مركز الدراسات القرآنية

الدرس المصطلحي للقرآن الكريم: الأسس، المنهج، الآفاق

 

في إطار أنشطته العلمية والفكرية، نظم مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء حلقة جديدة (4) من حلقات “منتدى الدراسات القرآنية” بمحاضرة علمية في موضوع: “الدرس المصطلحي للقرآن الكريم: الأسس ـ المنهج ـ الآفاق” ألقتها فضيلة الأستاذة الدكتورة فريدة زمرد ـ أستاذة التفسير وعلوم القرآن بمؤسسة دار الحديث الحسنية، وعضو المكتب التنفيذي للرابطة المحمدية للعلماء، وذلك يوم الأربعاء 25 دجنبر 2013م، ابتداء من الساعة الثانية والنصف بعد الزوال (14:30) بمقر مركز الدراسات القرآنية، شارع فال ولد عمير، أكدال ـ الرباط.

استهل هذا اللقاء العلمي، رئيس مركز الدراسات القرآنية الدكتور محمد المنتار، الذي أدار فعاليات هذا المنتدى، مشيدا بالأستاذة فريدة زمرد وبالحضور الكريم، وكذلك بقيمة الموضوع وأهميته في واقع الدراسات القرآنية بصفة خاصة ومجال العلوم الإسلامية بصفة عامة.

بعد ذلك، افتتحت الأستاذة الباحثة الموضوع بتأصيل عام للدراسة المصطلحية، مشيرة بأنه ليس وليد اليوم، مؤصلة لذلك بالتجليات الأولى في تراثنا الإسلامي، وذلك من خلال عناية العلماء الأوائل بالألفاظ والمصطلحات، ومن أبرز المجالات التي أصل فيها مفهوم المصطلح القرآني مجالان: فقه اللغة وأصول الفقه، فأفردت لكل مجال تأصيلا علميا مهما، ففي فقه اللغة فلأنه المجال الذي يدرس ـ فيما يدرس ـ القضايا النظرية المرتبطة باللغة وفي مقدمتها تاريخ اللغات: مبدؤها وتطورها، وهنا يكمن مفهوم المصطلح لأنه وجه من أوجه التطور الدلالي للغة.

وأما أصول الفقه، فلأنه العلم المؤسس لمنهج التعامل مع نصوص الوحي وألفاظه، ولذلك كانت للأصوليين عناية خاصة بالألفاظ والدلالات، جعلوا المدخل إليها: باب اللغات وأقسام الحقائق، وضمنها درسوا الألفاظ الشرعية والأسماء الدينية وبحثوا العلاقة بين الأصل اللغوي والاستعمال الشرعي أو الاصطلاحي لها وكل ذلك يدخل في صلب موضوع المصطلح القرآني.

بهذه المقدمة التأصيلية المنهجية شرعت في بسط الكلام في الشق الأول للموضوع الذي هو الأساس.

أما الأسس عنت بها الباحثة: المنهجية العامة لهذه الدراسة، وأن هذه الأسس المنهجية هي التي تميز به الدرس المصطلحي عن غيره من الدراسات كاللسانيات والدراسات الدلالية. صنفتها إلى ثلاثة أسس عامة، وهي متداخلة مع المنهج:

أولاً: الانطلاق من المصطلح.

ثانيا: تحليل النص الذي ورد فيه هذا المصطلح.

ثالثا: وضع تعريف لمفهوم المصطلح المدروس، وهذه المرحلة دقيقة وهي ما يميز الدرس المصطلحي عن التفسير.

وهذه الأسس هي التي ستفرض إجراءات منهجية صارمة؛ وقبل الشروع في الشق الثاني من كلمتها، كان و لابد من الإشارة  إلى أنّ منهج الدراسة المصطلحية يدخل ضمن مناهج دراسة النصوص ينتمي إلى صنف المنهج الوصفي ويستفيد من المنهج التاريخي في بعض جزئياته. هذا بصفة عامة.

أما في عمق البحث المنهجي أشارت الباحثة إلى أنه يمكن تقسيم البحث إلى مرحلتين أساسيتين: مرحلة الدراسة ومرحلة العرض المصطلحي فتعرضت بالدرس والتحليل والتمثيل لكل مرحلة  بما يتناسب معها ومدى خدمتها للدرس المصطلحي، وكثير من هذه القضايا تمهيد في الأسس المنهجية العامة: كالإحصاء، والدراسة المعجمية والدراسة النصية، والدراسة المفهومية، وهي بحث ما فُهم ثم تصنفه؛ وما أن يبدأ المصطلح بالتشكل وفي البيان واضح المعنى، بحيث نستطيع تعريفه.

إلى هذا الحد استطاعت الباحثة وضع معالم الدرس المصطلحي، وكيف أن الدراسة المصطلحية للقرآن الكريم حاولت أن تراعي خصوصية القرآن الكريم باعتباره نص لا كالنصوص الأخرى، واشتراط البيان النبوي، لهذه الألفاظ.

بعد ذلك انتقلت إلى الشق الأخير من كلمتها الذي يعتبر ثمرة هذا البحث ونتيجة تطبيقاته، ألا وهو الآفاق.

فالآفاق: تطرقت إليها الباحثة من إشكاليات كبرى وهي: هل من سبيل لتطوير هذا النوع من الدرس ليتلاءم مع القرآن الكريم؟ ثم هل من سبيل من تجاوز الثغرات التي أنتجها تطبيق هذا المنهج، خصوصا وأن المنهاج بصفة عامة تنتقد حينما تطبق.

لهذا أثارت الباحثة عنوانا سمته الدرس المصطلحي بين قطعية النتائج وظنيتها؛ بحيث ناقشت فيه من يدعي بقطعية نتائج هذا المنهج، وأنه مخطئ من يعتبر أن نتائج الدراسة المصطلحية قطعية ويظن أن التقييد الحرفي بالمنهج كفيل بالباحث للوصول إلى نتائج دقيقة.

ثم من بين الإشكالات المنهجية العلمية الذي عدتها الباحثة من الثغرات، وهو مبحث التعريف، وهو المسمى بعقبة التعريف، وهو مبحث عظيم القدر صعب المنال لا يدركه إلا القليل من الباحثين ومن ملك ملكة البحث والتذوق. فمثلت لذلك بمجموعة من الأمثلة لبعض التعريفات القاصرة.

وأرجعت هذا الضعف إلى عدم تمكن الباحثين من الصناعة الحدّية وضعف تكوينهم، لهذا اقترحت حذفه والاستغناء عنه بعرض المعاني العامة. لأن الوصول إلى التعريف الجامع المانع. يحتاج إلى مزيد علم وملكة كبيرة.

الإشكال الثاني هو إشكال المصادر: ضوابط التعامل مع التفسير والحديث، لاسيما أن من خصوصيات هذا المنهج التعامل مع النصوص الحديثية الصحيحة. 

وبهذه الآفاق اختتمت الباحثة كلمتها الموسومة بالدرس المصطلحي : الأسس، المنهج، الآفاق، على أن أمل تجديد اللقاء لبسط الكلام في كل نقطة من هذه النقاط الآنفة الذكر.

وقد ساهم الحضور الكريم من الباحثين في إثراء الموضوع بأسئلتهم العلمية المنهجية في مختلف جوانبه، سواء ما تعلق منها بالشق الرئيسي أو المنهجي أو الآفاق.

 

إعداد: ذ. الحسن الوزاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق