مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام

باحثون بالرابطة المحمدية للعلماء يناقشون “تجديد الخطاب الديني والحركات النسائية بالمغرب”

إلياس بوزغاية

 

 

 

في إطار المبادرة التي أطلقها مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام، المتمثلة في عقد سلسلة من اللقاءات الدراسية حول “الخطاب الديني وقضايا المرأة في المغرب” مرة كل شهر، اجتمع عدد من الباحثين بالرابطة المحمدية للعلماء يومه الإثنين 27 فبراير 2017 لمناقشة الحلقة الدراسية الأولى بعنوان “تجديد الخطاب الديني والحركات النسائية بالمغرب” من تأطير الأستاذ إلياس بوزغاية الذي بسط أرضية النقاش حول 3 محاور:

  • الخطاب الديني الإسلامي وقضية المرأة
  • تجديد الخطاب الديني الإسلامي والقراءات النسائية الجديدة
  • الحركة النسائية في المغرب وتجديد الخطاب الديني

تم تعريف الخطاب الديني على أنه كل سلوك أو تصرف يكون الباعث عليه الانتماء إلى دين معين سواء أكان خطاباً مسموعاً أو مكتوباً أو كان ممارسة عملية، كما أن الخطاب الديني يحمل معنى خاصا أيضا يتمتل في كونه ما يصدر عن “رجال الدين” من أقوال أو نصائح أو مواقف سياسية من قضايا العصر ويكون مستندهم فيها إلى فهمهم للدين الذي يدينون به. وفيما يخص قضايا المرأة فقد رأى معظم الحاضرين أن هناك انتشارا واضحا للخطاب الديني الذكوري سواء تعلق الأمر بالممارسات الاجتماعية أو أقوال وآراء “رجال الدين” ومن تم فإن مفهوم التجديد في الخطاب الديني يجد مشروعيته وأيضا في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا (

احتدم النقاش والتفاعل في مسألة تجديد الخطاب الديني وبرزت عدة إشكاليات منها التساؤل عن معنى التجديد؟ وما هي حدوده؟ وما هي الجهة المخول إليها القيام بالتجديد؟ وما مدى مصداقيتها وتمثيلها للإسلام الحقيقي؟ وما علاقة التجديد بالفقه والقانون؟ وكيف يمكن للخطاب الديني أن يواكب مستجدات العصر؟ كل هذه الأسئلة وجدت طريقها للإسقاط حول قضيا المرأة مما أفرز مجموعة من المبادرات الإصلاحية والتجديدية اعتمادا على إعادة قراءة المصادر الأولى للتشريع (القرآن والسنة) من منظور متصالح مع حقوق المرأة وهو ما أنتج خطابات دفاعية عن الإسلام لم تجد ما يسندها في التراث الفقهي الإسلامي وخطابات أخرى انبهارية أو متماهية مع الخطاب الغربي الاستشراقي الذي يرى الحل في العلمانية، كما أنتج خطابات “تسمى “النسوية التأويلية” التي تنطلق من الإسلام كمصدر للتأويل النسائي المخالف للقراءات الذكورية السائدة، وأبرز هؤلاء: أمينة ودود، أسماء برلاس، رفعت حسن ومديرة مركز الدراسات النسائية في الإسلام الدكتورة أسماء المرابط

ويمكن تلخيص المناهج التي يعتمدن عليها في 4 قراءات: القراءة التوحيدية باعتبار أن عبادة الله هي الهدف الأسمى الذي يخلص الذكر والأنثى من العلاقة التبعية أو التراتبية بينهما، والقراءة التاريخية السياقية التي تراعي ظروف وسياقات كل ثقافة وتحولات المجتمع في ضوء القيم الإسلامية، والقراءة المقاصدية التي توجه الانتباه إلى مقصد الشرع من الأحكام وليس إلى الأحكام في حد ذاتها، والقراءة الشمولية التي تأخذ بعين الاعتبار أن القرآن يفسر بعضه بعضا لتحقيق الحكم الصحيح عكس القراءة التجزيئية والانتقائية له. جدير بالذكر أن النسويات التأويليات يواجهن بعض الانتقادات والإشكاليات التي تعيق اجتهاداتهن وأولها الانتقاد بأنهن يقمن بانتقاء التفاسير التي تتوافق مع الرؤية المساواتية للمرأة مع الرجل كما أنهن متهمات بعدم التخصص في العلوم الشرعية مما يضعف مصداقيتهن خاصة أنهن يعتمدن أحيانا على مناهج تحليل النص مثل البنيوية والتفكيكية وعلم اللاهوت والهيرمينيوطيقا، ويبقى التساؤل عن الرؤية الصائبة من أجل تجديد الخطاب الديني وهو ما نجده في أدبيات مركز الدراسات النسائية في الإسلام التابع للرابطة المحمدية للعلماء حيث يبرز مفهوم “الطريق الثالث” الرافض للتطرف الذكوري والتقليدي في قراءة النصوص الدينية، كما يرفض أيضا التطرف العلماني الذي يعارض إمكانية تحقيق حقوق المرأة من داخل الإطار الديني.

بالانتقال إلى محور الحركة النسائية وتجديد الخطاب الديني، تمت مناقشة المرجعيات والمقاربات التي تعتمد عليها الحركات النسائية بالمغرب، فعرض الباحث إلياس نتائج بحثه في الماستر التي توصلت إلى أن التيار العلماني والتيار الإسلامي يمتحان من مرجعيات مختلفة مما يؤثر على مقاربتهما سواء كانت حقوقية تركز على المرة والمساواة أو اجتماعية تركز على الأسرة والتماسك، مع الإشارة إلى أن هذه الثنائية ليست مطلقة وحدية تمنع أن يعمل كل تيار على تحقيق التوازن بين المرأة والأسرة. تبقى مجموعة من القضايا والإشكالات مثارة على الساحة النسائية في المغرب بين التيارين أبرزها قضية التابت والمتحول داخل كلا المرجعيتين وإمكانية التجديد من داخلها مما يزيد فرص التقارب، وإشكالية حقوق المرأة في المواثيق الدولية “العالمية” مقابل الخصوصية الثقافية المغربية مما يطرح تساؤلات عن مدى توافق الثقافات والقوانين في رؤيتها لقضايا المرأة.

في الأخير، خلص النقاش إلى ضرورة تعزيز البحوث والدراسات التي تسعى إلى تجديد الفكر والخطاب الإسلاميين وفق منهج رصين يحترم الخصوصية المغربية كما يحترم كرامة وقيمة المرأة، وهو الأمر الذي يبقى ناقصا بدون إيجاد قنوات التواصل مع مختلف أطياف المجتمع المدني وشريحة كبيرة من المجتمع وأيضا مع صناع القرار القادرين على ترجمة اجتهادات العلماء إلى قوانين تؤثر على حياة المجتمع كما ستناقشه الأستاذة سمية في الحلقة الدراسية القادمة

 

نشر بتاريخ: 01 / 03 / 2017 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق