مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات وأبحاث

واجبات الشباب المسلم من خلال السنة النبوية المشرفة

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد:

لقد عدَّ الإسلام مرحلة الشباب من أفضل مراحل عمر الإنسان  لما يتمتع فيها من القوة والنشاط دون غيرها، فقال تعالى: ﴿الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة﴾([1])، وقد اهتم القرآن الكريم بهذه المرحلة اهتماما بالغا فأثنى على فئة من الشباب الذين آمنوا به وكافأهم على ذلك بزيادة الهدى حين قال: ﴿إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى﴾([2])، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم اهتم بهذه المرحلة اهتماما خاصا ولا غرابة؛ ذلك أن الذين آمنوا معه في بداية الدعوة كلهم من الشباب، فأيدوه، ونصروه، ونشروا دعوته، وتحملوا في سبيل ذلك الصعاب، طلبا فيما عند الله من الأجر والثواب.ولأهمية هذا الموضوع فقد اخترت الحديث عن الواجبات المُناطة بهذه الفئة من خلال بعض الأحاديث الواردة في ذلك على جهة الاختصار؛ حيث سأكتفي بذكر ثلاث من هذه الواجبات وهذا أوان الشروع في المقصود فأقول وبالله التوفيق:

 واجبات الشباب المسلم من خلال السنة النبوية  المشرفة

إن شباب الأمة الإسلامية مطالبون بواجبات كثيرة تجاه دينهم، وأنفسهم، وأهلهم، ومجتمعهم،… لأنه يملكون من الطاقات والقدرات التي تميزهم عن غيرهم من أفراد المجتمع المسلم ومن هذه الواجبات  أذكر ثلاثة منها:

طلب الحق والنصح لنفسه: إن طلب الحق والنصح من أهل الفضل من الواجبات المطلوبة؛ وقد كان شباب الإسلام في الصدر الأول يحرصون عليه أشد الحرص ولنا فيهم الأسوة الحسنة، فعن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُجند الناس أجنادا، جند باليمن، وجند بالشام، وجند بالمشرق، وجند بالمغرب، عليكم بالشام فإنها صفوة الله من بلاده يسوق إليها صفوته من عباده عليكم بالشام، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله فمن أبى فليلحق بيمنه»([3])

فهذا الشاب لما سمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آخر الزمان، خشي أن يدركه ذلك فطلب النصح والمشورة منه صلى الله عليه وسلم.

حفظ الدين بحفظ العلم وتبليغه: إن حفظ العلم وتبليغه واجب على كل مسلم  والشباب المسلم يقع عليهم العائق الأكبر؛ فهم الأقدر على الحفظ وطلب العلم وضبطه وتبليغه، وقد سطع نجم الكثير من شباب الصحابة في هذا الميدان؛ فهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنه يسارع ويبادر لطلب العلم اغتناما منه بوجود كبار الصحابة رضي الله عنهم وفي روية عكرمة بيان لحال ابن عباس في طلب العلم، فعن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت لرجل من الأنصار: يا فلان هلم فلنسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبا  لك يا بن عباس، أترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من ترى؟ فترك ذلك، وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه، وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح على وجهي التراب، فيخرج فيراني، فيقول: يا بن عم رسول الله ما جاء بك؟ ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك فأسأله عن الحديث، قال: فبقي الرجل حتى رآني، وقد اجتمع الناس علي، فقال: «كان هذا الفتى أعقل مني»([4]).

وعن أبي إدريس الخولاني قال: «جلست مجلسا فيه عشرون من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم، فإذا فيهم شاب حسن الوجه، حسن السن، أدعج العيينن، أغر الثنايا، فإذا اختلفوا في شيء أو قالوا قولا انتهوا إلى قوله، فإذا هو معاذ بن جبل رضي الله عنه »([5])

فرغم كثرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس، كان دور الشاب كبير فهو حفظ وعلم وبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدى واجبه على أكمل وجه.

السعي في طلب الرزق لنفسه ولأهله: إن  الشاب المسلم عليه  واجب العمل وطلب الرزق لنفسه وأهله، وقد ذكر لنا حديث عبد الله بن عمرو دور الشاب المسلم في أداء الواجبات، وأن الواجبات تقدر بحسب الحاجة إليها قال: «قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أجاهد قال: لك أبوان؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد» ([6]).

    فالحمد لله تعالى الذي وفقني للحديث عن بعض واجبات الشباب المسلم من خلال السنة النبوية المشرفة باختصار، راجية منه سبحانه وتعالى القبول والثواب، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

*******************

هوامش المقال:

([1]) سورة الروم من الآية (54).

([2]) سورة الكهف من الآية (13).

([3]) رواه الطبراني في معجمه الكبير (22 /55) برقم: (33).

([4]) رواه الدارمي في سننه (1 /467-468) برقم: (590).

([5]) رواه الحاكم في المستدرك (4 /187) برقم: (7316).

([6]) رواه البخاري في صحيحه (4 /86)، كتاب: الأدب، باب: لا يجاهد إلا بإذن الأبوين برقم: (5972).

*******************

لائحة المراجع المعتمدة:

الجامع الصحيح. أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قام بشرحه وتصحيحه وتنقيحه: محب الدين الخطيب، ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، وراجعه وقام بإخراجه وأشرف على طبعه: قصي محب الدين الخطيب، المطبعة السلفية القاهرة. ط 1 / 1400هـ.

سنن الدارمي. أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي. تحقيق: حسين سليم الدارمي. دار المغني السعودية ط1/ 1421-2000.

المستدرك على الصحيحين (مع تضمينات الإمام الذهبي في التلخيص والميزان والعراقي في أماليه والمناوي في فيض القدير وغيرهم من العلماء). الحاكم النيسابوري: أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري. دراسة وتحقيق : مصطفى عبد القادر عطا. دار الكتب العلمية – بيروت. ط1/1411 – 1990.

المعجم الكبير. سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني. تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي. مكتبة العلوم والحكم- الموصل. ط2/ 1404 – 1983.

راجع المقال الباحث: عبد الفتاح مغفور

Science

دة. خديجة أبوري

  • أستاذة باحثة مؤهلة بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق