مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام

لقاء حول ” دونيس ماسون، سيدة مراكش” بمركز جاك بارك

إعداد: بشرى لغزالي

 

 

 

عرض مركز جاك بارك مساء يوم الثلاثاء 21 ماي شريطا وثائقيا عن حياة دونيس ماسون Denise Masson بعنوان “دونيس ماسون، سيدة مراكش” بحضور الكاتبة السيدة نيكول دي بونتشاراNicole de Pontcharra التي أصدرت كتابا عن حياة هذه الشخصية النسائية. وقد تعرف العالم العربي على دونيس، الفرنسية الكاثوليكية، سنة 1967 بعد ترجمتها للقرآن باللغة الفرنسية. وقد كرست حياتها للعمل الاجتماعي ودراسة الديانات التوحيدية الثلاث وحوار الأديان وفهم الآخر، واستقرت بمراكش لما يزيد عن 60 سنة إلى أن وافتها المنية سنة 1994 ودُفنت بها.

 ويسلط هذا الشريط الضوء على شخصية وحياة دونيس التي كانت منفتحة على الثقافة الإسلامية ومؤازرة للمسلمات رغم اعتناقها المسيحية.

يرجع بنا الشريط إلى قدوم دونيس الأول إلى المغرب في عام 1929 عندما كانت تبلغ 28 سنة، بصفتها ممرضة، وهي تنحدر من أسرة برجوازية متدينة، قررت الاستقرار بالمغرب بسبب الحب الذي تكنه لهذا البلد وللقارة السمراء عموما ولإعجابها بالعلاقة الوطيدة التي تربط المسلمين بالله من خلال دينهم. أبدت اهتمامها بالإسلام والمسلمين فقررت دراسة اللغة العربية لتتعمق في العقيدة الإسلامية، كما كان انتشار مرض السل الذي شهده المغرب في إحدى الفترات فرصة لتقدم الإسعافات للمحتاجين كممرضة وتخدمهم وتكتشف الثقافة المغربية وحياة النساء.

قامت بتكوين مساعدات اجتماعيات فرنسيات سنة 1940 على مستوى الثقافة واللغة بغية مساعدة النساء المغربيات، وذلك بناء على طلب من الحماية الفرنسية، قبل أن تقدم استقالتها من الإدارة الفرنسية سنة 1945 وتتفرغ للمساعدة الاجتماعية. كانت تشاطر المغاربة رغبتهم في استقلال المغرب، حيث كانت تستقبل في منزلها مثقفين ووطنيين مراكشيين في السر وتدعمهم، رغم أنها لم تكن امرأة سياسة وإنما كانت مهتمة بقضية الاستقلال. سخرت بعد ذلك كل وقتها للبحث واهتمت في كتاباتها بكل ما يجمع الديانات التوحيدية الثلاث بهدف التفاهم والتعايش والاحترام المتبادل واكتشاف الأفضل عند الآخر.

 لم تكن دونيس راضية عن ترجمات القرآن المتوفرة باللغة الفرنسية، لذلك قامت بمحاولة شخصية لترجمته دامت ثلاثين عاما. وقد لقيت ترجمتها إعجاب واستحسان الكثيرين لأنها تعكس البعد الروحي للقرآن. كما اعتبر الأزهر هذا العمل أفضل محاولة لترجمة معاني القرآن باللغة الفرنسية. كما كان من أكثر الترجمات طلبا وقراءة. لم تكن دونيس تُوقع على عملها باسمها الشخصي، بل كانت تكتفي بأول حرف من اسمها لكي لا يؤثر على الحكم الذي سيتلقاه عملها باعتبارها امرأة ومسيحية، كما أنها كانت تتوصل برسائل تهنئة وإعجاب على الترجمة، التي تُعد مرجعا للمسلمين الفرنسيين الذين لم يتعلموا لغتهم العربية.

بعد انتهاء الشريط، فُتح باب النقاش بخصوص ما تضمنه الشريط الوثائقي من وقائع ومعلومات، وقدمت الكاتبة نيكول دي بونتشارا كتابيها، حيث تطرقت في الأول لحياتها وطفولتها التي مرت فيها بثلاث محطات وهي روسيا وفرنسا والمغرب؛ وفي الكتاب الثاني لسيرة دونيس ماسون الذي لم يخل من عنصر الخيال باعتباره عملا أدبيا.

سمح هذا الشريط الوثائقي بالتعريف بشخصية تركت بصمتها في الساحة الثقافية الفرنسية، وعبرت من خلال مواقفها عن التسامح والإخاء الذي يُفترض أن يسود بين معتنقي الديانات السماوية الثلاث بغض النظر عن الاختلافات المرجعية.

 

نشر بتاريخ: 5 / 23 / 2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق