مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات محكمة

نيل الأمل في تأصيل ما جرى به العمل (الجزء 3)

3-1- مسالك التقصيد في المذهب

المراد بمسالك التقصيد جملة الطرق والوسائل الموصلة إلى معرفة مقاصد الخطاب الشرعي، وقد سبقت الإشارة إلى أن التقصيد مبناه على التدليل، والمسالك التي سنذكرها ما هي إلا أدلة هادية إلى فقه مقصدي سليم وموافق لروح الشريعة وتصرفاتها، وهكذا نجد الشاطبي شعورا منه بخطورة المسألة وأهميتها البالغة، يتوج تنظيراته المقاصدية ببيان مسالك التقصيد أو طرق معرفة المقاصد مع التنبيه إلى ضابط عام مقتضاه الحرص على الموازنة بين اقتضاءات اللفظ واقتضاءات المعنى، أي لابد من اعتبار “الأمرين جميعا على وجه لا يخل فيه المعنى بالنص ولا بالعكس، لتجري الشريعة على نظام واحد لا اختلاف فيه ولا تناقض، وهو الذي أمه أكثر العلماء الراسخين، فعليه الاعتماد في الضابط الذي به يعرف مقصد الشارع”[108].

وعموما يمكن إجمال هذه المسالك فيما يلي:

أ- اللسان العربي:

والمقصود بالمسألة حسب الشاطبي أن الشريعة المباركة عربية، أي نزلت وفق اللسان العربي، وهذا يستلزم أن فهم القرآن وتفهمه لا يتأتى إلا من جهة لسان العرب، “ولا سبيل إلى تطلب فهمه من غير هذه الجهة”[109]، وعليه فـ “لسان العرب هو المترجم عن مقاصد الشارع”[110]، وإذا كان الأمر كذلك، فينبغي أن يكون التقصيد مهتديا بقواعد التبليغ العربي، ومراعيا للظواهر الخطابية للغة العربية، أي يجب التنزل “على لسان معهود العرب في ألفاظها الخاصة وأساليب معانيها”[111].

والحاصل في المسألة أنه لابد للناظر “المقصد” من مراعاة الأوضاع والأساليب البيانية للغة العربية في تعقب مقاصد الشارع.

ب- الأمر والنهي الواردان على جهتي الابتداء والتصريح:

فالأمر والنهي أسلوبان لغويان لتقرير الطلب: طلب الفعل في الأمر  وطلب الترك في النهي، والأمر عند الشارع كان كذلك “لاقتضائه الفعل، فوقوع الفعل عند وجود الأمر به مقصود للشارع، وكذلك النهي معلوم أنه مقتض لنفي الفعل أو الكف عنه، فعدم وقوعه مقصود له، وإيقاعه مخالف لمقصوده، كما أن عدم إيقاع المأمور به مخالف لمقصوده، فهذا وجه ظاهر عام لمن اعتبر مجرد الأمر والنهي من غير نظر إلى علة، ولمن اعتبر العلل والمصالح، وهو الأصل الشرعي”[112].

والمراد بتقييد الأمر والنهي بصفة الابتداء، جملة الأوامر والنواهي التي قصد الشارع مقتضياتها أصالة، أو بتعبير الشاطبي قصدا أو لا، أما ما جاء منها على مساق التأكيد والتعضيد، أي ما انصرف القصد إليها على سبيل التبع فخارج من هذا الاعتبار، وذلك كقوله تعالى: ﴿فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع﴾.[113]

فالأمر الأول وهو السعي إلى الجمعة مقصود أصالة، وهو الدال على قصد الشارع إلى إلزام المكلف بتحقيق مقتضاه، بينما الأمر الثاني وهو الذي يتضمن النهي عن البيع، فليس أمرا ابتدائيا وإنما جيء به لتأكيد الأمر الأول، “فالبيع ليس منهيا عنه بالقصد الأول (…)، بل لأجل تعطيل السعي عند الاشتغال به”[114].

والمقصود بصفة التصريح الذي قيد به الأمر والنهي، التحرز عن الأوامر والنواهي الضمنية، فهذه أيضا ليست دالة على قصد الشارع، لأنها مقصودة قصدا تبعيا أو ثانيا، وهو التأكيد للأمر والنهي التصريحيين.

وعموما لا يخلو هذا المسلك من فائدة، حيث يدل الفقيه على المقاصد الأول أو الأولية وهي التي جاءت الأوامر والنواهي التصريحية الابتدائية لتحقيقها، والمقاصد ذات الإعتبار التبعي أي ما كان في اعتباره تابعا للمقاصد الأولية، وهي التي جاءت الأوامر والنواهي الضمنية أو غير المباشرة لتحقيقها، وذلك لا يخرج عن تأكيد وتعضيد المقاصد الأولية.

ج- التمييز بين المقاصد الأصلية والمقاصد التبعية:

ينبني هذا المسلك على أساس أن الأحكام الشرعية عبادية كانت أو عادية جاءت لتحقيق صنفين إجماليين من المقاصد، مقاصد أصلية سواء في الصور الكلية أو الجزئية، ومقاصد تابعة وهي تليها في الرتبة، وتنحصر وظيفتها في التكميل والتتميم للأولى، ومثال ذلك من العادات النكاح، “فإنه مشروع للتناسل على القصد الأول، ويليه طلب السكن والازدواج والتعاون على المصالح الدنيوية والأخروية من الاستمتاع بالحلال، والنظر إلى ما خلق الله من المحاسن في النساء، والتجمل بمال المرأة أو قيامها عليه وعلى أولاده منها أو من غيرها أو إخوته، والتحفظ من الوقوع في المحظور من شهوة الفرج ونظر العين (…)، فجميع هذا مقصود للشارع من شرع النكاح، فمنه منصوص عليه أو مشار إليه، ومنه ما علم بدليل آخر ومسلك استقري من ذلك المنصوص، وذلك أن ما نص عليه من هذه المقاصد التوابع هو مثبت للمقصد الأصلي ومقو لحكمته ومستدع لطلبه وإدامته، ومستجلب لتوالي التراحم والتواصل والتعاطف الذي يحصل به مقصد الشارع الأصلي من التناسل، فاستدللنا بذلك على أن كل ما لم ينص عليه مما شأنه ذلك مقصود للشارع أيضا”[115].

وكذلك الأمر في مجال العبادات، “فإن المقصد الأصلي فيها التوجه إلى الواحد المعبود، وإفراده بالقصد إليه على كل حال، ويتبع ذلك قصد التعبد لنيل الدرجات في الآخرة، أو ليكون من أولياء الله تعالى، وما أشبه ذلك، فإن هذه التوابع مؤكدة للمقصود الأول وباعثة عليه ومقتضية للدوام فيه سرا وجهرا”[116].

وقد ميز الشاطبي بين أقسام ثلاثة من المقاصد التبعية بالنسبة إلى المقاصد الأصلية:

أ- فمنها ما يقتضي تأكيد المقاصد الأصلية وتقويتها، فلاشك أنها مقصودة أيضا والتوجه إليها بالتسبب مشروع وصحيح في النظر الشرعي.

ب- ومنها ما يقتضي زوالها وإبطالها، “فلا إشكال أيضا في أن القصد إليها مخالف لمقصد الشارع عينا، فلا يصح التسبب بإطلاق”[117].

ج- ومنها ما لا يقتضي تأكيدا ولا إبطالا، فهذا يصح في العادات دون العبادات.[118]

وهكذا فالمقاصد تعرف من خلال مقارنتها بالمقصد الأصلي، فما كان مؤكدا له ومقويا لحكمته فهو مقصد شرعي معتبر، وما كان مناقضا له فليس بمقصد شرعي البتة. وللمعترض أن يقول: كيف يعتبر التمييز بين المقاصد الأصلية والمقاصد التبعية وسيلة معرفة للمقاصد، مع أن غاية التقصيد هو هذا التمييز عينه، إذ لا يخفى كونه ثمرة عملية التقصيد ذاتها، ألا ينقلب الدليل بذلك مدلولا والمدلول دليلا؟ ويصبح ما حقه أن يكون وسيلة مقصدا أو العكس؟؟

والجواب عن هذا الاعتراض يتلخص في أن التمييز بين هذين الصنفين من المقاصد، وإن كان بعينه ثمرة من ثمار التقصيد فليس هناك مانع من اعتباره وسيلة إجرائية ناجعة في الإهداء إلى مقاصد الشارع، إذ فيه نوع من الاستدلال بالمقاصد على المقاصد، عبر إقامة علاقات استلزامية وتراتبية فيما بينها، فالمقاصد الأصلية دليل تنكشف بفضله المقاصد التابعة، والمقاصد الكلية تستلزم المقاصد الجزئية وهكذا …، وبذلك ندرك سر إدراج الشاطبي هذا المسلك ضمن مسالك التقصيد، والمسألة فيها غور بعيد.

د- سكوت الشارع:

وهو ضربان، حيث إن الشارع قد يسكت عن الحكم :

أ- إما لانتفاء الداعي المقتضي له، ويشمل سائر النوازل والمستجدات التي حدثت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مما يدخل في نطاق المجتهدات، “فهذا القسم جارية فروعه على أصوله المقررة شرعا بلا إشكال، فالقصد الشرعي فيها معروف من الجهات المذكورة قبل”[119].

ب- أو لأن “موجبه المقتضي له قائم، فلم يقرر فيه حكم عند نزول النازلة زائد على ما كان في ذلك الزمان، فهذا الضرب السكوت فيه كالنص على أن قصد الشارع أن لا يزاد فيه ولا ينقص، لأنه لما كان هذا المعنى الموجب لشرع الحكم العملي موجودا، ثم لم يشرع الحكم دلالة عليه، كان ذلك صريحا في أن الزائد على ما كان هنالك بدعة زائدة، ومخالفة لما قصده الشارع، إذ فهم من قصده الوقوف عندما حد هنالك، لا الزيادة عليه ولا النقصان منه”[120].

ويتضح من خلال هذا البيان التأصيلي، والأمثلة التي ساقها الشاطبي بناء عليه، أن هذا المسلك يتعلق بمسألة الابتداع في الدين، وكيفية تضييق نطاقه مع استبعاد المصالح المرسلة من دائرته. يقول الشاطبي في خاتمة هذا المسلك: “وهو أصل صحيح إذا اعتبر وضح به الفرق بين ما هو من البدع وما ليس منها، ودل على أن وجود المعنى المقتضي مع عدم التشريع، دليل على قصد الشارع إلى عدم الزيادة على ما كان موجودا قبل، فإذا زاد الزائد ظهر أنه مخالف لقصد الشارع فبطل”[121].

5- الاستقراء[122]:

يعتبر الاستقراء أهم الآليات الاستدلالية التي وظفها الشاطبي في إثبات قضاياه باعتباره السبيل الأقوم الذي يفيد المجتهد في اقتناص  القطع من الظنيات. يقول الشاطبي في هذا الشأن: “وإنما الأدلة المعتبرة هنا، المستقرأة من جملة أدلة ظنية، تضافرت على معنى واحد، حتى أفادت فيه القطع”[123].

وقد اعتبر الشاطبي توظيف المنهج الاستقرائي خاصة كتابه ومزيته.[124]

أما عن الاستقراء باعتباره آلية استدلالية في الكشف عن المقاصد، فإن الشاطبي ما فتئ يلجأ إليه في إثبات الكليات المقصدية وتقرير القواعد الضابطة لها، وأهم قضية يظهر فيها توظيفه لهذا المسلك الاستدلالي مع التأكيد على أفضليته وقوته، مسألة المراتب المقصدية الثلاث، ذلك أن الشاطبي بعد أن قرر “أن كون الشارع قاصدا للمحافظة على القواعد الثلاث الضرورية والحاجية والتحسينية، لابد عليه من دليل يستند إليه”[125]، نظر في الدليل الذي من جهته يحصل المدعى ويتقرر الإثبات، وبعد الاختبار والتمحيص، تخلص له أن “الدليل على المسألة ثابت على وجه آخر هو روح المسألة، وذلك أن هذه القواعد الثلاث لا يرتاب في ثبوتها شرعا أحد ممن ينتمي إلى الاجتهاد من أهل الشرع، وأن اعتبارها مقصود للشارع، ودليل ذلك استقراء الشريعة، والنظر في أدلتها الكلية والجزئية وما انطوت عليه من هذه الأمور العامة، على حد الاستقراء المعنوي الذي لا يثبت بدليل خاص، بل بأدلة منضاف بعضها إلى بعض مختلفة الأغراض، بحيث ينتظم من مجموعها أمر واحد، تجتمع عليه تلك الأدلة على حد ما ثبت عند العامة جود حاتم، وشجاعة علي رضي الله عنه وما أشبه ذلك، فلم يعتمد الناس في إثبات قصد الشارع في هذه القواعد على دليل مخصوص، ولا على وجه مخصوص، بل حصل لهم ذلك من الظواهر والعمومات والمطلقات والمقيدات والجزئيات الخاصة في أعيان مختلفة، ووقائع مختلفة في كل باب من أبواب الفقه، وكل نوع من أنواعه، حتى ألفوا أدلة الشريعة كلها دائرة على الحفظ على تلك القواعد، هذا مع ما ينضاف إلى ذلك من قرائن أحوال منقولة وغير منقولة (…)، فإذا تقرر هذا، فمن كان من حملة الشريعة الناظرين في مقتضاها والمتأملين لمعانيها، سهل عليه التصديق بإثبات مقاصد الشارع في إثبات هذه القواعد الثلاث”[126].

وحاصل القول في هذا المسلك أن الاستقراء يعتبر أقوى الدلائل الكاشفة عن المقاصد الشرعية عند الشاطبي، رغم عدم إدراجه له ضمن الجهات التي تعرف منها هذه المقاصد، ويزداد هذا الطريق الاستدلالي قوة وأهمية إذا علمنا كونه السبيل الأقرب إلى تحصيل الكليات المقصدية المفيدة للقطع، ولا يخفى على المتتبع مدى عناية الشاطبي بالكليات وسبل اقتناص القطع من آحاد الأدلة، حيث كان أحرص على الاهتمام بالمقاصد العامة أكثر من المقاصد الجزئية، ومن هنا نفهم مركزية الاستقراء في النسق المقاصدي عند الإمام[127].

2- مراعاة الأسس العرفيـة

يعتبر العرف في المذهب المالكي أصلا من أصول الاستنباط، ومسلكا من مسالك الاستدلال، حيث إن إهماله يفضي إلى الاختلال في الفهم والاستنباط، وعدم مراعاته يعد موردا للشبه والإشكالات، وقد قرر الشاطبي هذه الحقيقة بعبارة واضحة حيث قال: “ومن ذلك معرفة عادات العرب في أقوالها وأفعالها ومجاري أحوالها حالة التنزيل وإن لم يكن ثم سبب خاص، لا بد لمن أراد الخوض في علم القرآن منه، وإلا وقع في الشبه والإشكالات التي يتعذر الخروج منها إلا بهذه المعرفة”[128].

وانطلاقا من هذه النظرة درج المالكية على التوسع في الأخذ بالعرف، وفاقوا في الاستناد إليه وتحكيمه فقهاء المذاهب الأخرى، بل نظروا إليه من زاوية النظر المصلحي المشار إليه في المطلب السابق، إذ في إعماله إعمال للمصلحة، وهذا ما أكده المرحوم أبو زهرة حيث قرر أن: “الفقه المالكي كالفقه الحنفي يأخذ بالعرف ويعتبره أصلا من الأصول الفقهية فيما لا يكون فيه نص قطعي، بل إنه أوغل في احترامه أكثر من المذهب الحنفي، لأن المصالح دعامة الفقه المالكي في الاستدلال، ولاشك أن مراعاة العرف الذي لا فساد فيه ضرب من ضروب المصلحة لا يصح أن يتركه الفقيه”[129].

ومن هنا تقرر لدى علماء المذهب أن “العرف والعادة أصل من أصول الشريعة يقضى به في الأحكام”[130]، و”أن العادة عند مالك كالشرط، تقيد المطلق وتخصص العام”[131]. والمعنى نفسه أكده القرافي بقوله: “القاعدة أن من له عرف وعادة في لفظ إنما يحمل لفظه على عرفه، فإن كان المتكلم هو الشرع حملنا لفظه على عرفه، وخصصنا عموم لفظه في ذلك العرف إن اقتضى العرف تخصيصا، أو على المجاز إن اقتضى المجاز وتركنا الحقيقة، أو إضمار أو غيره، وبالجملة دلالة العرف مقدمة على دلالة اللغة، لأن العرف ناسخ للغة، والناسخ يقدم على المنسوخ”[132]. ونص الباجي على جواز تخصيص العموم بعادة المخاطبين، “لأن اللفظ إذا ورد حمل على عرف التخاطب في الجهة التي ورد منها”[133].

والعرف قسمان، قولي وعملي:

فالعرف القولي: “هو ما شاع بين الناس من استعمال ألفاظ وتراكيب في معنى خاص، بحيث يصبح ذلك المعنى هو المتبادر منها إلى الذهن عند الإطلاق بلا قرينة ولا علاقة عقلية”[134].

ويرى ابن فرحون “أن العادة في اللفظ أن يغلب استعمال لفظ في معنى حتى يصير هو المتبادر إلى الذهن من ذلك اللفظ عند الإطلاق، مع أن اللغة لا تقتضيه، وهو الحقيقة العرفية والمجاز الراجح، وهو معنى قول الفقهاء العرف يقدم على اللغة”[135]، وذلك كإطلاق لفظ الدابة على حيوان مخصوص، وإطلاق لفظ الولد على الذكر دون الأنثى، وكأن يطلق لفظ اللحم على ما دون لحم السمك[136]، “وهذه العادة تخص العموم إذا بلغ الاستعمال إلى حد النقل وهجر الأول أو صار كالمهجور”[137]. ومن هنا يتضح أن العرف القولي يؤثر في الألفاظ من حيث التخصيص.[138]

أما العرف العملي[139]، فهو اعتياد الناس جملة من الأفعال والتصرفات مما له تعلق بشؤون الحياة والمعاملات المدنية، ومنشأ هذا القسم هو التعامل والممارسة العملية، ومن نماذج تخصيص العموم بالعرف العملي ما ذهب إليه الإمام مالك من إخراج المرأة الشريفة من عموم قوله تعالى: ﴿والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين﴾[140]، استنادا إلى العرف. جاء في تفسير القرطبي: “واختلف الناس في الرضاع هل هو حق للأم او هو حق عليها، واللفظ محتمل، لأنه لو أراد التصريح بكونه عليها لقال: وعلى الوالدات رضاع أولادهن كما قال تعالى: ﴿وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن﴾[141]، ولكن هو عليها في حال الزوجية، وهو عرف يلزم إذ قد صار كالشرط، إلا أن تكون شريفة ذات ترفه فعرفها ألا ترضع، وذلك كالشرط”[142].

غير أن العلماء حينما أقروا العرف دليلا يستند إليه الفقيه، وضعوا له جملة من الضوابط تضمن له الصحة والإلزامية، وتنحصر إجمالا فيما يلي:

– أن يكون العرف غير مناقض لنص أو أصل شرعي، حيث لا يعتبر من الأعراف إلا ما وافق أصول الشرع ولم يرجع عليها بالإبطال.[143].

– أن يكون العرف في محيط العمل به مطردا أو غالبا، “بحيث يكون جاريا بين متعارفيه في جميع الحوادث”[144].

– أن يكون العرف سابقا أو مقارنا لزمن الشيء الذي يراد حمله على العرف[145]، وقد حرر القرافي هذا الضابط بقوله: “إنما يعتبر من العوائد ما كان مقارنا لها، فكذلك نصوص الشريعة لا يؤثر في تخصيصها إلا ما قارنها من العوائد”[146]. كما بين أن “العوائد الطارئة بعد النطق لا يقضى بها على النطق، فإن النطق سالم عن معارضتها، فيحمل على اللغة، ونظيره إذا وقع العقد في البيع فإن الثمن يحمل على العادة الحاضرة في النقد، وما يطرأ بعد ذلك من العوائد في النقود لا عبرة به في هذا البيع المتقدم، وكذلك النذر والإقرار والوصية إذا تأخرت العوائد عليها لا تعتبر”[147].

إذا فهمنا العرف هذا الفهم وسلكنا به هذا المسلك المضبوط، أدركنا جليا عدم وجاهة رأي الباقلاني فيما ذهب إليه من منع تخصيص العام بعادة المخاطبين، وهذه عبارته في التقريب والإرشاد: “وإنما لم يجب ذلك لأن الشرع لم يوضع فيما ورد به من تحليل وتحريم وغير ذلك على عادة المكلفين، وإنما وضعه سبحانه على ما بينا من تديين عباده، وإن كان مبنيا على استصلاح المكلفين، وقد تكون  المصلحة باتفاق في الإقرار لهم على العقود والأفعال المعتادة بينهم، وقد يكون في ترك ذلك والتعبد بضده، وبهذا قرر عليهم عبادات ليست في عادتهم وحظر عليهم أفعالا ومأكلا وعقودا كانت معتادة عندهم، فهذا ما لا شبهة لهم فيه وفي إبطاله لمن أوجب تخصص العام بعادة المخاطبين، ولا فرق بين أن تكون العادة المتقررة بينهم عادة شرعية أو مألوفة منهم بغير شرع، فإذا جاء الخطاب العام يمنع ذلك وجب منع جميعه”[148].

والحق أن اعتبار العوائد في ضوء الضوابط المذكورة والحدود المسطورة لا يتنافى مع أصل “التديين” الذي وضعت عليه التكاليف، بل هي -أي العوائد- من مقتضاه، ومراعاتها من لوازم فهم النصوص وتنزيلها في ميدان العمل والتطبيق، والأخذ بها يوافق كل الموافقة قصد الشارع. وبهذا يتبين أن “العوائد الجارية ضرورية الاعتبار شرعا، كانت شرعية في أصلها أو غير شرعية، أي سواء كانت مقررة بالدليل شرعا أمرا أو نهيا أو إذنا أم لا. أما المقررة بالدليل فأمرها ظاهر، وأما غيرها فلا يستقيم إقامة التكليف إلا بذلك، فالعادة جرت بأن الزجر سبب الانكفاف عن المخالفة، كقوله تعالى: ﴿ولكم في القصاص حياة﴾[149]، فلو لم تعتبر العادة شرعا لم ينحتم القصاص ولم يشرع، إذ كان يكون شرعا لغير فائدة”[150]. ثم إنه لما حصل القطع باعتبار الشارع للمصالح، “لزم القطع  بأنه لابد من اعتباره العوائد، لأنه إذا كان التشريع على وزان واحد دل على جريان المصالح على ذلك، لأن أصل التشريع سبب المصالح، والتشريع دائم  كما تقدم، فالمصالح كذلك، وهو معنى اعتباره للعادات في التشريع”[151]. وأخيرا إن عدم اعتبار العوائد مؤد إلى تكليف ما لا يطاق، “وهو غير جائز أو غير واقع”[152].

وإذا كان فقه العمليات وثيق الصلة بالمجتمع، راسخ الارتباط به –كمـا أشـرت إليه سابقا-، وكانت الأعراف أو العوائد لا يمكن تصور وجودها إلا في منظومة مجتمعية معينة، بل هي المجتمع عينه، أدركنا بيسر ما بين العرف والعمل من متين الروابط وقوي الصلات، فالعرف يكتسب قوته ومشروعيته من العمل[153]، والعمل بدوره يجد مادته وسنده في العرف استثمارا وتوظيفا[154]، ولهذا عده أبو العباس أحمد الهلالي أقوى المرجحات. جاء في نور البصر ما نصه: “العرف وهو أقوى المرجحات، ثم هو لا يقتصر فيه على الترجيح من الخلاف، بل يعتمد عليه أيضا في إنشاء حكم مقابل للحكم المتفق عليه، وذلك في الأحكام التي مستندها العرف، فإذا تبدل العرف تبدل الحكم، فإن كان العرف الطارئ عاما عم الحكم المتجدد، وإن كان خاصا ببلد أو بقوم اختص الحكم”[155].

أما المجالات التي يلزم المجتهد باعتبار العرف فيها، بحيث لو أهمله والتفت عنه كانت اجتهاداته عرضة للزلل، فهي في غاية الاتساع والامتداد، إذ نص أغلب العلماء على أن للعرف مدخلا وسلطانا في:

– تبيين مقاصد المكلفين ونياتهم.

– المجتهدات المسكوت عنها، أي ما لم يرد للشارع فيه تصريح بحكمه.

– الترجيح بين الأقوال في قضايا التعارض أو مسائل الخلاف كما هو الحال في العمليات، فالعرف ينهض دليلا قويا يترجح به القول الضعيف أو الشاذ.

وقد أشار العلامة الزقاق في لاميته إلى جملة من المسائل، للعرف فيها مدخل واسع وأثر حاسم فقال:

بيـان وتخصيص وتفسير مبهم شهيد وتقييد لعرف جرى حـلا
به الحكم والفتيا فإن صح ما جرى من العرف فاحكم ناظرا ومنخلا
صحيحا وضدا والذي هو غالب وأعط لكـل ما اقتضـاه وكملا
بإحلاف ذي عرف صحيح وغالب ففاسده بالجعـل والحرث ومثـلا

قال سيدي عمر الفاسي شارحا: “يريد أن للعرف حلا أي أوصافا يتحلى بها(…)، وهي كونه بيانا لمجمل وتفسيرا لمبهم وتخصيصا لعام وتقييدا لمطلق وشهيدا، وأنه يعتمد في القضاء والفتيا، فينظر إلى ما جرى به العرف بوقوعه فاسدا، وما جرى به صحيحا، ومنه ما جرى به على وجهين والغالب الصحة وعكسه، فيعطى لكل معاملة ما يقتضيه العرف فيها من صحة أو فساد، فإن كان يقع على وجهين فيعتبر الغالب ويحكم به، وإذا كان العرف شاهدا لأحد الخصمين فلا بد من يمينه”[156].

وإن المستقرئ لقضايا فقه العمل، يدرك أن العلماء حينما أقروا العرف أساسا تبنى عليه أحكام العمل ويوجه مسائله المتكاثرة، كانوا في ذلك موجهين بنظرة مقصدية راسخة، مقتضاها أن الأعراف الصحيحة إنما يتأكد اعتبارها ويلزم رعيها، لأنها أمر فطري ينطوي على قواعد مصلحية كبرى أهمها صيانة وحدة المجتمع، وضمان استقرار المعاملات، وتحقيق مبدأ التيسير في التكليف.

فالبعد الجماعي ملحوظ بقوة في هذا الاعتبار، وحتى البعد الفردي في هذه الأعراف يسير في هذا الاتجاه وينفعل بهذا السياق، كما أن معاملات الناس في نواحيها الاجتماعية والاقتصادية تجري على استقامة واعتدال، وفي كل ذلك مظهر من مظاهر يسر التكليف ورحمة الشريعة الغراء.[157].

وعلى أساس هذه النظرة المقصدية للعرف، نبه العلماء في تأصيلاتهم وتفريعاتهم على أمرين في غاية الأهمية:

أولهما: عدم الاسترسال في تحكيم الأعراف بإطلاق، وخاصة إذا كان الباعث على هذا التحكيم هو الاستناد المجرد واتباع الأهواء والأغراض دون الاهتداء بأنوار الشرع، فالميزان الشرعي هو المبدأ والمآل في هذا التحكيم.

وثانيهما: النظر إلى هذه الأعراف نظرا نسبيا، وذلك بربطها بسياقاتها الظرفية المختلفة، ولذلك نص العلماء على تغاير الأحكام –ومنها أحكام العمل- بتغاير مستنداتها العرفية، فالأعراف تختلف باختلاف الأقطار والأقاليم، كما تختلف في البلد الواحد باختلاف الأزمان. وعلى هذا المبدأ تتنزل قاعدة جليلة في علم الفتوى، وهي أنه “ينبغي للمفتي إذا ورد عليه مستفت، لا يعلم أنه من أهل البلد الذي منه المفتي وموضع الفتيا، أن لايفتيه بما عادته يفتي به حتى يسأله عن بلده، وهل حدث لهم عرف في ذلك البلد في هذا اللفظ اللغوي أم لا؟ وإن كان اللفظ عرفيا فهل عرف ذلك البلد موافق لهذا البلد في عرفه أم لا؟ وهذا أمر متعين واجب لا يختلف فيه العلماء، وأن العادتين متى كانتا في بلدين ليستا سواء أن حكمهما ليس سواء”[158].

كما يقتضي هذا الأصل العام من المفتي، أن ينظر في الأحكام والنوازل -مما شأنه الانبناء على المقتضيات العرفية- نظرا اجتهاديا تحقيقيا في آحادها، دون الاقتصار أو الجمود على ما حرر أو سطر في الكتب والمصنفات، يقول القرافي في الفرق 28: “وعلى هذا القانون تراعى الفتاوى على طول الأيام، فمهما تجدد من العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك، لا تجره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده وأجره عليه، وأفته به دون عرف بلدك والمقدر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدا ضلال وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين”[159].

وخلاصة القول في هذا المقام أن المستند العرفي يعد أهم الأسس التي بني عليها صرح ما جرى به العمل، حيث صرح العلماء بكونه أقوى المرجحات، وفي ذلك تشخيص واضح للمكانة التي يحتلها العرف في الاجتهاد المالكي، ذلك الاجتهاد الذي كان على مر العصور مضرب المثل في الواقعية والمرونة والقدرة على التواصل مع محيطه المجتمعي.

وللنابغة الغلاوي أبيات جامعة لما ذكرناه حيث جاء في منظومته :

ورجحوا بالعرف أيضا وهـو من سائـر المرجحات أقـوى
وذلك الـترجيـح بالمجتـهد ليـس بمختـص عن الـمقلد
فالـعرف ظـاهر لكل واحد لـم يتـأت جحده للجـاحـد
والعرف ما يغلب عند الناس ومثلــه العـادة دون بــاس
ومقتضاهمـا معـا مشـروع في غير مـا خالفـه المشـروع
وذان في الترجيح شرعا قدما فلهمــا كـن أبـدا مقدمــا
وكل ما انبنى على العرف يدور معه وجـودا عدمـا دور البـدور
فاحذر جمودك على ما في الكتب في ما جرى عرف به بل منه تب
لأنـه الضـلال والإضـلال إذ قد خلت من أهلهــا الأطـلال
فكل ما في الشـرع فهو تابــع إلـى العوائـد لهــا مجامــع
فمـا اقتضتـه عـادة تجـددت تعيـن الحكــم بـه إذا بـدت
وهذه قـاعـدة فيهـا اجـتهـد كـل وأجمـع عليهــا للأبـد
لذاك قالـوا من أتـى مستفتيـا سئــل عـن عـادتـه فأفتيــا
بما اقتضتـه عـادة المستفتـي وإن يكـن خالـف عرف المفتـي

والحاصل أن العلماء فيما ذهبوا إليه من اشتراط الوقوف على الأسس والموجبات التي انبنى عليها صرح العمل، وهو ما اصطلحت عليه بالسند المعنوي، كانوا صادرين عن رؤية مقصدية متكاملة، وعن دراية رفيعة بالجوانب التطبيقية لمقاصد الشريعة وأسرارها عند تنزيلها على تصرفات المكلفين، وعند التعامل مع الحوادث والنوازل بشكل عام، وعليه فالمجتهد مفتيا كان أو قاضيا إذا عرضت عليه نازلة تعذر عليه فيها الجري مع مقتضى القول المشهور، وكان مقابله أجلب للمصلحة منه وأدرأ للمفسدة، أي أكثر تماشيا مع الوجهة المقصدية للشرع، كان هو المطلوب والأجدر بالإعمال في النازلة المعروضة، ولا شك أن هذا الإعمال ذا السند المعنوي الواضح يفتح لمن يأتي بعد من الفقهاء طريق تجديده وتأييده، إذا توافرت أسبابه وظروفه، وتوافرت أيضا الأهلية المتطلبة في إجراء العمل.

يقول العلامة أبو العباس الهلالي في بيان وجه اشتراط توافر السند المعنوي للعمل: “إن الشريعة جاءت بدفع المفاسد وجلب المصالح فضلا من الله تعالى، فإذا عرض توقفهما على مقابل المشهور، غلب على الظن أن قائل القول المشهور لو أدرك هذا الزمان الذي توقف فيه جلب المصلحة أو دفع المفسدة على مقابل قوله لم يقل إلا بالمقابل، ولكن الترجيح بهذين الأمرين لا يعم القادر على الترجيح وغيره(…)، بل لا بد هنا من أهلية الترجيح بإتقان الآلات والقواعد، إذ ليست كل مصلحة أو مفسدة تعتبر في نظر الشرع، فلا بد من نظر في ذلك بملكة يميز بها بين المعتبر شرعا وغير المعتبر، ويعلم بها أن الكليات الخمس ترجح أعني الدين والنسب والنفس والعقل والمال، وهل هي ضرورية أو حاجية أو تحسينية أو ملحقة بشيء من ذلك، ليقدم ما يقدم ويؤخر ما يؤخر، وقد تكفل بذلك في أصول الفقه، ومن القواعد التي هي أخص من قواعد الأصول وأعم من الكليات الفقهية، ولابد مع ذلك من فطنة وفقاهة نفس”[160].

الهوامش:


[108] – الموافقات 2/298.

[109] – نفسه 2/50.

[110] – نفسه 4/240.

[111] – نفسه 2/50.

[112] – نفسه 2/298.

[113] – سورة الجمعة، الآية 9.

[114] – الموافقات، 2/298.

[115] – الموافقات 2/301.

[116] – نفسه 2/301-302.

[117] – نفسه 2/309.

[118] – نفسه 2/309-310.

[119] – الموافقات 2/310 .

[120] – نفسه 2/311 .

[121] – الموافقات 2/313.

[122]– لم يذكر الشاطبي الاستقراء ضمن المسالك المعرفة للمقاصد، وهذا أمر مستغرب نظرا لأهمية الاستقراء عنده في موضوع المقاصد وفي سائر فصول الكتاب.

[123]– الموافقات 1/24.

[124]– نفسه 4/242.

[125] – نفسه 2/37.

[126] – الموافقات 3/39-40.

[127] – انظر نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي للأستاذ أحمد الريسوني، ص288.

[128] – الموافقات 3/261.

[129] – مالك حياته وعصره، آراؤه وفقهه ص420، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، (د.ط.ت).

[130] – أحكام القرآن لابن العربي، 4/288، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1988، بيروت.

[131]– إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك، لأبي العباس الونشريسي ص393 وما يليها، تحقيق أحمد بو طاهر الخطابي، طبع بإشراف اللجنة المشتركة للنشر وإحياء التراث الإسلامي بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، الرباط، 1980.

[132] – شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول، للقرافي ص211، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، الطبعة الأولى 1973، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة.

[133] – أي إما من جهة اللغة أو الشرع أو الصناعة. إحكام الفصول في أحكام الأصول، لأبي الوليد الباجي ص177، تحقيق ودراسة الدكتور عبد الله محمد الجبوري، الطبعة الأولى 1989، مؤسسة الرسالة، بيروت. وانظر كذلك  ص199 من الكتاب المذكور.

[134] – العرف والعمل في المذهب المالكي ومفهومهما لدى علماء المغرب لعمر الجيدي، ص 94، وانظر كذلك الفروق للقرافي، 1/171.

[135]– تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، 2/57.

[136]– أصول الفتوى والقضاء، للدكتور محمد رياض، ص 451.

[137]– الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة، حسن بن محمد المشاط، ص270.

[138]– شرح تنقيح الفصول للقرافي، ص 212.

[139]– يلاحظ أن القرافي أنكر العوائد الفعلية في كتابه شرح تنقيح الفصول، حيث قال :”العوائد القولية تؤثر في الألفاظ تخصيصا ومجازا وغيره بخلاف العوائد الفعلية”، ص 212 . غير أنه صرح بقبولها في موضع آخر من كتابه المذكور حيث قال: والعادة غلبة معنى من المعاني على الناس وقد تكون هذه الغلبة في سائر الأقاليم  كالحاجة للغذاء والتنفس في الهواء وقد تكون خاصة ببعض البلاد  كالنقود والعيوب، وقد تكون خاصة ببعض الفرق كالآذان للإسلام والناقوس للنصاري، فهذه العادة يقضى بها عندنا”، ص 448.

[140]– سورة البقرة، الآية 233.

[141]– سورة البقرة الآية 233.

[142] – الجامع لأحكام القرآن، 3/161،  الطبعة الثانية، 1954 دار الكتب المصرية. وجاء في أحكام القرآن لابن العربي قوله: “والعادة إذا كانت شريفة ألا ترضع فلا يلزمها ذلك”، 4/288. انظر كذلك المدونة الكبرى للإمام مالك، 2/416، دار صادر، بيروت، (د.ت).

[143]– انظر العرف والعمل في المذهب المالكي لعمر الجيدي، ص 107.

[144]– مباحث في المذهب المالكي بالمغرب لعمر الجيدي، ص 230.، الطبعة الأولى، 1993، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط.

[145]– العرف والعمل لعمر الجيدي، ص 112.

[146]– شرح تنقيح الفصول، ص 211.

[147]– نفسه ص 211.

[148]– التقريب والإرشاد الصغير، للقاضي أبي بكر الباقلاني 3/253، تحقيق الدكتور عبد الحميد أبو زنيد، الطبعة الثانية 1998، مؤسسة الرسالة، بيروت.

[149]– سورة البقرة، الآية 179.

[150] – الموافقات 2/218.

[151]– نفسه 2/219.

[152]– نفسه 2/219.

[153]– لأن في إجراء العمل على وفقه إقرارا بصلاحيته وإلزاما بضرورة اعتباره.

[154]– قال المرحوم علال الفاسي:” فالعوائد أو الأعراف تعتبر سببا للأحكام الشرعية، فهي بهذا الاعتبار من مصادرها، ولذلك كانت سببا في قيام العمل”. مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها ص 153.

[155]– نور البصر، للهلالي ص 134.

[156]– تحفة الحذاق، ص 306.

[157]– انظر فقه المقاصد وأثره في الفكر النوازلي لعبد السلام الرفعي ص 289، مطابع إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب 2004.

[158]– الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي، ص 232.

[159]– الفروق للقرافي، ص 322-323.

[160]– نور البصر ص 137.

د. إدريس غازي

• خريج دار الحديث الحسنية ـ الرباط.
• دكتوراه في الدراسات الإسلامية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ فاس، في موضوع: "أصل ما جرى به العمل ونماذجه من فقه الأموال عند علماء المغرب".
• دبلوم الدراسات العليا من دار الحديث الحسنية، الرباط، في موضوع: "المنهجية الأصولية والاستدلال الحجاجي في المذهب المالكي".
من أعماله:
ـ الشاطبي بين الوعي بضيق البرهان واستشراف آفاق الحجاج.
ـ في الحاجة إلى تجديد المعرفة الأصولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق