مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام

الدراسات والتقارير الوطنية والتجارب الدولية حول هيئة المناصفة ومكافحة التمييز. ج. 1

 

 

 

 

نادية الشرقاوي

 

استمر المغرب في تجديد التزامه بالتعاون مع الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان تعبيرا عن الاختيار الديمقراطي الوطني للبلاد، واقتناعا منه في دخول المسلسل الإصلاحي العميق والشامل الذي رسّخ دعائمه الدستور الجديد، وبهذا تكون المملكة المغربية من ضمن الدول التي تسعى جاهدة للانخراط داخل منظومة المجتمع الدولي وفق المبادئ الحقوقية الكونية التي لا تتعارض مع قيمها الجوهرية المبنية على الدين الإسلامي.

ولعل ما يقوم به المغرب من جهود متتالية للنهوض بأوضاع النساء على الخصوص، يؤكد عزم المغرب ووفاءه بالتزاماته الدولية، وفي هذا السياق يأتي تنصيص الدستور الجديد على إحداث هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز، وهي مبادرة وسابقة تميز بها المغرب عن باقي الدول العربية، وسنعرض في هذه الورقة مجموعة من الدراسات والتقارير الوطنية والتجارب الدولية حول المناصفة ومكافحة التمييز.

 

  * وطـــنيا 


     1.  الإصلاح الدستوري 2011: 

أصدرت المملكة المغربية الظهير الشريف[1] الذي ينص على أن الدولة تسعى إلى «تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء” وذلك بإحداث “هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز”، تسهر على احترام تمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في الدستور والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.

وقد تصدّر نص الدستور بما يلي:

“إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة…..

وإدراكا منها لضرورة تقوية الدور الذي تضطلع به على الصعيد الدولي، فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في المنظمات الدولية، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا. كما تؤكد عزمها على مواصلة العمل للمحافظة على السلام والأمن في العالم.”

وفي الباب الثاني الذي تحدث عن “الحريات والحقوق الأساسية” أكد الفصل 19 على ما يلي:”يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.

تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، وتحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز……”

أما الباب الثاني عشر الذي تضمن الحديث عن مبادئ عامة عن:”الحكامة الجيدة” تبين وظائف مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية وهيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها فقد أكد في الفصل 164 منه على ما يلي:تسهر الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، المحدثة بموجب الفصل 19 من هذا الدستور، بصفة خاصة، على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الفصل المذكور، مع مراعاة الاختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.”

 

     2.  دراسة مقارنة حول التجارب الدولية في مجال مأسسة مكافحة التمييز[2]:


بمناسبة اليوم العالمي للمرأة نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوم 12 مارس 2012 بمقره بالرباط حفل تقديم دراسة مقارنة أعدها المجلس بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة حول التجارب الدولية في مجال مأسسة مكافحة التمييز”، وعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان على وضع الأسس الكفيلة بإطلاق هذا النقاش العمومي، وذلك من خلال تعداد مجموعة من التجارب الدولية في مجال مأسسة مكافحة التمييز، عبر مقاربة نماذج من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبلدان أمريكا اللاتينية وإفريقيا الجنوبية، والاستئناس بها لبلورة سند مرجعي للهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز- سواء من حيث مهامها، أوتشكيلتها، أوبنيتها التنظيمية- واقتراحها للنقاش والتداول بين الفاعلين المعنيين.

شارك في إعداد هذه الدراسة كل من ربيعة الناصري، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة لمريني عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

يتناول الجزء الأول من الدراسة الأسس المعيارية والعملية للهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز وذلك من خلال الوقوف عند الأسس الدستورية والتشريعية الوطنية وكذا التزامات المغرب الدولية في هذا المجال.

أما الجزء الثاني من الدراسة فيستعرض بعض التجارب الدولية في مجال مأسسة مكافحة التمييز عبر تناول تجربة المؤسسات الأوروبية المكلفة بالمساواة ومكافحة التمييز بالإضافة إلى تجربة الهيئات المعنية بمكافحة التمييز في أمريكا اللاتينية فضلا عن التجربة الخاصة بجنوب إفريقيا، قبل أن تمر الدراسة إلى جرد أوجه التشابه والاختلاف في ممارسات الهيئات المكلفة بمكافحة التمييز.

ويسلط الجزء الثالث الضوء على سيناريوهات إحداث الهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز كما يقدم جملة من التوصيات ذات الصلة. هكذا يتطرق هذا الجزء الأخير إلى وضعية الهيئة، سندها المعياري والقانوني، الاختصاص، المهام، الوظائف، التركيبة والتنظيم، الموارد البشرية والخبرات والموارد المالية، الحكامة الجيدة والشراكات.

 

3. المناظرة الوطنية حول المناصفة وعدم التمييز: أي سياسات عمومية


 نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشراكة مع وكالة الأمم المتحدة للمرأة، يومي 21 و22 يونيو 2012، أول مناظرة وطنية لمأسسة المناصفة ومحاربة أشكال التمييز، شارك فيها عدد من الخبراء وعلماء الاجتماع وفعاليات من المجتمع المدني وأكاديميين وممثلي المؤسسات الوطنية والخبراء السياسيين والقطاعات الحكومية المعنية، وشملت ثلاث جلسات عامة هي “التمييز على أساس النوع بالمغرب: المحددات والحقائق الجديدة”، “تحليل السياسات العمومية من منظور حقوق الإنسان” و”هيئة المناصفة ومحاربة كافة أشكال التمييز: أرضية الإعمال”. ومن المواضيع الذي تطرق إليها المشاركون في هذه المناظرة، التي تم تنظيمها تحت شعار “مناظرة وطنية حول المناصفة وعدم التمييز، أي سياسات عمومية؟”، “التحولات الاجتماعية وتحديات إعادة ابتكار نموذج سوسيو-سياسي جديد للمساواة”، “أنظمة القيم على محك المساواة” (الجلسة الأولى)، “الدستور: ميثاق الحقوق والحريات”، “الجوانب المنهاجية لتحليل السياسات العمومية على ضوء مبدأ المناصفة وعدم التمييز” (الجلسة الثانية) و”الأسس المفاهيمية والقانونية، الرسالة ومهام الهيئة”، “هيئة المناصفة ومحاربة كافة أشكال التمييز: الحكامة والبعد المجالي” (الجلسة الثالثة).

ومن الأسماء المشاركة:  السيد ادريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة ربيعة الناصري، عضو بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيد محمد الصبار أمين عام المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة مريم بنصالح رئيسة الكونفدرالية العامة للمقاولات المغربية، دة. رحمة بورقية أستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط…

 


[1] http://www.ccdh.org.ma/spip.php?article8043

 

 

 


[1] ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011) بتنفيذ نص الدستور.

[2] http://www.ccdh.org.ma/spip.php?article7382

 

نشر بتاريخ: 13/03/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق