مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة

تقرير عن أشغال ندوة مولاي علي الشريف الحسني

شارك مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة في ندوة: مولاي علي الشريف الحسني السجلماسي جد سلاطين الدولة العلوية: الإنسان والعالم والمتصوف والسياسي، التي نظمها فريق البحث في اللغة والفنون والآداب بمنطقة تافيلالت، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يومي 10 و11 ماي 2012م، برحاب الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية وفي بلدية الريصاني، وبمشاركة نخبة من المفكرين والباحثين والمتخصصين في التاريخ والتصوف…

 

تَم استهلال هذه الندوة بجلسة افتتاحية برئاسة الدكتور أحمد أيت حو عميد الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، وبعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها كلمة السيد عامل إقليم الرشيدية وكلمة السيد نائب رئيس جامعة مولاي إسماعيل، وكلمة السيد رئيس مجلس بلدية مولاي علي الشريف، وكلمة رئيس المجلس البلدي للرشيدية، وكلمة وزارة الثقافة، وكلمة السيد المندوب السامي للمقاومين وأعضاء جيش التحرير، وكلمة السيد المحافظ على ضريح مولاي علي الشريف.

 وبعدها تم تكريم مولاي هاشم العلوي القاسمي، أستاذ التاريخ الاجتماعي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب ظهر المهراز، فاس، على جهوده الكبيرة في التعريف بتراث المغرب عامة، وتراث منطقة تافيلات خاصة.

وبعد حفل الشاي المخصص للضيوف تم بدء أشغال الجلسة الأولى تحت عنوان: المولى علي الشريف: الإنسان والعالم وجهوده التأسيسية.

في البداية سلط الأستاذ الدكتور مولاي هاشم العلوي القاسمي الأضواء على مولاي علي الشريف وجهوده التأسيسية، حيث كان لمولاي علي الشريف الفضل في توحيد المغرب ونبذ الخلاف والاقتتال بين القبائل، رغم الظروف العصيبة التي يمر بها المغرب وهي فترة انهيار الدولة المرينية، وسقوط سبتة في يد البرتغاليين سنة 818هـ/1415م، ورغم وشاية الحاسدين، فقد كوَّن جيشا للدفاع عن حوزة الوطن ووحدته الترابية ودعم الحركة الجهادية في الأندلس، كما عمل رحمه الله على تأمين طريق الحج الصحراوية في اتجاه إفريقيا جنوب الصحراء، وفتح المناطق التي لم يدخلها الإسلام بعد، كما أنه خلف أسرة شريفة ربطت عدة علاقات اجتماعية وروحية مما سيكون لها شأن كبير في المستقبل.

وقارب الدكتور باسيدي امراني علوي في مداخلته المعنونة ب: “السلطان مولاي علي الشريف وبعض مواقفه في مجال الدين والإنسان والوطن”، المواقف الجليلة والمآثر العلية في خدمة الدين الإسلامي ونشر مبادئه وسماحته ونشر الإسلام في تخوم إفريقيا، ومحاربة البدع والمنكرات…، كما حاول تكوين شخصية مغربية لها طابعها الخاص وميزتها المنفردة الغيورة على الوطن نحو تحقيق مواطنة صالحة، لذلك تم استنفار جميع القبائل نحو الجهاد والدفاع عن كرامة المواطن المغربي، كما أكد الأستاذ المحاضر أن مولاي علي الشريف قاد قاطرة تشييد العمران وبناء حضارة متميزة، ليس رغبة في تولي السلطة أو الحكم وإنما غيرة منه على وطنه.

كما أكد الدكتور لحبيب عيادي في مداخلته “مولاي علي الشريف حياته وآثاره” على أن منطقة تافيلالت هي مهد العلماء والأولياء والصالحين، ومولاي علي الشريف جمع بين جميع تلك الأوصاف الحسنة، وهو جد الأشراف العلويين الذين تقلدوا أمانة الشعب المغربي منذ أواخر القرن العاشر الهجري إلى اليوم، كما بيَّن سبب استقدام أسرته من المشرق وبالضبط من منطقة ينبع النخيل إلى المغرب والاستقرار بسجلماسة.

كما أشار إلى نسبه الشريف وأنه مشهور لا يتطرق إليه شك ولا ارتياب، كما بين سنة مولده وهي 762هـ، كما بيَّن بعض مناقبه وأحواله الشريفة وأقوال العلماء فيه، وتطرق إلى زواجه وأولاده ورحلاته المتعددة، وفي الأخير تحدث عن زواياه التي أنشأها في كل أنحاء المغرب، ومنها زاويته المشهورة بتيغمر بسجلماسة.

وفي المداخلة الرابعة: تطرق الدكتور مولاي علي سليماني في موضوعه الموسوم “التعريف بمولاي علي الشريف من خلال الرسائل الجزيرية والفاسية” إلى كشف شخصية مولاي علي الشريف فقد أبحر في تلك الرسائل واستنبط منها حب وتقدير علماء المغرب وأهل الأندلس، وإجماعهم على فضل وصلاح ومكانة مولاي علي الشريف العلمية والخلقية والجهادية.

كما كشف عن طبيعة المرسل، وهي الفقيه/الشاعر/الخطيب/القاضي، تدل على أن جميع الأوساط العلمية راسلته، وأنه كان مشهورا للغاية وغوثا للناس في المُلامات ومفزع لكل لهفان.

أما المداخلة الخامسة، فقد تحدث الدكتور محمد امراني علوي في عرضه “المولى علي الشريف السجلماسي وإشكالية تأسيس الدولة العلوية” عن إشكالية مهمة في التاريخ المغربي تتعلق بالبدايات الأولى للأسرة العلوية، وليس الدولة العلوية، ذلك أن العديد من الدارسين يؤكدون أن مولاي علي الشريف هو مؤسس الدولة العلوية، وقد حاول تبيان اهتمامات الرجل وتسليط الضوء على مشروعه السياسي، وبيَّن أن الرجل لم يكن له طموح سياسي وإنما هدفه هو أن خدمة الوطن.

 الجلسة العلمية الثانية: المولى علي الشريف والمواقف الجهادية

قارب الدكتور محمد امراني علوي في مداخلته “مرحلة الإمارة العلمية والجهادية في تاريخ الدولة العلوية” المسار العلمي لمولاي علي الشريف من خلال تنقلاته المتعددة في ربوع المغرب وخارجه وبالضبط الأندلس وتخوم الصحراء، كما توج مساره بالجهاد ضد أعداء الدين في الأندلس وطنجة، ومحاولة ترسيخ دعائم الدين في بلاد السودان.

وفي المداخلة الثانية، حاول ذ. محمد معمري في مداخلته “مولاي علي الشريف زعيم الجهاد بالأندلس” كشف النقاب عن الجانب المنسي من مسار عالم بارز في مجال الفقه والتصوف والفكر الجهاد بالمغرب ألا وهو مولاي علي الشريف، إبان حقبة عرفت تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية. وخصص الحديث عن جهاد مولاي علي الشريف بالأندلس مبينا سبب تشبع مولاي علي الشريف بالفكر الجهادي المتمثل في تنامي تيار الصمود والمقاومة التي قادتها الزوايا، والجناح الصوفي عامة، تم تلبية لدعوات الأندلسيين الذين استنجدوا به.

وفي المداخلة الثالثة “الدور الجهادي للمولى علي الشريف من خلال مراسلات أندلسية” درس الدكتور عبد الهادي محمدي،  جهاد مولاي علي الشريف من خلال الرسائل الأندلسية وذلك في محورين:

المحور الأول: تناول فيه الأوضاع الداخلية في آواخر العهد المريني، المتسمة بالضعف في السلطة المركزية والصراع حول السلطة وانهيار الجيش والضعف الاقتصادي…

المحور الثاني: الدور الجهادي للمولى علي الشريف في الأندلس من خلال استغاثة الأندلسيين للمولى علي الشريف، ووصفه بالشجاعة والإقدام، كما توضح هذه الرسائل مدى حب وتقدير الأندلسيين للمولى علي الشريف.

الجلسة العلمية الثالثة: المولى علي الشريف: قراءات في التراث العلمي:

المداخلة الأولى: محمد الغريسي: “قضايا لغوية في الرسائل الموجهة إلى المولى علي الشريف من أهل الأندلس

حيث بين المحاضر السياق التداولي الذي وجه فيه أهل الأندلس بعامة والعلماء والوجهاء بخاصة رسائل تستنجد بالمولى علي الشريف وتطلب نصرته وعونه لصد هجوم المسيحيين على الأندلس، كما قدم دراسة لسانية شاملة لمتن الرسائل ووقف على القضايا الصوتية والصرفية والمعجمية والدلالية والتركيبية والتداولية، من ذلك تعدد المرسل: (فقها/أئمة/دعاة/ قضاة) والمرسل إليه واحد وهو مولاي علي الشريف، والرسالة الحث على المشاركة في الجهاد، تدل على شهرة ومكانة الرجل وتدل على أن جميع وجهاء الأندلس يستعطف المولى علي الشريف للمشاركة في الجهاد.

تنوع الحقول الدلالية: حقل الدين، حقل الجهاد، حقل التصوف، حقل العلم.

الجانب التركيبي: غلبة الجمل الفعلية الدالة على الحدث وهو الجهاد، كما أن هناك حضور للجمل الاسمية وشبه الجمل الدالة على تحقيق الأوصاف في الموصوف كالأسد الهصور والفاتك الناسك…

الجانب الصرفي: التوسل بصيغ المبالغة بشكل كبير الهصور، الفاتك…

الجانب الصوتي: إيقاع قوي، الدال على عظم الحدث، والتوسل بالجناس.

المداخلة الثانية: د. محمد علوي بن الشاد “معالم وتجليات شخصية مولاي علي الشريف في أنماط التراث الشعبي المغربي

حاول المحاضر إبراز شخصية مولاي علي الشريف من خلال التنقيب في الذاكرة الشعبية (الأمثال الشعبية، القصص والحكايات الشعبية والأغاني الشعبية، والأزجال والعادات والتقاليد والفنون الشعبية…) واستنتج أن مولاي علي الشريف تبوأ مكانة متميزة في الذاكرة الشعبية المغربية، وتتجلى هذه المكانة عبر مظاهر ومعالم وصور إبداعية تعكس محاسنه ومناقبه الجمة وذكر أوصافه وشيمه ومكارم أخلاقه، وإشادة بعلو همته وشأنه، وعظيم قدره وجزيل عطائه وكرمه…

وأما المداخلة الثالثة: “البعد التداولي من خلال رسائل أهل الأندلس للمولى علي الشريف” د. محمد السهول، فقد أبرز التنظيم الحجاجي التداولي من بُنى حجاجية وروابط حجاجية كآليات مستعملة للإقناع بغية العودة إلى الأندلس والاعتناء بأمور الجهاد. ثم الدلالات اللزومية لخطاب الرسائل والمتعلقة ببعض القواعد التواصلية الخاصة باستعمال اللغة مثل: القصد، والكفاءة التداولية المتعلقة بصلة الخطاب بالمقام التواصلي الذي أنتج فيه وآثار المقام والتلفظ في خطاب الرسائل، حيث توسل بمفاهيم التداوليات المدمجة وبنظرية التلفظ الحجاجية.

 وأما المداخلة الرابعة “المولى علي الشريف من خلال الرسائل الشعرية: قصيدة أبي فارس بن أبي الربيع نموذجا” حاول د. محمد صغيري استنباط بعض جوانب من شخصية مولاي علي الشريف من خلال المتن الشعري وبخاصة قصيدة أبي فارس بن أبي الربيع، والتي تقع في خمسين بيتا.

فهذه القصيدة تحفل بلغة عربية جزلة وفصيحة، وتوسل الشاعر بصور شعرية في غاية البلاغة والبيان، وصور من البديع والمعاني.

كما أن القصيدة بُنيت على شاكلة القصائد العمودية القديمة التي جعلت بحور الخليل عمادها وأساسها، حيث توسل الشاعر بنفس الأغراض الشعرية القديمة، إذ ذكر الديار والحنين إليها وإلى أهلها، لينتقل إلى الغرض الثاني وهو مدح مولاي علي الشريف وذكر فضائله وجهاده وكرمه وخصائصه، ثم دعاه إلى مناصرة أهل الأندلس والمسارعة إلى إغاثتهم.

والمداخلة الخامسة: “القوة الإقناعية للخطاب الديني في رسائل أهل الأندلس إلى المولى علي الشريف” فقد استطاع د. المهدي بريمي الإفصاح عن مكنون رسائل أهل الأندلس الموجهة إلى المولى علي الشريف، والتي اعتمدوا فيها على قوة الإقناع وذلك بالضغط والترغيب وذكر محاسن المرسل إليه واستعطافه، معتمدين في ذلك على الخطاب الديني بوجه خاص، لما له من قوة تأثير على المتلقي المسلم.  

وفي اليوم الموالي من الندوة تم افتتاح الجلسة العلمية الرابعة: “المولى علي الشريف في بيبلوغرافيا التاريخية والمصادر العلمية”

المداخلة الأولى : “مولاي علي الشريف، قطب تافيلالت ورمزها الشامخ” فقد ألقى د. لحسن تاوشيخت الأضواء على شخصية مولاي علي الشريف، التي كان لها الفضل في قيام الدولة العلوية الشريفة التي أعادت للمغرب وحدته واستقراره ومجده، كما أحيت سنة النبي صلى الله عليه وسلم في نشر الإسلام ومحاربة البدع  والكفر كما جددت دين هذه الأمة من خلال التمسك بخلق القرآن والزهد عن الدنيا فضلا عن تعميم نور العلم ومقاومة الجهل، لهذه الأسباب ظلت شخصية هذا الرجل العظيم معلقة بأذهان من عاصروه فكتبوا عنه مؤلفات الكثيرة التي ضاع أغلبها مع الأسف، كما تمثل شخصية ظلت عالقة بأذهان اللاحقين الذين تعلقوا بزاويته الميمونة وبضريحه الطاهر، كما تناول في عرضه دراسة معلمة ضريح مولاي علي الشريف، من حيث التأسيس والتجديد ومن حيث المكونات المعمارية والزخرفية.

وفي المداخلة الثانية: “الإمارة الجهادية والمكانة العلمية لمولاي علي الشريف من خلال كتاب: “الأنوار الحسنية” لأحمد بن عبد العزيز العلوي (المتوفى سنة 1101هـ)”.

والكتاب الذي استند إليه الأستاذ المحاضر هو من تأليف أحمد بن محمد ن أحمد بن عبد العزيز ابن الحسن المدغري، يتحدث عن نسب العلويين، والرسائل التي كانت ترد على المولى علي الشريف من الأندلس وفاس، وقد كتبه مؤلفه بإشارة من ابن عمه عبد الواحد بن عثمان. وقد قام بإخراجه وطبعه عبد الكريم الفيلالي، بتاريخ 15 من ذي الحجة 1385هـ.

وقد تحدث الأستاذ المحاضر عن السياق الاجتماعي والتاريخي في ظهور مولاي علي الشريف، وعن إمارته الجهادية من خلال كتاب “الأنوار الحسنية” وأنه خاض عدة حروب في الأندلس وطنجة، وتخوم إفريقيا.

كما وضح ملامح شخصية مولاي علي الشريف من الشجاعة والإقدام والفتك بالأعداء إلى غيرها من الأوصاف الحميدة.

كما بيَّن المكانة العلمية لمولاي علي الشريف وأنه عالم جامع لفنون العلم والنقل…

وبخصوص المداخلة الثالثة “من النفوذ الاجتماعي إلى النفوذ السياسي للشرفاء خلال العصر المريني قراءة في (نصح ملوك الإسلام بالتعريف بما يجب عليهم من حقوق آل البيت الكرام) لابن السكاك المكناسي

حيث وقف عن أهمية الشرف خلال عصر المرينيين من خلال اعتناء الدولة بهم، عن طريق إصدار الظهائر السلطانية في حقهم، وإدرار الرتب عليهم، وقد تبوؤوا مكانة عالية في المجتمع في وقت ظهرت فيه مؤلفات تدعو إلى إكرامهم والاعتناء بهم لأنهم حفدة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعرف العصر المريني أيضا عدة نوازل تضمنها كتاب المعيار للونشريسي، تعالج قضايا الشرف، لعل أبرزها مسألة إثبات الشرف لجهة الأم.

وشكل العصر المريني زمن قدوم الأشراف العلويين الحسنيين ونزولهم بسجلماسة، حيث سيُعرفون فيما بعد بجدهم المولى علي الشريف، وسيتمكنون من تأسيس الدولة العلوية التي من أهم ركائزها الانتماء للبيت النبوي، والتي لا زالت مستمرة حتى الآن، بعد نهاية الدولة السعدية الشريفة.

كما لم يفت للأستاذ المحاضر الحديث عن الفترة الممهدة لظهور آل البيت السياسي بعد النفوذ الاجتماعي الذي كان لهم طيلة العصر المريني، والذي انتهى مع آخر سلاطينهم عبد الحق المريني. 

الجلسة العلمية الخامسة: “المولى علي الشريف: العالم والسلطة السياسية”

المداخلة الأولى: “العلماء والسلطة مولاي علي الشريف نموذجا” د. مولاي عمر بن حامد حيث ذكر أن مولاي علي الشريف جد السلاطين الدولة العلوية، الذي اجتمع فيه العلم والسلطة والجهاد، فهو الذي قال عنه الزياني: “…وممن عظم العلم، واكتفى به عن الملك، وزهد فيه، مولاي علي الشريف جد الأشراف العلويين، فإنه كان يتوجه للغزو بجزيرة الأندلس المرة بعد المرة، واشتهر علمه، وظهر فضله، وراوده أهل الأندلس على ملكها، فزهد فيه، وقال: “يكفيني  منصب العلم”

كما حاول الأستاذ المحاضر إبراز شخصية مولاي علي الشريف، من خلال الصلة الوثيقة التي جمعته رحمه الله بالعلماء والمراسلات التي كانت بينه وبين علماء غرناطة بحكم الظروف التي تعيشها الأندلس.

وفي المداخلة الثانية: “البعد الجهادي في الرسائل الموجهة للمولى علي الشريف” بيَّن د. محمد السراج البعد الجهادي في الرسائل الموجهة للمولى علي الشريف من خلال مفهوم الجهاد لغة واصطلاحا، مع تبيان المفهوم الشرعي له وشروطه، مع بيان فضل الجهاد في القرآن والسنة، ثم دعوة الأندلسيين للمولى علي الشريف بمساعدتهم واستنفار المغاربة للمشاركة في دفع الغزو الأيبيري على الأندلس، كما ختم مداخلته ببيان بعض الجوانب الشكلية من هذه الرسائل.

وفي المداخلة الثالثة: “وضعية الأشراف الحسنيين قبل تكوين الدولة من خلال شخصية مولاي علي الشريف” د. سعيد واحيحي الذي تحدث عن دور مولاي علي الشريف في الجهاد ضد الأعداء، وكيف أن للكرامات الصوفية دور في السياسة، عبر مكاشفة مولاي علي الشريف أن حفدته سيحكمون المغرب.

والمداخلة الرابعة: “المحطات الكبرى في حياة مولاي علي الشريف: السياسي المحنك والمجاهد الكبير” د. عبد الرحمن هيبة الله، حيث تطرق إلى الأوضاع العامة بالمغرب والأندلس على عهد المولى علي الشريف، ثم ركز على أهم المحطات الجهادية للمولى علي الشريف في كل من الأندلس وبلاد السودان، وبيَّن ما تحتويه بعض الرسائل الأندلسية الموجهة للمولى علي الشريف من الحب والتقدير وتعظيم لمولاي علي الشريف ودوره الكبير في استمالة قلوب الشعب المغربي وتحريك هممهم نحو الجهاد.

الجلسة العلمية السادسة: المولى علي الشريف: الجهود التربوية والصوفية:

المداخلة الأولى: “البعد التربوي في شخصية مولاي علي الشريف العلوي” د. عبد الكبير حامدي حيث حاول تبيان الجهود التربوية والصوفية لمولاي علي الشريف وهي: الزهد عن السلطة فضلا عن المنافسة فيها والطمع فيها، وتأسيسه لمجموعة من الزوايا والرباطات التعليمية بغية تزكية وإصلاح الناس والمجتمع والارتقاء بأخلاقهم ومعارفهم، ومحاربته للبدع والمنكرات، وإحياء رسوم الدين.

المداخلة الثانية: “خصائص الممارسة الصوفية بالمغرب: مولاي علي الشريف نموذجا” ذ. مصطفى بوزغيبة، حيث قارب أحد ثوابت الهوية الدينية المغربية، وهي التصوف على منهج الإمام الجنيد، فقد اختار المغاربة هذا المنهج الصوفي، ورَمزوا له بالإمام الجنيد الذي عُرفت مدرسته بمدرسة الأخلاق في مقابل مدرسة العرفان والإشراق، حيث ركزت هذه الأخيرة على ما تُثمره المجاهدة من فتوحات وعلوم وهبية، في حين ركزت الأولى على ما تُثمره التجربة من بُعد أخلاقي؛ وصوفية الأخلاق هي الطائفة المرموقة والشريفة، إذ الشرف يستند إلى وراثة من قال فيه الحق عز وجل: “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمْ”.

ومن تجليات هذه التربية السلوكية والأخلاقية، والتي استمرت وتجدّدت عبر التاريخ في هذا البلد الأمين: الفاعلية في خدمة القضايا الوطنية والاجتماعية للأمة.

وما المسلك الذي سار فيه مولاي علي الشريف الحسني السجلماسي برد الله ضريحه؛ إلاّ امتدادٌ لمنهج الجنيد، القائم على أبعادٍ روحية أساسها التزكية والأخلاق، واجتماعية قوامها التضامن والتنمية، ووطنية هدفها الدفاع عن حوزة الوطن، وسياسية أساسها ترسيخ قيم الوحدة والالتفاف حول السلطان باعتباره أميرا للمومنين.

والمداخلة الثالثة: “جدلية الفقهي والصوفي في سيرة مولاي علي الشريف” د. أحمد الصديقي، الذي تناول شخصية مولاي علي الشريف كنموذج لجدلية الفقهي والصوفي، وذلك بتعدد الأدوار التي اضطلع بها في المغرب والأندلس؛ والمتمثلة في الوظائف الروحية والدينية والاجتماعية والعسكرية، مجسدة في نشر الإسلام، وترسيخ دعائم التصوف السني، وتنظيم الجهاد، وتشجيع الرحلة إلى الحج وتأمين المسالك التجارية والأسواق، وتحقيق التوازن الاجتماعي بين القبائل المتناحرة وضمان الولاء للدولة والتشبث بالإمامة.

والمداخلة الأخيرة: “قراءة في دلالات حملة مولاي علي الشريف على إفريقيا جنوب الصحراء” د.حميد الفاتيحي، حيث حاول الكشف عن جزء من سيرة مولاي علي الشريف في مرحلته الصحراوية المرتبطة بالسودان الغربي، فقد حاول مولاي علي الشريف تدشين حملته نحو الصحراء ليعيد الروح والاعتبار الديني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمني للمغرب الأقصى وإقليم سجلماسة خصوصا.

وفي الجلسة الختامية، أشادت اللجنة المنظمة بجهود السادة الأساتذة والباحثين في تبيين جانب مهم من تاريخ بلدنا وعلمائنا الكرام وبالخصوص مولاي علي الشريف، ودعت إلى عقد المزيد من الندوات التي تبرز معالم حضارتنا وتاريخنا المجيد.

كما أشاد عميد الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية بجهود اللجنة المنظمة ودعا إلى تعميق البحث في سبل ترقية البحث العلمي والأكاديمي نحو التعريف بالجوانب المشرقة من تاريخنا المجيد.

وتلتها كلمة السيد رئيس بلدية الريصاني الذي أكد على ضرور تعاون جميع الفرقاء ومكونات المجتمع المدني نحو خدمة منطقة تافيلات والتعريف بحضارتها ورجالاتها.

وتم في هذه الجلسة قراءة التوصيات التي خلصت بها الندوة.

وفي الختام تم تلاوة نص البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله مولانا أمير المومنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق