الرابطة المحمدية للعلماء

إطلاق برنامج “مصالحة” لفائدة السجناء المدانين في قضايا الإرهاب والتطرف

مايو 29, 2017

بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء، والمجلس الوطني لحقوق الانسان، أطلقت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج، برنامج “مصالحة” لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية المدانين في قضايا الإرهاب والتطرف.

وقامت المندوبية وفقا لبلاغ صحفي أصدرته في الموضوع، بإعداد هذا البرنامج، وبلورة منهجيته وتنفيذه بالاعتماد على مواردها الذاتية وذلك في اطار تعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء، و المجلس الوطني لحقوق الإنسان، و خبراء مختصين.

ويرتكز برنامج “مصالحة” على ثلاث محاور أساسية تتعلق بالمصالحة مع الذات، المصالحة مع النص الديني، والمصالحة مع المجتمع، وذلك بغية تأمين شروط إعادة إدماج شريحة المدانين في قضايا الإرهاب و التطرف بالمؤسسات السجنية في المجتمع، وحماية المجتمع المغربي من آفة التطرف والإرهاب، وتحصين الامن الروحي للمواطنين، وفق مقاربة علمية مبدعة تتكامل مع الجهود المتعددة الابعاد و المبذولة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرّف.

البرنامج الجديد يستمد فلسفته من التوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الداعية إلى تعزيز قيم المواطنة والتسامح و الاعتدال ، و اذكاء الإحساس بالمسؤولية المواطنة بين مختلف شرائح و فعاليات المجتمع المغربي، كما يستمد فلسفته أيضا من حرص جلالته على ضرورة إصلاح  العدالة الجنائية بالمغرب، على أسس المواطنة و المحاسبة و المسؤولية و المساواة في الحقوق و الواجبات و الفرص، و كدا ضرورة العمل و الحرص على صون الكرامة الإنسانية للمواطنين السجناء التي لا تجردهم منها الأحكام القضائية السالبة للحرية.

ويعد برنامج “مصالحة” مبادرة تكرس المبدأ الذي قامت عليه تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في صيغة جديدة تتفرد بكون المصالحة فيها صادرة عن السجناء المعنيين، مع المجتمع الذي تحمل أضرارا مادية ومعنوية بسبب أفكارهم المتطرفة أو أعمالهم الإرهابية، كما أن  هذا المشروع الفريد من نوعه على المستوى العالمي، يندرج في اطار الاستراتيجية  الجديدة للمندوبية العامة المبنية على مبدأ  تفريد العقوبة واعمال البرامج الرامية الى أنسنة و تحسين ظروف الاعتقال، وتأهيل السجناء لتهيئهم للإدماج.

ويأتي اطلاق هذا البرنامج في سياق  خطة المندوبية العامة، التي سبق وأن تم الإعلان عنها في  شهر مارس 2016 ، والمتعلقة بنشر ثقافة التسامح و محاربة التطرف العنيف داخل السجون بتنفيذ برنامج خاص للتثقيف بالنظير، إضافة إلى تنظيمها لبرنامج الجامعة في السجون   لفائدة النزلاء الجامعيين حول مواضيع تعنى بالقضايا المجتمعية المتصلة بالإدماج.

وأشرف على اعداد منهجية تنفيذ برنامج “مصالحة”، وتنزيل مقتضياته، لجنة علمية وطنية من مستوى ، وذلك وفق مرجعية علمية تتسم  بالتكامل و الشمولية،  مما يجعله يتمايز عن برامج المراجعات و الحوارات الفكرية التي تم اعتمادها وطنيا و إقليميا في مراحل سابقة.

ويهدف هذا البرنامج الجديد الى التأطير الشمولي للسجناء وتأهيلهم نفسيا وفكريا وسلوكيا للتعامل بطريقة سليمة مع نظم المجتمع و فعالياته المؤسسية، و البشرية بما يسمح لهم بالاندماج الكامل والفعال.

وفي هذا الصدد ، تم استكمال  برنامج “مصالحة” في  نسخته الأولى بنجاح خلال الفترة الممتدة ما بين 29 ماي و 25 يوليو من العام 2017، و ذلك بسجن العرجات 1، و استفاد منه سجناء مدانين في ملفات الإرهاب و التطرف، يمثلون عينات من مختلف الاتجاهات الجهادية، و المحكوم عليهم بعقوبات سجنية متفاوتة، وقد عبروا عن رغبة اكيدة في المشاركة في هذا البرنامج بشكل اختياري وعن طواعية.

وقد تم تنفيذ البرنامج  في محاوره الثلاثة وفق الابعاد التالية :

1- البعد المتعلق بالتاهيل الديني وما يتصل به على مستوى فهم واستيعاب النص الديني بالشكل الصحيح والمكرس لقيم التسامح والاعتدال بارتباط بالرؤى والقناعات  ذي صلة بتمثلات السجناء الجهاديين للمجتمع و للدولة و للعالم،

2- البعد الحقوقي والقانوني، حيث تم تاهيل السجناء على مستوى فهم واستيعاب وقبول الإطار القانوني المنظم لعلاقة الأفراد بالمجتمع وبالدولة وبضوابط  النص القانوني، انطلاقا من جدلية الحقوق و الواجبات،

3- البعد الخاص بالـتأهيل و المصاحبة النفسيتين باعتبار ان الفئة المعنية من السجناء تعيش تحولات على مستوى تمثل الذات خلال مراحل متوالية  تبدأ بمرحلة ما قبل الاعتقال مرورا بمرحلة المحاكمة ثم مرحلة تنفيذ العقوبة السالبة للحرية  بالمؤسسة السجنية،

4- البعد المتعلق بالـتأهيل السيوسيو اقتصادي، من خلال تأهيل السجين للعودة للمجتمع بمؤهلات ذاتية تمكنه من الاندماج الاقتصادي والاجتماعي.

وفي اطار هذا البرنامج، خصصت حصص لعرض تسجيلات سمعية بصرية لشهادات بعض عائلات ضحايا الإرهاب،  بهدف تحسيس السجناء المدانين في اطار قضايا  التطرف و الإرهاب،  بحجم الأذى الذي يخلفه التطرف العنيف على استقرار المجتمع، و أمنه، علاوة على الضرر المباشر الذي يصيب الضحايا، كما تم  الحرص خلال هذه المرحلة على  تأمين المصاحبة النفسية، حتى لا يتم رفع حدة الشعور بالذنب إلى  درجات مرضية قد تفسد عملية التعافي وتعديل السلوك  كما توج البرنامج بعقد مناظرة في شكل تمرين تجريبي يختبر مدى تملك السجناء  تقنيات هدم و تفكيك الخطاب المتطرف.

 وبعد استكمال النسخة الأولى  لبرنامج “مصالحة”، تأكد لدى أعضاء اللجنة العلمية، من خلال تقييم ما تم اعماله على أساس مؤشرات علمية دقيقة، أن هنالك تجاوبا إيجابيا لدى السجناء المستفيدين وتطورا ملحوظا على مستوى تمثل الذات، وفهم واستيعاب النص الديني، ومقاربة القيم المجتمعية الصحيحة.

وتعتزم المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج بالشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء، والمجلس الوطني لحقوق الانسان، دراسة امكانية تأمين استمراريتها مع الانفتاح على شركاء اخرين معنيين، من أجل إطلاق نسخة ثانية لفائدة المرشحين الجدد من النزلاء الذين أبدوا رغبتهم في الانخراط في  هذا البرنامج الـتأهيلي.

المحجوب داسع

Science

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق