مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

تقرير حول مناقشة رسالة دكتوراه للطالبة آسية بودرع

نوقشَت صَباحَ يوم الخَميس 25 ربيع الأول 1439 – 14 دجنبر 2017 برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، أطروحة جامعية لنيل الدكتوراه ، في وحدة التكوين:  لسانيات – تواصل – ترجمة بمركز الدكتوراه: الآداب والعلوم الإنسانية، أعدَّتْها الطالبةُ الباحثة آسية بودرع في موضوع : “أدب الطفل التفاعلي في المغرب – دراسة نصية لنصوص تفاعلية ، ومشروع موقع إلكتروني لأدب الطفل المغربي” بإشراف : الأستاذ الدكتور محمد الحافظ الروسي والأستاذة الدكتورة سعاد الناصر . وناقَشتْها لجنةٌ من الأساتذة الدكاترة تتألَّفُ من :
–  أ.د. عبد الهادي أمحرف : رئيسا 
–  أ. دة. سعاد الناصر : مشرفة ومقررة 
–  أ.دة. جميلة رزقي : عضوا
–  أ.دة. أحمد هاشم الريسوني : عضوا 
–  أ.د. أحمد العلوي العبدلاوي : عضوا 

 

نوقشَت صَباحَ يوم الخَميس 25 ربيع الأول 1439 – 14 دجنبر 2017 برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، أطروحة جامعية لنيل الدكتوراه ، في وحدة التكوين:  لسانيات – تواصل – ترجمة بمركز الدكتوراه: الآداب والعلوم الإنسانية، أعدَّتْها الطالبةُ الباحثة آسية بودرع في موضوع :

أدب الطفل التفاعلي في المغرب – دراسة نصية لنصوص تفاعلية ، ومشروع موقع إلكتروني لأدب الطفل المغربي”

بإشراف :الأستاذ الدكتور محمد الحافظ الروسي والأستاذة الدكتورة سعاد الناصر .

وناقَشتْها لجنةٌ من الأساتذة الدكاترة تتألَّفُ من :

–  أ.د. عبد الهادي أمحرف : رئيسا 

–  أ. دة. سعاد الناصر : مشرفة ومقررة 

–  أ.دة. جميلة رزقي : عضوا

–  أ.دة. أحمد هاشم الريسوني : عضوا 

–  أ.د. أحمد العلوي العبدلاوي : عضوا 

وبعد دفاع الطالبة الباحثة عن مَشروعها ، ومناقشة اللجنة لَها في الموضوع والمنهج والمصادر والعنوان، مُنِحَتْ درَجَةَ الدكتوراه في الآداب تخصص لسانيات تواصل ترجمة، بميزة مشرف جدا،  مع التوصية بالطبع .  

وفيما يَلي ، ملخص بالتقديم الذي أدلَت به الباحثةُ بين يدي اللجنة :

” بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالَمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوثِ رحمةً للعالَمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الكرام أجْمَعين. أمّا بعدُ :

فهذه كلمةٌ في سياق مَشروع البَحث :

يمتازُ عَصرُنا الحاضر بتعدّد الوَسائلِ والوَسائط التي تَحملُ الإبداعَ وتُوصِلُه إلى المتلقّي بأسرع الطّرق وأكثرِها فاعليّةً وتأثيراً، وتُيسّر التواصل بأقلِّ التكاليف، عبر مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ والمنتدياتِ والبوابات الإلكترونية.

وقد لَقيَ التّلقّي عبرَ الوسائطِ استجابةً كبيرةً من قِبَلِ القُراء والنُّقاد؛ لأنّه كَسَبَ الأدَبَ إمكاناتٍ جديدةً وأشكالاً متعددةً لقراءة النص الأدبي، تَتَّسمُ بالتفاعل الحيّ بين الكاتب والقارئ، حتى يصيرَ القارئُ نفسُه مُسهِما في تشكيل النص الأدبي، فظهرَت مفاهيمُ جديدةٌ كالأدبِ التفاعلي، والشعرِ التفاعليّ، والقصةِ التفاعلية، والمسرح التفاعلي… وهي أشكالٌ تعبيريةٌ تُوسِّعُ مَدى إدراك القارئ و تُتيح له إمكانياتِ التأويلِ والفهمِ بحسب درجةِ تَفاعُلِه، مما لا يُتيحه الكتابُ الورقي الذي له حدودٌ في مخاطبةِ القارئ لا يكادُ يتعدّاها إلاّ بما يَمتلكُه القارئُ من قُدرة على التخييل، تُعوِّضُه عمّا لا يُتيحه الكتاب. أمّا الوسائطُ التفاعليّة فإنها تتيح أشكالاً تفاعليةً بما تَملكُه من وسائلَ سمعيةٍ بصرية، وإمكاناتٍ حوارية نصية عبر البريد الإلكتروني أو المواقع الاجتماعية أو المنتديات أو المدوناتِ، أو علبةِ الدردشة المباشرة بالفيديو والصوت والصورة.

 ولعلّ الطّفلَ أولُ قارئ متلقٍّ مُستهدَفٍ بهذه الوسائط الجديدة، إلى جانب النقاد والمربّين والمهتمين بشأن الأدب الطفولي؛ فالأطفال في حاجة إلى أدب تفاعلي خاص بهم، خاصةً أنّ وسائلَ التواصلِ الرقمي على الشبكة العالمية أصبحَتْ مُتاحةً مَيسورةً بشكل عريض، فقَلَّما يخلو بيتٌ من حاسوب وربطٍ بالشبكة. ومِنَ الطبيعي أن يَنْمُوَ الطفلُ في هذا الوسط وبداخله فُضولُ اكتشاف أسرارِ العالَم الرقمي الافتراضي العجيب. لذا كان لِزاماً علينا العنايةُ بأدب تفاعلي خاصٍّ به، ومُواكبةُ رَكبِ التقدم في هذا الميدان تأسياً بالدول الغربية التي تنبهت إلى خطر هذا الموضوع وأحرزت نجاحا فائقا فيه، وتأسيا بعدد من الإنجازات المحترمة في العالم العربي وتطويراً لها، وإضافةً لِبَصْمَةٍ جَديدةٍ في عالَم مَواقع الأطفال، لتَحبيبِ القراءة إلى الطفلِ في قالب جميل، وتَشجيعِه على التفاعل والمشاركة والإبداع، خاصة أن هذا النوعَ من المواقع يَندُرُ وُجودُه باللغة العربية.

وفي هذا السياق يأتي هذا المشروع البحثيّ ليستأنفَ الطريقَ في ما ابتدأه منذ بحث الإجازة الذي أنجزتُه بإشراف أستاذي المحترم سعادة الأستاذ الدكتور عبد الهادي أمَحْرَفْ، وعنوانه: من أدب الطفل في اللغة العربية: دراسَة تركيبية ودلالية، ثم بحثِ الماستر الذي أشرف عليه أستاذي المحترَم سعادَة الأستاذ الدكتور عبد العزيز الحلوي، وعنوانُه: أدب الطفل التفاعلي، دراسةٌ في ضوء النص المترابط، وبناءُ موقعِ أطفالٍ للقراءة التفاعلية أنموذجا.

ويأتي بحث الدكتوراه حلقةً ثالثةً كبرى في سلسلة المشروع، غير أنها الحلقةُ الأقوى التي تُتَوِّجُ البحثَ في أدب الطفل التفاعلي، بإشرافٍ كريم من سعادة الأستاذ الدكتور محمد الحافظ الروسي وسعادَة الأستاذة الدكتورة سعاد الناصر؛ حفظهما الله.

الإشكاليات التي يُعالجها البحث:

إن دراسةَ الأدبِ التفاعلي عند الطفل، وعلاقتِهِ بمسألة التلقي، تُعدُّ من الدراسات الحديثة التي يسعى الباحثون إلى فك رموزها وإدراجِها ضمن الأجناس الأدبية الأخرى.

وحين نتحدث عن أدب تفاعلي للطفل تُثارُ أمَامَنا عدةُ إشكالاتٍ كبرى تتلخص فيما يلي:

ما طبيعةُ هذا النص الأدبي التفاعليّ ؟ 

– ما أساليبُ قراءة أدب تفاعلي وتَلقّيه، وما أهمُّ النظريات التي يُمكن التوسلُ بها لمعالجة الموضوع؟ 

 – ما خصوصياتُ أدب الطفل التفاعلي، من حيث إنه موجَّهٌ للطفل ؟ 

 – ما واقعُ هذا الأدب التفاعلي في العالَم العربي عامةً وفي المغرب على وجه الخصوص؟

– وهَل عُنيَ الباحثونَ بالكتابَة في أدب الطفل التفاعلي ؟

لقد عالج البحثُ من خلال هذه الإشكاليات مفهومَ النص والنص المترابط، ومفهومَ التفاعل والأدب التفاعلي، ومفهومَ أدب الطفل وشروط الكتابَة الأدبية الطفولية، ومدى إسهامِ الوسائط في تطوير أدب الطفل وترشيدِه بما يخدُمُ الأهدافَ التربوية، وإسهامِه في تخريج أطفالٍ بمهارات عالية في تلقي أدب الطفل والتفاعل معه والإسهام في إنتاجه وتطويره، حتى يُصبحَ قارئاً تفاعليا بامتياز.

ووقفَ البحث عند مشروع إنشاء موقع شبكي لأدب الطفل التفاعلي، ليكون أنموذجا تطبيقيا لما ذُكِرَ في البحث من قضايا نظريةٍ مفصَّلةٍ عن التلقي في الإبداع الأدبي وعن الوسائطِ التقنية الجديدة في التمكين للتفاعل والمشاركة القِرائِيةِ والنقدية.

منهج البَحث:

أما منهجُ الدراسة فقد اعتَمَدَ على التعريف والعَرْض والوَصف، والمقصودُ بذلك تعريفُ المصطلحات والمفاهيم، وجمعُ الظواهر والمواد والمدونات واستقراؤُها ما وَسِعَه الجُهدُ، ثم وَصْفُ ما بها من خصائصِ “أدب الطفل التفاعليّ”. ومِن خصائصِ منهج الدّرس في هذا البَحث التّحليلُ أي النظرُ في المُحْتوى والمعلوماتِ وتصنيفُها والبَحثُ عن أسبابها وتفكيكُها والكشفُ عن الروابط التي تَجمع بيْنها وعَن قَواعدِ الارتباط، والتحليلُ يُساعدُ على معرفة طَبائع المعلومات ومصادرها وآثارها فيما تؤثر فيه أو وظائفها فيما وُضعَت له.

وسيتخذ هذا البحثُ كلَّ المواد والعناصر والمعلومات ذاتِ الصلة بأدب الطفل من نصوص وأدوات ومواقعَ شبكيةٍ ومصادرَ ورقيةٍ وصورٍ وأيقوناتٍ وأقوالٍ ودراساتٍ وتحليلاتٍ – بعدَ جَمعِها وتصنيفِها – موضوعاً للنظر والتحليلِ ومادّةً من موادِّه الرّئيسةِ .

الجديدُ في البَحث :

أهم ما يُمكن أن يُشارَ إليْه في عتبات هذا البَحث هو محاولة الجَواب عن سؤال الجَديد فيه، وهلْ عُنِيَ الباحثونَ المهتمون بأدب الطفل، بالكتابَة في قضية “أدب الطفل التفاعليّ” التي هي قضية هذا البحث الرئيسةُ، أو اقتصروا على الكتابَة في أدب الطفل عامةً، وهو مَوضوعٌ تَقليديٌّ مألوفٌ كتَبَ فيه من الأدباء والنقادِ الخاصُّ والعامّ، وتَرَكوا للمتخصصين في الإعلامياتِ والحَوْسَبَة أن يَكتبوا في قضية التفاعلِ الشَّبَكيّ والتواصُلِ الرقمي عبر الوَسائط، بِغَضِّ النّظرِ عن محور التفاعُلِ أهُوَ أدبٌ أم مَوادُّ أخرى ؟

ويبدو أنّ التّطرُّقَ إلى ذِكْر الجديد في البحث أهمُّ ما ينبغي عَرضُه وبَسْطُه في مدخلِ البحثِ حتّى يكونَ القارئُ الكريمُ على بيّنةٍ ممّا سيُعرَضُ عليْه من أقسام وأبواب وفُصول، وما انطوَت عليه من قضايا ومَسائلَ وإشكالاتٍ.  والمراد من إثارة قضية الجَديد الإشارةُ إلى أنّ هذا البحثَ يُراد له أن يَكون تركيباً بَيْنَ مُتفرقَيْن اثنيْن، أحدُهما البحثُ في أدب الأطفال والثاني البحثُ في التفاعلِ الرقميِّ، ووجهُ التركيبِ النظرُ إلى أدب الأطفال من خلال الوسائط الرقمية والصفحاتِ الشبكيةِ والعالَمِ الافتراضيّ، فذلك الذي يُحاولُ أن يُعالجَه هذا البحثُ ما استطاعَ إلى ذلكَ مِن سَبيلٍ .

عندما نَسْتَقْري ما كُتب في الموضوع أو في قريبٍ منه نجدُ أن الكُتَّابَ والنقادَ لم يَكادوا يَخرجونَ عن اتجاهَيْن:

1-                      أولهما اتجاه التأليف في أدب الطفل أو الإبداع أوالتنظير أو النقد : وهو اتجاه الكتابة في “المضمون” وهو ثقافة الأطفال الأدبية، شعراً وأناشيدَ ومسرحاً وقصةً…

2-                      والاتجاه الثاني الكتابةُ في الأداة، وهي هذا الصنف الجديد من التواصل والقراءة والتلقي وهو التواصلُ الرقميُّ على الشبكةِ العالَمية، بِغَضِّ النّظر عن كونه أدبيا أو غير أدبي.

أمّا هذا البحث فسيُحاول أن يَشُقَّ طريقاً ثالثةً، فيُفيدُ من الاتجاهَيْن الأول والثاني و يُركِّبُ بينهما فيَجْمَعُ بين الموضوع والأداة، للخروج باتجاه تركيبي جديد وهو  “اتجاه الكتابة في أدب الأطفال التفاعليّ”، وأَحْسِبُ أنّه لم يُؤلَّفْ فيه إلا النزرُ القليلُ جدا من البُحوث، ويغلِبُ على الظّنّ أن الاتّجاهَ الجديدَ في التنظير والكتابة والتأليفِ في أدبِ الأطفال سيَسيرُ نحو هذا النوعِ من الكتابَة مُسْتَقْبَلاً، ولم أكدْ أقفُ إلا على بعض الكتب أو المقالات، القليلة جدا، منها على سبيل المثال:

القراءةُ التفاعليةُ للأطفال، قراءةُ الأدبِ التفاعلي نَموذجاً، دراسةٌ في ضَوء الوَسائط الحَديثة، إعداد العيد جلولي، جامعة قاصدي مرباح بورقلة، الجزائر.

قِصَصُ الأطفالِ الإلكترونيةُ : اِقترانُ الأدب بالتقنية، فرج بن دغيّم الظفيري، بحثٌ منشورٌ ضِمنَ كتاب: الأدب السُّعوديّ والتّقنيّة، مُؤتمرُ الأدباء السعوديين الرابع، السجل العلمي وبحوث المؤتمر، المدينة المنورة، شوال 1434-أغسطس 2013

ونظرا لقلة الكتابات في الاتجاه الثالث وَجَدَ هذا البحث صُعوبةً بالغةً في استقراء مادته المنهجية والاصطلاحية لتركيب جسم بَحثيٍّ متناسق.

***

هذا وقَد بُني البحثُ على التصميم التالي :

قِسْمان كَبيران أحدُهما لأدوات الوصف والتحليل والنظر وللمصطلحات والمفاهيم، والثاني للدراسة التطبيقية، ثم انطوى كل قسم على بابين، وتفرع عن كلِّ باب جملةٌ من الفُصول.

فأما القسمُ النَّظريّ: فقد خُصص للإشكالات والمفاهيم والإطار النّظري. وأهمُّ موادِّه التواصلُ الرقميُّ والنصُّ المترابطُ والقراءةُ التفاعلية، وما في ذلك من  تعريف للنصِّ والخطابِ، وأدبُ الطفلِ التفاعليُّ في العالَمَيْن العَربيِّ والغَربي، وخَصائصُ الاتجاهِ الجديدِ في أدب الطفل العربي، والوظيفةُ التربوية لأدب الطفل، ومقاصدُ إنجاز أدب الطفل وأهدافه، وخَلَصَ الفصلُ الأولُ من الباب الأول من القسم الأول إلى أنّ أدبَ الطّفل تَدَرّجَ في مَراحلَ ومَدارجَ مُختلفةٍ منذُ أقدم عُصور التاريخ العربيّ، قبل الإسلام، وأخذَ يَنمو ويَزدهرُ ببطءٍ شديد كلَّما صادَفَ أرضاً صُلْبَةً تـُـبنى عليْها قيمُ الأمّة الحاضنةِ للطّفل، وصادَفَ وَسائلَ ناجعةً تُبْلغُ أدبَ الطّفولَة إلى المَشْهَد القِرائيّ، والمشهَدُ القِرائِيُّ هنا هو الطّفلُ العربيُّ القارئُ المتفاعلُ، فأدبُ الطّفولَة، وإن كانَ حساساً ومواكباً للأحداثِ الجِسامِ التي لَحقَت بالأمّة، لَم يَبلُغْ بالطّفلِ تلكَ المَكانةَ التي بَلَغَها الطّفلُ في الغربِ من عَقْد عنايةٍ واهتمامٍ بَالِغيْن على الأدب، ومن الاعتقادِ الجازِمِ بأنّ تغييرَ العقلياتِ وتَربيةَ المُجتَمَع يبدأ من الطّفلِ.

ثم عالَجَ الفصلُ شروطَ الكتابة في أدب الطّفل فَتَناوَلَ فنونَ أدبِ الطفل، وتَعرَّضَ لفَنِ قِصَصِ الطفل والقصةِ القصيرة، وتَنوُّعِ قِصَصِ الأطفال بحسب مراحلِ نُمُوِّهِم، ولِفنِّ مسرحِ الطفلِ وعناصرِه وبنائه. وعالَجَ بعضَ قضايا الكتابةِ في أدب الأطفال وشُروطِها، وفَصّلَ القولَ في الأجناس الأدبيةِ الثلاثة الكبرى؛ وهي القصةُ والشعرُ والمسرحُ، ويَمتازُ أدبُ الأطفال بمُراعاةِ طُفولة الطّفلِ وحاجاتِه وما يُناسبُ سِنَّه واهتماماتِه، من خلال هذِه الأجناسِ الأدبيّة، وقد تَتفرّعُ الأشكالُ الأدبيّة تبعاً للمادّة الأدبية المرادِ تقديمُها إليْه؛ فقد تتفرعُ القصةُ إلى القصّة الخياليّةِ والقصّةِ الرّمزيّة والطُّرفةِ الأدبيّة والسّردِ الذّاتيِّ وغيرِها من الأشكالِ والفُروعِ السَّرديّةِ التي تُناسبُ طبيعةَ عُمُرِ الطفلِ وحاجاتِه المصاحِبَةَ له في نُموِّه.

وما يُقالُ في القصة يُقال في الشعر، ويغلِبُ أن يَكونَ الشعرُ الذي يوجَّه إلى الطفلِ إنشاداً مُيَسَّرا، وكلاماً ذا إيقاعٍ جميلٍ ويَحملُ إلى المُخاطَب الصَّغيرِ رسالةً تربوية هادفةً، تُنمِّي فيه مَلَكَةَ التفاعلِ والمشارَكة والاستجابة. ولقد حاول البحثُ أن يَلْفِتَ الأنظارَ إلى أن أشكالَ التعبير الأدبيِّ التي تُوجَّه إلى الطفل ينبغي أن يُنظرَ إليها نظرةً جديدة مبنيةً على دراسةِ الاستجابةِ وتحليلِها، والوقوفِ عند أشكال التَّفاعُلِ التي تُتيحها الأعمالُ الأدبيةُ. وذلك تمهيداً لبِناء أُنموذجٍ جَديدٍ لصورةِ الأدب التفاعلي على الشبكةِ العالَمية.

أما الفصلُ الثالثُ فقد وقفَ عند أدب الطفلِ التَّفاعليِّ، مُعرِّفاً إيّاه ومُستعرِضاً شُروطَه وصِفاتِه، ومُستعرِضاً الأجناسَ الأدبيةَ التفاعليةَ: كالقصيدةِ التفاعلية والمسرحِ التفاعُليّ والروايةِ التفاعلية، ومُرَكِّزاً على أهمّيّةِ الوسيطِ في الأدبِ التفاعليّ من أجْلِ البُلوغِ المباشرِ والفَعَّالِ إلى عقلِ الطفلِ وقلبِه. والفَرقِ بين الوسائطِ التقليديةِ والوسائطِ الحديثَة في تحقيقِ هذه الغاية.

وخلَصَ الفصلُ إلى أن الاستخدامَ المنهجيَّ للوسائطِ التّكنولوجيةِ مَنوطٌ بتَوجيهِ الطّفلِ وإرْشادِه لمَواطنِ القُوةِ فيها والابتعادِ عن مَساوئها ومثالِبِها، فهي أسلحةٌ ذاتُ حَدَّين، وتَقنينُ استعمالها مطلوبٌ؛ حتى لا تَطغى على اهتماماتِه وتَغْمُرَ حياتَه فتَصيرَ هاجساً شاغلاً، ويُصبحَ هائما في الوهمِ الرّقميِّ مُنفصلاً عن العالَمِ الواقعيِّ، بل المطلوبُ أن تظلَّ الأدواتُ أدواتٍ يحسنُ استخدامُها فيما يُـــهِمُّه ولا تَتَجاوزُ ما جُعِلَت له، ثمّ لا ينبغي أن يَغيبَ الجانبُ الورقيُّ عن الرقمي، ولكنْ تَبقى الكراسةُ والقلمُ والكتابُ أدواتٍ محفوظةً موازيةً مرافقةً.

أما الفصلُ الرابع فقد خُصِّصَ لأدبِ الطفل التفاعليِّ في المغرب، مُتسائلاً هل يوجَدُ “أدبُ طفل” تَفاعليٌّ بالمغرب؟ ومُجيبا أنّه لا بُدَّ من التنبيه على أنّ أدبَ الأطفال في المغرب لم يَعرفْ تَطوراً وتسلسُلا متصلَ الحلَقاتِ كما عُرف في المشرق على الأقل، فقد انقَطعَت سلسلةُ الكتابات الإبداعيةِ أو انْحَسَرَت منذُ انتشارِ وسائل التواصلِ الحَديثةِ والحواسيب والألواح الإلكترونية والهواتفِ الذكية المزوَّدةِ بالألعاب الآلية التي اسْتَهْوَتِ النّاشِئةَ وصَرَفَتهُم عنِ التماسِ المتعةِ في القِصصِ المكتوبةِ أو الأناشيدِ المحكية؛ فقدْ حَصَلَ ما يُشبه التَّردّيَ أو الارتدادَ عن الأدبِ الطفوليّ وعن ثَقافةِ “أدب الأطفال”، وآنَ الأوانُ للعناية بفئة الصغارِ على غِرارِ الدُّولِ الغَربيّة المتقدمة، وأنّه من المـتعَيِّنِ اللجوءُ إلى الإنتاج الوطني والكفاءات المغربية بصفة خاصةٍ والعَربيةِ بصفة عامة لإعادة بناءِ أدب الطفل التفاعلي لإقرار ثقافة أصيلة، من خلال استغلال الأجناس الأدبية في صيغتها الورقية والرقمية والإذاعية، لإثراء أدب الطفل.  

وخَلَصَ البحثُ إلى بيانِ ثَمَرةِ القسم النظريِّ وهي استعراضُ المَداخل الاصطلاحية؛ حُدِّدَت فيه دلالاتُ مُصطلحاتِه التي يتأسَّسُ عليها بُنيانُه ويُشيَّدُ عليها صَرحُه؛ وفَسْحُ المجالِ لإعادةِ الحديثِ عن المقولاتِ النقدية الحديثة المتعلقةِ بالنص والخطاب، ولسانياتِ النص وتحليلِ الخطاب، والقراءَةِ والتلقي، وجمالياتِ القراءَة وأفقِ الانتظار، وانتقالِ الأدب من الورقيِّ والواقعيِّ إلى الرقميِّ والافتراضي، وتأثيرِ هذه المفاهيم الجديدة في إنشاء ثُنائياتٍ جديدةٍ يتحدَّدُ بها مفهومُ الأدب والنقد، ومفهومُ أدب الطفل وآفاقِ الثقافَة الحديثَة المُستنِدةِ إلى الوسائط الإلكترونية. وقد دُرست تلكَ المصطلحاتُ من جِهَتِها المفهوميةِ والدلالية ومن جهة انتسابِها إلى حقلِ هذا البحث وهو أدبُ الطفل التفاعليُّ، ومدى إسهامِها في استكشافِ جوانبِه ودقائقه.

والثمرةُ الثانية في القِسمِ النظري استقرارُ النَّظرِ على الموضوع الرئيسِ والمصطلحِ الأساسِ وهو “أدبُ الطفلِ التفاعليُّ”، وما يتصلُ بهذا الأدب من تعريفٍ وبنيةٍ ونماذجَ وشُروطِ بناءٍ، حيثُ استَعرَضَ البابُ بنيةَ أدبِ الطفلِ في الأدب العالَمي ثم في الأدبِ العربي واستعرض نموه وتطور مراحله، وركز الباب على بعض قضايا الكتابة في أدب الأطفال وشروطها، وفصّل القول في الأجناس الأدبية الثلاثة الكبرى؛ وهي القصّة والشّعر والمسرح، مبينا أن أدب الأطفال يمتاز بمراعاة طفولة الطّفل وحاجاته وما يناسب سنّه واهتماماته، من خلال هذه الأجناس الأدبيّة.

وأما القسمُ الثاني فهو قسمٌ تطبيقيٌّ خُصِّصَ لإنشاءِ أُنموذَجٍ لموقع إلكتروني تفاعلي “لأدب الطفل المغربي”، مع دِراسَتِه دراسةً نصيةً وميدانيةً. وقد وُطّئ لذلكَ بِبَابَينِ أولُهما لدراسةٍ نَصّية لنُصوصٍ أجنبية وعربية ومغربية مِن أدب الطفل التفاعلي على مواقعَ شبكية؛ فتَمّتْ دراسةُ نَماذجَ من المواقع الشبكيّة التي عُنِيَتْ بأدب الأطفال وبالتواصلِ مَعَهم لإشراكهم في إنتاج معرفةٍ أدبية تفاعُلية؛ و بَيَّنَت الدراسةُ أن هذه المعرفَةَ الأدبيةَ التفاعليّة أخذت تتطورُ بتطور وسائل الاتصالِ اليومَ تطوراً لافتاً للنظر، إلى حدّ أصبَحت عندَه المعلومةُ المتعددةُ الأصناف سهلةَ المنال، وأتاحَت مهاراتُ استخدامِ الحاسوبِ والأدواتِ التقنيةِ المجاورةِ له، تطوّرَ ثقافة الحوار وتَغيُّرَ مفهوم المتكلّم والمخاطَب ومَفاهيمِ القراءة والتلقي؛ إذْ لم تعُدْ مرتبطةً بالزمان والمكان، فَقدْ أسقطت وسائلُ الإعلام الإلكترونيةُ والشبكيّةُ الجديدةُ حَواجزَ الزمان والمكان التي كانت تفصلُ بين الأفراد في القارّات الخمس، وسَهّلَتْ عَملياتِ التَّحاوُرِ والتّخاطُبِ والتّلقّي وتَبادُلِ المعلومات بمُجرَّد إنتاجِها. أثمَرَتْ هذه الحركةُ الإعلاميّة الجديدة نوعاً جديداً من الثقافَة والنصوص، يُمكنُ تسميتُه بالثقافَة التفاعليّة الجديدةِ؛ حيثُ أخذتْ أوعيةُ الثقافة تنتقلُ من الوَرَقِ إلى الأدوات التقنية أو من طور “الورقيّة” إلى طور “الإلكترونيّة”. وأفادت كثيرٌ من العلوم والمعارف العربيّةِ من هذا التّطوّر فسَهُلَ تداوُلُها عبرَ الوَسائلِ الجديدة، وتَمَكَّنَ جُمهورُ الأطفالِ أنفُسُهُم من قراءة الإبداع الأدبي أو الاستماع إليْه أو مُشاهَدَتِه؛ فنشأ ما يُسمّى بِمَشروعِ “الكتابِ النّاطقِ” ، وكان لَه تأثيرٌ كبيرٌ في انتشارِ ثَقافةِ الكِتابِ المَسْموعِ والقِراءَةِ المَسموعةِ

ثم تَعرَّضَ البابُ أيضاً لدراسةٍ نصّية لمواقعَ عربيةٍ للأطفال من خِلال عرْض نَماذجَ ودراسةٍ نصيةٍ لها، وتَعْكِسُ مَواقعُ الأطفال الشبكيةُ على كثرتها واختلافِها بحسب مقاصدِ الذين بَنَوْهَا قدرةَ “التقنية” الحاسوبية والشبكية التي أسهمت بحظٍّ كبير في تَيسيرِ التعليم وتَسهيل الاطلاعِ على الفنون الأدبية والمشاركةِ فيها بالإجابات أو التعليقات أو النقد، وتطويرِ مَهاراتِ الأطفال المختلفة، وتحبيبِ أدبِ الطفل إلى نفوسِ الأطفال واسْتِمَالَتِهِمْ حتى يتكاثَرَ زُوّارُ المواقع التفاعلية من الأطفال، فتصيرَ تلك المواقعُ عبارةً عن مَدارسَ افتراضيةٍ، أو مَوسوعاتٍ مُتنقلةً ومتجددةً باستمرار. أو مِنَصّاتٍ لغويةً أدبيةً تُنشَأ على هامش الحكايات والقصص الأدبية أو المسرحيات أو الأناشيد، وتُسخَّر للحوار وإبداء الرأي والنقد وتُستخدم فيها الصورُ والأصواتُ والحركةُ لإيصال المعلومة.

و وَقَفَ البابُ عند دراسة مواقعَ تفاعليةٍ لأدب الطفل المغربي بمبادرةٍ تطبيقية شخصية، في إطار تعليم العربية لتلاميذ المستوى الابتدائي في اللغة العربية وتأهيلِهم للتفاعلِ مع الأدب التفاعلي، مُجيبا عن السؤال: لماذا تقديمُ مبادَرة تفاعلية في اللغة العربية، للطفل المغربي، فكان الجوابُ أن ما تَوَصَّلَ إليه هذا البحثُ من نتائجَ حولَ مفهوم النصِّ المترابط بأنواعِه وخصائصه، والقراءةِ التفاعليةِ، وطبيعةِ القراء التفاعليين، وكذا شروطِ وخَصَائصِ إنتاجِ الأدب التفاعلي الموجَّه إلى الطفل، وما نَعيشُه من واقع لغوي مُتَدَنٍّ، أمورٌ دَفعتْني إلى مُحاوَلَةِ إضافةِ قطرةٍ في مُحيط الشبكة العالمية، مُستفيدةً من نماذجِ الأدب التفاعلي الموجَّه إلى الطفل، ومُحاوِلةً تطبيقَ المفاهيم النظرية حول هذا الأدب وتجسيدِها في موقع إلكتروني، حتى يكونَ إسهاما يُرجى مِن ورائه تحبيبُ القراءة والمطالعة إلى الطفل، ومَوْرِداً رقميا للمُرَبّين في صُفوف التعليم الأوّلي، والسنةِ الأولى من التعليم الابتدائي خاصةً.

أما البابُ الثاني فقد أُخلِصَ لإنشاء مشروعِ “موقع شَبَكيٍّ مغربي لأدب الطفل التفاعلي”، وانْشَطَرَ الكلامُ فيه على ثلاثة فُصول، عالَجَ أولُها بنيةَ مشروع “موقعِ أدب الطفل التفاعلي” المسمى “اِقْرَأْ معَ دُعاء” وتَحسينَ مُستوى اللغة العربية باستخدام البرامج التفاعلية، وعالج الثاني مسألةَ تفاعُل الأطفال مع أُنموذجٍ لــ “موقع أدب الطفل المغربي” من خلال دراسة ميدانية إحصائية، وحَصَرَ الثالثُ النظرَ في دراسة ميدانية نصية لركن من أركان الموقع الأدبي الطفولي المغربي “اقرأ مع دعاء”، ورَصدَ تَفاعُلَ الأطفال مع “نص القصة” في صيغَتِها الوَرَقيّةِ والإلكترونية (من خلال بعضِ القِصصِ الطفولية النموذجية التي تُناسِبُ أعمارَ المستهدَفين). وكانت الغايةُ من رحلة الأطفالِ مع الكلماتِ والصورِ مُخاطبةَ الطفل بلغةِ هويته، ودَعوتَه إلى المشاركةِ والتفاعل مع النص الأدبي، و نَبْذِ السَّلبيةِ و القراءةِ الجامدةِ احتراما لعَقلِه، واعترافاً بقُدُراتِه الهائلة على التعلُّمِ والتَّخيُّلِ العَفْوي الجميل البريء.

***

خُلاصةُ البحث وما أنجِزَ فيه:

لقد عالج البحثُ من خلال الإشكالات والمفاهيم الــمُثارة في المقدمة مفهوم القراءة والتلقي، ومفهومَ النص والنصِّ المترابط، ومفهومَ الأدب التفاعلي، ومفهومَ أدب الطفل وشروط الكتابَة فيه، ومدى إسهامِ الوسائط في تطوير أدب الطفل وترشيدِه بما يخدُم الأهدافَ التربوية، وإسهامِها في تخريج أطفال بمهارات عالية في تَلقّي أدبِ الطفل والتفاعُلِ معه والإسهامِ في إنتاجِه وتطويره، حتى يُصبحَ قارئاً تفاعليا بامتياز.

واعتمد البحثُ في منهج الدراسة على التعريف والعَرْض والوَصف والاستقراء، كَما مرَّ بنا آنفاً. ولم يفت البابَ أن يقف عند عنصر “تفاعل الأطفال” مع هذا الموقع الأدبي المغربي، من خلال دراسة ميدانية إحصائية؛ فبعد عرض نتائج البحث الميداني وتحليلِها، اعتمادا على الاستمارات والإحصاء واستطلاع الرأي، في دراستي حول “أدب الطفل التفاعلي” تَوَصَّلَت الدراسةُ إلى ما يلي:

– أن “أدبَ الطفلِ التفاعليَّ” ضرورةٌ مُلحّةٌ في عصرِنا الحاضرِ، عصرِ التكنولوجيا والوسائطِ الرقمية.

– أن قلةَ المواد الأدبية التفاعلية باللغة العربية تُحتِّمُ على أهل التخصصِ التحركَ بقوة وبسرعة لمُحاوَلَةِ تَغطيةِ الزّحفِ المهول للأدب الغربي، الغَريب على أبنائنا لغةً وثقافةً ودينا.

– أن البرامجَ الرقميةَ التعليميةَ للقراءة إذا وُظفت فيها الوسائطُ السمعية البصريةُ وأتيحت فيها مساحاتٌ للتواصل والكتابة والتعبير، فإنها تُؤدّي دَوراً كبيرا في تنمية اللغة وصَقلِها، بوَتيرة أسرعَ وفي سن مبكرة.

– أن الموقعَ الإلكتروني المخصَّصَ للأطفال والذي يَحتوي على مادةٍ أدبية تتطلبُ من الطفل أن يَقرأها، لابد من إرفاقها بتسجيلٍ صوتي لمساعدة الطفل على سَلامة القراءة وتقويم عَثراتِه القرائية.

– أن الطفلَ العربي بصفة عامة والطفلَ المغربيَّ بصفة خاصة – وهو الذي غطى مُعظَمَ مساحة البحث الميداني – ما زالَ يعتمد على الكِتابِ الوَرقي اعتمادا كبيرا، ولم يَتعوَّدْ بعدُ على القراءة في الوسائل والوسائط الإلكترونية، لذا لا بدّ من المزاوجة بين المادة الأدبية الرقمية والمادة الأدبية الورقية. فأما الكتابُ الورقي فلَه قيمتُه ومكانته الأدبية والثقافية والإبداعيةُ التي لا يمكنُ الاستعاضة عنها بغيرها مهما يَبْلُغِ الأدبُ الرقمي من تطور وتفاعل وتوظيف للوسائط المتعددة.

– أن التفاعلَ بين القارئ الصغير والأدب التفاعلي لا يمكنُ أن يكونَ مباشرا؛ فلابد من مُشرِفٍ كبير يُوَجِّهُه ويشاركُه فيما يقرأ ويشرحُ له ما استعصى عليه، حتى لا يَتيهَ الطفلُ بين صفحات الموقع أو البرنامج، فيَنْتابَه المللُ، ولا يستفيدَ شيئا.

– أن نجاحَ الأدب التفاعلي مرتبطٌ بنسبةِ مشاركةِ القراءِ الصغار وتفاعِلِهم، ومُتصلٌ أيضاً بالمتابعة المستمرة لتطوير الموقع ومراقبته وتجديدِه.

– أن الكاتبَ الرَّقميَّ – أو الرَّاقِمَ بتَعبيرِ الدّكتور سَعيد يَقْطين – يصلُ إلى قارئ كتابِه بسرعة أكبرَ من الكاتب الورقي، وذلك بفضل الشبكة العالمية التي تُيَسِّرُ عمليةَ نشْر كتابِه بتكلِفَةٍ أقلَّ ونطاقٍ أوسَعَ، وحريةٍ أكبرَ . 

لقد أسهم الإعلامُ الجديدُ في تشكيل ثقافة أدبية جديدة للأطفال؛ إذْ غدَتْ من آلياتِ نشوء أدب طفولي رقمي حديث، حيث لا يُتصور قيامُ مجتمع طفوليّ تفاعليّ يَتلقّى الأدبَ ويُسهمُ في إنشائه إن لم تتوفرْ فيه هذه الآلياتُ. فأصبَحَ الطفلُ نفسُه جزءاً من “المجتمع الشبكيّ” الحديثِ أي المجتمعِ الرّقمي والعالَمِ الافتراضي، ولكنْ كلَّما اكتفى المتلقّي بالأدبِ المكتوب على الورق وابتَعَدَ عن الأدب الرقمي المنقول إلى المَواقع الشبكيّة، اتَّسَعَت “الفَجْوَةُ الرّقميّة”.

هذا، وقد تعدَّدَت المواقعُ التي تُتيحُ تَفاعُلَ الأطفال واشتراكَهم في إتمام العمل الأدبي والإسهامِ فيه، إذا كان جنسا حِكائياً أو نوعا من أنواع السرد، فأصبحت وسائلُ الإعلام الإلكترونيّةُ والشبكيةُ الحديثة تكوِّن رأياً عاماً جديداً وعقليّةً جديدة تفاعلية تواصلية أساسُها الأطفال، وأسهمَت هذه الوسائلُ في كثير من مواقع الأطفال الأدبية في تَغيير جميع أدوات التَّلقي التي كانت مألوفةً من قبلُ، وفي عدمِ الاكتفاء باللغة وحدَها لإيصال الإبداع الأدبي، وفي إعادة بناءِ مِعمار أدواتِ التلقي بناءً جديداً مَبنياً على التفاعُل المتعدِّد الأطراف والجهات، ومبنياً على كسرِ مقياس الزمن؛ إذ يستطيع الطفلُ المتفاعلُ أن يكونَ في أكثرَ من مكانٍ في اللحظة الواحدة، فلم تعدْ حواجزُ المكان وأبعادُه ومسافاتُه الماديةُ شرطاً في حُصول الاتصال.

ولم تتمكنْ ثقافةُ الأدبِ التفاعلي للأطفال الذي يُشركُهم في الفعل الإبداعي وفي فعلِ التلقي من الظُّهور والتمكن، إلا بسببِ شُروطٍ تَوفَّرت أهمُّها تجاوزُ أدواتِ الخطاب الأدبي اللغويةِ المألوفة إلى استخدامِ الوسائط الإعلامية المتعددة وهي الصورةُ والصوت والحركةُ والألوان وتداخُلُ المَشاهد… المتاحة في البرمجياتِ الحاسوبية المتطورة المتجددة. ثم توسيعُ دور المتلقي ووظائفه، وتَقويتُه في بناء النص وإسهامِه فيه. ثم نُموُّ الوعي بضرورة تقديمِ نص ثري تتحققُ فيه روحُ التفاعل لتنطبقَ عليه صفةُ “الأدب التفاعلي”، نَصٍّ ثَريٍّ مِن صِفاتِه الانفتاحُ والاحتمالُ ليُتيحَ للقراء والمتلقّينَ حريةَ إتمام ما لَمْ يقُلْه النصُّ. ثم منَ الشروطِ تجاوزُ البُعدِ الواحد في تأليف النص؛ إذ لا يَعترفُ الأدبُ التفاعليُّ بالمبدعِ الوحيد للنص، ولكنه يجعلُ جميعَ المتلقينَ للنص والمستخدِمين له مشاركينَ فيه ولهم مِلكيةُ حَقِّ الإضافةِ والتعديل. ثم فُتِحَ البابُ في النص الأدبي لأن يكونَ له في الأدب التفاعلي أكثرُ مِن نهاية وذلك بإتاحة الحرية للمتلقين في أن يختاروا المساراتِ التي سيسيرون فيها نحوَ نهاياتِ أحداثِ النص؛ إذِ النهايةُ الواحدة الصارمة لا توجدُ في الأدب التفاعلي بل توجدُ نهاياتٌ بحسب ثقافات المتلقين ورُؤاهُم وأساليبِـهم في صياغة تتمة الأحداث. ثم من شروطِ تنامي الوعي بالأدب التفاعلي انفتاحُ النص أمام أفق المتلقي بتوسيع هذا الأفق المتفاعل وفتحِ بابِ التأويلِ أمامَه، وهذه مِيزةٌ تَضمنُ للنص بقاءَه واستمرارَه. لأن المتلقيَ أُعِدَّ إعداداً ثقافياً مُتعددَ الأبعاد، قادرا على الإبحار في العالَم الافتراضيّ وعلى التغيير فيه بالمشاركة والإضافة، وتَتسعُ القُدرةُ كُلَّما كَبُرَ الطفلُ ونَما واتسعت ثقافتُه.

أضفْ إلى ذلك كُلِّه أثرَ “عُنصر الصورة” وتَوظيفِ الصورة في تبليغِ الخطابِ وسيلةً مركزيةً من وسائل الاتصال لضمانِ جودة التلقي، بل أصبحت الصورةُ اليومَ مَركزَ الخطاب كلِّه، وازداد أمرُ الصورة أهميةً عندما اقترنَت بالحركة فصارتْ مَشهداً حَيا مُتحركاً يُنَـزِّلُ المتلقيَ في سياق الحَدَثِ القصصي ويَنتقلُ به في المسالك والاتجاهات المختلفة و يُثير في ذهنِه الاحتمالاتِ الممكنةَ التي ستُساعدُه على استكمال نقص القصة أو تَتميمِها بما يُكَمِّلُها أو تَقْييدِها من إطلاق أو تأكيدِها أو تنزيلِها على وقائعَ واقعيةٍ .

***

ثم خلَصَ البحثُ إلى جملةٍ من التوصيات : 

مِنْ تَوصياتِ البَحث :

أولاً: بناءُ ثقافة “أدب الأطفال التفاعلي” بناءً مُؤسَّسِياً :

أهمُّ ما يُمكن التفكيرُ فيه لإعداد جيلٍ من الأطفال المتفاعلين مع الأدب والثقافة بواسطة الوسائط، أن يكونوا مُحاطين بمؤسساتٍ تربوية وتعليمية وثقافية واجتماعية تُؤهِّلُهم إلى جيل “طُفولةِ القرن الحادي والعشرين”؛ فإن المؤسساتِ المبنيةَ بناءً علمياً مُحْكَماً تَستطيعُ أن تُنتجَ الخصائصَ والمهاراتِ اللازمَ تَثبيتُها في نُفوسِ الأطفال، ومنها القدرةُ على استعمال الحاسوب والألواحِ الإلكترونية والهواتف الذّكيّة، وذلكَ للتمكنِ من الاندماج في المحيط الثقافي والاجتماعي. بل إنّ المؤسساتِ يجب أن تُعْنى بمرحلة الطفولة المبكرة وذلك لمواكبةِ نموِّ الطفل العقليِّ ونُموِّ جِهازِه العَصبيِّ، فإنّ المؤسساتِ التربويةَ والتعليميةَ إذا عُنيت بالأطفال عنايةً مركَّزة فإنها تُهيِّئُهم لاكتسابِ القدرةِ على استخدامِ الوَسائط التقنية المتطورة والاستفادةِ منها، يَكتسبون بهذا التَّهيييءِ المبكِّرِ القدرةَ على التفكير المتعددِ الأبعادِ كالتفكير النقدي والتفكير الإبداعي، واكتسابِ القدرة على التعلم الذّاتي المتواصل وعلى حل المشكلات وإثارة الأسئلة.

وقد قامَت دراسات حديثة ببيان أهم الخطط و”الاستراتيجيات” التي يُمكن أن تُطبَّقَ في تنمية التفكير لدى أطفال مرحلة ما قبل المدرسة وأطفال السنين الأولى من التعليم الابتدائي.

ثانياً : نشرُ  ثقافةِ بناءِ مواقعَ لأدب الطفولةِ التفاعلي على نطاق واسع:

في سياق التخطيط للمستقبل وبناء توصياتٍ لتنشئة الطفلِ وإعدادِه، يوصَى ببناءِ نَماذجَ كثيرةٍ مُتخصصةٍ – من مواقع أدب الطفل التفاعلي – بغرض تنشئةٍ اجتماعية وثقافية وتربوية جديدة للطفل العربي عامة والطفل المغربي خاصة، من أجل تهيئَتِه وتَمكينِه وتعزيز قُدُراته، وإدْماجِه في مُحيطِه الثقافي الخاصِّ والعام، ثم إعدادِه ليكونَ قادراً على مواجهة التحديات الحضارية والتعامل مع معطيات العصر.

ولا بد من الإشارة إلى أن أهمَّ وسيلة من وسائل نشر ثقافة بناء المواقع التفاعلية لأدب الطفل، إنشاءُ قاعدة بيانات ضخمة، تكونُ بمثابة مكتبة تفاعلية، وهذه المكتبةُ البيبليوغرافية التفاعليةُ تُكَوِّنُ قاعدةً للإنتاج العلمي يستندُ إليْها القارئ المتفاعلُ في الشبكة العالمية، وتَكونُ هناك روابط تشعبية للعناوين سواء أكانَت عناوينَ كتب أم بحوث أم مقالات ورقية أو رقمية، وهنا يُتاح للقارء المتفاعل طفلا كان أم بالغاً أن يستفيد من القاعدة الكبيرة التي تمكنه من التنقل بين الروابط وإضافة ما يَراه صالحا للإضافَة والمشاركة.

ثالثاً : إنشاء مجلس وطني أعلى للطفولة، للعناية الشاملة بشؤون الطفل المغربي:

يُوصَى بجعل شؤون الأطفال في العالَم العربي عامةً وفي المغرب خاصة، من اختصاصِ مؤسسةٍ كبرى من مؤسسات الدولة، تَحظى بدعم كبير، وجَعلِها جزءاً من القطاعات الخاصة والعمومية ومنظمات المجتمع المدني، وأن تُبنى خططٌ واستراتيجياتٌ  لتنشئة الطفل منذ مرحلة الأولى، ويتدخل في شأن الطفل كل القُوى المَعنية بالتنمية البشرية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فالطفل في بُلداننا يَعيشُ في مراحلَ حَرجةٍ جدا اجتماعيا وثقافيا وتربويا وأخلاقيا، وحالةُ الحَرَج هذه تفرضُ إخضاعَه للعناية المُركَّزَة، وذلك لإصلاح ما حلّ بملفّ الطفولة من أعطاب ومصائبَ تراكمت عليه عبر السنين وبلغت حدا كبيرا من الاستعصاء الذي لن يُحلّ إلا ببذل عناية جماعية مُؤسسية كبرى.

أتصور أن يُجعل للطفل المغربي “مجلس وطني أعلى”، على غرار المجالس العليا للقضايا الحساسة التي تتولى معالجةَ عددٍ من القطاعات المهتمة بشؤون الطفولة عامةً، فالعنايةُ بالطفولة في جميع مراحها ومستوياتها العُمُرية، ومن جميع جهاتها الاجتماعية والثقافية والعلمية والنفسية والتربوية، و تَتَبُّعُ تَطورِها وإعدادُ البرامج الدقيقة لإعداد الأطفال وتنشئتهم، كلُّ ذلك سيُعِدّ جيلاً إيجابيا يسهم في بناء الوطن ويُحسن استعمال الوسائل والأدوات ويُحسن استغلال الموارد.

رابعاً : تَضمينُ المناهج والمقررات التعليمية في البلدان العربية نُصوصا إبداعية لأدب الطفال التفاعلي:

 وتكون هذه المناهج الدراسية والمقررات بمثابة روابط تواصلية بين أطفال الوطن العربي كله، يطلعون عليْها ويُبدون آراءَهم ويتعرفون على غيرهم من الأطفال وعلى مقرراتهم، ويكون لهذا التضمين أثر في توحيد أو تقريب بعض المناهج المُقدَّمة للطفل العربي.

وخَتَمَ البحثُ باستعراض أهم المصادر والمراجع التي نُحِتَ منها هذا العَمَلُ :

1-     قائمةٌ بالمصادر والمراجع المُعتَمَدة، وتنقسم إلى أقسام ، منها الكتب والمؤلفات والبُحوث في أدب الطفل إبداعاً وتحليلاً ونقداً وتنظيراً وتأريخاً وتفاعلاً.

2-     قائمة بيبليوغرافية بالشعر الطفولي والأناشيد جَمَعَها مؤلفونَ مغاربَة فأسهموا بذلك في محاولَة حَصر المادّة الخام للأدب الطفوليّ حتّى تسهل المرجعيّةُ أمامَ الباحثِ.  

3-     مَراجعُ باللغة الأجنبية الفرنسية والإنجليزية وهي مراجع غنيةٌ بالأفكارِ التنظيرية

4-     مسردٌ بالمواقع والبوابات الإلكترونيةالمَرجوع إليْها في هذا البَحث، وهي كثيرة وتُعدُّ بديلا من البَدائل المرجعيّة التي تقف بجانب الكتاب الورقيّ.

وفي الأخير أعبِّرُ في هذه الكلمة عن خالص شكري واحترامي وتقديري لأستاذي المشرف سعادة الأستاذ الدكتور محمد الحافظ الروسي العالم الجليل صاحب المدرسة المتميزة في البلاغة والنقد والأدب، فهو أمةٌ وحدَه تُفيد منه أمّةٌ حَولَه بارك الله في علمه وعمره وصحته وأهله وولده على ما بذلَه ويبذله في سبيل تعليم الطلاب وتذليل الصعاب، ومنها تذيلُ صعاب هذا البحث حتى يبلُغَ ما بَلَغَه .

وأخص بالذكر والشكر والتقدير، في المَقامِ نفسِه والمنزلَةِ ذاتِها – أستاذتي المشرفةَ سَعادة الأستاذة الدكتورة سعاد الناصر، الأستاذةِ الأديبةِ الروائيةِ الشاعرَةِ التي ما فتئت تقدم لطلاب العلم يد العَونَ والنصحَ؛ فإنها لم تتوانَ لحظة عن متابعَة أعمال هذا البحث مُذْ كانَ في المهد صبيا حتى استوى على ما هو عليْه، فلها مني خالص الدعاء أن يحفظَها الله لأهلها وأولادها ووطنها، وأثنّي بالشكر الجزيل وبالدعاء بالتوفيق لهيئة أساتذة كلية آداب تطوان عامةً وأساتذتي وأستاذاتي الذين تَلمذتُ عليهم طيلةَ سِنِي الدراسة الجامعية، وللجنَة المناقَشَة الموقَّرَة التي تَولَّت قراءةَ هذا البَحث وتَصحيحَ هَناتِه وتَقويمَ ما اعوجَّ منه وإفادَتي بما سيتفضَّلونَ به مَشكورينَ مأجورينَ، منهم أستاذي الفاضل الدكتور عبد الهادي أمحرف الذي سَعِدْتُ بإشرافه السابق وبالتتلمُذِ عليْه في هذه الكلية وبالإفادَةِ من سديد علمه وجَميل خُلُقه، وأشكرُ أستاذَتي الفاضلة الدكتورَة جَميلة رزقي التي سَعِدْتُ بالتتلمُذِ عليْها في هذه الكلية والإفادَةِ من جَليلِ علمِها وطيب خُلُقِها، وأشكرُ أستاذيَ الجليلَ سعادَةَ الدكتور أحمد هاشم الريسوني على تَشريفِ هذا البَحث بقراءَته الكَريمَة، وتَقويمه بنصائحه السَّديدَة، وأخص بالشكر والثناءِ أيضاً سعادَة الأستاذ الدكتور أحمد العلوي العبدلاوي الذي كان أحدَ أعمدةِ هذه الكليةِ وتخَّرجَت على يَديْه منها أجيالٌ من الطّلاّبِ، فأشكرُه شكرا جَزْلاً على تَفضلِه قراءَة البَحث ومناقَشَتَه وعلى وَعْثاءِ السفرِ وعَناءِ لتنقل، فجزاه الله خيراً . ولا أَنْسَينَّ تقديمَ كلمةِ شكر وتَقديرٍ لسعادَةِ عميد كلية الآداب بتطوان الدكتور محمد سعد الزموري ونائبَيْه المحترَمَيْنِ وخاصةً الدكتور مصطفى الغاشي المشرفَ المباشرَ على البحث العلمي وشؤونِ الدكتوراه، وإلى فريق الإدارَة بالكلية، ثم الشكر الجزيل لفوج طلاب الدكتوراه الذي كنت عنصرا من عناصره. وأوجه شكرا خاصا وثناء عطرا وتقديراً لوالِدَيَّ الكريمين اللذَيْن رَعَيا الغِراس وسَقَياه، ولأسرتي الصغيرَة وعلى رأسها زوجي المهندس محمد التمديتي الذي ساعدَ على بناء الموقع وتنسيق وحداته بجودة عالية وعلى ما بذله من جهد ووقت في طريق بناء هذا العَمَل العلمي.

ثم لا يَفوتني أن أشكر المركز السوسيوثقافي التابع لمؤسسة محمد السادس بمدينة تطوان، بِما ساعدَ به على تنظيم حلقات الدرس وورشات الأطفال التي اتُّخذَت مادة من مواد هذا البحث. وأشكر الأستاذات الكريمات اللائي أسهمنَ في الابتكار والتسيير والإدارة لأشغال الورشات الطفولية والتداريب. ثم أسأل الله تعالى أن يُجازي بالخير العَمَم كل مَن قَدَّم رأياً أو بذلَ جهدا أو أسدى نُصحا أو أثنى خيراً.

وفي الختام أسأل الله عز وجل أن يوفق الطلاب والباحثين الذين يَقضون أعمارهم في الإكباب على العلم والتحصيل والبحث والتنقير لنفع الأمة ورفع منزلة البحث العلمي في هذا البلد الأمين. وآخر دعوانا أَنِ الحمدُ لله رب العالَمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعينَ.”

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق