مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامأعلام

نساء مفسرات (3) نفيسة بنت الحسن: حياتها وعنايتها بالتفسير.(2)

  • هل كانت السيدة نفيسة مفسرة؟

تكاد التراجم المتأخرة تجمع على أن السيدة نفيسة كانت عالمة بالتفسير؛ من ذلك ما أورده الزركلي؛ قال: “نفيسة بنت الحسن عالمة بالتفسير والحديث[1]، وجاء في معجم المفسرين أنها:”من ربات العبادة والصلاح والزهد والورع، عالمة بالتفسير والحديث. ولدت بمكة، ونشأت في المدينة. وانتقلت إلى القاهرة مع زوجها إسحاق بن جعفر الصادق، وقيل: مع أبيها الحسن الذي عين واليا على مصر من قبل أبي جعفر المنصور. وحجت ثلاثين حجة، وكانت تحفظ القرآن الكريم وتفسيره[2].

ونلاحظ أن أغلب المصادر المتقدمة التي ذكرت السيدة نفيسة لم تلمح إلى عنايتها بالتفسير، ومن الإشارات القليلة المذكورة في ذلك، ما نقله المقريزي في خططه عن شرف الدين الجواني المالكي (588ه) من كتاب “الروضة الأنيسة بفضل مشهد السيدة نفيسة رضي الله عنها”؛ قال:”وكانت نفيسة من الصلاح والزهد على الحد الذي لا مزيد عليه فيقال: إنها حجت ثلاثين حجة، وكانت كثيرة البكاء، تديم قيام الليل وصيام النهار، فقيل لها: ألا ترفقين بنفسك؟ فقالت: كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبة لا يقطعها إلا الفائزون, وكانت تحفظ القرآن وتفسيره“.[3] ، والظاهر أن هذا القول كان عمدة عند الكثير من المتأخرين.

أما الإشارة إلى أقدم من نقل عنه ذلك، فنجدها عند ابن الزيات فيما ينقله عن الزبير بن بكار (256 ه ) عن زينب بنت يحيى المتوج – وهو أخو السيدة نفيسة- التي كانت ملازمة لها؛ قالت: “خدمت عمتي نفيسة أربعين سنة فما رأيتها نامت الليل ولا أفطرت بنهار، فقلت لها: “أما ترفقين بنفسك”، فقالت: “كيف أرفق بنفسي وقدامي عقبات لا يقطعها إلا الفائزون،وكانت عمتي تحفظ القرآن وتفسيره[4].

إن عبارة “كانت تحفظ القرآن وتفسيره” تثير أسئلة كثيرة: هل كانت نفيسة تحفظ تفسيرا بعينه؟ أم إنها كانت تفسر القرآن الكريم بالمحفوظ من السنة وآثار الصحابة والتابعين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فأين تفسيرها؟ هل نقل عنها؟ ومن نقله؟

إن التراجم التي وقفنا عليها لا تسعفنا في تقديم جواب عما سبق، إلا أن الذي ننزع إليه أنها كانت تنهج مسلك التفسير بالأثر، وذلك استنادا إلى الجمع بين مرتكزات ثلاثة:

  • أولها: ما اتسم به القرن الثاني الهجري – الذي عاشت فيه السيدة نفيسة – من مسالك علمية ومنهجية في التفسير، تستند بالأساس إلى التلقي والرواية.
  • وثانيها: ما أوردناه من إشارات سابقة حفظتها كتب التراجم عن عنايتها بالحديث و تصدرها لتدريسه[5]، فربما كان من جملة ما تحدث به آثار في تفسير القرآن الكريم وبيانه.
  • وثالثها: خصوص البيئة التي ترعرعت فيها السيدة نفيسة.

على أن تأكيد هذه الفرضية متوقف على العثور على تفسير لها أو نقل عنها، وهو ما لم تتحه المصادر التفسيرية والتراثية التي اطلعنا عليها، ليبقى السؤال مُشرَعا والبحث مستمرا.

  • من المصادر المعتمدة.
  • تاريخ خليفة بن خياط، خليفة بن خياط، تحقيق: أكرم ضياء العمري، دار القلم، مؤسسة الرسالة، ص435.
  • سير أعلام النبلاء ، شمس الدين الذهبي،تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة ( 106/10).
  • تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محمد عوامة، دار الرشيد، ص161.
  • حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، جلال الدين السيوطي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية (1/511).

[1] الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين (44/8).

[2] معجم المفسرين «من صدر الإسلام وحتى العصر الحاضر»، عادل نويهض، مؤسسة نويهض الثقافية للتأليف والترجمة والنشر (2/703).

[3] المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، تقي الدين المقريزي، دار الكتب العلمية (4/324).

[4] الكواكب السيارة في ترتيب الزيارة في القرافتين الكبرى و الصغرى، شمس الدين محمد بن الزيات ، المطبعة الأميرية  ،ص31.

[5] ينظر الجزء الأول من المقال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق