مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

وجوه الترجيحات(6)

يقول الإمام الحافظ أبو بكر بن حازم الهمذاني (ت584هـ) مُبيناً وجوه الترجيح:

الوجه العشرون: أن يكون أحد الحديثين متفقا على رفعه والآخر قد اختلف في رفعه ووقفه على الصحابي، فيجب ترجيح ما لم يختلف فيه على ما اختلف فيه؛ لأن المتفق على رفعه حجة من جميع جهاته والمختلف في رفعه على تقدير الوقف هل يكون حجة أم لا، فيه خلاف و الأخذ بالمتفق عليه أقرب إلى الحيطة.

 

الوجه الحادي والعشرون: أن يكون أحد الحديثين متفقا على اتصاله والآخر يوصله بعضهم ويرسله آخرون، فالأخذ بالمسند المتفق على اتصاله أولى من الأخذ بالمختلف في إرساله واتصاله؛ فإن المرسل أكثر الناس على ترك الاحتجاج  به، والمتصل متفق عليه فلا يقاومه.

 

الوجه الثاني والعشرون: أن يكون رواة أحد الحديثين ممن لا يجوزون نقل الحديث بالمعنى، ورواة الحديث الآخر يرون ذلك، فحديث من يحافظ على اللفظ أولى؛ لأن الناس اختلفوا في جواز نقل الحديث بالمعنى مع اتفاقهم على أولوية نقله لفظا، والحيطة الأخذ بالمتفق عليه دون غيره.

 

الوجه الثالث والعشرون: أن يكون رواة أحد الحديثين مع تساويهم في الحفظ والإتقان فقهاء عارفين باجتناء الأحكام من مثمرات الألفاظ، فالاسترواح إلى حديث الفقهاء أولى، وحكى علي بن خشرم قال: قال لنا وكيع أي الإسنادين أحب إليكم، الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله، أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله؟ فقلنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله، فقال يا سبحان الله. الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ، وسفيان فقيه ومنصور فقيه وإبراهيم فقيه وعلقمة فقيه، وحديث يتداوله الفقهاء خير من أن يتداوله الشيوخ.

 

الوجه الرابع والعشرون: أن يكون راوي أحد الحديثين مع حفظه صاحب كتاب يرجع إليه والراوي الآخر حافظ غير أنه لا يرجع إلى كتاب، فالحديث الأول أولى أن يكون محفوظا؛ لأن الخاطر قد يخون أحيانا، وقال علي ابن المديني: قال لي سيدي أحمد بن حنبل رضي الله عنه لا تحدثن إلا من كتاب.

كتاب الاعتبار في بيان الناسخ والمنسوخ من الآثار،

الصفحة: 15-16.

الطبعة الثانية،

مطبعة دائرة المعارف العثمانية،

حيدر آباد، 1359هـ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق