مركز أبي الحسن الأشعري يشرف على ورشة علمية تكوينية في موضوع: “الدرس العقدي بالجامعة المغربية الواقع والآفاق”
استقبل مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية يوم السبت 2 مارس 2024 ثلة من طلبة الماستر والدكتوراه من شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب (جامعة عبد المالك السعدي) بتطوان، من أجل المشاركة في ورشة علمية تكوينية موضوعها الأساس: "الدرس العقدي بالجامعة المغربية الواقع والآفاق"، والتي نظمها المركز بتنسيق مع شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بمرتيل وماستر العقيدة بالكلية.
في بداية اللقاء تقدم الدكتور هشام تهتاه (رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بالكلية) بكلمة تأطيرية، استهلها بالترحيب بالحضور الوفير للطلبة، شاكرا لمركز أبي الحسن الأشعري في شخص رئيسه حفاوة الاستقبال وشرف التنسيق، مثمنا في الآن نفسه جهوده (رئيسا وباحثين ومتعاونين) في خدمة البحث العلمي في مجال اختصاصه وهو مجال العقيدة وعلم الكلام عامة، والعقيدة الأشعرية (الثابت الوطني الديني) بوجه خاص، ومنبها على دور العقيدة في توجيه سلوك الناس وإصلاح أحوالهم وأثر ذلك في التنمية البشـرية، ثم تعرض للجوانب العلمية والتربوية المتعلقة بالدرس العقدي الجامعي، وما يطمح إليه التدريس الهادف للعقيدة من مرام نبيلة وغايات سامية يسعى المدرسون لتحقيقها.
ثم تناول الكلام الأستاذ الدكتور محمد الصمدي (منسق ماستر: العقيدة الإسلامية علوم وحضارة /بالكلية)، حيث أشار إلى ريادة المغاربة في خدمة العقيدة الأشعرية، بفضل ما ألفوه حولها من مؤلفات، تنوعت بين المطول والمختصر والمنثور والمنظوم، مبينا ما تفردوا به في مجال التأليف من خصوصيات تميزهم عن إخوانهم المشارقة، منوّها بجهود المركز في هذا النوع من الإنتاج المعرفي العميق.
بعد ذلك أخذ الكلمة رئيس مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء بتطوان للتحدث عن موضوع: "الدرس العقدي بالجامعة المغربية الواقع والآفاق"، مستهلا كلامه بشكر كلية الآداب والعلوم الإنسانية على تفعيل الشراكة العلمية التي تجمعها بالمركز من خلال هذه الورشات العلمية والتكوينية، وذلك بتأطير من شعبة الدراسات الإسلامية في شخص رئيسها ومنسق ماستر العقيدة بها. كما قام بالتذكير بالتجارب التشاركية والأنشطة العلمية الكثيرة التي نظمها المركز بالتنسيق مع الشعبة والكلية عموما في السنوات السابقة.
ثم قسم مداخلته إلى محورين: تقدم في المحور الأول بتعريف موجز للرابطة المحمدية للعلماء وأدوارها الطلائعية في الإشراف على مجال تخصصها في الحقل الديني بالمغرب من خلال مراكزها البحثية التي تجاوزت العشـرين، موزعة على كامل التراب الوطني وفي تخصصات متعددة تجمع العلوم الشـرعية (عقيدة، وفقها، وحديثا، وصحابة، وسلوكا، وإحياء للتراث...إلخ)، كما نالت العلوم الحديثة نصيبها من الاهتمام فوجدنا مراكز أخرى لعلوم: (العمران، والحضارة، والتمنيع والوقاية الاجتماعية..إلخ).
ثم خصص حديثه عن مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية الذي ينصب عمله أساسا على الإنتاج العقدي الأشعري في علم الكلام، فأكد أن مجهود المركز ومشروعه ذهب في اتجاه إحياء التراث الأشعري والعقدي الأصيل من خلال تحقيق ونشـر العديد من المصنفات العقدية المغربية وعلى رأسها مؤلفات للسنوسي، و"العقيدة البرهانية للسلالجي" وشروحها لاسيما شرح اليفرني: "المباحث العقلية"، وشرح العمراني الغربي.
كما عقد المركز مؤتمرات علمية دولية خُصصت لتتبع تطور المذهب الأشعري تاريخيا في المغرب، بدءا من مرحلة دخول الأشعرية إلى الغرب الإسلامي، ثم في المؤتمر الثاني تم الاعتناء بالبحث في الأشعرية وانتشارها بالأندلس، وفي مرحلة تالية وخلال المؤتمر الثالث، اهتم بالبحث في الفكر الأشعري المغربي من المرينيين إلى السعديين، وصولا ـ في المؤتمر الرابع القادم بحول الله ـ إلى العصـر العلوي في مرحلتيه الأولى والثانية.
بالموازاة مع ذلك، يشرف المركز على إصدار مجلة علمية محكمة بعنوان: "الإبانة"، مخصصة للدرس الكلامي وللعقيدة الأشعرية على وجه الخصوص، وهي مجلة تعرض الأفكار والدراسات المتخصصة وتناقشها بمشاركة عدد كبير من الخبراء والمتخصصين.
وأخيرا أبان رئيس المركز عن الدور الإشعاعي الذي يضطلع به المركز من خلال موقعه الإلكتروني الذي يعمل على المساهمة فيه وإغنائه كل الباحثين العاملين بالمركزمع الانفتاح على المساهمات الخارجية.
أما فيما يخص القسم الثاني من مداخلة الدكتور البختي فاتجه نحو موضوع اللقاء الأساس، وهو المتعلق بـ: "الدرس العقدي بالجامعة المغربية: الواقع والآفاق"، فتحدث - من موقع خبرته التي راكمها خلال مسيرته العلمية والمهنية وتجربته الطويلة مع مختلف المقاربات العلمية المعتمدة في الدرس الكلامي بصفة عامة، والأشعري منه على وجه الخصوص- عن واقع التدريس مضمونيا ومنهجيا وبيداغوجيا في جامعاتنا، متتبعا المراكز العلمية الكبرى المهتمة بالدرس الكلامي الأشعري معايرا الأساليب المعتمدة في التدريس بها، ومسجلا ملاحظاته عنها واقتراحاته المتعلقة بتطويرها.
وكان الأستاذ قد جمع رؤيته للموضوع وتجربته التعليمية في كتابه الموجه أساسا للطلبة بعنوان: "الدرس الكلامي في السياق المعاصر - مقاربة إبستيمولوجية ديداكتيكية لنماذج منهجية ونظرية وتطبيقية"، وجعله عصارة وخلاصة لأفكاره في هذا الباب، ثم دعا الطلبة المشاركين في هذه الورشة إلى الرجوع إليه من أجل الاطلاع على طرق ومناهج تدريس العقيدة في الجامعات العربية على وجه العموم، والتأمل مليا في الاقتراحات التي قدمها لتطوير الدرس العقدي.
وفي ختام هذه الورشة قام بعض الطلبة الحاضرين بتقديم أسئلتهم وملاحظاتهم في موضوع اللقاء ومهام مركز الأشعري، تفضل الأساتذة المؤطرون بالإجابة عنها، حاثين الطلبة على بذل جهودهم في الاستفادة من التوجيهات المقدمة عن الدرس العقدي واستثمار كل ذلك في توجيه بحوثهم وقراءاتهم وفي استصلاح أحوالهم وترشيد سلوكهم، تنزيلا لمخرجات التوصيف العلمي لماستر: العقيدة الإسلامية علوم وحضارة، الذي ينتسبون إليه.