الرابطة المحمدية للعلماء

أ.د. أحمد عبادي يفتتح الموسم الجامعي بكلية عبد المالك السعدي بتطوان

نوفمبر 24, 2015

نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد المالك السعدي، (شعبة الدراسات الإسلامية)، بتنسيق مع مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء، صبيحة يوم الثلاثاء 24 نونبر 2015، محاضرة علمية في موضوع “علومنـا الإسلامية والسياق الكوني المعـاصر” ألقاهـا فضيلة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الأستاذ الدكتور أحمد عبادي، بحضور جمع حافل طرّزه تواجد وجوه من العلماء ونخبة من الأساتذة الجامعيين وعدد غفير من الطلبة الباحثين.

وتمهيدا للمحاضرة قدم رئيس مركز أبي الحسن الأشعري نبذة موجزة عن سيرة الأستاذ الدكتور أحمد عبادي وأعماله، أعقبتها كلمة احتفاء وترحيب من جانب عميد كلية الآداب ورئيس شعبة الدراسات الإسلامية.

استهل الدكتور أحمد عبادي محاضرته بمقاربة تحليلية للقسم الأول من عنوان المحاضرة، حيث ناقش مصدر هذه العلوم مستندا في ذلك على مسلّمة قرر فيها أن الوحي حقيقة تعرف نفسها وتعي ذاتها، مؤكدا أن من طبيعة هذا الوحي انسيابه على مستويات متنوعة، وهذا ما يجعل آياته تنزل في الموقع المناسب وتختلف سياقاتها بحسب المجال الذي تخاطبه، فالمجال الذي يعبُر منه الوحي (السماء والأرض والجبال والشمس والقمر والدواب..) يجعل طبيعة مسؤولية هذه الكائنات ـ التي أبت حمل الأمانة ـ محدودة في مرور هاديات الوحي في كينونتها الموسومة بـ”الطوع”، في حين أن سياق الإنسان يختلف فيه عبور هذا الوحي حتى لو استَعمل في خطابه الكلمات نفسها، لاختلاف طبيعة كينونة هذا الإنسان الموسومة بـ”الكدح”.

من جهة أخرى، ركز فضيلة الدكتور أحمد عبادي على “العلاقة” التي تربط هذه العلوم الإسلامية بمصدرها في الفضاء النبوي، مبينا المآزق التي يمكن أن تقع فيها على مستوى التلقي إذا هي تحولت عن هذا الفضاء الذي طبعته سمة التساؤلية  والتشاركية؛  ومحذرا من اضمحلال هذه العلوم إذا ما تم اجتثاثها من الوحي، ففاعلية الـهُدَى لا تتم إلا عبر سكب آيات النور الحكيم في الكينونة الإنسانية، وذلك من خلال استشكال الإنسان لهذا الوحي واستنطاقه و”تثويره” ثم تكييف نتائجه في سلوكه وواقعه استرشادا بقوله تعالى: ﴿قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم﴾.

ثم انتقل المحاضر إلى مناولة القسم الثاني من العنوان، حيث نظر إلى السياق الكوني المعاصر من حيث إنه مفصل تاريخي لم يسبق أن اجتازته الأمة الإسلامية، وذلك باعتباره سياقا تعددت متغيراته، ما بين ذوبان الفوارق اللغوية، وتضخم مشاكل الكون (الاحتباس الحراري، البيئة..الخ)، وصغر حجم الكوكب الذي تجزأ فيه جهد الإنسان وزمانه الفعلي إلى أجزاء يتم توزيعها بأنظمة تنبني على أحدث تقنيات الاتصال والتواصل.

ثم ربط فضيلة الأمين العام بين القسمين تحت ضوء الآية الكريمة {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات}، كاشفا عن طبيعة كل مرتبة من مراتب التعامل مع الميراث النبوي، ومُفصّلا الحديث عن المرتبة الثالثة “السبق بالخيرات” بوصفها القيمة الجوهرية التي تتفرع منها كل سمات وآليات تنزيل الوحي والتفاعل معه.

وبيّن فضيلته أن ثمة جملة من الخصائص التي تقتضيها هذه المرتبة، ومن أهمها “الانغمارية” التي تعني الانهمام بقضايا الناس وآلامهم، وهو ما يدفع العقل إلى تلقي أنوار الوحي بتلهف وتعطش لاشتـعال الذات بهذه القضايا الحارقة، ما يتولد عنه قوة اقتراحية تفتح للأمة إمكانيات تخاطب من خلالها العالم بحسب اللغة التي يفهمها، وأيضا سمة “الوظيفية” التي تدفع الإنسان إلى إبداع “براديغم” مؤطر يُسهّل تتبع احتياجات المجتمع وإشباعها فعليـا.  ثم عرّج بالحديث عن سمة “الغائية” التي تمكننا من رفع المعـاناة عن أهل المعاناة. وكلها سمات تتقاطع ـ كما ذكر الدكتور ـ مع مقتضيات الحكامة والتدبير والاستيعابية والتساؤلية والتكاملية.. كل ذلك خدمة للعلوم الإسلامية من جهة، ومعالجة لمشاكل الأمة ونوازل الناس من جهة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق