الرابطة المحمدية للعلماء

“أيمن ونهى” تشارك في مؤتمر الصحافة الإسلامية الأول المقام بدولة الكويت

شاركت سلسلة “أيمن ونهى” للأطفال، والتي تصدرها الرابطة المحمدية للعلماء في مؤتمر الصحافة الإسلامي الأول المنظم من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – دولة الكويت ما بين 6 -8 /1/1434  هـ الموافق ل 20 – 22 نونبر 2012، تحت شعار: “الصحافة الإسلامية.. خطاب متجدد”.
وقد شارك الأستاذ مصطفى ليادري رئيس وحدة رعاية النشء بالرابطة المحمدية للعلماء ورئيس تحرير سلسلة أيمن ونهى، في أشغال المؤتمر  بورقة في موضوع “مجلات الأطفال والرسالة القيمية” أبرز فيها التحديات الكبرى  التي تعترض الرسالة القيمية لمجلات الأطفال في زمننا الحاضر، والتي تكمن خاصة في محاولات زرع قيم بديلة لتلك التي تسهر على زرعها آلة ضخمة ومتطورة تقنيا، تجاوزت المعروف تقليديا من الدعاية، ومحاولات التأثير المحدودة، لتدخل دينامية فعالة لتعميم القيم السوقية الاستهلاكية، فيما يمكن أن نسميه “الاختراق الثقافي المعولم”. والخطر هنا أننا لسنا أمام محاولة لإزاحة نظام ثقافي وقيمي أصيل وتعويضه بنمط ثقافي وقيمي دخيل، بل نحن أمام عملية هدم كاملة لمنظومات قيمية وتعويضها بفوضى الاستهلاك.

وأضاف أن الاختراق القيمي المعولم والشامل، يستعمل ما يسمى في إطار العلاقات بين المجتمعات ” التأثير الناعم ” soft power . حيث تتعدد نقاط الاتصال بين المجتمع المهيمن والمجتمع المتلقي: التواصل الإعلامي، الشبكة العنكبوتية، السياحة، تبادل الوفود، الهجرة، الطلاب وغيرها، فتتشتت نقاط الإرسال والتلقي في كامل جسم المجتمع بشكل تصبح معه صعبة الرصد، وتفعل فعلها بهدوء ودون ضجيج.

التحدي الآخر، يكمن في دينامية التحديث التي تعرفها اليوم كل المجتمعات، وخاصة التي ترتبط بعملية تنموية متعثرة وغير مكتملة، كما تعرف ذلك الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية اليوم.إن هذه الدينامية تقوم عادة بتفكيك العالم القديم و التقليدي و القروي و البدوي وإعادة تركيبه في عالم حضري ومدني وحديث، أي عملية تفكيك وإعادة إدماج، وما يحصل عادة في عمليات التحديث المتعثرة هو الشق الأول من هذه العملية، أي التدمير والتفكيك للأنماط القديمة وأنظمتها القيمية، دون أن تكون للمدينة القدرة على استيعاب القادمين الجدد، وإعادة دمجهم في الاقتصاد الحديث وفي سلم قيمه، فتتكدس جماعات وجماعات خارج النظام القيمي، بل أحيانا تخترقها العديد من الأنماط القيمية بشكل عشوائي.

هذا هو الإطار العام، الذي تحاول داخله مجلات الأطفال حماية القيم الأصيلة، وهي هنا تكتسي أهمية استراتيجية، ووجودها ليس من قبيل الفضول الزائد، بل من الواجبات الضرورية، وذلك لخصائص لا تنازعها فيها أدات أخرى، وتجعلها وسيلة استثنائية وثمينة في عمليات الغرس القيمي. وأذكر منها اثنتين: الحميمية واللعب، هاتان الخاصيتان اللتان نجدهما في مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة صراحة وضمنا أذكر هنا أحدها: حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كان عنده صبي فليتصابى له”.

الخاصية الأولى: تكمن في حميمية العلاقة بين الطفل والمجلة

إن المجلة تحضر في عالم الطفل، رقميا وورقيا وهو ما يجعلها رفيقة دائمة للطفل وإحدى مكونات عالمه الخاص، ينسج معها علاقة حميمية، خاصة إذا شغف بشخصيات أبطالها ومن ثم يتشرب قيمهم وأخلاقهم ببساطة ويسر، وهو ما يضمن النجاح للمجلة في عملها التربوي، أضف إلى ذلك أنها لا تحتاج كهرباء ولا أنظمة تشغيل.

الخاصية الثانية: ترتبط بدور اللعب في التعليم

فكما أشارت العديد من الدراسات والأبحاث، أفضل ما يتعلم الطفل وهو يلعب، فأثناء اللعب يتحرر الدماغ من الضغوط التي تكبح التعلم، حيث يكون الاسترخاء في أفضل مستوياته، كما أن الحماسة والفرح اللذين عادة ما يلازمان اللعب، يضمنان عملية تعلم فعالة، وكمثال تكفي الإشارة إلى اليسر والسهولة اللذين عادة ما يتم بهما تعلم قواعد مختلفة الألعاب إذا قورنت بعملية التعلم العادية، كلها عوامل تؤكد أهمية مجلة الطفل في العملية التربوية وفي عملية الغرس القيمي، ما دامت تحضر في عالم الطفل وقت لعبه بل وتشكل أحد عناصر التسلية واللعب في وقت فراغه، مما يتيح لها تفاعلا كاملا مع الطفل ويضمن العملية التربوية الناجحة.

بهذه الخصائص قد تتفوق المجلة على الدور التربوي للمدرسة، وهنا أشير إلى الدراسات التي تحدثت عن استغراب الطفل في مواجهة المدرسة، وهو الأمر الذي يحول دون نجاحها في دورها التربوي، إذ تفرض على الطفل نوعا من الإحساس بالغربة بأبنيتها العالية وأسوارها الشاهقة، وأنظمتها الصارمة، فتتحول في إدراكه إلى سجن يمضي فيه ساعات طوال كل يوم، ما قد يفسد العملية التربوية، ناهيك أنه حتى وقت ليس ببعيد كان للأسف الشديد شعار الكثير منها:

لا تندمن على الصبيان إذا ضربوا *** الضرب يفنى ويبقى العلم والأدب

استغراب الطفل هذا في المؤسسات التعليمية ربما يكون طبيعيا، بالنظر إلى أن هذه الأخيرة بهياكلها وأنماطها العامة، إنما جاءت لتستجيب لمتطلبات المجتمع الصناعي خاصة ما يرتبط بقيم الانضباط والنظام والاستهلاك، أي أن شكلها ونظامها يبث قيما تعكس قيم المجتمع والمعمل أساسا، بعيدا عن قيم التوحيد والتزكية والعمران.

وأبرز الأستاذ مصطفى ليادري أنه في هذا الإطار جعلت هيئة تحرير سلسلة “أيمن ونهى” من مفهوم التثقيف بالنظير أو التربية بالنظير منطلقا في عملية الغرس القيمي، فالتربية بالنظير تحقق نوعا من الحميمية بين الطفل وشخوص المجلة والسلسلة، حيث يصبحون أصدقاءه المثاليين والقدوة الذي يحدث قناة وجسرا وثيقين مع مخيال الطفل، مما يلقنه بسلاسة ويسر القيمة التي نحددها لكل عدد، والتي عادة ما نقوم بصقلها وتثبيتها بإرفاق العدد بكتيب للتلوين والألعاب يبرز أهم عناصر الرسالة الموجهة. ومن المعلوم أن الإقتداء ” في المجال التربوي (…) عملية أساسية في التعلم، وإذا كان هذا الأمر صحيحاً في الفكر والمجال التربويين عامة، فهو لا يقل عن ذلك في تراثنا الفكري العربي الإسلامي، إذ أن مفهوم الاقتداء يرتبط بالمثال أو النموذج، وبالقدوة، وهي تفرض الصلاح والاستقامة بمفهومهما المعنوي الاجتماعي العام، ومن هنا مدخل إحالات مرجعية عديدة، دينية وأخلاقية واجتماعية، كلها ترتبط بأنماط من التعلم على أساس الإقتداء والتقليد”.

تمت عرض لنقطة غاية في الحساسية، و” ترتبط بمسألة التربية على حقوق الإنسان التي باتت إحدى شروط الاندماج في المنتظم الدولي، ومصدر الحراجة هنا، هو أن هذه القيم تطرح على المستوى الدولي كقيم كونية تنتمي للمشترك الإنساني العام، غير أنها في بعض جوانبها تقتضي التكييف الاجتهادي المتزن مع القيم والمعايير الإسلامية، مثلا حق الطفل في اختيار عقيدته وحرية التعبير المطلقة دون رابط أو ضابط، سياسة أيمن ونهى في هذا الشأن تقوم على ضرورة استنبات هاته القيم في الثقافة المحلية، وفق الأطر الشرعية والإسلامية، إذا كنا نتقاسم قيما إنسانية في إطار عام، فإن المفهوم الخاص للقيمة، يحدده الإطار المرجعي النهائي لكل ثقافة، غير أنه لا ضير في هذا، فالتمايز في المفاهيم مما يحدث بين الدول العربية والإسلامية ذاتها.

و قال إنه من كل ما سبق تظهر جلية الأهمية الحاسمة و الحيوية لمجلة الطفل، فيما يرتبط بتربية النشء على المثل و الأخلاق الفاضلة، و القيم الأصيلة. إن لمجلات الطفل دورا تكميليا خطيرا ضمن المنظومة التربوية، وفي الجهود المبذولة للتثقيف وتعليم الناشئة. غير أنها تتميز عن كثير من أدوات المنظومة التربوية ببعدها التلقائي، إذ تعانق عالم الطفل بعفوية مدهشة.

وفي الختام عرض الأستاذ مصطفى ليادري لرؤية وحدة رعاية النشء بالرابطة المحمدية للعلماء حيث قال ” إننا في وحدة رعاية النشء بالرابطة المحمدية للعلماء ومن خلال سلسلة “أيمن و نهى”، واعون بجسامة الرسالة التي نحملها، عملنا في حدود قدرتنا على بلورة آلية عمل متكاملة، إننا أولا ندخل عالم اللعب عند الطفل، و نجعل من مجلتنا قطعة من قطع هذا العالم، بما تزخر به من تشويق و إثارة في الخطاب و الصورة، وجاذبية الأبطال وقربهم في الآن ذاته. إنها عناصر تتيح نسج علاقة حميمة بالطفل فتنال إعجابه و ثقته، ليتم بناء الجسر، وتكتمل قنوات التوصيل القيمي، عندها يتحول أبطال القصة إلى قدوة للطفل يتماهى معهم ويتقمص سلوكهم، فتسهل عملية الغرس القيمي و التوجيه التربوي. غير أننا واعون، بأن الإطار التثقيفي والتربوي الدولي قد استقل دينامية هائلة، ألقت به في دوامة من التسارع في إنتاج الأفكار والنظريات التربوية، يشترك فيها ألاف من مراكز البحث و الجامعات وشركات الإنتاج العملاقة، تفرض علينا الدخول في عملية تجاوز مستمرة لأفكارنا وأساليب عملنا. الناس منذ وقت يتحدثون عن صناعة السلوك وخلق العادات و تغييرها”.


www.aymanouha.ma

وتجدر الاشارة إلى أن سلسلة “أيمن ونهى” قد شاركت بجميع أعدادها وملصقات تعريفية في المعرض الذي  أقيم على هامش المؤتمر والذي شاركت فيه العديد من المؤسسات من داخل وخارج الكويت  والذي لاقا إقبالا من طرف ضيوف وحضور المؤتمر.

وبالمناسبة؛ فقد تم توقيع بروتوكول تعاون وقعه المشاركون في المؤتمر استعرض مجموعة من البنود تهم التعاون ووضع الخطط  والبرامج تحقيقا للجدية والفاعلية والتخطيط والبرمجة واستشراف الأنشطة وفق برنامج دقيق وشامل ومن أهم النقاط المدرجة في البروتوكول:
•    إنشاء هيئة عليا منبثقة عن المؤتمر لوضع الخطوط العريضة لبرنامج التعاون الاسلامي العالمي في مجالي الصحافة والإعلام
•    تطبيق هذا التعاون في صور مختلفة للتبادل في مجالات النشر، والتأهيل، والتدريب،والتخطيط، والاستشراف
•    الحرص على تنظيم الأنشطة والفعاليات المختلفة في مجال الصحافة الإسلامية مثل الملتقيات النوعية والدورات المتخصصة، والمؤتمرات، ثم الورشات التدريبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق