الرابطة المحمدية للعلماء

العدد 92 من “ميثاق الرابطة” على شبكة الأنترنت

أرجع فضيلة الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، السبب في كثرة تناول مواضيع القيم والأخلاق في علاقتهما بالعولمة، بالبحث والتحليل والتفكيك، إلى الرجات المتوالية التي يعرفها عالمنا، وخاصة المجتمعات التاريخية منه، وأشار في افتتاحيته الخاصة بالعدد 92 من المجلة الإلكترونية الأسبوعية “ميثاق الرابطة”، الذي تجدونه على شبكة الأنترنت، إلى أن هذه الرجات ناجمة في جزء كبير منها عن العلاقات غير المتكافئة بين قيم جديدة وافدة، وقيم هذه المجتمعات الأصلية المتجذرة، مبينا أن بوادر هذا الاهتمام بالأخلاق والقيم في علاقتهما بالتغييرات الاجتماعية، بدت “منذ أن كتب ماكس فيبر (Max Weber) مجموعة من الدراسات يمكن إدراجها ضمن “سوسيولوجيا الأديان”، درس فيها الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية، ساعيا من خلال ذلك إلى تحليل ظاهرة الحداثة وكيفية نشأتها وتشكلها وسريانها في المجتمعات الصناعية آنذاك”.

وأضاف فضيلة الأمين العام في الافتتاحية نفسها التي تحمل عنوان “نحن والقيم”، أن الكتابات في هذا الموضوع، توالت مع ازدياد المد الصناعي والتكنولوجي، واستشهد في هذا الإطار بكتابات ألفين توفلير (Alvin Toffler) التي تمحورت حول إشكالية القيم والأخلاق في ترابطهما بالصناعة والتكنولوجيا من مثل كتابه الظاهرة: “صدمة المستقبل”، وكتابه “الموجة الثالثة”، وأشار إلى أنه ناقش في هذين المؤلفين “الاهتزازات والاختلالات التي تعتري المجتمعات من جراء ردود الفعل على الانفجار الرقمي وثورة المعلوميات، وتسارع المد التكنولوجي، وما يولده ذلك من قيم وأخلاق جديدة، وهو ما أكده المفكر الأمريكي اللوذعي دون تابسكوت (Don Tapscott) في كتابه الأخير “جيل الأنترنت””، موضحا أن المفكر الألماني، أوزوالد شبنجلر (Oswald Spengler) تنبأ في هذا السياق في كتابه “أفول الغرب” بالمآل الكارثي الذي يهدد كثيرا من المجتمعات نتيجة اندحار وتراجع مجموعة من القيم التي عاشت عليها كالحرية والمساواة والأخوة.

وشرح فضيلة الدكتور أحمد عبادي، أن العولمة باعتبارها ثقافة جديدة، لم تقف عند الحدود التي رسمتها لنفسها عند منطلقاتها في البداية، باعتبارها كمّا من القيم والخدمات المشتركة في إطار تفاعلي، بل بدأت تتخذ مسعى استراتيجيا جديدا يعطي انطباعا لدى بعض المتتبعين بكونه يروم اختزال مختلف الثقافات في ثقافة واحدة، عن طريق خلخلة المنظومات القيمية للمجتمعات، والاستعاضة عنها بمنظومة قيم العولمة، معضدا ذلك بما أشار إليه الأستاذ طه عبد الرحمن في تعريفه للعولمة حين قال في مقال له نشر بمجلة المنعطف في عددها 20 يحمل عنوان “الآفات الخلقية للعولمة، كيف يمكن درؤها؟ “وأما التعريف الإجمالي للعولمة، فهو أن العولمة هي السعي إلى تحويل العالم إلى مجال واحد من العلاقات الأخلاقية، أو قل مجال علاقي أخلاقي واحد، عن طريق تحقيق سيطرات ثلاث: سيطرة الاقتصاد في حقل التنمية وسيطرة التقنية في حقل العلم وسيطرة الشبكة في حقل الاتصال، فلما كانت كل أفعال الإنسان، بموجب المسلمة الأخلاقية السابقة، أفعالا خلقية ترفعه أو تضعه، لزم أن تكون الأفعال المقومة للعولمة، أي السيطرات الثلاث، هي الأخرى أفعالا خلقية، وأن تكون العولمة بالتالي عبارة عن عملية تخليق شاملة”.

وتحت عنوان “التعليم العتيق ببادية الشمال من خلال الكتاتيب والمساجد والزوايا”، تناول الدكتور محمد كنون الحسني، سيرة عدد من العلماء والفقهاء الأجلاء الذين تخطت شهرتهم القبائل التي اربوا وترعرعوا فيها، وذكر من هؤلاء العلامة الأمين بوزيد الأنجري، العلامة سيدي محمد بن محمد بن تاويت الودراسي الطنجي، العلامة سيدي أحمد بوزيد الأنجري، العلامة سيدي محمد الأنجري، والفقيه الحاج محمد بن الهاشمي البقاش.

ويواصل الدكتور جمال بامي، الباحث في التاريخ، التعريف ببعض العلماء والفقهاء القدامى الذين أنجبهم المغرب، وتوقف في هذا العدد عند العلامة والفقيه الموسوعي العظيم عبدالقادر الفاسي، وأكد أنه رحمه اله كان ملما إلماما كبيرا بعدة علوم وخاصة علم الحديث والفقه واللغة والمنطق، وكان يعيش من كسب يده عن طريق استنساخ الكتب كصحيحي البخاري ومسلم، ويعتبر أحد العلماء المغاربة التي تُعرّف سلسلة روايتهم وأسانيدهم للحديث بسلسلة الذهب وهم، رضوان الجنوي الذي يروي عنه محمد القصار الذي يروي عنه سيدي عبد الرحمان الفاسي الذي يروي عنه سيدي عبد القادر الفاسي، مبينا أنه تتلمذ على يديه عدة أفذاذ ممن أصبحوا علماء كبار أثروا في ثقافة العصر مثل أبي سالم العياشي الذي أجازه عبد القادر الفاسي إجازة عامة، وعبد السلام بن الطيب القادري، وعبد السلام جسوس، ومحمد العربي الفشتالي وأحمد بن أبي يعقوب الولالي صاحب “مباحث الأنوار في مناقب بعض الأخيار”، وأحمد بن عبد الحي الحلبي، ومحمد العربي بردلة، ومحمد بن أحمد المسناوي، بالإضافة إلى العلامة الحسن اليوسي.

كما يضم العدد مواضيع ومقالات أخرى، حررها عدد من العلماء والأساتذة الأجلاء من بينهم الدكتور محمد السرار، الدكتور عبدالحميد عشاق، الدكتور عبدالله المعصر، والدكتور لحسن تاوشيخت، والدكتور إسماعيل راضي، والأستاذة إيمان الدوابي والأستاذ مصطفى بوزغيبة بالإضافة إلى مقالة للأستاذ أحد ديدي، عضو المجلس الأكادي للرابطة المحمدية للعلماء تحمل عنوان “الأسرة المسلمة قاطرة إسلامية إنسانية”.

أحمد زياد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق