الرابطة المحمدية للعلماء

البيان الختامي للمؤتمر العالمي الأول للقراءات في العالم الإسلامي

الحمد لله الذي باسمه البدء والختام، وعلى نور هداه الشروع والتمام؛ فله الحمد بما يفي بفضائله العظام، والصلاة والسلام على سيد الأنام، سيدنا محمد الموفّى غرر الكمال، وعلى آله وصحبه أنجم السماء الزهر قاشعي الظلام.   

وبعد؛

السادة المؤتمرين، العلماء المبجلين، من شريف المقام للجنة التنظيمية المثول بين أيمانكم في مختتم مزهو هذا الائتمار، لتدبيج بيان الختام، وما بث فيه مرامكم في هذا المقام والـمُقام.

أيها السادة، إن خواتيم الفعال ميزان الاعتبار؛ لأنها مظنة استصفاء النِّتاج مما قد يشوب، ومَقام تخليصه مما يرى منه بمحل الانتواء؛ من أجل ذلك كان رد الأعجاز على الهوادي من مُستبدع المقال؛ فكانت من اللجنة المنظمة كلمة تَستقيل من العثار، مجمعها توصيف، وتوقيف، وتشويف:

أما التوصيف فمتعلقه الإبانة عما استحال عينا شاهدا، ومحفلا مشهودا، بعد سالف قيلٍ ابتدر المسامع فاتحةَ الائتمار – مشاركة ومطاوعة؛ جمعا بين رأيي نَظَّار الأبنية وشيخ الجماعة – فكان ما كان مما هو حري بالذكر، استيفاء لخَلة الشكر. ومَباءةُ التصدير فيها مقصورة – حقيقةً لا إضافة فيها – على من سلف من مسطور قدره التمنُّن بتذليل الذرائع، وتطويع المهايع، إلى هذا الذي تيممه منفقا – زكاةً وتزكية – إمامٌ باسم إمام استوصل؛ وحبذا الاتصال إذا تظاهرت عليه رابطةٌ؛ إلى أهل العلم بلام الاختصاص تعديتها، وبوسم أمير المؤمنين مشتق نعتها، ومركزٌ – كاسمه – قرَّ برسمه متلو ومزبور؛ تأليفا وتعريفا وتكشيفا؛ فكان هذا المؤتمر زينه صنائعه، وحلية معاقده؛ لأنه الممهد في بابه، وذاك صدر محامده؛

وثانيها ما لا يدفع بتجويز التحفيز؛ مما تواترت على الإفصاح عنه ألسُنٌ بصدق العبارة لاهجة، وأبشارٌ تنبئ مطالعها عن مواجيد شاهدة.

وثالثها مباحثات أصابت من الفن مدارجه التاريخية، وخواصه الكلية، استرسلت على الرواية والدراية والآثار؛ فواطأ اسم المؤتمر مسماه؛ وإن كان ممن شَرُفوا بتنظيمه وجوهُ فوْتٍ تبغي التدارك؛ فمحملها على بَدائِهِ الابتدا؛ إذ يغتفر فيه ما لا يجوز مثيله ممن أعاد وأبدا.

وأما التوقيف فتذكرة بجمل ما استفصلته عروض المؤتمرين، وتكملات المتنبهين؛ من الحض على سبر محالِّ الإشكال العلمية، ورؤوسها:

أـ التواتر؛ مصطلحا وتاريخا، وما يعْتقبه في الإطلاق من الاجتماع والتشهير، وما تعلق به؛ مادة وتصاريف ودلالة وقسيما.

بـ ـ تجديد النظر العلمي فيما اختص به هذا القطر المغربي مما اتصل به موروثا في حوافظ القرأة.

جـ ـ القصد إلى دفع ما يرد على بعض طرائق المقروء به مورد الاشتباه؛ وإن شِيء المثال فالنبو عن سننٍ ارتضته مما يشهَد.

دـ تحقيق التفاريق العلمية، بآثارها العملية، بين مصاديق الأخذ ووجوه الاستيثاق، و((اندراجُ الأداء المخصوص في ماهية إسناد المروي)) فرد من مثله.

هـ ـ تحرير التحريرات من إلزامات الفروض العقلية، ومكاره التراكيب الجلية، ببسط ضوابط مرعية، تهدي إلى الاستعصام بها بُسُط المباحثات العلمية.

وأما التشويف؛ فمجمع أمره ما به أشاد يراع من انتُحوا لزين الملتقى، مدبجا في صحائف ـ مأمولا لديهم ـ توسطا لرغائب عنَّت من ثاقب نظر مثافن لبَحِيثٍ سُمع ونظر؛ فاستشرف من قبس نوره، ومستضاء بدره، ما به منتجع العلم الخصيبُ تزكو روابيه، في قوابل تحول عهودا عليها الاستيصاء، وفي سُبْلها مساعي الاستيفاء:

أولها: انتظام أعلام القراءات ومشائخها في هيئة، أو اتحاد، أو رابطة عالمية، تغدو موئلا للفن، ومرجعا يحتكم إلى فصله في شائكه ومشكله.

وثانيها: حثيث السعي إلى ميلاد مكتبة قرائية جامعة، وانبجاس عيون لها رافدة.
وثالثها: انتِخَاء الخصائص الأدائية، وتبجيل الانفرادات في المدارس الإقرائية؛ مغربية أو مشرقية.
ورابعها: فضل بحث، ومزيد نقر، يروم إحياء الأصول النصية، والصلات الإسنادية للطرق العشر النافعية.
وخامسها: جلو خَصِيصات الأسانيد المغربية والمشرقية؛ تقاطعا وانفصالا، اتفاقا وافتراقا.
وسادسها: التواصي بمزيد العناية بإقراء النساء؛ استجازة وتمهيرا.
وسابعها: الاستحثاث على تواتر صنوانِ هذا المؤتمر الجامع، وتوالي أمثاله التوابع.
وثامنها: مد أثر ((مركز أبي عمرو)) إلى ربوع وأقطار، أو التآزر مع أخدانه في الأمصار.

ذلكم – معشر سادة الائتمار – خَليص مستخلص اقتراحكم، وما به استوصيتم؛ ليس لنا فيه إلا صوغ عبارة؛ لعل مساعيَكم بها الاستيفاز إلى حقيق منجزه. والله تعالى يوفِّي بالفوز مسعاكم، ويكلأ بالنجح ثابت خطاكم؛ فلكم منا أثير الشكر، وتليد الذكر، وكريمُ الامتنان يكافئ شريف رفدكم، وفائد علمكم؛ فأنتم – بحمد الله – متكأ الأنام في فنكم، وبوئتم مقام الصدارة بالتصدير؛ لسني ما أفدنا منكم، وحفظكم الله في ظعنكم وإقامتكم، بما هو له أهل، وما أنتم له أهل.

وللمستوصين على نجاح المؤتمر أثيل الثناء، وأصيل عرفان الأيادي البيضاء.

والشكر في التوالي للساهرين عليه إسعافا وإرفاقا:

الرابطة المحمدية للعلماء، على شرفة شرفها عالي المقام، وسمي المنزل والشان؛ فضيلة الأستاذ الإمام، العلامة الموقر؛ الدكتور أحمد عبادي – حفظه الله وسدده.

مركز أبي عمرو الداني؛ على شرف رئاسته الشيخ المقرئ، المسند الجامع الأستاذ الدكتور: عبد الرحيم نبولسي ـ حفظه الله ورعاه.

السادة العلماء، والضيوف الأجلاء، على ما أفادوا وأجادوا.

الهيئة الإعلامية؛ بكافة فروعها، قنوات وطنية، ومهتمة، وإذاعات وصحفا.

الضيوف والحضور الكريم على إسهامهم بالحضور والتفاعل والمذاكرة.

السلطات المحلية، ولائية وأمنية، ومنتخبة، وصحية، وغيرها، على الإسعاف بميسرات إنجاحه.

فللكل الشكر الجزيل، والثناء الأصيل، والله يوفقنا وإياكم، إنه نعم المولى ونعم النصير.

وكتبه حامدا ومصلين على النبي الهادي
الجاني على نفسه، الراجي رحمة ربه
عبد الله بن محمد أكيك
نيابة عن اللجنة التنظيمية للمؤتمر
بمراكش الفيحاء غرة الخميس 28 ربيع الآخر 1434 هـ
الموافق 9 ماي 2013 م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق