مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام

زيارة البروفيسور رامون كروسفوكل للمغرب: خطاب مناهضة الاستعمار وصناعة البديل الإبستيمولوجي

 

تقرير: إلياس بوزغاية

 

 

 

في زيارة لمدة 10 أيام، استقبلت الرابطة المحمدية للعلماء البروفيسور رامون كروسفوكل Ramon Grosfoguel لكي يقوم بتأطير مجموعة من المحاضرات والدورات التكوينية لفائدة العديد من المؤسسات والهيئات المغربية. البروفيسور رامون كروسفوكل أستاذ محاضر بجامعة كاليفورنيا بيركلي بشعبة الدراسات الإثنية، وهو متخصص في قضايا التاريخ الاستعماري ومناهضة الاستعمار والامبريالية الثقافية والابستيمولوجية.

بمقر الرابطة المحمدية للعلماء، أيام 6 – 7 – 8 ماي 2014، كان ثلة من رؤساء المراكز والوحدات وأعضاء الرابطة على موعد مع دورة تكوينية مكثفة مع البروفيسور رامون حول عدة مواضيع مرتبطة بخطاب مناهضة الاستعمار- decoloniality – وقضايا البديل الإبستيمولوجي وتجاوز الحداثة الغربية transmodernity -. كما حظيت في نفس الإطار مؤسسات وجامعات أخرى مثل EGE  و HEM و معهد محمد السادس للدراسات القرآنية وجامعة القاضي عياض بمراكش وجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بفرصة الاستفادة من محاضرة البروفيسور رامون والتي اختزل فيها معظم أفكاره الغنية والمتشعبة وناقشها معه معظم الحضور باهتمام بالغ.

يؤكد الدكتور رامون منذ البداية على ضرورة الرجوع إلى التاريخ من أجل استقصاء بداية الاستعمار وآثاره، كما يبرز أهمية ذلك في الإجابة عن السؤال: ما نوع البناء المعرفي (épistémologie) الذي تتبناه الجامعات والشعوب اليوم من أجل تشكيل وعيها بالعالم؟ يجيب الدكتور بأن هذه الإبستيمولوجيا ذات نزعة عنصرية ضد الشرق (racist) والنساء (sexist) من خلال وجود مناهج دراسية ومؤلفات تتمحور بالأساس حول مفكرين وعلماء ذكور من خمسة دول حصريا (إيطاليا – ألمانيا – بريطانيا – فرنسا – أمريكا). هذه البلدان، والتي تشكل 12% و 6% من سكان العالم إذا حذفنا العنصر النسوي، أصبحت هي مصدر المعرفة والمسيطرة على ثرواته، وذلك فيه إقصاء وتهميش لجميع العلوم والمعارف التي توصلت إليها ثقافات أخرى.

كيف حدث هذا؟ يفسر الدكتور رامون بان هذا الواقع هو امتداد للعقلية الاستعمارية لأروبا انطلاقا من أربعة إبادات منهجية (غزو الأندلس – إبادة الهنود الحمر بأمريكا اللاتينية – استعباد السود بإفريقيا – إبادة النساء الأصليات في أروبا بدعوى ممارستهن للسحر). المثير هو أن هذه الإبادات تمت باسم الدين المسيحي الذي استحوذت عليه الدولة وسخرته كذريعة لخلق ذلك الآخر الشيطان، عديم الروح، همجي، حيوان، ومن تم تبرير قتله أو استعباده. ومهم أيضا أن هذه الإبادة استهدفت البعد الديني والمادي والمعرفي لكل الحضارات. وبالوصول إلى فترة الاستعمار في القرن 19، فإن التمركز حول الغرب كان ظاهرا جدا إلى حد صنع ثنائية الصراع والتبعية بين الغرب والشرق وخلق ثقافة العولمة وكونية حقوق الإنسان.

يتحدث الدكتور رامون عن البديل الإبستيمولوجي ويؤكد على أهمية خلق ثقافة pluriversalism (التعددية) بدل الشمولية (universalism) حيث لن تكون الحضارات في صراع من أجل قلب هرم القوة العالمي، بل إن مفهوم الاختلاف في ظل الوحدة والاحترام المتبادل هو المفترض، والدين الإسلامي يتوفر على هذا المنطق في مفهوم التوحيد حيث لا فضل أو سلطة لمخلوق على آخر. ويشرح الدكتور رامون فكرة وعملية مناهضة الاستعمار (decoloniality) و عبر الحداثة (transmodernity) من خلال رسم توضيحي يبين سيرورة القيام بتجاوز النظام الإبستيمولوجي الحالي وذلك بالاعتماد على انفتاح ونقد مزدوج لمن يعتبرون أنفسهم حداثيين ومن يعتبرون انفسهم أعداء للحداثة. كل ذلك في إطار من الاستمرار والتعايش وليس الهدم والإقصاء.

 

نشر بتاريخ: 20 / 05 / 2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق