مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام

الفيلسفوف الارجنتيني أنريك دوسل Enrique Dussel: “نحن بحاجة لمثقفين يؤمنون بتاريخهم”.

سمية شكروني

 

 

 

ما معنى الفلسفة وما الغاية منها؟ هل هي فقط محبة الحكمة كما يصطلح عليها لغويا؟ أم أنها درب يمكن أن يسلكه الفرد للتعرف على ذاته وحقيقة ما حوله؟ أم أنها جزء من منظومة أشمل تتمثل في الحضارة؟ هل الغاية منها فقط طرح تساؤلات والتشكيك في بعض الحقائق؟ أم أنها وسيلة لتقويم الفكر الإنساني برمته؟ ما هو دور السفر والترحال في الكشف عن حقيقة الأشياء؟ وكيف يمكننا معرفة الآخر؟ هل يكفي أن نحتكم إلى ما نراه من حولنا، أم أنه “يجب أن تكون لدينا العين التي ترى والأذن التي تسمع والقلب الذي يشعر والفكر الذي يحلل على ضوء ذلك كله؟ أسئلة وأخرى شكلت مضمون محاضرة الفيلسوف الارجنتيني أنريك دوسل Enrique Dussel التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء زوال يومه الاثنين 20 أبريل بمقرها الجديد، بحضور ثلة من الباحثين والمهتمين بفكر وأطروحة السيد دوسل التي استغرقت منه رحلة بحث مطولة كلفته الكثير من التضحيات بل كادت أن تكلفه حياته، لكنها بالمقابل جعلته يكتشف حقيقة العالم من حوله من خلال زيارته لأماكن متعددة للإجابة على إحدى تساؤلاته العميقة التي رافقته مند بداية رحلته حول معنى “أن تكون أمريكياً لاتينيا؟”

خلال هذه المحاضرة التي جاءت بعنوان “فلسفة التحرير” وهي فلسفة حديثة تعتمد بشكل كبير على المنطق والتحليل، وتهتم “بنظرية المعرفة”، قدم المحاضر الذي يبلغ من العمر 82 سنة، مجموعة من الفرضيات التي تشكك في الخطابات والنظريات المعرفية التي انبنت عليها مجموعة من المجتمعات والمشاريع الفكرية اليوم بعدما تم تعميم فلسفتها و تبنيها منذ قرون كمرجعية عقلانية وحيدة متمركزة حول الفكر الغربي  في إشارة منه  إلى أوروبا وأمريكا. 

في هذا السياق، توقف دوسل مطولا عند نظرية المعرفة الأوروممركزة Eurocentric التي تصور الفكر الغربي المهيمن على المجتمعات الإنسانية  الأخرى كفكر وحيد وأمثل بالنسبة لها. والسبب في هذه الهيمنة، التي جسدها في شكل الإله المعبود من طرف العبيد، يرجع حسب رأيه،  إلى المسار الذي اعتمده المؤرخون الغربيون في كتابة التاريخ مند العصور القديمة مرورا بالعصور الوسطى ثم الحداثة، مشيرا إلى أنه ليس المسار الوحيد ولا ينطبق على باقي الحضارات، بل هناك مسارات أخرى تقتضي منا البحث في تاريخ الحضارات الأخرى في إشارة منه إلى الفلسفة الشرقية التي تشتهر بسمتها الدينية، وتعتمد على الروحانية اكثر من العقل، والتي أتت من دول الشرق الأقصى مثل الهند، الصين، واليابان.

من جهة أخرى، تطرق المحاضر لعلاقة المعرفة بالقوة وعلاقة القانون بالإيمان من خلال تحليل ما أسماه “البراديغم المعرفي لنبي الله موسى” عيه السلام في علاقته مع النظام الفرعوني الذي كان سائداً في مصر القديمة والذي أسس مجموعة من القوانين المصرية القديمة وفق منهج عقلاني مبني على رؤية دينية لشرعنة العبودية أنذاك.

خلال هذا اللقاء أكد دوسل على ضرورة الحوار والتعاون جنوب-جنوب من أجل بناء عالم جديد برؤية جديدة  تكون مبنية على الاحترام وتكون الغاية منها حصد الاعتراف المتبادل. من جهة أخرى، أوصى بضرورة استحضار السياق التاريخي والجغرافي والمقاربة العقلانية في تحرير المعرفة والتي تقتضي بدورها إيمان مثقفينا بتارخهم.

للإشارة، فإن الفيلسوف انريكه دوسل Enrique Dussel هو أستاذ الاخلاقيات، والفلسفة السياسية، والدراسات الأمريكية اللاتينية، وكذلك أستاذ شرفي (2010) في جامعة ميتروبوليتانا المستقلة(جامعة إيستابالابا UAM-Iztapalapa مند عام 1975. كما أنه قام بالتدريس لمدة نصف سنة في كل من جامعة هارفرد، وجامعة نوتردام، وجامعة ولاية كاليفورنيا (لوس أنجليس)، وفي الحلقة الدراسية بكلية التحاد اللاهوتية (نيويورك)، وجامعة لويلا (شيكاغو)، وجامعة فاندربيلت، وجامعة ديوك، وغيرها. وهو مؤسس حركة فلسفة التحرير في أمريكا اللاتينية. وقد ألف 60 كتابا وأكثر من 450 مقالا.

 

نشر بتاريخ: 26 / 04 / 2015

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق