الرابطة المحمدية للعلماء

وسائل الإعلام والتواصل في القرية الكونية

ضمن أشغال منتدى فاس الثالث لتحالف الحضارات والتنوع الثقافي

انتقد إعلاميون وباحثون عرب وغربيون، بفاس، مقاربة وسائل الإعلام الغربية للعلاقة مع العالم الإسلامي، المطبوعة بانتشار الأفكار النمطية وتجاهل الوجه المشرق للحضارة الإسلامية.

ورأى شارل سان برو، مدير مرصد الدراسات السياسية بباريس، في مداخلته خلال الجلسة العامة الأولى لمنتدى فاس الثالث لتحالف الحضارات والتنوع الثقافي، أن تطور وسائل الاتصال والإعلام لم يفض، كما كان منتظرا، إلى ازدياد المعرفة بثقافة الآخر، بل أفرز “إعلاما بتطور أسرع لكن بتواصل أقل”، ملاحظا أن الغرب لم يحقق تقدما في تعميق تصوراته عن الحضارة الإسلامية التي باتت تختزل في “البرقع” و “طالبان”.

وأكد سان برو خلال جلسة حول ” العولمة وحوار الثقافات: دور وسائل الإعلام في العلاقات الدولية المعاصرة”، أن الإعلام الغربي يجانب مبدأ التوازن في التعاطي مع شؤون العالم الإسلامي، “وقد يهتم بذكرى سقوط جدار برلين لكنه يتجاهل الجدار العازل القائم في إسرائيل ضد الفلسطينيين”، ليخلص إلى أن نجاح مشروع تحالف الحضارات يمر عبر القطع مع المعلومات أحادية الاتجاه للإعلام الغربي.

ومن جانبه، أشار المفكر علي أومليل، سفير المغرب بلبنان، إلى أن خطورة تكنولوجيا الاتصال تكمن في إنتاجها لبضاعة رمزية لها تأثير مباشر على المعتقدات والأخلاق العامة، ملاحظا أن هذه الصناعة خلقت إشكالا كبيرا: ” في الوقت الذي أصبح العالم متصلا أكثر من أي وقت مضى، يحصل انشطار كبير بسبب الفجوات المعرفية والاقتصادية والاجتماعية بين العوالم المختلفة”.

وشدد أومليل على أن حوار الثقافات لا يخرج عن شروط التفاوض العادية بحيث يستلزم نجاحه الدفاع عن ثقافات تحظى بطلب في السوق، مسنودة بقاعدة لإنتاج المعرفة النافعة في عالم اليوم، موضحا أن وسائل الإعلام واسعة الانتشار تصنع قاعدتها الجماهيرية في صفوف الشرائح الأقل تعليما، حيث يسهل وصول رسائلها ومعلوماتها.

واعتبر مصطفى الشريف، الكاتب والوزير الجزائري السابق، أن المؤسسات الإعلامية الغربية ذات الانتشار الواسع لا تعطي الكلمة إلا للأصوات الاحتجاجية الراديكالية وتقدمها كناطقة باسم العالم الإسلامي، بينما تتجاهل الأصوات النقدية الرصينة في مقاربة قضايا المنطقة وعلاقاتها مع الآخر.

وقال الشريف إن أي حوار للحضارات في ظل غياب الديموقراطية سيكون “حوار طرشان” منبها في المقابل إلى أن المسلمين يتحملون أيضا مسؤولية تصحيح الصور النمطية السائدة عبر تجاوز النزعات التقليدية المحافظة وإعمال النقد الذاتي الايجابي.

وأقرت لولا بانون، الصحافية بتلفزيون فالانسيا (اسبانيا)، بالطابع الايدولوجي لمهنة الاعلام “إذ نحن نحكي الأحداث، لكننا نساهم أيضا في بناء تصورات وتمثلات، ونجنح غالبا الى تبسيط الأحداث من أجل ملامسة أوسع شرائح المستهلكين، ونقرر ماذا نظهر وماذا نخفي”.

وأضافت الصحافية الاسبانية، التي غطت أحداث الشرق الأوسط في مناسبات عدة، أن وسائل الإعلام الغربية تبدي اهتماما أكبر بالأصوات الراديكالية، مشيرة إلى أنه حتى في صفوف الإسلام السياسي، ثمة فاعلون يقبلون الديموقراطية ومستعدون للنقاش مع الغربيين، غير أنهم لا يحظون باهتمام المؤسسات الإعلامية. وقالت إن هذه الأخيرة مسؤولة عن انتشار التمثلات السلبية عن الإسلام في صفوف أوساط واسعة من الرأي العام الغربي.

وتتواصل أشغال منتدى فاس الثالث، الذي افتتحت أشغاله يوم الاثنين 16 نونبر 2009، حول تحالف الحضارات والتنوع الثقافي بمشاركة نخبة من رجال الإعلام تمثل أكثر من ستين قناة تلفزية، ووزراء وجامعيين ومفكرين، تنكب على بحث دور وسائل الإعلام في توطيد جسور الحوار بين الحضارات وتجاوز المقاربات التبسيطية للقضايا المطروحة على النظام العالمي.

وتتوزع فعاليات اللقاء الذي ينظمه المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الاستراتيجية والدولية بتعاون مع عدة شركاء مغاربة وأجانب على عدة جلسات عامة تقارب “العلاقات الملتبسة بين وسائل الإعلام والسياسة”، و”وسائل الإعلام العربية والغربية: تفاعلات وإدراكات”، و”دور وسائل الإعلام بالمغرب في تحالف الحضارات والتنوع الثقافي: واقع وآفاق”، و”وسائل الإعلام والتواصل في القرية الكونية”، و”التقنيات الجديدة للإعلام والتواصل: ثوابت ومتغيرات” ثم “وسائل الإعلام ومختلف التمثلات”.

(عن و.م.ع بتصرف)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق