مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةأعلام

نظرات عن منهج ابن القطان الفاسي (628)هـ في نقد الرواة ومروياتهم-الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الباحثة: دة/ خديجة أبوري*

تمهيد:

يعد العصر الموحدي من أعظم العصور التي عاشها المغرب العربي في جل الميادين ومنها العلمية؛ فنشطت المدن وازدهرت بالعلماء وطلبة العلم، وكان من بين المدن العلمية المعتنى بها مدينة فاس التي كانت حاضرة الأندلس اجتمع فيها علم قرطبة والقيروان بعد اضطرابهما، ومدينة مراكش التي تشبه بغداد في تقدمها ورقيها في القرنين الثالث والرابع .. هذا بالإضافة إلى مراكز أخرى كمدينة سبتة وسجلماسة وغيرها.

ففي هذه البيئة العلمية وبمدينة فاس ولد العلامة ابن القطان الفاسي؛ أحد أعمدة علم الحديث الشريف بالمغرب، له بصمات واضحة، كان لها الأثر في إغناء المكتبة الحديثية بالعديد من المصنفات.

ولمكانة هذا الإمام بين علماء هذا الفن، واستقلاليته في كثير من آرائه النقدية، جاء هذا المقال ليبرز هذه المكانة، ويقف على بعضٍ من معالم منهجه النقدي في الرواة ومروياتهم. وقد قسمته إلى ثلاثة أجزاء تنشر تباعا بحول الله.

وهذا أوان الشروع في المقصود وبالله أستعين:

 ترجمة الحافظ ابن القطان الفاسي[1]

أولا: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه

هو: علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن محمد بن إبراهيم الحميري الكتامي الأصل، الفاسي المولد، يكنى: أبا الحسن، وبها عرف واشتهر، ويلقب: بابن القطان.

ثانيا: مولده ونشأته العلمية

ولد الحافظ ابن القطان بمدينة فاس، يوم عيد الأضحى سنة اثنتين وستين وخمسمائة من الهجرة، ولم تسعفنا مصادر ترجمته بذكر شيء عن نشأته الأولى ودراسته، ولا عمن تعلم، ولا عن تاريخ مغادرته لمدينة فاس؛ وإنما تتحدث عن ذلك بعد استقراره بمدينة مراكش، واتصاله بملوك الموحدين واشتهار أمره حتى صار ذا حضوة متميزة. وقد حدد ذ/ إبراهيم ابن الصديق أنه انتقل إليها ما بين سنة 583 إلى سنة 585 [2]؛ وذلك لأن شيوخه الذين أخذ عنهم بهذه المدينة، منهم من مات في هذا التاريخ أو بعده بقليل. وقال محقق كتاب الوهم والإيهام ردا على هذا القول: «وهذا محتمل، وهو استنتاج قيم وقوي، وليس قاطعا في المسألة؛ إذ يحتمل أنه سمع من أولئك الشيوخ قبل استقراره بمراكش، إما في وقت زيارته لها إن زارها، أو في وقت زيارة أولئك الشيوخ لفاس…»[3]

وفيما يلي أذكر شيوخه الذين كان لهم أثر كبير في تحصيله وسعة علمه.

ثالثا: شيوخه

من المعروف تاريخيا أن ابن القطان عاش في عصر الدولة الموحدية بالمغرب، وهو العصر الذي ازدهرت فيه الحركة الفكرية في مختلف فروعها، كما أن لموارد الدولة الضخمة -آنذاك- دور هام في التقدم والرقي العلمي؛ فخصصت النفقات والجرايات للعلماء وطلبة العلم على حد سواء، وانتشرت حلقات للتدريس، وكان من هذه المدن المعتنى بها: فاس، ومراكش، وسبتة،.. وغيرها، التي كانت قبلة العلم والعلماء، وكان مولد ابن القطان في مدينة فاس وبها نشأ، ثم انتقل إلى مراكش، وجدير بالذكر هنا أن طائفة من شيوخه الذين أخذ عنهم في مراكش أكثر من شيوخه في فاس التي ولد فيها.

وفيما يلي أذكر جملة من أسماء هؤلاء باختصار، خاصة شيوخه الذين أخذ عنهم الحديث وهم كالآتي:

أبو عبد الله محمد بن الفخار المالقي (590)[4]

أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن طاهر الحسيني الصقلي (608)[5]

أبو عمر  أحمد بن هارون بن أحمد النفزي[6] الشاطبي (609) [7].

أبو الخطاب أحمد بن محمد بن عمر القيسي (614)[8]

 

أبو بكر بن خلف الأنصاري المعروف بالمواق (599)[9]

أبو العباس أحمد بن سلمة بن أحمد الصيقل (598)[10]

وغيرهم كثير، وقد جمع -المترجَم له- تراجم شيوخه في برنامج له [11]. قال عنه ابن القاضي: «وجمع برنامجا مفيدا في مشيخته»[12]

رابعا: تلاميذه

تتلمذ على يد الإمام ابن القطان كثيرون، وروى عنه جمع غفير ومن بين هؤلاء ما يلي:

أبو عبد الله محمد بن يحىى بن أبي بكر ابن المواق (642)[13]

أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد القيسي الرندي (653)[14]

أبو بكر محمد بن يوسف بن موسى الأزدي (663)[15]

يتبع

*****************

لائحة المراجع المعتمدة:

1-الأعلام (قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين). الزركلي: خير الدين الزركلي دار العلم للملايين، بيروت. ط 5- 1980.

2-الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام. السملالي: العباس بن إبراهيم. راجعه: عبد الوهاب بن منصور. المطبعة الملكية الرباط. ط2/ 1413-1993.

3-برنامج التجيبي. التجيبي: القاسم بن يوسف التجيبي. تحقيق وإعداد: عبد الحفيظ منصور. الدار العربية للكتاب.

4-بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام. ابن القطان: أبو الحسن علي بن محمد ابن القطان. دراسة ونحقيق: د/ الحسين آيت سعيد. دار طيبة. ط1/ 1418-1997.

5-تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. الذهبي: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. دار الكتاب العربي. لبنان/ بيروت. 1407هـ – 1987م.ط1/.تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري.

6-تذكرة الحفاظ. الذهبي: أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي. دار الكتب العلمية بيروت.

7-التكملة لكتاب الصلة. ابن الأبار: أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي. طبع في مدريد سنة 1886م.

8-جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس. المكناسي: أحمد ابن القاضي. دار المنصور الرباط. ط 1973.

9-الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب. ابن فرحون: إبراهيم بن نور الدين. دراسة وتحقيق: مأمون بن محيي الدين الجنان. دار الكتب العلمية بيروت لبنان. ط1 /1417-1996.

10-سير أعلام النبلاء.الذهبي: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط وأخرون. مؤسسة الرسالة.ط 11 / 1417-1996.

11-شجرة النور الزكية في طبقات المالكية. ابن مخلوف: محمد بن محمد مخلوف تحقيق: علي عمر. الناشر: مكتبة الثقافة الدينية القاهرة.  ط 2-2012.

12-شذرات الذهب في أخبار من ذهب. لابن العماد: شهاب الدين أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد العكبري الحنبلي الدمشقي. أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط. حققه وعلق عليه: محمود الأرناؤوط. دار ابن كثير دمشق بيروت. ط1/ 1406-1986.

13-طبقات الحفاظ. السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.راجع النسخة وضبط أعلامها: لجنة من العلماء. دار الكتب العلمية بيروت. ط1 /1403-1983.

14-طبقات علماء الحديث.الصالحي: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي الدمشقي الصالحي. تحقيق: أكرم البوشي- إبراهيم الزيبق. مؤسسة الرسالة. ط2/ 1417-1996.

15-علم العلل في المغرب من خلال كتاب: بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام. ابن القطان. ابن الصديق: ذ/ إبراهيم بن الصديق.ط  1415-1995.   

16-كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج. التنبكتي: أحمد بابا التنبكتي. تحقيق: محمد مطيع. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمغرب. ط1 /2000.

17-نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب. التلمساني: أحمد بن محمد المقري التلمساني. تحقيق: إحسان عباس. دار صادر. ط 1408- 1988

18-هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين. البغدادي: إسماعيل باشا البغدادي. دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان.

19-الوافي بالوفيات. الصفدي: صلاح الدين خليل بن أبيك الصفدي. تحقيق واعتناء: أحمد الأرناؤوط- تزكي مصطفى. دار إحياء التراث العربي. ط1/ 1420-2000.

**************

 

هوامش المقال:

([1]) من مصادر ترجمته: التكملة 2 /684-685، برنامج التجيبي ص: 152 فما بعدها، سير أعلام النبلاء 22/306-307،  تذكرة الحفاظ 4 /1407-1408، تاريخ الإسلام 45 /321-322، الوافي بالوفيات 22 /47، طبقات الحفاظ ص: 498، جذوة الاقتباس 2 /470-471، شذرات الذهب 7 /225، كفاية المحتاج 1 /342، هدية العارفين1 /706، شجرة النور الزكية 1 /436، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام 9 /75، الأعلام 4 /331.

([2]) علم العلل في المغرب 1 /243.

([3]) بيان الوهم والإيهام 1 /66 القسم الدراسي.

([4]) هو: أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن خلف الأندلسي المالقي. قال الأبار: كان صدرًا في الحفاظ مقدمًا معروفًا يسرد المتون والأسانيد مع معرفة بالرجال وحفظ للغريب، سمع منه جُلة وحدث عنه أئمة. مات سنة 590 هـ. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 4 /1355-1356.

([5]) هو: محمد بن عبد الله بن طاهر الصقلي الحسيني، حافظ المغرب كان راوية للحديث حافظا لمتونه بصيرا بعلله، عارفا برجاله، ولي قضاء الجماعة بمراكش، وتوفي باشبيلية سنة 608 هـ. ترجمته في الإعلام بمن حل مراكش وأغمات 4 /160 فما بعدها.

([6]) في الأعلام 1 /265: (النقري).

([7]) هو: أبو عمر أحمد بن هارون بن أحمد النفزي الشاطبي، كان من أكابر المحدثين وجلة الحفاظ المسندين للحديث والأدب قال أبو عامر بن بدير: لازمته مدة ستة أشهر، فلم أر أحفظ منه، وحضرت لسماع الموطأ والبخاري منه؛ فكان يقرأ من كل واحد من الكتابين نحو عشرة أوراق عرضا بلفظه كل يوم لا يتوقف في شيء من ذلك. مات سنة 609 هـ. ترجمته في: الديباج المذهب 1 /126، الأعلام 1 /265.

([8]) هو: أحمد بن محمد بن عمر، ابن واجب القيسي، أبو الخطاب: قاض محدث، له علم بالادب. من أهل بلنسية، مولده بها. سمع من ابن بشكوال بقرطبة ومن آخرين باشبيلية وأشبونة.مات سنة 614هـ. ترجمته في: الإعلام بمن حل مراكش وأغمات 2 /126-127، الأعلام 1 /217.

([9]) هو: أبو بكر بن خلف الأنصاري الفقيه من أهل قرطبة يعرف بالمواق، عني بالحديث على جهة التفقه والتعليل والبحث عن الأسانيد والرجال. مات سنة 599 هـ. ترجمته في: جذوة الاقتباس1 /106.

([10]) هو: أحمد بن سلمة بن أحمد بن يوسف بن سلمة الأنصاري، كان محدثا حافظا كامل العناية بالحديث ومن أهل المعرفة به، ضابطا متقنا. مات  سنة 598 هـ. ترجمته في: الإعلام بمن حل مراكش وأغمات 2 /91.

([11]) وهو برنامج مفقود.

([12]) جذوة الاقتباس 2 /471.

([13]) هو: أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي بكر قال ابن عبد الملك: وكان فقيها حافظا، محدثا مقيدا ضابطا متقنا نبيل الخط بارعه ناقدا محققا ذاكرا أسماء الرجال وتواريخهم وأحوالهم.. مات سنة 642 هـ ترجمته في: الإعلام بمن حل مراكش وأغمات 4 /231  فما بعدها.

([14]) هو: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد القيسي الرندي. قال ابن عبد الملك: كان محدثا مكثرا متسع الرواية .. جماعا للكتب وفوائد المشايخ .. مات سنة 653هـ . ترجمته في: الإعلام بمن حل مراكش وأغمات 5 /364.

([15]) هو: أبو بكر محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن مسدي الأزدي قال الذهبي: ورأيت بعض الجماعة يضعفونه في الحديث قتل غيلة سنة 663 هـ. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 4 /1448.

* رجع المقال: الباحث محمد إليولو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق