وحدة الإحياء

أصول الأزمة البيئية.. في الحاجة إلى فلسفة إيكولوجية نسقية

أصول الأزمة البيئية في الحاجة إلى فلسفة إيكولوجية نسقية
  • نوع الإصدار:
  • عنوان فرعي:
  • سلسلة: [collection]
  • موضوع العدد:
  • العدد:
  • الكاتب: [katib]
  • المحقق: [mohakik]
  • عدد الصفحات: 186
  • عدد المجلدات:
  • الإيداع القانوني:
  • ردمك:
  • ردمد:
  • الطبعة1
  • تاريخ الإصدار:2016
  • اللغة: [languages_used]
  • العلم: [science]
  • عدد التنزيلات0
  • الناشر:[publisher]
  • عدد الملفات0
  • حجم الملف0.00 KB
  • الملفتحميل

في سياق التفاعل العلمي للرابطة المحمدية للعلماء مع فعاليات (cop 22) مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الذي ستنعقد فعالياته بمدينة مراكش/المملكة المغربية في الفترة من 7  إلى 18  نوفمبر 2016 ، انتهت الوحدة العلمية لمجلة الإحياء من تحرير وإعداد العدد الخامس من سلسلة كتبها حول موضوع:

ـ أصول الأزمة البيئية.. في الحاجة إلى فلسفة إيكولوجية نسقية

ـ The origins of the environmental crisis : Toward a systemic ecological philosophy

ـ Les origines de la crise environnementale: Pour une philosophie écologique systémique

لمؤلفه الدكتور جمال بامي والكتاب من القطع الكبير؛ قدم له فضيلة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الدكتور أحمد عبادي، وأشرف على تحريره الدكتور عبد السلام طويل.

انتظمت أبحاث هذا الكتاب المتميز في ست دراسات:

أولها: "إعادة الوفاق بين الإنسان والطبيعة: تجديد المنهج في دراسة الأنساق البيئية".
ثانيها: "إشكالية المنهج في دراسة الأنساق البيئية: جدلية النظرية والتطبيق".
ثالثها: "أصول الأزمة البيئية: الحاجة إلى فلسفة إيكولوجية".
رابعها: "الفلسفات البيئية وأخلاقها: جدلية الإنسان والطبيعة".
خامسها: "المسألة البيئية والاستثناء الإنساني: قراءة في كتاب جون ماري شيفر".
سادسها: "البيئة والقداسة بين الأسطورة والتاريخ".

 حاول د. جمال بامي في دراسته الأولى من هذا الكتاب "إعادة الوفاق بين الإنسان والطبيعة: تجديد المنهج في دراسة الأنساق البيئية"، أن يختبر مدى إجرائية العلاقة الجدلية بين النظرية والميدان، بمعنى مدى أهمية أن يتحقق التداخل والتكامل بين التصور الفكري المنهجي في الظواهر الطبيعية وتمثلها، وبين الدراسة الميدانية التي تخرج الباحث من ضيق المفاهيم المجردة إلى سعة الفكر العملي التطبيقي. وأن يتم ذلك في علاقة أنثربولوجية مع حياة الناس وتفاعلهم مع محيطهم البيئي، مساهمة في إعادة الوفاق بين الإنسان والطبيعة عبر إبراز أهمية البنيات المحركة للأنساق البيئية في اكتساب وعي وجودي بوضع الإنسان داخل البيئة.

كما حاول، أيضا، البحث عن كيفية المصالحة بين المقاربة العلمية للإنسان داخل الطبيعة والرؤية الشاملة والتركيبية التي كانت عند علماء عصر النهضة، وقبلهم علماء الحضارة الإسلامية خلال فترة الازدهار والإبداع العلمي؛ وقد خلص إلى أهمية التفكير النسق-بيئي في حل هذه الإشكالية، وأن فلسفة الطبيعة لابد أن تراعي تعقد الأنساق البيئية وتأثرها الشديد بأفعال الإنسان في الطبيعة؛ فكان لزاما، من وجهة نظره، أن تتبنى رؤية للطبيعة نابعة من وعي كوني بوحدة الوجود الطبيعي والإنساني بشكل جدلي، منطلقا من الفلسفة المتمثلة في الفكر المركب، ومن النظرة الكونية لعلاقة الإنسان بالطبيعة، وصولا إلى محاولة فهم تعقد الأنساق البيئية، ممثلا لذلك بنسق بيئي مغربي خالص هو نسق شجر الأركان (arganier)،

أما الدراسة الثانية حول "إشكالية المنهج في دراسة الأنساق البيئية: جدلية النظرية والتطبيق" فقد حاول فيها الانطلاق من الميدان وصولا إلى اختبار النظرية بشكل جدلي، بهدف اختبار مدى إجرائية جدل النظرية والتطبيق بحثا عن التبادل والتكامل القائم بينهما.

ليخلص إلى أنه لا يمكن لدارس البيئة أن يخوض تجربته "الكونية" في الميدان إلا إذا تحققت مجموعة من الشروط العلمية والمنهجية، أهمها الإلمام الشامل بنظريات الفلسفة والأخلاق البيئية والمناهج الصارمة العملية في التعامل مع الميدان بكل تعقيداته، بالإضافة إلى التمكن من العناصر الطبيعية المكونة للنسق البيئي. ولم يكن مستساغا خوض تجربة البحث في الأنساق البيئية المغربية ومشاكلها دون المرور من مرحلة "تقنية" تمثلت في استيعاب أكبر قدر ممكن من العناصر المكونة للأنساق البيئية، خصوصا في علم تصنيف النباتات والبيئة النباتية.
كما أكد، في هذا السياق، على أن الدرس الأنثربولوجي يعلمنا أن المرور من "الحالات الخاصة" إلى محاولة التعميم ينطوي على فوائد منهجية وعملية على قدر كبير من الأهمية. إذ حاول من خلال هذه الدراسة من هذا الكتاب المرور من الحالة المغربية إلى طرح إشكالية الأزمة البيئية من منظور عالمي، مستحضرا أهمية الربط بين الرؤية الأنثربولوجية والتحليل الإبستيمولوجي في أفق فهم أعمق للظاهرة المدروسة.

كما كشف أنه عندما تكتسي الطبيعة قيمة أداتية صرف، بحيث يستعمل الإنسان الموارد الطبيعية، ويستغل مصادر الطاقة من أجل تلبية رغباته المادية المتزايدة باستمرار، ورفع مستوى العيش المادي، فإن ذلك ينعكس سلبا على الطبيعة والمحيط الحيوي. وإن الظواهر التي تنبؤ عن الأزمة البيئية؛ كتقلص طبقة الأوزون، وارتفاع درجة حرارة الأرض، والأمطار الحمضية، ونقصان الموارد الطبيعية، ليست إلا نتائج لتنمية اقتصادية غير مستدامة، ونمط استهلاكي سيئ، ومخططات اجتماعية بائسة، وسياسات فاشلة؛ يتعلق الأمر بعلاقة غير منسجمة وغير مستدامة بين الإنسان والطبيعة.

بحيث لم تعد العلاقة الجدلية بين الإنسان والطبيعة، في نظره، قائمة على أساس التوازن والاحترام، انطلاقا من وحدة الأصل الكوني، فنتج عن ذلك تدهور للمحيط الطبيعي والمنظومات البيئية ومستقرات ومستودعات الكائنات الحية. كما انهارت الكثير من الأسس الثقافية التي كانت تحفظ توازن الإنسان وصحته الجسدية والنفسية، على اعتبار أن كائنا ترابيا مثل الإنسان لا يمكنه أن يحقق انسجامه الكوني إلا في حسن التعامل مع الأرض بكل أبعادها الفيزيائية والكيميائية والعضوية والحيوية.

أما في دراسته الثالثة فقد حاول رصد "أصول الأزمة البيئية مبرزا مدى الحاجة إلى فلسفة إيكولوجية". وفي صدارة هذه الأصول سيادة التفكير الآلي الأداتي الذي اعتبر الطبيعة خزانا لا ينضب من أجل إشباع الرغبات والنزوات؛ وقد سعى في هذا السياق إلى الاقتراب من مجموعة مفاهيم تبلورت من أجل فهم الإشكالية البيئية المعاصرة، كمدخل لاقتراح حلول ذات طابع فلسفي أخلاقي، في أفق تحويل "القيم الأخلاقية" إلى "برامج عملية" تحد من تفاقم الأزمة البيئية.

وفي الدراسة الرابعة انصب اهتمام الكاتب على مقاربة "الفلسفات البيئية وأخلاقها: جدلية الإنسان والطبيعة"، وبوجه خاص على رصد أهم مظاهر تطور الفكر البيئي المعاصر من منظور فلسفي، مركزا على تيارات الفلسفة البيئية خصوصا في العالم الأنجلوساكسوني الذي يعتبر رائدا في هذا الميدان.

وقد رام من هذه الدراسة الراصدة الإسهام في تقريب القراء العرب من هذا الحقل الفلسفي المرتبط بعلاقة الإنسان بمحيطه البيئي، أفق الانخراط الفلسفي/الأخلاقي العربي الإسلامي في قضايا البيئة وعلاقة الإنسان بالطبيعة.

وإذا كان الفلاسفة البيئيون مجمعون على أن الفكرة الديكارتية القائمة على الفصل بين "المادة" و"الروح"، هي أصل نشوء أخلاقيات "المركزية البشرية" وما نتج عنها من تحقير الطبيعة واستغلالها، فإن الانخراط الفلسفي في هذا النقاش يعتبر ذا فائدة كبيرة من أجل استيعاب أصول الأزمة البيئية المعاصرة.

فيما اهتم في دراسته الخامسة من هذا الكتاب "المسألة البيئية والاستثناء الإنساني: قراءة في كتاب جون ماري شيفر" بتحليل مسألة "المركزية البشرية" وعلاقتها بالأزمة البيئية عبر دراسة نقدية تحليلية لكتاب "نهاية الاستثناء الإنساني" لجون ماري شيفير أحد المؤمنين بأخلاق "المركزية البيولوجية" وهو كتاب، يكتسي أهمية علمية وفلسفية كبرى؛ لأنه يندرج ضمن الأبحاث الفلسفية والأنثربولوجية التي تتخذ من حقيقة ومغزى الوجود الإنساني موضوعا رئيسا لها، وما يترتب عن ذلك من قضايا مرتبطة بالأزمة البيئية الحالية.

وقد حاول د. جمال بامي في الدراسة السادسة والأخيرة من هذا الكتاب "البيئة والقداسة بين الأسطورة والتاريخ" أن يطرح للنقاش مسألة مرتبطة بعلاقة البيئة بالقداسة في تاريخ المغرب الفكري عبر مسار بعض الصلحاء/الصوفية الذين اضطلعوا بمهام بيئية وعمرانية. يتعلق الأمر بدراسة أنثربولوجية وتفسيرية للعلاقة المهمة التي توجد بين البيئة والقداسة بالمغرب.

وقد خلص في خاتمة كتابه إلى أن الطريقة المنظومية أو الإيكولوجية العميقة في التفكير تنطوي على نتائج هامة، ليس على العلم والفلسفة وحسب، بل وعلى المجتمع والحياة اليومية أيضاً؛ إذ أكد على أنها سوف تؤثر في مواقفنا تجاه المرض والصحة الجسدية والنفسية، وفي علاقاتنا بالبيئة الطبيعية، وفي العديد من بنانا الاجتماعية والسياسية. معتبرا أن المسألة البيئية، في نظره، هي أولى المشاريع العمرانية الكبرى التي تبدو فيها الهوة كبيرة بين الرصيد الفكري النظري وبين التجربة العملية، ولا شك أن الثقافة والدين هما جزء لا يتجزأ من الاستراتيجيات البشرية لحفظ البيئة، والبقاء وحسن الحال والمآل.

إعداد: ذ. خالد رابح
باحث مساعد بالوحدة العلمية لمجلة الإحياء/الرابطة المحمدية للعلماء

Science

د. جمال بامي

  • رئيس مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية، ومركز علم وعمران بالرابطة المحمدية للعلماء.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق