مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينشذور

مِنْ حِكَمِ الحسن البصري

إعداد وتقديم: ذ.نورالدين الغياط.

الحسن البصري -رحمه الله- عَلَمٌ أشم من أعلام التابعين، علما وأدبا وزهدا وورعا، وقد أجرى الله الحكمة على لسانه، فكان القدوة والمثل للأمة وعلمائها، كيف لا وقد تربى في حجر أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وأرضعته بلبانها، ودر عليه ثديها؛ لبرها به، ومحبتها له، فعادت عليه بركة النبوة، فتكلم بالحكمة، وارتقى في الصلاح والمعرفة إلى أفضل رتبةٍ، وكان -رحمه الله- أحد المتقين، ومن أولياء الله الصِّدِّيقِين. الذين انهلوا من مناهل بيت النبوة. وهذه بعض الحكم في الآداب ومكارم الأخلاق التي تصفو بها النفس، ممّا فتح الله بها على هذا الإمام الفذ:

1-في قضاء حوائج المسلمين:

روي عن الحسن -رحمه الله- أنه كان يقول: قضاءُ حاجةِ أخٍ مسلمٍ أحبُّ إلي من اعتكاف شهرٍ.

وسأله رجلٌ عن حسن الخلق ما هو؟ فقال: البَذْلُ، والعَفْوُ، وَالاحْتِمَالُ.

2-في المروءة:

وكان يقولُ: مروءةُ الرَّجُلِ: صِدْقُ لسانه، واحْتِمَالُهُ مَؤُونَةَ إخوانه، وبَذْلُهُ المعروفَ لأهل زمانه، وكَفُّهُ الأذى عن جيرانه.

3-في جملة من مكارم الأخلاق:

كان يقولُ: لو شاء الله -عز وجل- لجعلكم أغنياءَ لا فقير فيكم، ولو شاء لجعلكم فقراء ولا غنيَّ فيكم، ولكن ابتلى بعضكم ببعضٍ لينظر كيف تعملون.

ثم دَلَّ عباده على مكارم الأخلاق، فقال -جل جلاله-: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ ومن يُوقَّ شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون}([1]).

وقال: عِدَةُ الكريم: فعلٌ وتعجيلٌ، وعِدَةُ اللئيم: تسويفٌ وتطويلٌ.

وكان يقولُ: ما أنصفك من كلفك إجْلاَلَهُ، ومَنَعَكَ مَالَهُ.

وقال: كُنَّا نَعُدُّ البخيل مِنَّا الذي يُقْرِض أخاه الدِّرهم؛ إذ كنَّا نُعَامِلُ بالمشاركة والإيثار. والله! لقد كان أحدُ مَنْ رأيت وصحبت يَشُقُّ إزاره فيؤثر أخاه بنصفه، ويبقى له ما بقي، ولقد كان الرجل ممن كان قبلكم يصوم، فإذا كان عند فطره، مرَّ على بعض إخوانه، فيقول: إني صمت هذا اليوم لله، وأردت إنْ تَقَبَّلَهُ الله مني أن يكون لك فيه حظٌ، فَهَلُمَّ شيئاً من عشائك، فيأتيه الآخر ما تيسر من ماءٍ وتمرٍ يفطر عليه يبتغي أن يكسبه أجراً، وإن كان غنيّاً عن الذي عنده.

وكان يقول: أدركت أقواماً، وإن الرجل منهم ليخلف أخاه في أهله وولده أربعين سنةً بعد موته.

وكان يقول: إذا دخل الرجل بيت صديقه، فلا بأس عليه أن يتناول مما حضر من طعامه وفاكهته بغير إذنه.

وكان يقول: ما من نفقةٍ إلا والعبد يحاسب عليها، إلا نفقته على والديه فمن دونهما، أو نفقته على أخيه في الله، وصاحبه في طاعته؛ فإنه روي أن الله -سبحانه وتعالى- يستحيي أن يحاسبه عليها.

وكان يقول: ليس من المروءة أن يربح الرجل على أخيه.

وكان يقول: احذر ممن نقل إليك حديث غيرك، فإنه سينقل إلى غيرك حديثك.

3-في علامة أهل الخير:

كان يقول: ابن آدم! عملك لك، انظر على أي حالٍ تحب أن تلقى عليها ربك؟

وكان يقول: إن لأهل الخير علامةً يعرفون بها: صدق الحديث، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد، وقلَّةُ الفخر والخيلاء، وصلة الرحم؛ ورحمة الضعفاء، وبذل المعروف، وحُسْنُ الخُلُقِ، وسَعَةُ الحِلْمِ، وبَثُّ العلم، وقِلَّةُ مُثَافَنَةِ النِّسَاءِ([2]).

وكان يقولُ: ابن آدم! عِفَّ عن محارم الله تكن عابداً، وارض بما قسم الله تكن غنيّاً، وأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تكن مؤمناً، وأََحْبِبْ للناس ما تحب لنفسك تكن عَدْلاً، وأقلل الضحك؛ فإنه يُمِيتُ القلب كما يموت البدن.

وكان يقولُ: أيها الناس! إنكم لا تنالون ما تحبون إلا بترك ما تشتهون، ولا تدركون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون.

4-في الصبر:

كان يقول: الصبر كنزٌ من كنوز الجنة، وإنما يدرك الإنسان الخير كله بصبر ساعةٍ.

وكان يقول: من أعطي درجة الرضا، كُفِيَ المُؤَنَ، ومن كفي المؤن، صَبَر على المحن.

وقيل: تَسَابَّ رجلان بِحَضْرَةِ الحسَن، فقام المَسْبوبُ وهو يمسح العَرَقَ عن وجهه، ويتلو: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}([3])، فقال الحسن: لله دَرُّه، عَقَلَها -والله- حين ضَيَّعَها الجاهِلون.

وقال: ابنَ آدم! لَتَصْبِرَنَّ أَوْ لَتَهْلِكَنَّ.

وقال: لقد رُوِيَ: أنَّ رجلاً شَتَمَ أبا ذَرٍّ –رضي الله عنه- فقال: إن بيني وبين الجنة عقبةٌ، إن جُزْتُهَا، فأنا خيرٌ مما تقول، وإن عُوِّجَ بي دونها إلى النار، فأنا أشَرُّ مما قلتَ، فانْتَهِ أيها الرجلُ؛ فإنك تصير إلى من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

وقيل: شتم رجلٌ رجلاً، فقال: لولا أن الله -عز وجل- [يسمع، لأجبتك].

وكان يقول: الصبر صبران: صبرٌ عند المصيبة، وصبرٌ عن المعصية، فمن قدر على ذلك، فقد نال أفضل الصَّبْرَيْنِ.

وكان يقولُ: ما من جرعةٍ أحبَّ إلى الله -عز وجل- من جُرْعَةِ مصيبةٍ موجعةٍ يتجرعها صاحبها بحسن عزاءٍ وصبرٍ، أو جُرْعة غيظٍ يحملها بفضل عفوٍ وحلمٍ.

5-في حسن الجوار:

كان يقول: ابنَ آدمَ! إنك لن تجمع إيماناً وخيانةً، كيف تكون مؤمناً ولا يأمنُكَ جارُك؟ أو تكون مسلماً ولا يَسْلَمُ الناس منك، أليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))([4]).

وكان -عليه السلام- يقول: ((ليس بمؤمنٍ من خاف جاره بوائقه))([5]).

6-في إصلاح عيوب النفس:

يقول الحسن البصري -رحمه الله-: ابن آدم! إنك لا تستحق حقيقة الإيمان حتى لا تعيبَ الناسَ بِعَيْبٍ هو فيكَ، فأصلح عيب نفسك، فإنك لا تصلح عيباً إلا وجدت عيباً آخر أنت أولى بإصلاحه.

ابن آدمَ! إن تكن عَدْلاً، فاجعل لك عن عيوب الناس شُغلاً؛ فإن أحبَّ العباد إلى الله من كان كذلك.

وقيل: أنشده رجلٌ يوماً:

وَأَجْرَأُ مَنْ رأيتُ بِظَهر غيبٍ … على عَيْبِ الرِّجَالِ ذَوو العُيوبِ

فقال: لله در القائل! إنه كما قال.

وكان يقول: ابنَ آدم! ما أَوْهَنَكَ وأكْثَرَ غفلتَك! تعيبُ الناسَ بالذنوب، وتنساها من نفسك، وتُبْصِرُ القَذَى في عين أخيكَ، وتعمى عن الجِذْعِ معترضاً في عينيك، ما أقل إنصافك، وأكثر حَيْفَكَ!.

وكان يقول: رُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة))([6]). وذلك أن الله -عز وجل- غفر لهم ذنوبهم، بما أسْدَوه من المعروف إلى خلقه في دار الدنيا، ثم يقول لهم يوم القيامة: هبوا حسناتكم لمن شئتم، فقد غفرت لكم سيئاتكم، فيهبون حسناتهم، فيكونون أهل معروفٍ في الآخرة، كما كانوا في الدنيا.

7-في أي الأخلاق أفضل:

 سُئل: أيُّ الأخلاق أفضل؟ فقال: الجُودُ والصِّدْقُ.

وكان يقول: أدركت قوماً ما كان أحدهم بديناره ولا بدرهمه أحَقَّ به من أخيه المسلم، فما بالكم -معشر الناس- تحملون على ما به تُؤاخذون، وعليه تُحاسبون؟!

وسمعَ رجلاً يحاسب آخر، ويقول: بقي لي عليك دانِقٌ([7])، فقال: لا تُدَنِّقُوا فَيُدَنِّقَ الله عليكم، لعن الله الدَّانِقَ، ومَنْ دَنَّقَ الدَّانِقَ.

وكان يقول: إنه لا دين لمن لا مروءة له.

وكان يقول: من حَبَسَ الطعام أربعين يوماً يطلب إغلاءه، ثم لو طحنه، وخبزه، وأطعمه المساكين، لم ينج من إثمه، ولا يسلم من ذنبه.

وكان يقول: ليس حسن الجوار كف الأذى، وإنما حسن الجوار احتمال الأذى.

8-في مجموعة من الأخلاق والآداب:

كان يقول: أربعٌ من كُنَّ فيه عصمه الله -عز وجل- من الشيطان، وعافاه من النار: من ملك نفسه عند الرهبة والرغبة، والحِدَّةِ والشهوة.

وكان يقول: العلم خير تراثٍ، والأدب أزين خَدِينٍ([8])، والتقوى خير زادٍ، والعبادة أربح بضاعة، والعقل خير وافدٍ، وحسن الخلق خير قرين، والحلم خير وزيرٍ، والقناعة أفضل غنىً، والتوفيق خير معينٍ، وذكر الموت أوعظ واعظٍ.

وكان يقول: لا تكن ممن يجمع علم العلماء، وحكم الحكماء، ويجري في الحق مجرى السفهاء.([9])

 


([1])  سورة الحشر الآية: 9.

([2])  مثافنة النساء: مجالستهن.

([3])  سورة الشورى الآية: 40.

([4])  حديث حسن رواه الإمام أحمد 1/135-154-210-251. والبيهقي في (السنن الكبرى) 6/288. وابن حبان في (الإحسان) 1/361.

([5])  رواه البخاري من حديث أبي شريح في الأدب، باب: إثم من لا يأمن جاره بوائقه 10/443. ومسلم، باب: تحريم إيذاء الجار 1/46.

([6])  رواه الحاكم في (المستدرك): 1/124، وابن عساكر 2/301، وصححه الألباني في (صحيح الجامع) رقم 2030.

([7])  الدانق: سدس الدينار والدرهم. انظر (لسان العرب): 10/105.

([8])  أزين خدين: خير صديق. (لسان العرب): 13/139.

([9]) من كتاب أدب الحسن البصري لابن الجوزي (ت597هـ). ص:36-41. تحقيق : سليمان الحرش. دار الصديق –بيروت. 2005م.

read here how to cheat husband married men who cheat
viagra were to buy viagra 100 pictures which is better bialis or viagra
will my husband cheat again i dreamed my husband cheated on me how many people cheat
My husband cheated on me click here why do men have affairs
mifepristone misoprostol pregnant on the pill prices for abortions
online link read here
bystolic savings card forest laboratories patient assistance

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ما أروع حكم الحسن البصري رجل ينطق بالحكمة. المرجو تخصيص مقالات للتعرف بهدا التابعي
    شكرا على الموضوع

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق