان، وبحضور جلة من الأساتذة الجامعيين والطلبة الباحثين وجم غفير من المهتمين، التأم ـ يوم الخميس 13 أبريل ـ لقاء علمي تكريمي برحاب المكتبة احتفاء بالمسار العلمي للأستاذة حسناء داود تعريفا واعترافا بجميل ما قدمته من تضحيات جسام في سبيل خدمة المخطوط المغربي التطواني والمغربي وصيانته من الضياع.
افتتح اللقاءَ الدكتور جمال علال البختي (رئيس مركز أبي الحسن الأشعري) بكلمة رحب فيها بالحضور الكرام، مذكرا بمناسبة التئام هذا الجمع المنيف ممثلة في تخليد اليوم العربي للمخطوط الذي بات موعدا رسميا تبنته جامعة الدول العربية؛ موعد يهتبله مركز أبي الحسن الأشعري، بتنسيق مع معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، لتنظيم أنشطة علمية هادفة أبرزها الاحتفاء بمسار شخصية علمية كرست جهودها لخدمة المخطوط. وقد وقع الاختيار في هذه السنة على الأديبة المؤرخة حسناء داود، محافظة المكتبة الداودية بتطوان، لما لها من يد بيضاء في الحفاظ على قسط من التراث العلمي المخطوط بالمدينة من التلف والضياع وسهرها لمدة تنيف على ثلاثين عاما على صيانته وإخراج جزء من أعلاقه إلى جمهور الباحثين والمثقفين تحقيقا وتقديما وتعريفا. وقد اغتنم مسير اللقاء هذه السانحة للتذكير بأهمية التراث المخطوط في بنية الأمة العربية وهويتها وقدرته على تجديد نهضتها وتصحيح مسارها، لافتا الانتباه إلى ما يتعرض له هذا المكون الثقافي والفكري ـ الغني بمكنونه الهش بطبيعة مادته ـ من خطر الاندثار والضياع في زمن الفتن والحروب، لذلك ليس عبثا اختيار شعار “التراث في زمن المخاطر” ليكون عنوانا لليوم العربي للمخطوط في هذه السنة في ظل ما تعيشه جملة من البلدان العربية من حروب وثورات بقدر ما تلتهم الإنسان والعمران تدمر ذاكرة الأمة المخطوطة وتراثها العلمي. 
بعد هذا المفتتَح عطف مسير الجلسة على محور المداخلات العلمية المقومة لمسار المحتفى بها؛ وقد استهلها الدكتور بمداخلة تعريفية بالسيرة الذاتية والعلمية للأستاذة حسناء متوقفا عند مجموعة من المحطات البارزة في مسارها الدراسي والمهني، مبرزا معالم شخصيتها العالمة متمثلة في التحقيق والتأليف والترجمة والتقديم للمؤلفات العلمية والأدبية وقرض الأشعار.. ومركزا على إنتاجاتها العلمية في ميدان التراث المخطوط، وهي في جلها تحقيقات لأعمال والدها المرحوم الفقيه محمد داود مؤرخ الحاضرة التطوانية خصوصا ما تعلق منها بتاريخ تطوان. وقد عدد لها المتدخل، في هذا الصدد، ما يربو على خمسة عشر تحقيقا تشهد برسوخها في هذا الميدان. ثم اختتم مداخلته بالتنويه بجهودها العلمية المتميزة ما جعلها محل تكريم نالت فيه أوسمة رفيعة أعلاها وسام العرش من درجة فارس.
وفي مداخلة لها بعنوان “منهج التوثيق والتحقيق عند حسناء داود”، أشادت الدكتورة سعاد الناصر، ابتداء، بالشخصية العلمية المتفردة للمحتفى بها فضلا عن الحس الإنساني والأخلاقي الرفيع الذي يميزها عن أترابها ونظرائها. كما نوهت بدورها الكبير في المحافظة على مكتبة المؤرخ محمد داود إضافة إلى السهر على تحقيق جملة من نفائسها المخطوطة. ثم عرجت المتدخلة على بيان جملة من المعالم المنهجية المميزة لعمل الأستاذة حسناء في التحقيق والتوثيق من خلال الوقوف على نموذجين اثنين؛ أولهما كتاب “تاريخ تطوان، ج11” وثانيهما “على رأس الثمانين”. ويمكن إجمال هذه المعالم في العناصر الآتية؛ 
ـ إحاطتها بكل تراث والدها المؤرخ إحاطة عالمة ما يمكنها من فهم دقيق لمضامينه وإلمام بمناهجه.
ـ استكمالها للنقص الموجود في “تاريخ تطوان” بالرجوع إلى مسودات والدها وتقاييده وحسن استثمار المعلومات المبثوثة فيها.
ـ الدقة في التوثيق والأمانة في العزو.
ـ سعة الاطلاع على المصادر والمراجع موضوع الاشتغال، مخطوطة كانت أو مطبوعة.
ـ الإبداع في ترتيب المذكرات وتنظيم النصوص والوثائق وحسن التنسيق بينها.
ـ إضفاء عنصر المتعة والتشويق على أعمالها من جراء حضور النفس الأدبي في صياغة الأفكار.
وتحت عنوان “اشتغال عتبة المقدمة عند الأستاذة حسناء داود” استهل د.محمد المرابط ورقته باقتباس نص من كتاب «طوق الحمامة» يشيد فيه بدور المرأة في الغرب الإسلامي، والمكانة العلمية التي كانت تشغلها، رابطا بينها وبين حديثه عن المُكرّمة التي وصفها بالباحثة والعالمة المدققة، مُعدِّدا مواهبها ونشاطها المعرفي ما بين تحقيق وتأليف وكتابة وترجمة، مركزا على جانب منطق اشتغال المقدمة الذي ميّزه عن التقديم، مبيّنا دواعي ومسوغات قراءته لهذه المقدمات التي لها استقلالها وأسئلتها وقضاياها، مبتدئا بتعريف مفهوم «العتبة» وعرض أنواع المقدمة وأنماطهـا، كالمقدمات اللاحقة وكمقدمة التأليف والمقدمة العلمية، مبرزا بعد ذلك أهداف المقدمة عند الأستاذة حسناء داود، وقد اعتبرها واسطة بين القارئ والمتن المركزي، هدفها ضمان التعريف بموروث والدها العلمي، ومساهمة في تاريخ المغرب الذي هو من تاريخ مُدنه وقراه كما كانت تنقل ذلك المُكرّمة عن والدهـا، وتشتغل المقدمة عندها على جانبين، الأول يقوم على بنية نفسية هدفها استدراج القارئ وترغيبه من خلال أساليب شاعرية تمارس فيها بوْحـا يروم إحساس القارئ بمدى أهمية التاريخ وقيمته، وبعد أن تستوثق إصغاءه تنتقل إلى جانب البنية المعرفية التي تقوم فيه بتقديم المعطيات والأخبار ومنهجيات المؤرخ ومصادره بصدق وأمـانة، فما يهم الأستاذة بحسب المتحدث هو الوصول بالنص إلى حقيقته.
وبما أن أهم ما تم الحرص عليه في اللقاء التكريمي هو جانبه العلمي، فقد قدمت المُكرَّمة ورقة علمية قرأت من خلالها مخطوطا من تأليف أحد أبرز أدباء مدينة تطوان، وهو كنّاش في 148 صفحة، كتبه المفضّل أفيلال بخطه الجميل والمنقح، وهو عمل ينتمي لصنف الوثائق والمذكرات، ويصلح لاستقاء المعلومات الشخصية والتاريخية عن اللحظة التي عاشها الرجل، الذي فتح قلبه وحياته الخاصة فمكّن القراء من الاطلاع على أخلاقه وصفاته الشخصية وهواياته وأعماله ورحلاته؛ فقد وُلد يوم السبت 1239 هـ/ 1824م، وترجع سلسلة نسبه إلى الرسول الكريم، ولم يكتف بإيراد نسبه الشريف، بل أوصل السلسلة إلى آدم، وبدأ قراءته للعلوم سنة 1257هـ، على جملة من الشيوخ أهمهم محمد بلهاشم أفيلال، وأحمد البياري، قبل أن ينتقل إلى فاس للدراسة في جامعها القرويين، اشتغل مدرسا للعلوم في بعض المساجد وإماما في جامع السويقة والرزيني، وتولى الخطبة في زاوية علي بن ريسون، وكان من جملة الأعيان الذين بايعوا السلطان حينها، موردا أخبارا عن الكتب التي كان يدرّسها وأوقات مواعيدها، وهي ما بين منطق وتفسير وغيرها، وكذلك أورد معلومات عن زوجاته وأولاده. والنصوص التي ألّفها متعددة الأشكال ومتنوعة، فصاحبها كما ذكرت المتدخلة له باع طويل في الأدب، ومتمكن من الأساليب الأدبية ما بين قصيد وموشح وزجل ونثر فني ومقـامات، وكذلك لا تخلو كناشته من أخبار في تاريخ تطوان تتعلق بالتولية والعزل والظواهر الطبيعية وحرب تطوان التي شهدهـا سنة 1860م، وهي الحرب التي كتب فيها قصيدته الشهيرة التي مطلعها (يا دهر قل لي علامة)، يرثي فيها حالة تطوان وما آلت إليه من ويلات ذاقها أهلها على يد الإسبان، وقصيدة أخرى مطلعها (يروم الروم رميا بالمدافع)، وقصيدة مطلعها (جاد الزمان على الأحبة بالمنى)، إلى جانب هذه الأشعار كتب ولحّن مفضل أفيلال موشحات عارض بها موشحات أندلسية، وكتب قصائد في الهجاء وأراجيز يصف فيها رحلاته إلى فاس ومكناس، كما نظم شعرا في الطبيعة والغزل، وأشارت المتحدثة إلى استفادة والدها في كتبه من هذا الكناش لما يتضمنه من ضبط للتواريخ وجزئيات تفصيلية في أحداث حرب تطوان، ثم ختمت حديثها بالترحم عليه واعتباره النموذج الأمثل للشخصية التطوانية، مُذكرة الحاضرين بأن المفضل أفيلال هو من أطلق على تطوان لقب الحمامة. 
وفي الشطر الثاني من اللقاء التكريمي الذي خُصص للشهادات، استهلّ د. جعفر بن الحاج السلمي باستشكال عن موضوع حديثه ومضمونه، متسائلا “هل أكتب عن الشخص؟ أم مشروعه العلمي؟ أم همـا معـا؟” مرجحا الحديث الشخصي على الحديث العلمي، لما تجمعه بالمُكرّمة علاقات إنسانية تبدأ بالتتلمذ عليها سنة 1974 بثانوية الشريف الإدريسي بتطوان، وهي مرحلة يصف فيها التلميذ أستاذته بالشخصية القوية التي تجبر الآخرين على احترامهـا، مع الالتزام الأخلاقي والترفع عن السفاسف واللسان الفصيح والانضباط الصارم في حصص دروس المطالعة التي كانت قراءة وتحليلاً لنصوص نثرية من مطولات أدبية أصبحت تُدرّس الآن في الجامعات، لذلك لا عجب أن يكون الفوج الذي شاركه في التلمذة أغلبه من كبار الأساتذة والدكاترة، ثم قارن بين إيجابياتها وسلبيات بعض الأساتذة ـ حينئذ ـ بأسلوب جمع بين النصح والدعابة والنكتة، متحدثا بعد ذلك عن وفاة والدها المؤرخ محمد داود وتركها للتدريس بسبب تفرغها لمكتبته وخزانة مخطوطاته وفتحها في وجه العموم، ومشيرا أيضا إلى الظروف التي جمعتهما بعد ذلك في جمعية تطاوين أسمير والمجلس العلمي بتطوان، مختتما حديثه بالتركيز على صفاتها الأخلاقية كالهدوء، والسكينة، وعزة النفس، والكرم، والعمل الدؤوب في صمت، وكثرة الأشغال مع كونها أُمًّـا وجدّة.
بعده أدلت الأستاذة نزيهة مصباح بشهادتها التي وصفت فيها جوانب شخصية من الـمُكرّمة، فقسمت علاقتهمـا إلى مرحلتين زمنيتين: مرحلة المعاصرة ومرحلة اللقاء ـ بحسب اصطلاح أصول الحديث ـ؛ في المرحلة الأولى التي أرّختها المتحدثة بسنة 1977، كانت فيها المُكرمة محط نظرها واهتمـامها لما تتسم به من انضباط أخلاقـي، وسلوك متزن، والتزام دقيق بالمواعيد، بعدها ستكون علاقة الصداقة والعمل التي ستبدأ في مرحلة اللقاء حين تم تكوين خلية أمهات المؤمنين بالمجلس العلمي بتطوان، وفي هذه المرحلة ستتعرف عليها عن كثب، لذلك تناولت شخصيتها من جانبين؛ جانب معرفي اكتشفت فيه التنوع المعرفي، والقدرة على حسن اختيار الموضوعـات، والجدة في الطرح، ودقة الأفكـار، والانفتاح على الثقافات الأخرى، وجانب آخر نفسي نعتت فيه المُكرّمة بالحلم، والثبات، والتوازن، والقيادة، وحسن التسيير، والتأني وعدم التسرع في إصدار الأحكـام، وهي صفات وسمات أخلاقية كأنها فطرت عليها بحسب الشاهدة. 
من جهته أشاد الدكتور بدر العمراني بمسار المحتفى بها في شهادة عنونها بـ”هالة الحسن” اعتبرها عربون وفاء واعتراف لسيدة جمعت بين محامد الأخلاق وخُصّت منها بتواضع جم وأدب رفيع، ولها في ميدان العلم والتحقيق يد بيضاء وصدقة جارية. وقد سكب عبارات الوفاء والإجلال في قصيدة شعرية تغنّى فيها بخِلال صاحبة “الحسن والإحسان” خالعا عليها ما تستحقه من أوصاف الإجلال وجميل الثناء.
وفي شهادته الموسومة بـ”عملاق إنتاج المشاريع الثقافية الكبرى” نوّه الدكتور إسماعيل شارية بتعدد روافد الشخصية العلمية والأدبية لشخص المحتفى بها، ما جعلها متعددة الأبعاد متميزة السمات:
ـ حسناء مدرسةً: حيث عُرفت بين زملائها وتلامذتها بالجدية وإتقان الآليات البيداغوجية في التدريس والتربية والتعليم، وقد تخرج على يديها عدد كبير من التلاميذ منهم أطر متمكنة في مؤسسات الدولة.
ـ حسناء محققةً: إذ بفضلها تم إنقاذ “العبائق النفيسة من المخطوطات” صيانة لها وتحقيقا لبعض كنوزها.
ـ حسناء عالمةً وشاعرةً: وهذا تشهد له مؤلفاتها وإسهاماتها وتقدماتها لكتب غيرها، أما كونها شاعرة فللمكرّمة مجموعة من القصائد الشعرية تجعلها في مصف الشعراء الكبار.
ـ حسناء مربيةَ وفاعلةً جمعوية: فهي عضو نشيط في العديد من جمعيات المجتمع المدني.
إن كل هذه الأبعاد تجعل الدكتورة داود، حسب المتدخل، طودا شامخا وقصيدة شعرية ينبغي أن تقرأ وتدرّس للأجيال لينهلوا من تجربتها ومثابرتها في خدمة العلم والعلماء.
وأما المداخلة الأخيرة فبعث بها الدكتور قطب الريسوني من دولة الإمارات وقرأها بالنيابة عنه الدكتور بدر العمراني وكانت بالفعل شهادة أدبية رائقة عدد فيها صاحبها ما ازدانت به الدكتورة حسناء من برور للأصلين؛ لوالدها المؤرخ ولمدينتها “الحمامة البيضاء”، وما نتج عن هذا البرّ من زكاة علمية وأدبية لا تزال متدفقة إلى يوم الناس هذا. 
ـ النشاط الثاني: محاضرة علمية تربوية في أهمية المخطوطات وأسباب تلفها وآليات صيانتها.
بتنسيق مع الثانوية الإعدادية “حمان الفطواكي” بنيابة المضيق، انعقد ـ يوم الخميس 06 أبريل ـ لقاء علمي تربوي عبارة عن محاضرة بعنوان “من أجل تدبير سليم لحماية تراثنا المخطوط من المخاطر” أطرها الأستاذ منتصر الخطيب والأستاذة غزلان بن التوزر (الباحثان بالمركز)، وسيرت جلساتها الأستاذة إكرام بوشنيطة (أستاذة بمدينة المضيق).
 حضر هذا اللقاء رئيس مركز أبي الحسن الأشعري والباحثون به وبعض الأطر التربوية بالمؤسسة وعدد من تلاميذها. 
افتتحت أعمال الندوة بكلمة مدير المؤسسة ضمَّنها ترحيبه بتنظيم المركز لهذه الندوة التي تروم إرشاد التلاميذ إلى أهمية المخطوط العربي وقيمته العلمية والمعرفية، تلتها مداخلة الأستاذ منتصر الخطيب التي عرف خلالها بـمفهوم التراث وأهميته في حياة الأمة، وركز في مداخلته على التراث المادي الثقافي المخطوط معرفا بتاريخ ظهوره وعناية العرب والمسلمين به شكلا ومضمونا، ليختم كلمته بالتعريف  بمجموعة من المنظمات التي تعتني بالمخطوط وما يبذله المغرب من جهود من أجل الحفاظ على المخطوطات.
وبعدها أعطيت الكلمة للأستاذة غزلان بن التوزر لتتم الشق الثاني من الندوة مركزة على الأخطار التي تهدد سلامة المخطوطات من خلال استعراضها للآفات التي تتعرض لها سواء منها الطبيعية أو البيولوجية أو الكيميائية أو تلك التي يسببها الإهمال البشري أو سوء استخدامه لها. لتختم مداخلتها بذكر خطوات المحافظة على هذا التراث من خلال طريقتي الصيانة والترميم.
ثم أعقبت المداخلتين تفاعل بين المحاضريْن والفئة المستهدفة من خلال الجواب على أسئلة التلاميذ واستفساراتهم.
ـ النشاط الثالث: زيارة علمية تفقدية للمكتبة الداودية.
النشاط الثالث من سلسلة الأنشطة المقامة بمناسبة الاحتفال بيوم المخطوط العربي تمثل في الزيارة الميدانية التي قام بها الباحثون بمركز أبي الحسن الأشعري بمعية ثلة من طلبة الماستر بكلية أصول الدين والمدرسة العليا للأساتذة إلى المكتبة الداودية مساء يوم الثلاثاء 11 أبريل 2017، حيث تم استقبالنا بكل ترحاب من قبل محافظة المكتبة الأستاذة حسناء داود ومساعدها الأستاذ إسماعيل شارية.
 في بداية هذا اللقاء قدم رئيس مركز أبي الحسن الأشعري كلمة شكر فيها محافظة المكتبة على استقبالها للباحثين وحفاوتها بهم بتخصيص هذا اللقاء العلمي لعرض بعض تفاصيل إخراج هذه المكتبة الشامخة إلى الوجود لاستفادة الباحثين من محتوياتها.
ثم انطلقت الأستاذة حسناء داود في رواية بعض التفاصيل الأولى حول إنشاء هذه المكتبة مبتدئة بالظروف التي اكتنفت هذا التأسيس المرتبط أساسا بشخصية مؤسسها الفقيه محمد داود؛ حيث استجمع الرجل عددا هائلا من الكتب والمصادر المطبوعة والمخطوطة، والوثائق والرسوم العدلية، فضلا عن كم كبير من الصحف والمجلات والجرائد بل والصور الفوتوغرافية التي تجاوز عددها خمس عشرة ألف صورة .. ما جعلها مقصد العديد من الباحثين خصوصا في مجال التاريخ، ومصدرا مهما للبرامج التلفزيونية والإذاعية. وقد أهلت وفرة الوثائق والمصادر المؤرخ محمد داود بالاطلاع عن كثب على التاريخ الاجتماعي لمدينة تطوان والنواحي، ساعدته على تأليف مصنفه الموسوعي الشهير “تاريخ تطوان” وما تفرع عنه من أعمال رديفة من قبيل: “عائلات تطوان” وكتاب “التكملة” وكتاب “الأمثال” وكتاب “المجتمع المغربي”.. وهي الأعمال التي عملت ابنته الأستاذة حسناء داود، ولا تزال، على تحقيقها ونشرها.
وفي إفضاء للزائرين، عبرت السيدة المحافظة عن مكابدتها طيلة سنوات من أجل الحفاظ على هذا الموروث العلمي والثقافي وإيجاد فضاء ملائم يحتضنه متمثلا في المقر الجديد الذي بات مكتبة عامة مفتوحة في وجه الباحثين، بل ومنتدى للقاءات والندوات العلمية.
 وبعد هذه المداخلة الماتعة فسحت الأستاذة حسناء داود للباحثين فرصة تطارح بعد التساؤلات لمزيد من الاطلاع على محتويات المكتبة وسبل الحفاظ عليها، ثم رافقتهم في زيارة لمرافق المكتبة التي تشتمل على مكتب خاص يضم أرشيف الوثائق العدلية والمراسيم الرسمية والصور التذكارية، ثم قسم الكتب العامة، وقسم آخر خاص بالصحافة المحلية والعربية.
وفي ختام هذه الزيارة قدم رئيس المركز باسم الباحثين المرافقين كلمة شكر لمحافظة المكتبة عبر فيها عن امتنانه لها على حسن الاستضافة ولغزارة المعلومات القيمة التي باحت بها، ثم قام الحضور بأخذ صور جماعية للتوثيق والذكرى.
 
إعداد: مركز أبي الحسن الأشعري

تحت شعار “التراث في زمن المخاطر”، وتخليدا لليوم العربي للمخطوط الموافق للرابع من شهر أبريل من كل سنة، نظم مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية بتطوان بتنسيق مع معهد المخطوطات العربية بالقاهرة (التابع للألكسو) على مدار ثلاثة أيام جملة من الأنشطة العلمية والتربوية الهادفة توزعت كما يلي:

ـ لقاء علمي تكريمي للأستاذة حسناء داود.

ـ محاضرة علمية تربوية في أهمية المخطوطات وأسباب تلفها وآليات صيانتها.

ـ زيارة علمية تفقدية للمكتبة الداودية بتطوان. 

 

ـ النشاط الأول: قراءات علمية تكريمية لمسار الأستاذة حسناء داود.

بتعاون مع المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان، وبحضور جلة من الأساتذة الجامعيين والطلبة الباحثين وجم غفير من المهتمين، التأم ـ يوم الخميس 13 أبريل ـ لقاء علمي تكريمي برحاب المكتبة احتفاء بالمسار العلمي للأستاذة حسناء داود تعريفا واعترافا بجميل ما قدمته من تضحيات جسام في سبيل خدمة المخطوط المغربي التطواني والمغربي وصيانته من الضياع.

افتتح اللقاءَ الدكتور جمال علال البختي (رئيس مركز أبي الحسن الأشعري) بكلمة رحب فيها بالحضور الكرام، مذكرا بمناسبة التئام هذا الجمع المنيف ممثلة في تخليد اليوم العربي للمخطوط الذي بات موعدا رسميا تبنته جامعة الدول العربية؛ موعد يهتبله مركز أبي الحسن الأشعري، بتنسيق مع معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، لتنظيم أنشطة علمية هادفة أبرزها الاحتفاء بمسار شخصية علمية كرست جهودها لخدمة المخطوط. وقد وقع الاختيار في هذه السنة على الأديبة المؤرخة حسناء داود، محافظة المكتبة الداودية بتطوان، لما لها من يد بيضاء في الحفاظ على قسط من التراث العلمي المخطوط بالمدينة من التلف والضياع وسهرها لمدة تنيف على ثلاثين عاما على صيانته وإخراج جزء من أعلاقه إلى جمهور الباحثين والمثقفين تحقيقا وتقديما وتعريفا. وقد اغتنم مسير اللقاء هذه السانحة للتذكير بأهمية التراث المخطوط في بنية الأمة العربية وهويتها وقدرته على تجديد نهضتها وتصحيح مسارها، لافتا الانتباه إلى ما يتعرض له هذا المكون الثقافي والفكري ـ الغني بمكنونه الهش بطبيعة مادته ـ من خطر الاندثار والضياع في زمن الفتن والحروب، لذلك ليس عبثا اختيار شعار “التراث في زمن المخاطر” ليكون عنوانا لليوم العربي للمخطوط في هذه السنة في ظل ما تعيشه جملة من البلدان العربية من حروب وثورات بقدر ما تلتهم الإنسان والعمران تدمر ذاكرة الأمة المخطوطة وتراثها العلمي. 

بعد هذا المفتتَح عطف مسير الجلسة على محور المداخلات العلمية المقومة لمسار المحتفى بها؛ وقد استهلها الدكتور بمداخلة تعريفية بالسيرة الذاتية والعلمية للأستاذة حسناء متوقفا عند مجموعة من المحطات البارزة في مسارها الدراسي والمهني، مبرزا معالم شخصيتها العالمة متمثلة في التحقيق والتأليف والترجمة والتقديم للمؤلفات العلمية والأدبية وقرض الأشعار.. ومركزا على إنتاجاتها العلمية في ميدان التراث المخطوط، وهي في جلها تحقيقات لأعمال والدها المرحوم الفقيه محمد داود مؤرخ الحاضرة التطوانية خصوصا ما تعلق منها بتاريخ تطوان. وقد عدد لها المتدخل، في هذا الصدد، ما يربو على خمسة عشر تحقيقا تشهد برسوخها في هذا الميدان. ثم اختتم مداخلته بالتنويه بجهودها العلمية المتميزة ما جعلها محل تكريم نالت فيه أوسمة رفيعة أعلاها وسام العرش من درجة فارس.

وفي مداخلة لها بعنوان “منهج التوثيق والتحقيق عند حسناء داود”، أشادت الدكتورة سعاد الناصر، ابتداء، بالشخصية العلمية المتفردة للمحتفى بها فضلا عن الحس الإنساني والأخلاقي الرفيع الذي يميزها عن أترابها ونظرائها. كما نوهت بدورها الكبير في المحافظة على مكتبة المؤرخ محمد داود إضافة إلى السهر على تحقيق جملة من نفائسها المخطوطة. ثم عرجت المتدخلة على بيان جملة من المعالم المنهجية المميزة لعمل الأستاذة حسناء في التحقيق والتوثيق من خلال الوقوف على نموذجين اثنين؛ أولهما كتاب “تاريخ تطوان، ج11” وثانيهما “على رأس الثمانين”. ويمكن إجمال هذه المعالم في العناصر الآتية؛ 

ـ إحاطتها بكل تراث والدها المؤرخ إحاطة عالمة ما يمكنها من فهم دقيق لمضامينه وإلمام بمناهجه.

ـ استكمالها للنقص الموجود في “تاريخ تطوان” بالرجوع إلى مسودات والدها وتقاييده وحسن استثمار المعلومات المبثوثة فيها.

ـ الدقة في التوثيق والأمانة في العزو.

ـ سعة الاطلاع على المصادر والمراجع موضوع الاشتغال، مخطوطة كانت أو مطبوعة.

ـ الإبداع في ترتيب المذكرات وتنظيم النصوص والوثائق وحسن التنسيق بينها.

ـ إضفاء عنصر المتعة والتشويق على أعمالها من جراء حضور النفس الأدبي في صياغة الأفكار.

وتحت عنوان “اشتغال عتبة المقدمة عند الأستاذة حسناء داود” استهل د.محمد المرابط ورقته باقتباس نص من كتاب «طوق الحمامة» يشيد فيه بدور المرأة في الغرب الإسلامي، والمكانة العلمية التي كانت تشغلها، رابطا بينها وبين حديثه عن المُكرّمة التي وصفها بالباحثة والعالمة المدققة، مُعدِّدا مواهبها ونشاطها المعرفي ما بين تحقيق وتأليف وكتابة وترجمة، مركزا على جانب منطق اشتغال المقدمة الذي ميّزه عن التقديم، مبيّنا دواعي ومسوغات قراءته لهذه المقدمات التي لها استقلالها وأسئلتها وقضاياها، مبتدئا بتعريف مفهوم «العتبة» وعرض أنواع المقدمة وأنماطهـا، كالمقدمات اللاحقة وكمقدمة التأليف والمقدمة العلمية، مبرزا بعد ذلك أهداف المقدمة عند الأستاذة حسناء داود، وقد اعتبرها واسطة بين القارئ والمتن المركزي، هدفها ضمان التعريف بموروث والدها العلمي، ومساهمة في تاريخ المغرب الذي هو من تاريخ مُدنه وقراه كما كانت تنقل ذلك المُكرّمة عن والدهـا، وتشتغل المقدمة عندها على جانبين، الأول يقوم على بنية نفسية هدفها استدراج القارئ وترغيبه من خلال أساليب شاعرية تمارس فيها بوْحـا يروم إحساس القارئ بمدى أهمية التاريخ وقيمته، وبعد أن تستوثق إصغاءه تنتقل إلى جانب البنية المعرفية التي تقوم فيه بتقديم المعطيات والأخبار ومنهجيات المؤرخ ومصادره بصدق وأمـانة، فما يهم الأستاذة بحسب المتحدث هو الوصول بالنص إلى حقيقته.

وبما أن أهم ما تم الحرص عليه في اللقاء التكريمي هو جانبه العلمي، فقد قدمت المُكرَّمة ورقة علمية قرأت من خلالها مخطوطا من تأليف أحد أبرز أدباء مدينة تطوان، وهو كنّاش في 148 صفحة، كتبه المفضّل أفيلال بخطه الجميل والمنقح، وهو عمل ينتمي لصنف الوثائق والمذكرات، ويصلح لاستقاء المعلومات الشخصية والتاريخية عن اللحظة التي عاشها الرجل، الذي فتح قلبه وحياته الخاصة فمكّن القراء من الاطلاع على أخلاقه وصفاته الشخصية وهواياته وأعماله ورحلاته؛ فقد وُلد يوم السبت 1239 هـ/ 1824م، وترجع سلسلة نسبه إلى الرسول الكريم، ولم يكتف بإيراد نسبه الشريف، بل أوصل السلسلة إلى آدم، وبدأ قراءته للعلوم سنة 1257هـ، على جملة من الشيوخ أهمهم محمد بلهاشم أفيلال، وأحمد البياري، قبل أن ينتقل إلى فاس للدراسة في جامعها القرويين، اشتغل مدرسا للعلوم في بعض المساجد وإماما في جامع السويقة والرزيني، وتولى الخطبة في زاوية علي بن ريسون، وكان من جملة الأعيان الذين بايعوا السلطان حينها، موردا أخبارا عن الكتب التي كان يدرّسها وأوقات مواعيدها، وهي ما بين منطق وتفسير وغيرها، وكذلك أورد معلومات عن زوجاته وأولاده. والنصوص التي ألّفها متعددة الأشكال ومتنوعة، فصاحبها كما ذكرت المتدخلة له باع طويل في الأدب، ومتمكن من الأساليب الأدبية ما بين قصيد وموشح وزجل ونثر فني ومقـامات، وكذلك لا تخلو كناشته من أخبار في تاريخ تطوان تتعلق بالتولية والعزل والظواهر الطبيعية وحرب تطوان التي شهدهـا سنة 1860م، وهي الحرب التي كتب فيها قصيدته الشهيرة التي مطلعها (يا دهر قل لي علامة)، يرثي فيها حالة تطوان وما آلت إليه من ويلات ذاقها أهلها على يد الإسبان، وقصيدة أخرى مطلعها (يروم الروم رميا بالمدافع)، وقصيدة مطلعها (جاد الزمان على الأحبة بالمنى)، إلى جانب هذه الأشعار كتب ولحّن مفضل أفيلال موشحات عارض بها موشحات أندلسية، وكتب قصائد في الهجاء وأراجيز يصف فيها رحلاته إلى فاس ومكناس، كما نظم شعرا في الطبيعة والغزل، وأشارت المتحدثة إلى استفادة والدها في كتبه من هذا الكناش لما يتضمنه من ضبط للتواريخ وجزئيات تفصيلية في أحداث حرب تطوان، ثم ختمت حديثها بالترحم عليه واعتباره النموذج الأمثل للشخصية التطوانية، مُذكرة الحاضرين بأن المفضل أفيلال هو من أطلق على تطوان لقب الحمامة. 

وفي الشطر الثاني من اللقاء التكريمي الذي خُصص للشهادات، استهلّ د. جعفر بن الحاج السلمي باستشكال عن موضوع حديثه ومضمونه، متسائلا “هل أكتب عن الشخص؟ أم مشروعه العلمي؟ أم همـا معـا؟” مرجحا الحديث الشخصي على الحديث العلمي، لما تجمعه بالمُكرّمة علاقات إنسانية تبدأ بالتتلمذ عليها سنة 1974 بثانوية الشريف الإدريسي بتطوان، وهي مرحلة يصف فيها التلميذ أستاذته بالشخصية القوية التي تجبر الآخرين على احترامهـا، مع الالتزام الأخلاقي والترفع عن السفاسف واللسان الفصيح والانضباط الصارم في حصص دروس المطالعة التي كانت قراءة وتحليلاً لنصوص نثرية من مطولات أدبية أصبحت تُدرّس الآن في الجامعات، لذلك لا عجب أن يكون الفوج الذي شاركه في التلمذة أغلبه من كبار الأساتذة والدكاترة، ثم قارن بين إيجابياتها وسلبيات بعض الأساتذة ـ حينئذ ـ بأسلوب جمع بين النصح والدعابة والنكتة، متحدثا بعد ذلك عن وفاة والدها المؤرخ محمد داود وتركها للتدريس بسبب تفرغها لمكتبته وخزانة مخطوطاته وفتحها في وجه العموم، ومشيرا أيضا إلى الظروف التي جمعتهما بعد ذلك في جمعية تطاوين أسمير والمجلس العلمي بتطوان، مختتما حديثه بالتركيز على صفاتها الأخلاقية كالهدوء، والسكينة، وعزة النفس، والكرم، والعمل الدؤوب في صمت، وكثرة الأشغال مع كونها أُمًّـا وجدّة.

بعده أدلت الأستاذة نزيهة مصباح بشهادتها التي وصفت فيها جوانب شخصية من الـمُكرّمة، فقسمت علاقتهمـا إلى مرحلتين زمنيتين: مرحلة المعاصرة ومرحلة اللقاء ـ بحسب اصطلاح أصول الحديث ـ؛ في المرحلة الأولى التي أرّختها المتحدثة بسنة 1977، كانت فيها المُكرمة محط نظرها واهتمـامها لما تتسم به من انضباط أخلاقـي، وسلوك متزن، والتزام دقيق بالمواعيد، بعدها ستكون علاقة الصداقة والعمل التي ستبدأ في مرحلة اللقاء حين تم تكوين خلية أمهات المؤمنين بالمجلس العلمي بتطوان، وفي هذه المرحلة ستتعرف عليها عن كثب، لذلك تناولت شخصيتها من جانبين؛ جانب معرفي اكتشفت فيه التنوع المعرفي، والقدرة على حسن اختيار الموضوعـات، والجدة في الطرح، ودقة الأفكـار، والانفتاح على الثقافات الأخرى، وجانب آخر نفسي نعتت فيه المُكرّمة بالحلم، والثبات، والتوازن، والقيادة، وحسن التسيير، والتأني وعدم التسرع في إصدار الأحكـام، وهي صفات وسمات أخلاقية كأنها فطرت عليها بحسب الشاهدة. 

من جهته أشاد الدكتور بدر العمراني بمسار المحتفى بها في شهادة عنونها بـ”هالة الحسن” اعتبرها عربون وفاء واعتراف لسيدة جمعت بين محامد الأخلاق وخُصّت منها بتواضع جم وأدب رفيع، ولها في ميدان العلم والتحقيق يد بيضاء وصدقة جارية. وقد سكب عبارات الوفاء والإجلال في قصيدة شعرية تغنّى فيها بخِلال صاحبة “الحسن والإحسان” خالعا عليها ما تستحقه من أوصاف الإجلال وجميل الثناء.

وفي شهادته الموسومة بـ”عملاق إنتاج المشاريع الثقافية الكبرى” نوّه الدكتور إسماعيل شارية بتعدد روافد الشخصية العلمية والأدبية لشخص المحتفى بها، ما جعلها متعددة الأبعاد متميزة السمات:

ـ حسناء مدرسةً: حيث عُرفت بين زملائها وتلامذتها بالجدية وإتقان الآليات البيداغوجية في التدريس والتربية والتعليم، وقد تخرج على يديها عدد كبير من التلاميذ منهم أطر متمكنة في مؤسسات الدولة.

ـ حسناء محققةً: إذ بفضلها تم إنقاذ “العبائق النفيسة من المخطوطات” صيانة لها وتحقيقا لبعض كنوزها.

ـ حسناء عالمةً وشاعرةً: وهذا تشهد له مؤلفاتها وإسهاماتها وتقدماتها لكتب غيرها، أما كونها شاعرة فللمكرّمة مجموعة من القصائد الشعرية تجعلها في مصف الشعراء الكبار.

ـ حسناء مربيةَ وفاعلةً جمعوية: فهي عضو نشيط في العديد من جمعيات المجتمع المدني.

إن كل هذه الأبعاد تجعل الدكتورة داود، حسب المتدخل، طودا شامخا وقصيدة شعرية ينبغي أن تقرأ وتدرّس للأجيال لينهلوا من تجربتها ومثابرتها في خدمة العلم والعلماء.

وأما المداخلة الأخيرة فبعث بها الدكتور قطب الريسوني من دولة الإمارات وقرأها بالنيابة عنه الدكتور بدر العمراني وكانت بالفعل شهادة أدبية رائقة عدد فيها صاحبها ما ازدانت به الأستاذة حسناء من برور للأصلين؛ لوالدها المؤرخ ولمدينتها “الحمامة البيضاء”، وما نتج عن هذا البرّ من زكاة علمية وأدبية لا تزال متدفقة إلى يوم الناس هذا. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


ـ النشاط الثاني: محاضرة علمية تربوية في أهمية المخطوطات وأسباب تلفها وآليات صيانتها.

بتنسيق مع الثانوية الإعدادية “حمان الفطواكي” بنيابة المضيق، انعقد ـ يوم الخميس 06 أبريل ـ لقاء علمي تربوي عبارة عن محاضرة بعنوان “من أجل تدبير سليم لحماية تراثنا المخطوط من المخاطر” أطرها الأستاذ منتصر الخطيب والأستاذة غزلان بن التوزر (الباحثان بالمركز)، وسيرت جلساتها الأستاذة إكرام بوشنيطة (أستاذة بمدينة المضيق).

 حضر هذا اللقاء رئيس مركز أبي الحسن الأشعري والباحثون به وبعض الأطر التربوية بالمؤسسة وعدد من تلاميذها. 

افتتحت أعمال الندوة بكلمة مدير المؤسسة ضمَّنها ترحيبه بتنظيم المركز لهذه الندوة التي تروم إرشاد التلاميذ إلى أهمية المخطوط العربي وقيمته العلمية والمعرفية، تلتها مداخلة الأستاذ منتصر الخطيب التي عرف خلالها بـمفهوم التراث وأهميته في حياة الأمة، وركز في مداخلته على التراث المادي الثقافي المخطوط معرفا بتاريخ ظهوره وعناية العرب والمسلمين به شكلا ومضمونا، ليختم كلمته بالتعريف بمجموعة من المنظمات التي تعتني بالمخطوط وما يبذله المغرب من جهود من أجل الحفاظ على المخطوطات.

وبعدها أعطيت الكلمة للأستاذة غزلان بن التوزر لتتم الشق الثاني من الندوة مركزة على الأخطار التي تهدد سلامة المخطوطات من خلال استعراضها للآفات التي تتعرض لها سواء منها الطبيعية أو البيولوجية أو الكيميائية أو تلك التي يسببها الإهمال البشري أو سوء استخدامه لها. لتختم مداخلتها بذكر خطوات المحافظة على هذا التراث من خلال طريقتي الصيانة والترميم.

ثم أعقب المداخلتين تفاعل بين المحاضريْن والفئة المستهدفة من خلال الجواب على أسئلة التلاميذ واستفساراتهم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ـ النشاط الثالث: زيارة علمية تفقدية للمكتبة الداودية.

النشاط الثالث من سلسلة الأنشطة المقامة بمناسبة الاحتفال بيوم المخطوط العربي تمثل في الزيارة الميدانية التي قام بها الباحثون بمركز أبي الحسن الأشعري بمعية ثلة من طلبة الماستر بكلية أصول الدين وكلية الآداب إلى المكتبة الداودية مساء يوم الثلاثاء 11 أبريل 2017، حيث تم استقبالنا بكل ترحاب من قبل محافظة المكتبة الأستاذة حسناء داود ومساعدها الأستاذ إسماعيل شارية.

 في بداية هذا اللقاء قدم رئيس مركز أبي الحسن الأشعري كلمة شكر فيها محافظة المكتبة على استقبالها للباحثين وحفاوتها بهم بتخصيص هذا اللقاء العلمي لعرض بعض تفاصيل إخراج هذه المكتبة الشامخة إلى الوجود لاستفادة الباحثين من محتوياتها.

ثم انطلقت الأستاذة حسناء داود في رواية بعض التفاصيل الأولى حول إنشاء هذه المكتبة مبتدئة بالظروف التي اكتنفت هذا التأسيس المرتبط أساسا بشخصية مؤسسها الفقيه محمد داود؛ حيث استجمع الرجل عددا هائلا من الكتب والمصادر المطبوعة والمخطوطة، والوثائق والرسوم العدلية، فضلا عن كم كبير من الصحف والمجلات والجرائد بل والصور الفوتوغرافية التي تجاوز عددها خمس عشرة ألف صورة .. ما جعلها مقصد العديد من الباحثين خصوصا في مجال التاريخ، ومصدرا مهما للبرامج التلفزيونية والإذاعية. وقد أهلت وفرة الوثائق والمصادر المؤرخ محمد داود بالاطلاع عن كثب على التاريخ الاجتماعي لمدينة تطوان والنواحي، ساعدته على تأليف مصنفه الموسوعي الشهير “تاريخ تطوان” وما تفرع عنه من أعمال رديفة من قبيل: “عائلات تطوان” وكتاب “التكملة” وكتاب “الأمثال” وكتاب “المجتمع المغربي”.. وهي الأعمال التي عملت ابنته الأستاذة حسناء داود، ولا تزال، على تحقيقها ونشرها.

وفي إفضاء للزائرين، عبرت السيدة المحافظة عن مكابدتها طيلة سنوات من أجل الحفاظ على هذا الموروث العلمي والثقافي وإيجاد فضاء ملائم يحتضنه متمثلا في المقر الجديد الذي بات مكتبة عامة مفتوحة في وجه الباحثين، بل ومنتدى للقاءات والندوات العلمية.

 وبعد هذه المداخلة الماتعة فسحت الأستاذة حسناء داود للباحثين فرصة تطارح بعض التساؤلات لمزيد من الاطلاع على محتويات المكتبة وسبل الحفاظ عليها، ثم رافقتهم في زيارة لمرافق المكتبة التي تشتمل على مكتب خاص يضم أرشيف الوثائق العدلية والمراسيم الرسمية والصور التذكارية، ثم قسم الكتب العامة، وقسم آخر خاص بالصحافة المحلية والعربية.

وفي ختام هذه الزيارة قدم رئيس المركز باسم الباحثين المرافقين كلمة شكر لمحافظة المكتبة عبر فيها عن امتنانه لها على حسن الاستضافة ولغزارة المعلومات القيمة التي باحت بها، ثم قام الحضور بأخذ صور جماعية للتوثيق والذكرى.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إعداد: مركز أبي الحسن الأشعري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق