الرابطة المحمدية للعلماء

نقاد وباحثون يفككون آليات ومكونات سؤال الهوية في المسرح المغربي

حاول نقاد وباحثون في قضايا الركح تفكيك آليات ومكونات سؤال الهوية في المسرح المغربي من خلال استدعاء التاريخ واستكناه البدايات الأولى للتجربة المسرحية في المغرب متلمسين اللمسة أو الخصوصية أو الروح المغربية في النص المسرحي كما أصله وقعد له الرواد الأوائل في هذا اللون الإبداعي .

 وقارب مجموعة من المتدخلين خلال ندوة “أسئلة الهوية في المسرح المغربي” التي نظمت أخيرا بفاس في إطار مهرجان فاس الدولي للمسرح الاحترافي في نسخته التاسعة، السؤال المركزي لهذه الندوة من خلال تفكيك علامات هذه الهوية في مختلف الأشكال الإبداعية التي راكمها المسرحيون المغاربة سواء من خلال الكتابة أو الإخراج والسينوغرافيا وغيرها من مقومات هذا الإبداع.

واعتبر حسن المنيعي مؤسس الدرس المسرحي بالجامعة المغربية، والذي سلخ عقودا من عمره في تتبع مسارات الحركة المسرحية بالمغرب تنظيرا ونقدا وتأصيلا، أنه لا يمكن لأي أحد أن يتحدث عن هوية ثابتة للمسرح على اعتبار أنه فن إنساني قديم يخول لمتعاطيه وصانعيه أن يقدموا من خلال هذه الصنعة رؤيتهم للعالم ولقضاياه،  ولاحظ من خلال تتبعه لبعض التجارب المسرحية العالمية أن المسرح يعيش يوميا حالة تفاعل بين الثقافات ويخضع في سيرورة دائمة لتحولات عميقة تطال مختلف بنياته وآليات اشتغاله، مشددا على أن المتحدثين عن الهوية أو البصمة الخاصة يغفلون أن الغرب بقاماته الإبداعية لجأ لبناء مسرحه الجديد إلى بلدان أخرى في آسيا التي استمد منها بعض تقاليدها ثم عجنها وسيرها خادمة له .

وأكد على أن المسرح لم تعد له هوية وإنما يمكن الحديث عن الخصوصيات بدليل أن المغاربة احتضنوا في البداية هذا الفن الوافد واستعملوه أداة ضد المستعمر وقدموا عروضا إبداعية كانت تنتهي دائما بمظاهرات قبل أن يبدأ هذا اللون الفني يضع أقدامه في التربة المغربية من خلال فنانين ومبدعين تمرسوا بتقنيات فن الخشبة، ليدخل المسرح المغربي بعد السبعينيات مجال الحداثة بواسطة شباب اعتمدوا التنظير والتأصيل للتجربة المسرحية المغربية دون أن ينسلخوا عن النماذج الغربية.

وبدورها حاولت الكاتبة بديعة الراضي تلمس تمظهرات الهوية في المسرح المغربي من خلال طرح السؤال الثقافي بكل تجلياته، مؤكدة أن دقة المرحلة التي يجتازها المشهد الثقافي المغربي تفرض على الجميع أن يتنبه لما يجري خاصة أمام فضاء ضبابي بين سؤال الحداثة وسؤال التقليدانية،  وقالت إن سؤال الهوية طرح في العالم العربي وفق منظومة خاطئة رغم الصوت الحداثي الذي كان يخرج من الجامعات، مضيفة أنه وفقا للتحولات المتسارعة التي يشهدها العالم فإن الهوية لا يمكنها أن تكون إلا متعددة . ولاحظت أن توظيف الذاكرة العالمية في الأنسنة لا يعني أن المغاربة قد تخلوا عن هويتهم وإنما هم يتطلعون إلى بناء مغرب متعدد ومتنوع بتعدد الهويات التي تشكلت في هذا الفضاء والتي تظل مصدر إثراء للوحدة والأصالة.

ومن جهته، اعتبر حسين الشعبي (كاتب مسرحي) أن مقاربة سؤال الهوية في المسرح المغربي بنفس الآليات التي قاربها بها الرواد الأوائل هو إجحاف في حق الإبداع المسرحي، وأكد أن المسرحيين العرب ومن بينهم المغاربة كانوا يتطارحون قلق الهوية في أعمالهم الإبداعية انطلاقا من الخوف من هوية هاربة الذي يعكس الخوف من سيادة الآخر، وبالتالي فإن المقاربة التي يجب أن نعتمدها في معالجة السؤال اليوم يجب أن تختلف خاصة في ظل مفاهيم العولمة وذوبان الخصوصيات وثقافة الاحتجاج مشددا على أن النقاد والمنظرين بحاجة اليوم إلى نزوع نقدي لهذه الهوية نفسها، وسجل أن الإفراط في خطاب الهوية قد يشكل اليوم خطرا على الذات وعلى الأمة كما ان التفريط في الهوية سيؤدي إلى الانسلاخ عن التاريخ والحضارة والاستلاب والتفسخ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق