مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

نظرات تربوية في رسالة عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقّاص رضيَ الله عنهما

تعتبر رسالة عمر بن الخطّاب، أو وصيّته لسعد بن أبي وقّاص رضي الله عنهمَا، من روائع الوصايا المتعلّقة بأخلاقيات الحَرْب، وقيَم اليُسر والسّماحة، والالتزام بالمبادئ الإسلامية دائماً، واستحضارها على كلّ حال سِلماً وحَرباً.

وأمّا سياقها، فإنّها تتعلّق بإحدى أشهر المعارك والفتوحات التي أجراها الله على يد الفاتحين المسلمين، الذين كانت لهم كلمة، وصولة، وكان هدفهم نشر الإسلام والسّلام في مختلف ربوع البسيطة.

وتعدّ معركة القادسيّة بقيادة الصّحابي الجليل سعد بن أبي وقّاص أحد المبشّرين بالجنّة، على رأس المعارك الكبرى التي كانت الغَلَبَة فيها للمسلمين، وبانتصارهم انكسرت شوكة أعداء الدين، وانتشر الإسلام في بلاد فارس من العراق وما وراءها، وحقّق الله تعالى النّصر والتمكين لهم بسبب تعلّقهم بربّهم، وصفاء نيّتهم، وسموّ مقصدهم الذي لا هدف من ورائه إلاّ أن إعلاء كلمة الحق.

كانت معركة القادسية الشهيرة سنة خمس عشرة للهجرة، وانطلقت بكلمة الله، وتوجيهات خليفة رسول الله، أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رَضي الله عنه، وعلى رأسها أحد أبرز القادة الذين يعرفون للقيادة معناها، وللحرب مغزاها، في اتّجاه العراق (الإمبراطورية الفارسية)، فحقّق الله النصر والتمكّين، والفوز المبين، وأصبحت هذه المعركة من فتوح البلدان التي تناقلتها كتب التاريخ والسّير.

أمّا رسالة عمر ابن الخطّاب المشار إليها، والآتي نصّها، فالحق أنّها دستورٌ بما تحمله الكلمة من معنى، تكتب بنودُه بماء الذهب، وتسجّل وصاياه بمداد الفخر والعزّة، ففيه عمق الفكر الحربي، والسّلام الداخلي الذي كان يتمتع به المسلمون، ويقف القارئ في هذه الرّسالة على عدّة وصايا كلّها تقطُر رقّة وشفقة، والحال أنهم في لحظة حرب، ومع ذلك لم تغب عنهم أخلاق الإسلام، أينما توجّهوا وكيفما كان حالهم، فكيف لا يكون النّصر حليفهم إذن؟

إنّ هذه الرسالة بما اشتمل عليه من بنود غالية، ووصايا نافعة، حفَلت بها كتب التاريخ، وتناقلها العلماء في دواوينهم، واشتهرت شهرة واسعة، وسأحاول في هذا المقال أن أجلّي –بعون الله وتوفيقه- ما تضمّنته من قيم تربوية عالية، أستجلي ذلك من فقراتها وشذراتها، وأستخرج مبادئها العامة، وأجعل ذلك في عناوين تكون هادية للقارئ، مقرّبة إليه أفكارها الكبرى، وعناصرها الرئيسة، دون إغراق في تفاصيلها الدّقيقة من وجهات متعدّدة، وقبل البَدَاءة في ذلك، أضع بين يدي القارئ نصّها كما ورد، ثمّ أتبعه باستخراج أهم العناصر التربوية.

  • نصّ الرسالة:

كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنهما- ومن معه من الأجناد:

أما بعد؛

-1- فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال؛ فإن تقوى الله أفضلُ العدّة على العدوّ، وأقوى المكيدة في الحرب.

 -2- وآمرك ومن معك أن تكونوا أشدّ احتراساً من المعاصي منكم من عدوّكم، فإنّ ذنوب الجيش أخوفُ عليهم من عدوّهم، وإنّما يُنصر المسلمون بمعصية عدوّهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة؛ لأن عدَدَنا ليس كعددهم، ولا عدّتنا كعدّتهم، فإذا استوينا  في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلاّ ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا.

واعلموا أن عليكم في مسيركم حَفَظَة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله؛ ولا تقولوا إن ّعدوّنا شر منا فلن يسلّط علينا وإن أسأنا؛ فربّ قوم سلّط عليهم شرٌّ منهم، كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفّار المجوس (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا)[1]، واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوّكم. أسأل الله ذلك لنا ولكم.

-3- وترفّق بالمسلمين في مسيرهم، ولا تجشّمهم مسيرا يتعبهم، ولا تقصر بهم عن منزل يرفق بهم، حتى يبلغوا عدوّهم والسفر لم ينقص قوتهم، فإنهم سائرون إلى عدو مقيم حامي الأنفس والكُرَاع[2].

-4- وأقم بمن معك في كلّ جمعة يوماً وليلة، حتى تكون لهم راحة يَجُمُّون فيها أنفسهم، ويرمُّون أسلحتهم وأمتعتهم.

-5- ونحّ منازلهم عن قرى أهل الصلح والذِّمة، فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه. ولا يرزأ أحدا من أهلها شيئا: فإن لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها، فما صبروا لكم فتولّوهم خيراً، ولا تستبصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح.

-5- وإذا وطئت أدنى أرض العدو فَأَذْكِ[3] العيونَ بينك وبينهم، ولا يخف عليك أمرهم وليكن عندك من العرب أو من أهل الأرض من تطمئن إلى نصحه وصدقه، فإنّ الكذوب لا ينفعك خبره وإن صدقك في بعضه، والغاشّ عينٌ عليك وليس عيناً لك. وليكن منك عند دنوّك من أرض العدو أن تُكثر الطَّلاَئع وتبُثّ السّرايا بينك وبينهم، فتقطع السرايا أمدادهم ومرافقهم، وتتبع الطلائع عوراتهم.

-6- وانتق للطلائع أهل الرأي والبأس من أصحابك، وتخيّر لهم سوابق الخيل، فإن لقوا عدوّا كان أول ما تلقاهم القوة من أصحابك، وتخيّر لهم سوابق الخيل؛ فإن لقوا عدوّ كان أول ما تلقاهم القوة من رأيك.

-7- واجعل أمر السّرايا إلى أهل الجهاد والصبر على الجلاد، ولا تخص بها أحدا بهوى، فيضيع من رأيك وأمرك أكثر مما حابيت  به أهل خاصتك.

-8- ولا تبعثن طليعة ولا سريّة في وجه تتخوّف فيه غلبة أو ضيعة ونكاية؛ فإذا عاينت العدوّ فاضمم إليك أقاصيك وطلائعك وسراياك، واجمع إليك مكيدتك وقوّتك، ثم لا تعاجلهم المناجزة، ما لم يستكرهك قتال، حتى تبصر عورة عدوك ومقاتله، وتعرف الأرض كلها كمعرفة أهلها، فتصنع بعدوّك كصنعه بك، ثم أذْكِ أحراسك على عسكرك، وتحفّظ من البيات  جهدك.

-9- ولا تؤت بأسير له عهد إلا ضربت عنقه، لتُرهب بذلك عدوّ الله وعدوك. والله ولي أمرك ومن معك، ووليّ النصر لكم على عدوّكم، والله المستعان)[4].

إنّ المتأمّل في هذه الوصية الجامعة، يدرك من أوّل وَهْلة أنّها تمتَح من بحر النّبوة، ومن أخلاق من بُعث للناس مبشراً ونذيراً، ورحمةً للعالمين، وإذا بحثنا في كتب السّيرة النّبوية، والسّنة الشّريفة المصطفويّة، نجد أخلاق الرّسول صَلى الله عليه وسلم في السِّلم، هي نفسها في الحرب، إذ الحرب في منظور الإسلام أمرٌ اضطراري يراد به الدّفاع عن النفس أو المعتقد وما إلى ذلك، ولا يقصد به التخريب والتّدمير كما هو الشأن في الحروب القتالية التي لا تراعِي المبادئ الإنسانية.

وفي هذا السّياق كان من عادة النّبيّ صَلى الله عليه وسلم، أن يوصي أمير الجيش أو السّريّة بوصاة جامعة مانعة، يذكّره فيها بمبادئ الدّين الحنيف، والإنسانية الراقية، والأخلاق الفاضلة، التي تُستحضر في هذا الموقف الجَلَل أكثر من موقف آخر.

 ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم وغيره عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ[5] أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ خَيْراً. ثُمَّ قَالَ: اُغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ، اُغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلَيَدًا. وَإِذَا لَقِيت عَدُوَّك مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى ثَلَاثِ خِلَالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوك إلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ: اُدْعُهُمْ إلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنْ فَعَلُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ اُدْعُهُمْ إلَى التَّحَوُّلِ عَنْ دَارِهِمْ إلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ بِأَنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ؛ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ، إلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ، وَإِنْ هُمْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ»[6].

قال الإمام النّووي رَحمه الله معقّباً على هذا الحديث: (وفي هذه الكلمات من الحديث فوائد مجمع عليها، وهي تحريمُ الغَدْر وتحريم الغُلُول وتحريم قتل الصِّبيان إذا لم يقاتلوا، وكراهة المُثْلَة، واستحباب وصية الإمام أمراءه وجيوشه بتقوى الله تعالى والرّفق باتباعهم وتعريفهم ما يحتاجون في غزوهم وما يجب عليهم وما يحل لهم وما يحرم عليهم وما يكره وما يستحب)[7].

وورد عن النبيّ صَلّى الله عليه وسلم أيضاً النّهي عن الغَدْر، والغلّ، والمُثْلة، كما في حديث صفوان بن عَسَّال المُرَادي، قال: بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سريّة، فقال: «اغزوا بسم الله في سبيل الله، ولا تغُلّوا، ولا  تغدِروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا وليداً، للمسافر ثلاث مسح على الخفين، وللمقيم يوم وليلة»[8].

بل وأوصى صلّى الله عليه وسلم أصحابه أيضاً أن يتمثّلوا بهذه الخصال الحميدة، حتى بعد فوزهم وظفرهم، وأن لا يَظلم بعضهم بعضاً، وأن يمنعوا الظّالم من المظلوم، كما رواه أبو أمامة قال: قال رسول الله صَلى الله عليه وسلم: «اضمنوا لي ستّ خصال أضمن لكم الجنة». قالوا: وما هنّ يا رسول الله؟ قال: «لا تظلموا عند قسمة مواريثكم، وأنصفوا الناس من أنفسكم، ولا تجبنوا عند قتال عدوكم، ولا تغلوا غنائمكم، وامنعوا ظالمكم من مظلومكم»[9].

وإذا كانت هذه بعض من أخلاق رسول الله صلّى الله عليه وسلم ووصايا لقوَّاده في البعوث والسرايا، فإنّه عليه الصّلاة والسلام، رأف بالمرأة، ورقّ لحالها، وأوصى أن لا تمسّ بأذى، كما أوصى عن الأطفال وغير ذلك، في هذا الصّدد نورد حادثة عين أوردها الإمام ابن أبي شيبة في مصنّفه، عن حنظلة الكاتب، قال: «غزونا مع النبي صَلّى الله عليه وسلّم، فمررنا بامرأة مقتولة, وقد اجتمع عليها الناس، قال فأفرجوا له، فقال: ما كانت هذه تقاتل فيمن يقاتل، ثم قال لرجل: انطلق إلى خالد بن الوليد فقل له: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأمرك يقول: لا تقتلن ذرّية، ولا عسيفاً»[10].

إنّ المتأمّل في هذه الوصايا النّبويّة التي مثّلنا بها فقط على هذا الخُلُق العظيم الذي رسّخه النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم في حالة الحرب، هو أسمى ما عرفته البشرية من خلُق، فلا يجوز الاعتداء على المدنيّين الذي لا صلة لهم بالحرب، والذين لم يشاركوا فيها ولا طاقة لهم بها، كالشيوخ والأطفال والنّساء …وكذا الرّهبان في صوامعهم، وقبل هذا وذاك، المحافظة على البيئة وحمايتها من التدمير والتخريب، وحفظها ممّا يعبث بجمالها وحياتها، فهل أنتجت البشريّة والأمم المتحضّرة اليوم، رغم ما وصلت إليه من تقدّم حضاري وعلمي هذا الخلق النّبيل؟

يقول الأستاذ سعيد حوى رحمه الله:  (إنّ المَوَاطنِ التي تغلب -عادةً- فيها عواطفُ الرحمة بِعَوَاطِفِ الانتقام أو الانتصار، تَبْقَى صِفَةُ الرّحمة عند رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم في محلّها لا تَطْغَى على غيرِها، ولا يَطْغَى غيرُها عليها([11].

وبرجوعنا لرسالة الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضيَ الله عنه، لقائده على جيش القادسيّة، سيّدنا سعد بن أبي وقّاص رضيَ الله عنه، نجدها تناولتْ عّدة بنود تربوية، ومبادئ إنسانية راقية، يمكن إجمالها فيما يأتي:

  • المبدأ الأول: تقوى الله.

تقوى الله عزّ وجلّ هي ثمرة العبادات كلّها، وتعدّ على رأس أيّ عمل، فكلّ عمل مصحوب بالتّقوى فهو مكلّل بالنّجاح بإذن الله تعالى، وإذا لم تصحبه تقوى فهو عمل أجوف، لا يمكن أن يعطى ثماره، ولا يؤتِي أكله.

والنّبيّ صلّى الله عليه وسلم، إذ يوصي بتقوى الله تعالى في حالة تجهيز الجيش، فإنّه يعلّم عمق التّقوى وأثرها في نفوس الصّحابة، بل التّقوى أسمى ما ربّاهم عليه صلّى الله عليه وسلم، ولذا كانت وصيّة الله تعالى للأوّلين والآخرين، سبحانه وتعالَى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا)[12]، إذ الهدف المنشود من وراء الحرب، هو نشر الدّعوة الإسلامية، والتي على قمّتها تكوين مجتمع تسوده التّقوى، ويعمّه الإيمان، ومن خلالها يظهر الخير على يده، فلا يمكن أن تستمرّ الفتوحات الإسلامية بدون تقوى، ولا يجمل أن يحمل أمانة الجيش ويشارك فيه من لا يرى من نفسه القدرة على تطبيق هذا المبدأ، ولذلك صدّر عمر رَضي الله عنه وأرضاه، وصيّته بما تعلّمه من سيّد الخلق صلّى الله عليه وسلم، وبما استقرّ في يقينه من عوامل النّصر في الحروب، فقال في صدر وصيّته: (فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال؛ فإن تقوى الله أفضلُ العدّة على العدوّ، وأقوى المكيدة في الحرب).

فقد علّم الصّحابة في هذا المبدأ العظيم أنّ تقوى الله تعالى أعظم سلاح، وأفضل عدّة، والإنسان مطالب أن يتقي الله تعالى على كلّ أحواله، تطبيقاً لوصيّة النّبي صلّى الله عليه وسلم: «اتّق الله حيثما كنت»[13]، فتطبيق تقوى الله عزّ وجلّ في كلّ زمان ومكان حسبما يفيده لفظ: “حيثُما”، تورثُ الإنسان انتصاراً على نفسه الأمارة بالسّوء، وعلى غيره من المتربّصين له، وتجعل بينه وبين الله حجاباً مستوراً، ويكون من الفائزين المنتصرين، وما كان انتصار الصّحابة الكرام في غزواتهم وسراياهم إلاّ بتقوى الله تعالى، فتقوى الله تورث الخشية منه، والتزام أوامره واجتناب نواهيه، والخوف من سطوته، ولذلك لم يرِد عنهم رضوان الله عليهم ما يخدش كرامة الإسلام سواء في السّلم أو الحرب، فكانوا خير رُسل للنّاس، وشهد لهم النّبي صلّى الله عليه وسلم بالخيرية في قوله: «خير النّاس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»[14]، وشهد الله لهم بالخيرية أيضاً في كتابه: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[15].

يقول الدكتور علي الصّلاّبي: (أمرَ الجيش بطاعة الله وتقواه في كلِّ الأحوال، باعتبار: أنَّ هذا هو السِّلاح الأوَّل، والتَّنبيه أنَّ العدوَّ الأوَّل هو الذُّنوب، ثمَّ المحاربون الكفَّار، ولفت النَّظر إِلى أنَّ ثمَّة رقابةً دقيقةً، ودائمةً من الملائكة على أفراد الجيش الإِسلاميِّ…)[16].

  • المبدأ الثاني: الاحتِراسُ من الذّنوب.

إذا كانت تقوى الله تعالى سبب النّصر والفوز في الدّنيا والآخرة، واستحضارها على كلّ حال يستجلب القوّة والمدَد، فإنّ معصيَة الله تورث الهمّ والغمّ، وسبب لكلّ فشل، وفيها خيانة لله واعتداء على محارمه، وانتهاك حقوقه، فكيف ينصر جيشٌ لا يحترس من المعاصي وهو في مهمّة الجهاد التي هي من أعلى مراتب الدّين؟

ولذلك أمر سيّدنا عمر ابن الخطّاب وذكّر سعد بن أبي وقّاص ومن معه بهذا الأمر، وأعلمه بأنّ أخوف ما يخاف عليه منه، أن يؤتى الجيش من قبل المعاصي، وأن تأخذهم حميّة الإسلام، وزهو النّصر والفرح به باقتراف أيّ نوع من أنواع المعاصي، فثمّة خيط رقيق بين المسلمين والمشركين في ميزان الحرب هو عدم اقترافهم للمعاصي، وإذا لم ينتبه المسلمون لهذا الإمر فسيستوون مع الكفّار، وهذا معنى قوله رَضي الله عنه: (وآمرك ومن معك أن تكونوا أشدّ احتراساً من المعاصي منكم من عدوّكم، فإن ذنوب الجيش أخوفُ عليهم من عدوّهم، وإنما يُنصر المسلمون بمعصية عدوّهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة؛ لأن عدَدَنا ليس كعددهم، ولا عدّتنا كعدّتهم، فإذا استوينا  في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلاّ ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا. واعلموا أن عليكم في مسيركم حَفَظَة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله؛ ولا تقولوا إن ّعدوّنا شر منا فلن يسلّط علينا وإن أسأنا؛ فربّ قوم سلّط عليهم شرٌّ منهم، كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفّار المجوس (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا).

وقد حذّرنا القرآن الكريم من مغبّة ارتكاب المعاصي ونهانا عنها في غير ما آية، قال تعالى: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)[17]، وقال سبحانه:(وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ)[18]، وقال أيضاً: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)[19]، وقال أيضاً: (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ  أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)[20]، (والإِشارة إِلى ضرورة الاستحياء من المعاصي؛ إِذ لا يعقل أن يعصي المرء وهو في ساحة الجهاد في سبيل الله، والتَّأكيد على أنَّه من المجافي للصَّواب اتِّخاذ سلوكيَّات العدوِّ معياراً لتبرير سلوكيَّات الجيش الإِسلاميِّ، واستحضار الحاجة الدَّائمة إِلى معونة الله)[21].

  • المبدأ الثالث: الدعاء.

في قول سيّدنا عمر رضي الله عنه ضمن وصيّته لسعد: (واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوّكم. أسأل الله ذلك لنا ولكم)، تحقيق معنى العبادة، لأنّ الله عزّ وجلّ سمّى الدّعاء عبادة، فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)[22]، وذكر علماء التفسير أنّ المقصود بالعبادة هنا الدّعاء، بدليل قوله صلّى الله عليه وسلم: «الدّعاء هو العبادة»[23]، ففيه يجمع العبد بين العبادة والعبودة لله، فيجتهد في الطّلب، ويلحّ على ربّ الأرباب أن ينصره على أعدائه، وأن يمكّنه من هذا النصر المؤزّر، إذ الدّعاء سلاحٌ ربّاني فتّاك إذا صادفَ محلَّه، والمؤمن الحق، يثق بربّه، ويلح ويجتهد في الدّعاء، ولا يُخدع بما أوتيه من عتاد وعدّة، ولذلك كان من هدي النّبي صلّى الله عليه وسلم في الحرب أن يدعوَ الله تعالى والمعركة قائمة، وفي غزوة بدر صُنع له العَريش من أجل هذا، كلّ هذه المعاني جسّدها في الواقع، ليقول لصحابته بلسان حاله، إنّ الله تعالى هو النّاصر والمعين، فلا يغرّنّكم ما أنتم عليه من إيمان بالله، ولا تتوانوا وتتركوا الفرصَة لعدوّكم، فالتّوجّه إلى الله في هذه الحالة أمر ضروري، ومرتبة عالية من مراتب الدّين.

وقدّ علّمنا القرآن الكريم، أنّ من حِكَم الله تعالى في إنزال البلاء أن يتضرّع إليه العبد، ويلجأ عليه مُخْبِتاً مُنِيباً، قال سبحانه: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[24]، وقال أيضاً: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ)[25].

وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلم فيما صحّ عنه: «لا يردَّ القضاء إلاّ الدّعاء»[26]، فما أحوج الأمّة اليوم وهي تعيش في أحلك ظروفها بين كوارث وجوائح أن تطبّق هذا المبدأ دائماً وأبداً، وأن تعود إلى ربّها، وترجع عن غيّها إلى رُشْدِها، وتتضرّع لخالقها ليكشف ما حلّ بها، كما فعل من قبلنا من الصّحابة الكرام وهم في حالة حرب، فكان هذا العامل من أهمّ عوامل النّصر والتمكين، وقد قال عليه الصلاة والسّلام: «إنما ينصر الله هذه الأمة بضعفائهم , بصلاتهم ودعوتهم»[27].

  • المبدأ الرابع: التّرفق بالمسلمين.

هذا المبدأ من مبادئ هذا الدّين الحنيف الذي بعث به النّبي صلّى الله عليه وسلم، فالتّرفّق، والتيسير، واللّين، وخلق السماحة بشكل عام يراعيه الشارع الحكيم حتّى في أحلك الظّروف وأقساها، وهي الحرب، ومع ذلك؛ وتطبيقاً لهذا المبدأ، وتفعيلاً لبنود الشّريعة الإسلامية من طرف الخليفة العادل الراشد، الفقيه في أحوال الأمّة، لم ينس في وصيّته الجامعة أن يؤكّد على هذا الأمر، فقال له: (وترفّق بالمسلمين في مسيرهم، ولا تجشّمهم مسيرا يتعبهم، ولا تقصر بهم عن منزل يرفق بهم، حتى يبلغوا عدوّهم والسفر لم ينقص قوتهم، فإنهم سائرون إلى عدو مقيم حامي الأنفس والكُرَاع). وكيف لعمر أن ينسى هذا وهو خرّيج مدرسة النبوّة، على صاحبها أفضل الصّلاة وأزكى السلام.

إنّ الدّين الإسلامي الحنيف، جاء بيسر ظاهر، ورفع الحرج والعَنَت، هذا الدّين هو الذي قال فيه النبيّ الكريم  صلّى الله عليه وسلم، كما في حديث عبد الله ابن عباس رضيَ الله عنهما  قال: قيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: أيُّ الأديان أحَّب إلى الله؟ قال: «الحنيفية السمحة»[28]. فقد جمعتْ بين الحنيفيّة الإبراهيميّة في التّوحيد الخالص لله عزّ وجلّ، والسّماحة في العمل والعبادة.

 يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)[29]، (أَيْ: إِنَّهُ جَاءَ بِالتَّيْسِيرِ وَالسَّمَاحَةِ، كَمَا وَرَدَ الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: “بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ”. وَقَالَ لِأَمِيرَيْهِ مُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، لَمَّا  بَعَثَهُمَا إِلَى الْيَمَنِ: “بَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَيَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا”. وَقَالَ صَاحِبُهُ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ: إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وشهدت تيسيره، وَقَدْ كَانَتِ الْأُمَمُ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَنَا فِي شَرَائِعِهِمْ ضِيقٌ عَلَيْهِمْ، فَوَسَّعَ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أُمُورَهَا، وَسَهَّلَهَا لَهُمْ)[30].

وقد ورد في الحديث الصّحيح، عن أبي الدّرداء رَضيَ الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَنْ مُنِعَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ مُنِعَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ».[31]

هذا هو الإسلام، وهذه مظاهر الدّين الحنيف الذي عنوانه الرّفق، ورسوله رسول الرّحمة، وصحابتُه وصفهم المولى تبَارك وتعالى بأنّهم: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)[32]، وتطبيقاً لهذه المظاهر السّامية من ديننا جاءتْ هذه الوصيّة المباركة.

  • المبدأ الخامس: احترام المعاهَد.

من المبادئ الرّاقية التي جاء بها دينُنا الَحنيف، احترام الذّمّي والمعاهَد، وقد حفَلت كتب الفقه الإسلامي بالنّصوص المؤكّدة على ذلك، وفِقه التّعامل معهم، وليس غرضنا أن نقف على هذا الجانب من الناحية الفقهية، فذاك شيء مبسوط في محلّه، ولكن الذي يهمّنا هو إبراز أخلاق الإسلام السّامية، وتعاليمه الرّاقية في حفظ وسلامة المعاهَد (الذي بينه وبين المسلمين عهد).

 فالإسلام أوجب العناية به، وحرّم الغدر به، بل أكّد على احترامه، ولذلك كانت وصايا المسلمين في الحرب كلّها تدور في هذا الفلَك، وتؤكّد على أنّ هذا الدّين ليس هدفه الغدر بالناس وتخويفهم، ونقض ما بينهم من عهود ومواثيق، ولذلك جاء في هذه الوصيّة استحضار هؤلاء المعاهَدين، ونصّتْ على حُرمتهم، وذكّرت بالوفاء بالعهود التي بينهم وبين  المسلمين، وفي هذا الصّدد قال سيّدنا عمر بن الخطّاب لسعد وهو يوصه: (ونحّ منازلهم عن قرى أهل الصُّلح والذِّمة، فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه. ولا يرزأ أحدا من أهلها شيئاً، فإن لهم حرمة وذِمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها، فما صبروا لكم فتولّوهم خيراً، ولا تستبصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصّلح).

قال تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)[33]. وحرم رسول الله صَلى الله عليه وسلم قتله بقوله: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا»[34].  وقال أيضاً: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَة بِغَيْرِ حِلِّهَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ الْجَنَّة أن يشُمّ ريحَها»[35].

يقول الدّكتور علي الصلاّبي: (التنوُّع في أسلوب المعاملة حسب نوعيَّة شريك الدَّور، والرِّفق بأهل الصُّلح، وعدم تحميلهم فوق طاقتهم، فلقد طلب عمر من أميره، ألا يظلم أهل الصُّلح بغية النَّصر على أهل الحرب، وأن يستعين بمن يثق به من أهل المناطق الجارية فتحها، على أن تكون دواعي الثِّقة المطلقة بمعنى: التحرُّز فيها؛ كيلا يؤتى من قبيل الإِفراط في حسن الظَّنّ)[36].

وهذا لعمري من أخلاق المسلمين في الحرب، التي توزن بميزان الذّهب، ويضرب بها المثل لكلّ من يتّهم الإسلام الدّمويّة والسيّف، وينفي عنه خلق الرحمة والوفاء والسماحة.

  • المبدأ السّادس: اختيار الرّجل المناسب في المكان المناسب.

من المبادئ السّامية التي جاءت في وصيّة سيّدنا عمر رَضيَ الله عنه لسعد بن أبي وقّاص، اختيار الرّجل المناسب في المكان المناسب، وهذا أمر جاءت به الشّريعة الإسلامية في مبادئها العامّة، إذ لا يفلح قومٌ ولوا عليهم شرارَهم، وكلّفوا بالمهمّات الصّعبة ضِعَافهم، ولذك قال سيّدنا عمر: (وليكن عندك من العرب أو من أهل الأرض من تطمئن إلى نصحه وصدقه، فإنّ الكذوب لا ينفعك خبره وإن صدقك في بعضه، والغاشّ عينٌ عليك وليس عيناً لك).

بل اعتبرت الشريعة الإسلامية أنّ وضع الرّجل المناسب في غير مكانه المناسب من علامة السّاعة، فقد صحّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إذا وُسِّدَ الأَمرُ لغير أهله فانتظر السَّاعة»[37]، وعلى هذا يمكن اعتبار نجاح الخطة الحربية إذا وجد على رأسها الرجل المناسب لها، وكذا في أي عمل ناجح، ونلاحظ أن سبب فشل المجتمعات يرجع لمستوى القيادة التي لم تُنَط بيد رجال أكفاء.

ومن هنا كانت وصيّة النّبي صلى الله عليه وسلّم لأبي ذرّ الغفاري، لمّا طَلب أبو ذرّ أن يسعمِلَه في جيش، فقال له النّبي صلّى الله عليه وسلم: «يا أبا ذرٍّ إنك ضعيفٌ، وإنها أمانةٌ، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامةٌ إلاَّ مَنْ أَخَذها بحقها، وأدَّى الذي عليه فيها»[38]. كلّ هذا يبيّن له خطر المسؤولية، وأنّ تقلّد المناصب لا يكون بالتّشهّي وهوى الناس …بل تحتاج لحزم وعزم وقوة وعلم، فإذا فشل القائد في مثل هذه الأوضاع ففشله لن يكون مقتصراً عليه، بل سيؤدّى بفريقه إلى الهلاك لا قدّر الله.

وقد ورد في حديث آخر أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «من استعمل رجلاً من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين»[39].

  • المبدأ السّابع: الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد.

تضمّنت هذه الرّسالة وصيّة من أعظم الوصايا وأجلّها، وتتعلّق بأخلاق الإسلام التي أكدّ عليها الشارع، وهي الوفاء بالعهد، يقول سيدنا عمر بن الخطّاب لسيدنا سعد بن أبي وقّاص: (فإن لهم حُرمة وذِمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها، فما صبروا لكم فتولّوهم خيراً، ولا تستبصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح).

الوفاء بالعهود والعقود من أهمّ المبادئ الأخلاقية التي وردت في شريعة الإسلام، وقد وردت في القرآن والسنّة نصوص عدّة تؤكّد هذا الأمر، وتنصّ على مراعاة إنجازهما والابتعاد عن نقضهما، وتنهى في الآن نفسه عن الغدر والخيانة وما يناقض هذه الأخلاق السّامية، كما ورد في السّيرة النّبوية عدة مواقف نبيلة سجّلت بمداد من الذّهب، مع مواقف أخرى مضادّة في تأديب أهل الغَدْر والخيانة ممن نقضوا العهد. وقد قال الله تعَالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)[40]، قال شيخ المفسّرين الإمام الطبري: (يعني: أَوْفُوا بِالْعُهُودِ الَّتِي عَاهَدْتُمُوهَا رَبَّكُمْ وَالْعُقُودِ الَّتِي عَاقَدْتُمُوهَا إِيَّاهُ , وَأَوْجَبْتُمْ بِهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ حُقُوقًا وَأَلْزَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِهَا لِلَّهِ فُرُوضًا , فَأَتِمُّوهَا بِالْوَفَاءِ وَالْكَمَالِ وَالتَّمَامِ مِنْكُمْ لِلَّهِ بِمَا أَلْزَمَكُمْ بِهَا , وَلِمَنْ عَاقَدْتُمُوهُ مِنْكُمْ بِمَا أَوْجَبْتُمُوهُ لَهُ بِهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ , وَلَا تَنْكُثُوهَا فَتَنْقُضُوهَا بَعْدَ تَوْكِيدِهَا)[41].

ولذلك يعدّ هذا المبدأ من أهمّ المبادئ التي (أكدت عليه رسالة عمر إِلى سعدٍ؛ فهو: رعاية الطَّرف الأول في العلاقة محلَّ البحث ضدَّ أيِّ خطرٍ، وتأكيد حرمة قرى أهل الصُّلح، وتلمُّس أسباب تأمينها، وتأمين الصُّورة الإِسلاميَّة من أيَّة اثارٍ عكسيَّةٍ تؤثِّر على نجاح عملية الاتِّصال بين المسلمين وغير المسلمين من جرَّاء سلوكيَّاتٍ غير مستقيمةٍ من جانب بعض العناصر الإِسلاميَّة، وسعياً لتحقيق متطلبات هذا المبدأ أمر عمر أميره بمراعاة أسباب الحفاظ على معنويَّات الجيش، وإِيصاله إِلى أرض العدوِّ وهو قادرٌ على المواجهة، فقال: ترفَّق بالمسلمين في سيرهم.. إِلى أن قال: يكون ذلك لهم راحةً يجمعون بها أنفسهم، ويصلحون أسلحتهم، وأمتعتهم. وبعد التَّأكيد على أسباب صيانة، وسلامة الأنفس والعتاد الحربيِّ الإِسلاميِّ نبَّه عمر إِلى أنَّ الوقاية خيرٌ من العلاج، وأنَّ من أهمِّ أسلحة الجيش الظُّهور بسلوكيَّاتٍ إِسلاميَّةٍ، يوافق فيها القول العمل، فأمر عمر ـ كإِجراء احتياطيٍّ ـ بإِبعاد منازل الجيش عن قرى الصُّلح درءً لإِمكانية وقوع أيَّة تجاوزات، تعود بالسَّلب على العلاقة المراد إِقامتها، وعدم السَّماح إِلا لأهل الثِّقة بدخول قرى الصُّلح، والتَّأكيد على حرمة أهل الصُّلح، ولزوم الوفاء لهم([42].

خاتمة:

يتبيّن من خلال هذه الرّسالة القيّمة التي تضمّنتْ وصايا سيّدنا عمر بن الخطّاب لسعد بن أبي وقّاص، حرص الصّحابة رضوان الله عليهم على التّناصح فيما بينهم، والتّأكيد على أخلاق الإسلام العالية بالدّرجة الأولى، ولذلك ورد في الوصيّة عدة بنود تراعي الطرف الآخر وتهمّ به خشية الوقوع فيما يشين سمعة الإسلام والمسلمين.

ونلاحظ أيضاً من خلال أسلوب الرّسالة أنّ فيها نوعاً منى القوّة، وتجنّبا للمجاملات الفارغة، لاسيما والموقف يستدعي ذلك، والمسلمون متأهّبون لمحاربة إمبراطورية عظيمة، وهي إمبراطورية الفرس.

وفي الرّسالة أيضاً ربط المسلمين بربّهم، وهذا شيء يتربّع على عرش هذه الوصايا كلّها، حيث يذّكر سيّدنا عمر بتقوى الله تعالى في السرّ والعلانية، وفي السّلم والحرب، وأنّ الإنسان لا تنتصر بقوته وذكائه ومعرفته بأمور الحرب، ما لم يوفّقه الله، ولا شيء يزين تقوى الله ويحقّقها غير تجنّب المعاصي والابتعاد على النّواهي التي نهى عنها الشرع، وفيها أيضاً تذكر بضعف المسلمين أمام أعدائهم من أهل العتاد والعُدّة، وأنّ قوّة المؤمنين تكمن في تحقيقهم لمبادئ الإسلام السمحة، وتطبيقهم لقواعده العادلة حتّى مع الكفار، واحترام أهل الذّمة ومن لهم عهد مع المسلمين.

إنّ هذه المعركة التي دارت رحاها بين جيش المسلمين في مواجهة أعظم إمبراطورية، تؤكّد لنا على وجوب الالتزام بالدّين الحنيف، وأنّ الله تعالى ينصر المسلمين الذين ينصرون الله، ويحقّقون العبادة والعبودية له، وأنّ الفشل كلّ الفشل في الابتعاد عن الإسلام، وخدش صورته، والعبث بتعاليمه، وتشويه قواعده، والاعتداء على محارمه، فمتى يحققّ المسلمون معنى الإسلام يحقِّق الله لهم النصر والتمكين، وأنّ النّصر من عند الله.

لائحة المصادر والمراجع:

  • القرآن الكريم.
  • الآحاد والمثاني لأبي بكر بن أبي عاصم. تحقيق: باسم فيصل أحمد الجوابرة. دار الراية – الرياض. الطبعة الأولى: 1411هـ – 1991م.
  • الأدب المفرد للبخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. دار البشائر الإسلامية- بيروت. الطبعة: الثالثة، 1409هـ– 1989م.
  • بدائع السلك في طبائع الملك. لمحمد بن علي الأصبحي الأندلسي. تحقيق: د. علي سامي النشار. نشرة وزارة الإعلام – العراق. الطبعة الأولى.
  • تفسير القرآن العظيم لابن كثير الدمشقي. تحقيق: سامي بن محمد سلامة. دار طيبة للنشر والتوزيع. الطبعة الثانية: 1420هـ – 1999م.
  • جامع البيان عن تأويل آي القرآن = تفسير الطبري لأبي جعفر الطبري. تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي. دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان. الطبعة الأولى: 1422 هـ – 2001م.
  • الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري. لمحمد بن إسماعيل البخاري. تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر. دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي).الطبعة: الأولى، 1422هـ.
  • الدعاء. لأبي القاسم الطبراني. تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. دار الكتب العلمية – بيروت. الطبعة الأولى: 1413هـ.
  • الرّسول صلّى الله عليه وسلم لسعيد حوّى. دار عمّار. بيروت-عمّان. طبعة عام 1408هـ/1988م.
  • سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها. لمحمد ناصر الدين الألباني. مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض. الطبعة: الأولى.
  • سنن أبي داود. لأبي داود سليمان بن الأشعث السّجِسْتاني. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. المكتبة العصرية، صيدا – بيروت.
  • سنن الترمذي لمحمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي، تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر / محمد فؤاد عبد الباقي/ وإبراهيم عطوة. شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر. الطبعة: الثانية، 1395 هـ – 1975م.
  • صحيح ابن حبان (بترتيب ابن بلبان) لمحمد بن حبان التميمي البُستي. تحقيق : شعيب الأرنؤوط. مؤسسة الرسالة – بيروت. الطبعة الثانية ، 1414هـ- 1993م.
  • صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري. حقق أحاديثه وعلق عليه: محمد ناصر الدين الألباني. دار الصديق للنشر والتوزيع. الطبعة: الرابعة، 1418هـ – 1997م.
  • العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي. دار الكتب العلمية – بيروت. الطبعة الأولى: 1404هـ.
  • فصل الخطاب في سيرة ابن الخطّاب (أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رَضي الله عنه، شخصيّته وعصره). للدكتور علي الصّلاّبي. الطبعة الأولى: 1423هـ/2002م. مكتبة الصّحابة. الإمارات-الشّارقة.
  • الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار. لأبي بكر بن أبي شيبة. تحقيق: كمال يوسف الحوت. الناشر: مكتبة الرشد – الرياض. الطبعة الأولى: 1409هـ.
  • لسان العرب لابن منظور الإفريقى. دار صادر – بيروت. الطبعة الثالثة: 1414هـ.
  • المجتبى من السنن = السنن الصغرى. لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي. تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة. مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب.الطبعة: الثانية، 1406هـ– 1986م.
  • المستدرك على الصحيحين. لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيِّع. تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. دار الكتب العلمية – بيروت. الطبعة الأولى: 1411هـ- 1990م.
  • مسند الإمام أحمد بن حنبل لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني. تحقيق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون. إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي. مؤسسة الرسالة. الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001م.
  • المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم =(صحيح مسلم) لمسلم بن الحجاج القشيري تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  • المعجم الكبير لأبي القاسم الطبراني. تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي. دار النشر: مكتبة ابن تيمية – القاهرة. الطبعة الثانية.
  • المعجم الوسيط. إنجاز: مجمع اللغة العربية بالقاهرة (إبراهيم مصطفى/ أحمد الزيات/ حامد عبد القادر/ محمد النجار)طبعة دار الدعوة.
  • المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج. لأبي زكريا محيي الدين النووي. دار إحياء التراث العربي – بيروت. الطبعة: الثانية، 1392هـ.
  • نهاية الأرب في فنون الأدب. لشهاب الدين النويري. دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة. الطبعة: الأولى، 1423هـ.

———————————————————————————————————————

[1]  الإسراء: آية. 5.

[2]  الكُرَاع: اسم يجمع الخيل. والكراع: السلاح، وقيل: هو اسم يجمع الخيل والسّلاح. لسان العرب. 8/306.

[3]  يُقَال: أذكى الْحَرْب، أوقدها. وَعَلَيْهِم الْعُيُون أرسلها. المعجم الوسيط: 314.

[4]  تنظر في: العقد الفريد: 1/118. نهاية الأرَب للنويري: 6/168-170. بدائع السلك في طبائع الملك: ص. 63.

[5]  السَّرِيَّة: قطعة من الجيش تخرج منه تُغير وترجع إليه. قال ابراهيم الحربي: هي الخيل تبلغ أربعمائة ونحوها، قالوا: سميت سرية لأنها تسري في الليل ويخفى ذهابها. شرح مسلم للنووي. 12/37.

[6]  أخرجه مسلم في صحيحه. كتاب الجهاد والسير. باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إيّاهم بآداب الغزو وغيرها. 3/1357. رقم: 1731.

[7]  شرح صحيح مسلم للنّووي. 12/37.

[8]  أخرجه أحمد في المسند. 30/22. رقم: 18097.

[9]  أخرجه الطبراني في المعجم الكبير. 8/282.

[10]  أخرجه ابن أبي شيبة في مصنّفه. 6/482.

[11]  الرّسول H. لسعيد حوى. ص: 123.

[12]  سورة النّساء: آية. 130.

[13]  أخرجه أحمد في المسند: 35/284. رقم: 21354. والترمذي في سننه: 4/255. رقم: 1987.

[14]  أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب فضائل الصّحابة. باب فضل الصّحابة ثمّ الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم. 4/1963. رقم: 2533.

[15]  سورة التّوبة: آية. 100.

[16]   فصل الخطاب، في سيرة ابن الخطّاب: ص. 460.

[17]  سورة النساء آية 14.

[18]  سورة طه آية 118.

[19]  سورة الأحزاب آية 36.

[20]  سورة الحجرات آية 7.

[21]    فصل الخطاب، في سيرة ابن الخطّاب: ص. 460.

[22]  سورة غافر آية 60.

[23]  أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الصلاة. باب الدعاء. 2/76. رقم: 1479. والطبراني في الدّعاء: 23. باب تأويل قول الله D: (وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم). وابن حبّان في صحيحه: باب الأدعية. 3/172. رقم: 890.

[24]  سورة الأنعام آية 43- 44.

[25]  سورة المؤمنون آية 77.

[26]  أخرجه الترمذي في سننه: كتاب القَدَر. باب ما جاء لا يردّ القدر إلاّ الدّعاء. 4/448. رقم: 2139. والطّبراني في المعجم الكبير: 6/251. وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصّحيحة. 1/286.

[27]  أخرجه النسائي في سننه: 6/45. وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة. 2/409.

[28]  أخرجه أحمد في مسنده: 4/16. رقم: 2107. والبخاري في الأدب المفرد: ص. 108. رقم: 287. والطبراني في المعجم الكبير: 11/227. وصحّحه الألباني في صحيح الأدب المفرد. ص: 122.

[29] سورة الأعراف آية 157.

[30]  تفسير ابن كثير: 3/489.

[31]  أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني: 4/84. والبخاري في الأدب المفرد. ص: 164. وصحّحه الألباني في صحيح الأدب المفرد. ص: 177.

[32]  سورة الفتح آية 29.

[33]  سورة الأنفال آية 59.

[34]  أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الجِزْيَة. باب إثم من قتل معاهَداً بغير جُرْمٍ. 4/99. رقم: 3166.

[35]  أخرجه أحمد في المسند: 24/20. رقم: 20383. والنسائي في سننه: كتاب القَسَامَة. تعظيم قتل المعاهَد. 8/25. رقم: 4748. وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 2/1102. رقم: 6458.

[36]  فصل الخطاب. ص: 460.

[37]  أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب العلم. باب من سئل علماً وهو منشغل في حديثه، فأتمّ الحديثَ. 1/21. رقم: 59.

[38]  أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإمارة. باب كراهَة الإمارة بغير ضرورة. 3/1457. رقم: 1825.

[39]  أخرجه الحاكم في المستدرك: 4/104. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

[40]  سورة المائدة آية 1.

[41]  تفسير الطّبري: 8/5.

[42]  فصل الخطاب. ص: 460.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق