مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةدراسات عامة

نفحات من السيرة النبوية -2-

    قبل الحديث عن سيرة سيِّد الوجود صلى الله عليه وسلم، لابد من تسليط الضوء على سر اختيار الجزيرة العربية مهدا للرسالة المحمدية الخاتمة دون غيرها من بقاع الأرض، ولماذا وقع الاختيار على العرب دون غيرهم من الأمم والشعوب لتحمل أعباء الرسالة النبوية؟

    فالمتأمل لجغرافية الجزيرة العربية يرى أنها تتوسط بين حضارات مختلفة وأمم متعددة، أي أنها رقعة يمكن أن تكون مدخلا لجميع الحضارات والثقافات، وبابا يجمع بين جميع مكونات الحضارات على اختلافها، كما أنها تعتبر ملتقى جميع الأعراق والأجناس، وهذا ما يؤكده محمد المبارك بقوله عن جغرافية الجزيرة: “أنها تقف في الوسط التام بين حضارتين جانحتين: إحداهما حضارة الغرب المادية التي قدمت عن الإنسان صورة بتراء لا تقع حتى على جانب جزئي من الحقيقة، وأخراهما الحضارة الروحية الخيالية في أقصى الشرق، كتلك التي كانت تعيش في الهند والصين وما حولهما”.[1]

    لكن ما يثير في سر اختيار الجزيرة العربية لتكون مهدا لختام هذه الدعوة المباركة، وبالضبط مكة، نجد أن القرآن الكريم قد أعطى إشارات قوية حول هذه البقعة بالذات، في قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى للعَالَمِينَ) [آل عمران، 96]. فقد ذكر الإمام البغوي أن سبب نزول هذه الآية: “أن اليهود قالوا للمسلمين: بيت المقدس قبلتنا، وهو أفضل من الكعبة، وأقدم وهو مهاجر الأنبياء، وقال المسلمون بل الكعبة أفضل، فأنزل الله تعالى: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين)،[2] وفي صحيح البخاري عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: (سمعتُ أبا ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ مسجد وضع في الأرض أولَ؟ قال: المسجدُ الحرام، قال: قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركَتكَ الصلاة بعدُ فصلّه، فإن الفضل فيه).[3] أي أن هذه البقعة شرفها الله تعالى بأول بناء بني على الأرض لعبادة الله ألا وهو البيت المحرم، وهو مكان مبارك بالإضافة إلى أن الله تعالى شرفه بأن يكون مهدا لهداية كافة الناس، فما من نبي إلا وبعث في خاصة قومه وأمته إلا نبينا صلى الله عليه وسلم فدعوته هداية للعالمين، فما علاقة أولية البيت بآخرية الرسالة المحمدية؟ وما هي دلالة اصطفاء الله تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأن يكون أمين الله تعالى على بيته الحرام؟

    هنا تبرز لنا إشارة مهمة وهي أن أولية البيت ترمز إلى أولية النور المحمدي، الذي لولاه ما خلقت المخلوقات، ولا وجدت الموجودات.

وكيف تدّعو إلى الدنيا ضرورةُ مَنْ      لولاهُ لم تُخرجِ الدنيا مِنً العدمِ

    فقد روى عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليهِ وسلم: (لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد إلا غفرت لي، فقال الله: يا آدم كيف عرفت محمداً ولم أخلقهُ ؟ قال: يا رب إنك لما خلقتني رفعتُ رأسي فرأيتُ على قوائم العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، فعلمتُ أنك لم تُضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله تعالى: صدقت يا آدم، إنهُ لأحب الخلق إليّ، وإذا سألتني بحقهِ غفرتُ لك، ولولا محمد ما خلقتك ).

    وهذا الحديث أخرجهُ البيهقي في دلائل النبوة (5/489 )، والحاكم في المستدرك ( 2/615 ) وصححهُ، والطبراني في الأوسط ( 6498 )، وذكرهُ الهيثمي في مجمع الزوائد ( 13917 ). وقد حقق الإمام تقي الدين السبكي في كتابهِ ( شفاء الأسقام ) أن هذا الحديث لا ينزلُ عن درجة الحَسن. 

وحديث عَنِ ابْنِ أَبِي الْجَدْعَاءِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: “وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ “.

    ومن عظيم مكرمات الله تعالى، ومن تشريف الله سبحانه وتعالى أنه اصطفى نبيه الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن يكون أمين بيته الحرام وصاحب أمره، ومنطلق دعوته التي هي دعوة للهداية والرحمة والأمان، فاجتمع شرف البيت المبارك: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى للعَالَمِينَ)، (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [البقرة/125]، مع أمين البيت الذي أرسله الله رحمة للعالمين، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ). في تناغم تام، وتناسق عجيب في معاني الحب والسلام والهداية والأمان الذي جاءت به الرسالة المحمدية في هذه البقعة المباركة.

    ومن الرقائق العجيبة أن الله تعالى أوكل بناء البيت لسيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام، قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ  رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). [البقرة/127-129]، وكما هو معلوم فإن نسب النبي صلى الله عليه وسلم ينتهي إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام، الذي هو أب الأنبياء، فشرف الله تعالى بناء أول بيت يعبد فيه لجد النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن الله تعالى جعل مفاخر البيت وحلله البهية تؤول إلى حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم، خير من تختم به الفضائل، ويحوز شرف المكارم، لذلك كلما أتى رسول من الرسل إلا وبشر بقدوم الحبيب صلى الله عليه وسلم، بل وأخذ الله ميثاقا من النبيين إن أتى الحبيب صلى الله عليه وسلم، ليُؤمنن به ولينصرنه، قال تعالى: ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ). [آل عمران/81]. قال السدي: “لم يبعث الله عز وجل نبيًّا قطُّ من لدُنْ نوح، إلا أخذ ميثاقه ليؤمننّ بمحمد ولينصرنَّه إن خَرَج وهو حيّ”،[4] فجميع الأنبياء والرسل يعرفون قدر النبي صلى الله عليه وسلم، ومكانته العلية، وأفضاله السنية، وأن رسالته رسالة تجمع ولا تفرق، رسالة محبة وأمن وسلام، لذلك أمرهم الله باتباعه وسلوك سبيله، إن وجد في زمانهم، وإن كانوا متساويين في مهمة الإبلاغ، تنبيها لهم وتعظيما لشأن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، روى البخاري عن ابن عباس قال: “ما بعث الله نبيًا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنّن به ولينصرنّه، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بعث محمّد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه وليتبعنه”. يقول ابن كثير: “فالرسول محمد خاتم الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليه، دائما إلى يوم الدين، وهو الإمام الأعظم الذي لو وُجد في أي عصر وجد لكان هو الواجب الطاعة المقدَّم على الأنبياء كلهم، ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس، وكذلك هو الشفيع في يوم الحشر في إتيان الرب لفصل القضاء، وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له، والذي يحيد عنه أولو العزم من الأنبياء والمرسلين، حتى تنتهي النوبة إليه، فيكون هو المخصوص به”.[5]

    أما عن سر اختيار العرب أن تكون فيهم هذه الدعوة المباركة، وأن يبعث فيهم الحبيب صلى الله عليه وسلم، أن الأمم غير العرب موغلة في التفسخ الأخلاقي، والتردي الفكري، ففي تلك الفترة هناك أمم كلها تعيش حياة جاهلية جهلاء، وهي فارس والروم واليونان والهند؛ ففارس كانت مرتعا لفلسفات وديانات متصارعة، بالإضافة إلى الانحطاط الأخلاقي، والانحرافات الكثيرة. أما الرومان، فعُرفت عنهم النزعة الاستعمارية، وحب التملك والسيطرة، والظلم الاجتماعي باسم الدين، بالإضافة إلى الانحراف العقدي الكبير. أما اليونان، فقد عاشت تحت أقدام الخرافات والأساطير، جعلتها غارقة في صراعات لا حصر لها. أما الهند، فقد كانت أشد انحطاطا من تلك الأمم والحضارات.

    أما الجزيرة العربية، فقد عرفت هي كذلك انحرافات أخلاقية، وتردٍّ سلوكي، لكن ليس بالقدر الكبير مثل باقي الأمم، الموغلة في مظاهر الترف والتمدن، المتفننة في أساليب الإباحية والتفسخ الأخلاقي، ولم يكن للعرب ذلك الطمع الشديد في التملك وحب السيطرة كما نجده عند الرومان، ولا نجد كثرة الأساطير والخرافات كما نجد في باقي الحضارات، بل نجد في سلوكهم بعض مظاهر الخير، ومكامن النور، يحتاج إلى يقظة، ويحتاج إلى من يشعل شرارته لتتوهج أنوارا مضيئة للعالم، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

    كما أن العرب في تلك الفترة أميّون بالنسبة للأمم الأخرى، بمعنى أن البيئة التي بعث فيها النبي صلى الله عليه وسلم، لم يدخلها أي جانب من جوانب الحضارة الفكرية والفلسفية كما عند الأمم الأخرى، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث أميا، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ). [الجمعة/2]، وقال تعالى: (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). [الأعراف، 156-158].

    “عن سعيد في قوله: (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ)، قال: أمة محمد صلى الله عليه وسلم, فقال موسى عليه السلام: ليتني خُلقت في أمّة محمدٍ!.”.[6] “عن السدي: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ، قال: هؤلاء أمة محمد صلى الله عليه وسلم”.[7] “عن قتادة قال: لما قيل: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ، تمنّتها اليهود والنصارى، فأنـزل الله شرطًا بيّنًا وثيقًا فقال:  (الذين يتبعون الرَّسول النبيّ الأمي)، وهو نبيكم صلى الله عليه وسلم، كان أمِّيًّا لا يكتبُ”.[8] أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكتب ولا يقرأ، والحكمة في ذلك “أنه كما يخشى من دخول الريبة في صدور الناس إذا ما رأوا النبي متعلما، مطلعا على الكتب القديمة وتاريخ الأمم البائدة، وحضارات الدول المجاورة، كذلك يخشى من دخول هذه الريبة في الصدور إذا ما ظهرت الدعوة الإسلامية بين أمة لها شأن في الحضارة والمدنية والفلسفة وتاريخ ذلك، كدولة الفرس أو اليونان أو الرومان، إذ ربّ مرتاب مبطل يزعم أنها سلسلة التجارب الحضارية والأفكار الفلسفية أبدعت أخيرا هذه الحضارة الفذة والتشريع المتكامل (…) فلقد اقتضت إرادة الله تعالى أن يكون رسوله أميا، وأن يكون القوم الذين ظهر فيهم هذا الرسول أميين أيضا في غالبيتهم العظمى، حتى تكون معجزة النبوة والشريعة الإسلامية واضحة في الأذهان لا لُبس بينها وبين الدعوات البشرية المختلفة، وهذا ينطوي –كما هو واضح – على رحمة عظيمة بالعباد”.[9]

    فكل أسباب وممهدات الدعوة المحمدية رحمة ومحبة وأمان وهداية للناس، بدءا من اختيار جزيرة العرب مهدا لهذه الأمانة، لاحتضانها شرف أول بيت على وجه الأرض لعبادة الله تعالى، فيه السكينة والهداية والأمان، ومكان مبارك، وقد اختار الله تعالى حبيبه الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم، أن يكون خاتما للرسائل، وحائزا لجميع الفضائل، ورحمة لكل الخلائق، فاجتمع شرف المكان مع شرف النبي المختار، ليعطينا أجمل صورة وأكمل حلة، وهي رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، المبنية على المحبة والهداية والسلام والأمان، والخير والرحمة المنبعثة من كل مكان، وهذه هي أحد الأسباب التي جعلت سيدنا موسى عليه السلام يتمنى أن يكون فردا من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

                                                                                  يتبع…

[1] الأمة العربية في معركة تحقيق الذات، 147.

[2] تفسير البغوي معالم التنزيل، لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي، حققه وخرج أحاديثه: محمد عبد الله النمر، عثمان جمعة ضميرية، سليمان مسلم الحرش، دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1409هـ/1989م، 2/ 69.

[3] كتاب: أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا). [النساء/ 125].

[4] الشفا، للقاضي عياض، 1/ 115.

[5] تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تحقيق: سامي بن محمد السلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الرياض، الطبعة الثانية، 1420هـ/1999م، 2/ 68.

[6] تفسير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، راجعه وخرج أحاديثه: أحمد محمد شاكر، حققه وعلق حواشيه: محمود محمد شاكر، دار ابن الجوزي، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 2008، 13/ 161.

[7] المصدر السابق، 13/163.

[8] نفسه، 13/ 163.

[9] فقه السيرة النبوية، محمد سعيد رمضان البوطي، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، دار الفكر، دمشق، سوريا، الطبعة السادسة عشرة، 1427هـ/2006م، 33.

د.مصطفى بوزغيبة

باحث بمركز الإمام الجنيد التابع للرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق