الرابطة المحمدية للعلماء

هذه معالم اللقاح الجديد لعلاج التهاب الكبد الوبائي

بينت إحدى التجارب البريطانية جدوى/فعالية لقاح ضد التهاب الكبد الوبائي (ج)، رغم الاعتقاد السائد بصعوبة تحقيق هذا الانجاز، حيث أن الفيروس في تحول مستمر طيلة الوقت، بمعدل يفوق داء فقدان المناعة عشر مرات.

وأظهرت نتائج التجربة التي نشرت الأسبوع الماضي في المجلة العلمية ” Science Translational Medicine” أن التأثير البيولوجي هو وقائي في ظاهر الأمر، إلا أن “الحياة الحقيقية” كفيلة بأن تظهر فعاليته.
وللتعرف على رد الفعل المناعي، لجأ فريق من جامعة أكسفورد،  المشرف على التجربة، إلى سلك “المراوغة” في إجراء هذه التجربة، إذ توصل الفريق إلى لقاح، نتيجة إعادة تركيب الجينات ذات الترميز البروتيني المنتمية إلى الفيروس الكبدي (ج) مع إحدى عينات الفيروسات النائمة (DNA) لدى الشامبانزي، وبالتالي تم حقن 41 متطوعا معافى بهذا اللقاح.

ويرجع الدكتور لورانس السرفاتي، المتخصص في أمراض الكبد، السبب في اختيار فيروس الشامبانزي إلى كونه أكثر أهمية من فيروس (DNA) البشري، لوجود مناعة مسبقة بجسم الإنسان، من شأنها رفض استقبال هذا الفيروس.  

ويضيف الدكتور السرفاتي، أن التحايل على التجربة مكن من الحصول على استجابة مناعية قوية، وأكثر استدامة (قرابة السنة) ومن دون آثار جانبية. ويستطرد ليقول ” ومع ذلك، فإن الطريق طويل أمام تسويق هذا اللقاح، إذا كان ناجحا.. قد تقارب العشر سنوات”

ويشير الدكتور السرفاتي أنه في بلد كفرنسا حيث يتم تشخيص ما بين 2500 و3000 حالة جديدة سنويا، فإن بلوغ الهدف يكون أكثر محدودية. وتبقى الفئات المهددة هي المستهدفة وخاصة في أوساط المتعاطين للمخدرات. وفي هذه الظروف، تؤكد البروفيسور كريستين سيلفان، رئيسة وحدة أمراض الكبد بالمستشفى الجامعي بواتييه، أنه سيكون من الصعب تمكين الرضع من هذا التلقيح، كما هو الحال بالنسبة للفيروس الكبدي (ب)، علما أن الفئة المهددة، مستقبلا، هي التي تتعاطى المخدرات.
 
وسواء تعلق الأمر بتقدم علمي ملموس أو مجرد إعلان لعلاج التهاب الكبد الفيروسي، والذي بلغ عدد الأشخاص المصابين به، حسب منظمة الصحة العالمية، 170 مليون نسمة، فإن تطوير لقاح من هذا القبيل من شأنه  أن يمثل تقدما علميا كبيرا، خاصة في البلدان التي يعاني مئات الآلاف من مواطنيها من التهاب الكبد الوبائي بسبب غياب تعقيم المعدات الجراحية، والأدوات ذات الاستعمال الوحيد، وهذا ما تؤكده البروفيسور سيلفان.
 
ويبقى الاستخدام العلاجي للقاح، حسب البروفيسور سيلفان دائما، هو الشيء الأكثر إفادة للأطباء، والخطوة المهمة بالنسبة للمصابين. وتتوفر فرنسا على 370 ألف شخص حامل للفيروس، 20% منهم تمكنوا من التخلص منه تلقائيا وبشكل فعال، عن طريق خلاياهم اللمفاوية القاتلة.

وفي انتظار كل هذا، تبقى الوقاية والكشف هي الكلمات العملية لمكافحة التهاب الكبد (ج)، خصوصا وأن ما يقارب نصف الشعب الفرنسي يجهل إصابته بالفيروس، رغم وجود العديد من العوامل المتسببة في ذلك مثلا إجراء عملية جراحية، أو عملية نقل دم دون إجراء فحص لدم المتبرع، أو استخدام الحقن، أو استعمال أدوات جراحية غير معقمة…

وبما أن التهاب الكبد الوبائي يمكنه التطور لسنوات عديدة دون تسجيل أو ملاحظة أية أعراض، فإن مجرد الشك/احتمال وجود المرض، يفرض إجراء اختبارات للدم قصد البحث عن الأجسام المضادة لالتهاب الكبد الوبائي، أو اختبارات على الكبد عندما تكون نتيجة  تحاليل الدم ايجابية، خاصة وأن 20 ٪ من المصابين بالتهاب الكبد (ج)، معرضون لتليف الكبد الحاد، والذي قد يتطور إلى الإصابة بالسرطان. وختم الدكتور السرفاتي بالتأكيد على أن عقاقير مضادة للفيروسات، أثبتت فعاليتها في القضاء على 70% من الحالات المصابة بالفيروس، منبهة إلى ضرورة الكشف قبل الإصابة بالتليف/التشمع الكبدي، لأن القضاء على الفيروس لا يعني بالضرورة إيقاف تطور المرض الكبدي.

ترجمة فاطمة الزهراء الحاتمي
عن يومية “لوفيغارو” الفرنسية
عدد 10 يناير 2012.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق