مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

وجوه الترجيحات(7)

يقول الإمام الحافظ أبو بكر بن حازم الهمذاني (ت584هـ) مُبيناً وجوه الترجيح:

 

الوجه الخامس والعشرون:  أن يكون أحد الحديثين منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم نصا و قولا، والآخر ينسب إليه استدلالا واجتهادا، فيكون الأول مرجحا ، نحو ما رواه عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال لا يبعن ولا يوهبن ويستمتع بها سيدها ما بدا له فإذا مات فهي حرة، فهذا أولى بالعمل من الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري: كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن حديث ابن عمر قوله صلى الله عليه وسلم ولا خلاف في كونه حجة، وحديث أبي سعيد ليس فيه تنصيص منه عليه السلام، فيحتمل أن من كان يرى هذا لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم خلافه وكان ذلك اجتهادا منه، فكان تقديم ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم نصا أولى. ونظيره حديث أبي رافع في المزارعة كنا نخابر وكنا نكري الأرض، ولم يكن فعلهم ذلك مستندا إلى إذنه صلى الله عليه وسلم.

 

الوجه السادس والعشرون: أن يكون في أحد الحديثين قول النبي صلى الله عليه وسلم يقارن فعله وفي الآخر مجرد قوله لا غير، فيكون الأول أولى بالترجيح، نحو ما روته حبيبة بنت أبي تجرأة قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في بطن المسيل وهو يسعى و يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي حتى إن مئزره ليدور به من شدة السعي، فهذا الحديث أدل على المقصود من قوله عليه السلام الحج عرفة، لاشتماله على أنواع من الترجيح، الأول قوله، والثاني فعله، ويجب فيه الاقتداء، والثالث إخباره عن إيجاب الله تعالى ذلك علينا، فهو أولى بالتقديم من مجرد القول.

 

الوجه السابع والعشرون: أن يكون أحد الحديثين موافقا لظاهر القرآن دون الآخر فيكون الأول أولى بالاعتبار، نحو قوله عليه السلام: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها، فهذا حديث يعارضه نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الأوقات التي  نهى عن الصلاة فيها، غير أن الحديث الأول يعاضده ظواهر من الكتاب نحو قوله تعالى: (حافظوا على الصلوات)، وقوله تعالى: (سارعوا إلى مغفرة من ربكم) إلى غير ذلك من الآيات.

 

 

كتاب الاعتبار في بيان الناسخ والمنسوخ من الآثار،

الصفحة: 16-17.

الطبعة الثانية،

مطبعة دائرة المعارف العثمانية،

حيدر آباد، 1359هـ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق