مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين

تقرير عن محاضرة: (الصحابة وهدايات القرآن)

تقرير عن محاضرة:
(الصحابة وهدايات القرآن)
لفائدة الطلبة والباحثين، والمهتمين.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير الخلق، خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

في إطار الأنشطة العلمية المنوطة بالمراكز البحثية التابعة للرابطة المحمدية للعلماء، ومساهمة في إثراء الساحة العلمية بسلسلة من المحاضرات المفيدة، نظَّم مركز عقبة بن نافع الفهري للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين، محاضرة مباشرة عبر تطبيق: (ميت غوغل- meet google)، بعنوان:

(الصحابة وهدايات القرآن)

وذلك يوم الأربعاء 21 رجب 1443هـ الموافق 23 فبراير 2022 على الساعة 17.00 مساء، ألقاها فضيلة الدكتور مصطفى الزكاف، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل التابعة لجامعة عبدالمالك السعدي بتطوان، وأدار اللقاء فضيلة الأستاذ الدكتور بدر العمراني رئيس المركز.

وقد تابع هذا اللقاء العلمي الهادف عدد من المهتمين بتراث الصحابة الكرام، رضي الله عنهم، ونخبة من طلبة سلك الماستر والدكتوراه بالكليات المغربية.

افتتحت هذه النّدوة بتلاوة آيات بينات من الذّكر الحكيم ألقاها على مسامعنا القارئ المتقن محمد الدامون، تلتها كلمة مُسيّر المحاضرة الدكتور بدر العمراني، منوّها بهذا اللّقاء العلمي الذي يعتبر استمرارا لنهج المركز في التّعريف بالصّحابة الكرام والدفاع عنهم وإبراز مناقبهم ومآثرهم، كما رحّب بالمشاركين.

استهل المسيِّر بكلمة ترحيبية في حق الأستاذ المحاضر، مصطفى الزكاف وشكره على تلبية دعوة المشاركة، كما رحَّب بالطلبة المهتمين، وبالحضور الكرام. مذكرا بأن موضوع المحاضرة هو من صميم عمل المركز ، كما تطرق للسيرة العلمية للأستاذ المحاضر.

وبعد ذلك أعطى الكلمة للدكتور مصطفى الزكاف لإلقاء محاضرته، فابتدأها بالتعبير عن سعادته وسروره وحبوره بحلوله ضيفا على مائدة من موائد العلم والبحث بمركز عقبة بن نافع الفهري للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين، وذلك بعد دعوة كريمة من المركز، للمحاضرة في الصحابة وعلاقتهم بالقرآن الكريم. فهم الذين شهدوا التنزيل، وعاشوا بالقرآن ومع القرآن.

وقد انتظمت محاضرته في محاور خمسة:

  • المحور الأول: مدخل مصطلحي حول الصحابي والهدايات.
  • المحور الثاني: موجبات البحث في هدايات القرآن.
  • المحور الثالث: خصائص الصحابة في تلقي هدايات القرآن.
  • المحور الرابع: منهج الصحابة في هدايات القرآن.
  • المحور الخامس: آثار هدايات القرآن في الصحابة.

ففي المحور الأول، تحدَّث الأستاذ المحاضر عن مصطلح الصحابة ودلالته اللغوية، والاصطلاحية.

فمصطلح الصحابة في اللغة يدل في أصله على مقارنة الشـيء ومقاربته، والصحابة مصدر لفعل صحب، فتطور المصطلح ليدل على الجمع. ومعنى الجمع والتكتل بقوة، ومنه الصحابي.

وعدَّ المحاضر أجود التعاريف ما قال به ابن حجر: (الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام وإن تخللته ردة).

ثم تطرق لمفهوم هدايات القرآن، باعتباره الدلالة المبنية لإرشادات القرآن التي توصل إلى كل خير وتمنع منه كل شر، ثم عدد خصائص مصطلح الهدى في القرآن باعتباره مصطلحا مركزيا، فالهدى هو هدى الله وحده.

-والهدى منزل من الله وحيا.

-والهدى شامل لقضايا الحياة كلها اختيارا واضطرارا.

وتحدَّث الأستاذ المحاضر في المحور الثاني بتفصيل عن موجبات البحث في هدايات القرآن الكريم اليوم.

-القرآن محض هدى من الله لأنه منهاج وقد بين الله فيه القضايا الكبرى وهدى القرآن شامل لكل القضايا.

-حصول حيدة في التاريخ عن هدى القرآن.

– إن البشـرية تعيش خلطا كبيرا وفوضى في التصورات والتصـرفات، فلا بد من العودة للهداية الأولى.

-إن القرآن أنزل ليقيم في الحياة.

ومن ثم خلص المحاضر إلى ضرورة الرجوع للنموذج الأول، نموذج الصحابة لتضيق دائرة الخلاف.

وفي المحور الثالث ذكر المحاضر خصائص الصحابة في تلقي هدايات القرآن، وهي:

-أنّ جيل الصحابة هو الجيل الذي بيَّن فيه الله هديه، و اختاره لإقامة النموذج الأول.

-أنّه جيل فريد وهو جيل التَّلقي الأول للقرآن الكريم.

-أنّهم صُنعوا على عين الله وتربية رسوله صلى الله عليه وسلم.

-أنهم صُنعوا بالوحي.

مذكرا بقول عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: “إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ”.

-إن الوحي عند الصحابة الكرام من ضرورات الحياةـ فحياتهم للقرآن وبالقرآن.

-وأنّهم كانوا ينتظرون الوحي للتنفيذ.

إن هذه الخصائص لم تجتمع لأحد غير الصحابة.

وخلص إلى ضرورة إقامة حياة الصحابة نموذجا للاقتداء.

مستحضـرا سيرة الصحابة في انتظارهم وتلقيهم للوحي وشوقهم إليه.

المحور الرابع: منهج الصحابة في تلقي هدايات القرآن:

 حيث تطرق الأستاذ المحاضر إلى جملة من المعالم، منها:

-التعامل المباشر مع هدايات القرآن تلقيا وفهما وتنفيذا لأوامر الله ونواهيه مستحضرا نماذج من الصحابة.

-استشعارهم أنهم مخاطبون بالآيات، وكانوا يقفون عند كل آية معتبرين أنها رسالة من الله إليهم خاصة.

-التوقف المباشر عند سماع كلام الله وتنفيذه وعدم اتباع الهوى.

مستحضـرا نموذج أبي بكر الصديق مع الصحابي مِسْطَح لمَّا تكلم في عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك، حيث منع عنه أبو بكر العطاء الذي كان يخصصه له. ليرجع ويضاعف له العطاء بعد نزول الوحي من الله تعالى.

-الرجوع إلى القرآن الكريم في كل المواضع والأحوال.

-تنافس الصحابة للاستجابة لهدي القرآن، مستحضرا نموذج غزوة تبوك.

-الرجوع للقرآن في كل شؤون الحياة، وهذا يمكن ملامسته من خلال تتبع فقه الصحابة.

-تبليغ القرآن وتعليمه للعالمين مستحضـرا نموذج أبي الدرداء الذي اتَّخَذ من مسجد دمشق مكانا لتعليم القرآن والهدي النبوي.

المحور الخامس: أثر هدايات القرآن في الصحابة الكرام.

تطرق فيه المحاضر لآثار القرآن في حياة الصحابة، حيث إن القرآن الكريم صبغ حياتهم كلها، فكانوا يُوقتون ويَعُدّون بآيات القرآن.

كما تطرق لليل الصحابة الكرام حيث كانت المدينة تدوي كلها ليلا بالتلاوة والذكر ليسمع لهم دويّ كدويّ النحل.

-القرآن هو الفصل في الوقائع الصعبة التي تلم بهم مستحضرا قصة عائشة رضي الله عنها والإفك، وكذا ما حصل لعمر عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تلى أبو بكر الصديق رضي الله عنه قوله تعالى : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ  أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ  وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا}.[سورة آل عمران آية 144].

-القرآن الكريم مركز القوة وأصحابه مقدمة كتائب الجهاد.

-القرآن الكريم هو القول الفصل في المواقف الصعبة.

-تقديم صاحب القرآن حتى في القبر.

ثمّ ختم الأستاذ المحاضر فضيلة الدكتور مصطفى الزكاف محاضرته بالشكر لرئيس المركز، وللباحثين العاملين فيه على تنظيم هذه المحاضرة، كما شكر باقي الطلبة والحضور الكرام على حُسن اهتمامهم وتتبعهم. كما دعا إلى ضرورة تجديد منهاج الصحابة في التعامل مع القرآن، وجعل القرآن الكريم محور الحياة، والاقتداء بالصحابة في تلقيهم للقرآن الكريم، وفي سرعة استجابتهم لأوامره ونواهيه، والعمل بوصية الحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “بلغوا عني ولو آية”.

وفي ختام اللّقاء العلمي المبارك، ذكَّر رئيس المركز الحضور بأهمّ ما ورد من قضايا علمية مفيدة في محاضرة الأستاذ مصطفى الزكاف، كما قدَّم شكره الخالص له، ولتلبيته الدعوة ومساهمته القيِّمة،  وفتح باب التدخل أمام الحضور حيث تولى الأستاذ المحاضر الإجابة على تساؤلات بعض المتدخلين. مع لفت انتباه الطّلبة إلى ما أشار إليه الأستاذ المحاضر خلال محاضرته من قضايا هامة تُعدّ نواة أفكار بحثية؛ منها:

1- صبغة القرآن في جيل الصحابة.

2-الهُدى في القرآن الكريم.

مع التحفيز على الإقبال على القرآن من أجل تذوقه كما كان الصحابة رضوان الله عليهم.

وكان مسك الختام قراءة نديّة لآيات مباركات من كلام رب العالمين بصوت القارئ المتميّز محمد الدامون.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمّد وآله وصحبه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق