مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةمفاهيم

نظام التضاد في الخطاب المتطرف

قيام نظام التضاد على أمرين:
أولهما: تحسين القبيح، وتقبيح الحسن. وقد نقل حازم عن الجاحظ في هذا المعنى قوله: “إن الناس يغلطون على العرب ويزعمون أنهم يمدحون بالشيء الذي يهجون به. وهذا باطل، ليس شيء إلا وله وجهان وطريقان. فإذا مدحوا ذكروا أحسن الوجهين. وإذا ذموا ذكروا أقبحهما”.(1) والمثال المشهور في ذلك في كتب البلاغة، قول ابن الرومي:
تقولُ: هذا مُجَاجُ النحل، تمدحه وإن تعبْ قلتَ: ذا قيْءُ الزنابيرِ.
قال ابن الأثير في المثل السائر:” ألا ترى كيف مدح وذم الشيء الواحدَ بتصريف التشبيه المجازي المضمر الأداة الذي خَيَّلَ به إلى السامع خيالا يُـحَسِّنُ الشيء عنده تارة، ويقبحه أخرى؟، ولولا التوصل بطريق التشبيه على الوجه لما أمكنه ذلك”.(2

قيام نظام التضاد على أمرين:

 

أولهما: تحسين القبيح، وتقبيح الحسن. وقد نقل حازم عن الجاحظ في هذا المعنى قوله: “إن الناس يغلطون على العرب ويزعمون أنهم يمدحون بالشيء الذي يهجون به. وهذا باطل، ليس شيء إلا وله وجهان وطريقان. فإذا مدحوا ذكروا أحسن الوجهين. وإذا ذموا ذكروا أقبحهما”.(1) والمثال المشهور في ذلك في كتب البلاغة، قول ابن الرومي:

تقولُ: هذا مُجَاجُ النحل، تمدحه    ///     وإن تعبْ قلتَ: ذا قيْءُ الزنابيرِ.

قال ابن الأثير في المثل السائر:” ألا ترى كيف مدح وذم الشيء الواحدَ بتصريف التشبيه المجازي المضمر الأداة الذي خَيَّلَ به إلى السامع خيالا يُـحَسِّنُ الشيء عنده تارة، ويقبحه أخرى؟، ولولا التوصل بطريق التشبيه على الوجه لما أمكنه ذلك”.(2)

وثانيهما: التعبير عن المعنى بغير اللفظ الموضوع له في اللغة أو بعكسه. وإليه يشير قول النبي صلى الله عليه وسلم:” إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا”.(3)

وغاية هذا النظام الاستعاري بنوعيه حجب حقائق يصعب تقبلها. فإن الألفاظ الدالة على الهزيمة عندما تلحقها لوازم ألفاظ الانتصار، والألفاظَ الدالة على الموت عندما تلحقها لوازم ألفاظ الحياة، والألفاظَ الدالة على الفسق عندما تُسلب لوازمها المشهورة، يسهل تقبلها، ولا تنفِر النفس منها.

وهذا أسلوب قديم استعمله الخطاب المتطرف لتسويغ الفتك وتجميله. ومن أعجب الشواهد في ذلك أن رجلا عربيا من العراق، هو إلياس بن القسيس حنا الموصلي الكلداني، مر أواخر القرن السابع عشر بالديار الإسبانية والبرتغالية في طريقه إلى أمريكا اللاتينية، فوقف على محاكم التفتيش الرهيبة، فأطلق عليها اسم ديوان الإيمان (4).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- منهاج البلغاء وسراج الأدباء لحازم القرطاجني(ت: 684 هـ). ص:138. تقديم وتحقيق: محمد الحبيب ابن الخوجة. دار الغرب الإسلامي. بيروت. الطبعة الثالثة، 1986م.

2- المثل السائر. لضياء الدين بن الأثير (ت: 637 هـ). 2/ 124. قدمه وعلق عليه: د. أحمد الحوفي ود. بدوي طبانه. دار نهضة مصر. الطبعة الثانية.

3-  مسند الإمام أحمد بن حنبل. لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (ت: 241هـ).29/615. رقم الحديث: 18073 . تحقيق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرين. إشراف: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي. مؤسسة الرسالة. الطبعة الأولى. 1421 هـ – 2001 م.

4- الذهب والعاصفة : رحلة إلياس الموصلي إلى أمريكا. أول رحلة شرقية إلى العالم الجديد. 1668 ـ 1683. حررها وقدم لها: نوري الجراح. ص: 42. دار السويدي ـ الإمارات. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت. الطبعة الأولى. 2001 م.

الدكتور محمد الحافظ الروسي

  • رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق