الرابطة المحمدية للعلماء

نحو امتلاك معرفة موضوعية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية

الدعوة إلى إحداث مجلس أعلى للبحث في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية

تم أمس الثلاثاء بالرباط تقديم نتائج تقييم المنظومة الوطنية للبحث في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، الذي يتوخى بالأساس، تشخيص واقع هذا البحث، واقتراح التدابير الكفيلة بتقويته والتحسيس بأهميته داخل المجموعة العلمية الوطنية.

وقد قدمت هذه النتائج خلال ملتقى وطني نظمته وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، بحضور مستشار صاحب الجلالة السيد مزيان بلفقيه، والوزير الأول وعدد من أعضاء الحكومة وأساتذة باحثين ورؤساء المؤسسات الجامعية ومؤسسات تكوين الأطر والمؤسسات العمومية للبحث وفاعلين سياسيين وشركاء سويو اقتصاديين وشركاء التعاون والمنظمات الدولية المعنية.

وتهدف عملية تقييم المنظومة الوطنية للبحث في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية إلى تشخيص الوضعية السائدة للبحث في هذا المجال مع إبراز نقط القوة ومكامن الضعف.

وقد أنجز هذه الدراسة، الأولى من نوعها والتي انطلقت مع بداية سنة 2006 إلى غاية شهر أبريل 2009، فريق من الخبراء بتنسيق مع السيد محمد الشرقاوي، خبير مستشار، مدير البحث بالمركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي.

وأوضح تقرير تركيبي لنتائج هذه الدراسة، قدمه خلال هذا الملتقى السيد الشرقاوي أن إنجاز هذه الدراسة تطلب القيام بتحريين يتعلقان بهيئة الأساتذة، الأول يكتسي طابعا كيفيا تم الاعتماد في انجازه على مقابلات، والثاني كمي اعتمد على استبيان، ودراسة بيبليومترية شملت مجموع الإنتاج الفكري المغربي، ولقاءات محورية وتقارير ظرفية تخص عشرة حقول معرفية أشرف على تحريرها أساتذة مرموقون ومعترف بكفاءتهم.

وقد استهدف التحري الكيفي واللقاءات المحورية أزيد من 300 أستاذ باحث بينما تجاوز أفراد التحري الكمي 1400 أستاذ باحث من مجموع الأساتذة الباحثين في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية البالغ عددهم 3600.

كما مكن البحث البيبليومتري من كشف وتحليل 57 ألف إصدار، منها 30 ألف مقال و13 ألف كتاب و14 ألف وثيقة، شاملا بذلك تقريبا كل الإنتاج المغربي خلال الفترة الممتدة من سنة 1960 إلى سنة 2006.

وأشار التقرير إلى أن التوزيع الجغرافي للأساتذة الباحثين يظهر تكتلا حول محور الرباط-الدار البيضاء مع وجود قطبين تشكلهما فاس ومراكش، مفسرا هذه النتيجة بكون هذه الجامعات هي الأقدم بالمغرب، وتتواجد بجهات شديدة التعمير، إذ تضم لوحدها ما يقارب 70 في المائة من مجموع الأساتذة الباحثين في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

وبخصوص توزيع الأساتذة حسب المؤسسات التي ينتمون إليها، تأتي كليات الآداب في المقدمة بنسبة 56 في المائة، تليها كلية الحقوق بنسبة 30 في المائة والمؤسسات الأخرى غير الجامعية بنسبة 14 في المائة.

وكشف التقرير أن اللائحة الشاملة للجامعيين الذين لم يسبق لهم أن نشروا ولو وثيقة واحدة تبين بأن “العقم الفكري لا يشمل فقط الجامعات والجامعيين الشباب بل هو مستوطن في أقدم الكليات وعند الأساتذة المسنين”.

وقدم التقرير مجموعة من المقترحات التي يمكن أن تشكل أرضية عمل للشروع في نقاش وطني موسع حول السياسة العمومية للبحث والتعليم في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية والتي من الممكن أن تؤدي لاحقا إلى إصلاح طموح.

وفي هذا الإطار، أكد التقرير بالخصوص على ضرورة النهوض بالجامعة المغربية كفاعل مركزي في البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، من خلال تجميع الطاقات وتسهيل التعاون بين الفاعلين في مجال البحث الذي يعانون من التشتت، داعيا في هذا الصدد إلى التعجيل بإحداث مجلس أعلى للبحث في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية الذي سيعهد إليه إعداد السياسة الوطنية للبحث في هذا المجال والمصادقة على الأولويات الوطنية والتتبع في مجال الابتكار والتعليم العالي المتقدم.

كما شدد التقرير على الدعم المادي للبحث في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، مشيرا إلى أن الميزانية المخصصة للبحث في هذا المجال لم تتجاوز نسبة 7 في المائة حيث تحتكر العلوم الدقيقة مجمل الميزانية المخصصة للبحث.
(عن و.م.ع)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق