الرابطة المحمدية للعلماء

مُقتضيات تأسيس “مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك”

عبد الله معصر: نروم ترسيخ رُؤية سليمة للتديّن السليم تتّسِم بالاعتدال والانفتاح والتجاوب

خُصّص موضوع ركن “الحوار الحي” الذي يبثه موقع الرابطة المحمدية للعلماء، زوال أمس الخميس 13 ماي الجاري للحديث عن مقتضيات إطلاق أعمال مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك بالرابطة المحمدية للعلماء، من خلال استضافة الدكتور عبد الله معصر، رئيس المركز، لتبيان مقاصده وأهدافه.

وبداية، كان ضروريا التوقف عند شخصية دراس بن إسماعيل، وهو، برأي ضيف الحوار، من علماء المغرب الذين رحلوا إلى المشرق وأخذوا عن أئمة المالكية، وحين رجع استقر بمدينة فاس، وأخذ بتعليم العلم بها، كما كانت له رحلة إلى القيروان أخذ بها عنه أعلام كثيرون؛ منهم ابن أبي زيد القيرواني، كما أخذ هو أيضا عن أعلامها، ويعتبر هذا العلامة، من أوائل من أدخلوا مدونة سحنون عن الإمام مالك إلى فاس، وهو الذي روى الموازية عن ابن أبي مطر عن محمد المواز. وكان من معلمي أهل القيروان طرق الحجاج على الطريقة الأشعرية، وعُرف بسلوكه مما جَمَع في شخصيته هذه الأوصاف الثلاث: المذهب والعقيدة والسلوك، وقد توفي رحمه الله سنة 357 هـ.

وتأسيسا على هذه المعطيات التاريخية، وقع اختيار هذا الاسم ليكون رمزا لمنظومة ثلاثية سار عليها المغاربة فيما بعد؛ وهي: المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والسلوك السني.

بالنسبة لأهم أهداف المركز العلمي، فقد لخّصها الدكتور عبد الله معصر في النقاط التالية: المساهمة في تحقيق الأهداف الكبرى التي تسعى الرابطة المحمدية للعلماء لتحقيقها؛ تيسير وتقريب مضامين المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والسلوك السني، وصياغة الإنتاج المتعلق به صياغة تناسب  الزمن والأشخاص والبيئات؛ تفعيل ما يتعلق بالمفاهيم المذهبية والعقدية والسلوكية في المنظومة التربوية انطلاقا من الدورات العلمية التي ستعقد لهذا الغرض؛ تقويم ما يتعلق بالتراث المتعلق بالمذهب والعقيدة والسلوك؛ تشجيع الدراسات والأبحاث المتعلقة بالمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والسلوك السني؛ تقريب ثقافة المذهب والعقيدة والسلوك إلى عموم المجتمع، والانفتاح على كافة المؤسسات التربوية والمهنية، والمجتمع المدني؛ المساهمة في تحصين الشباب من الأفكار والتصورات والرؤى الغريبة عن المجتمع المغربي؛ الإسهام في نشر تدين سليم على مستوى المذهب والعقيدة والسلوك؛ تجسير الهوة بين المواطن وهويته الدينية؛ ترسيخ ثوابت الهوية الدينية بالمغرب؛ وأخيرا، العناية بتطوير الكفاءات وتنميتها وتأهيلها في مجال البحث والدراسات المتعلقة بالمذهب والعقيدة والسلوك.

وعن فلسفة مشروع المركز بشكل عام، أكد عبد الله معصر أن مركز دراس بن إسماعيل لتقريب العقيدة والمذهب والسلوك يحمل مشروعا علميا بقدر ما فيه من الخصوصية لا يعني القطيعة مع ما هو كوني، وبالتالي فإن خطابه خطاب تجديدي يروم المساهمة في إغناء الفكر الإسلامي عموما، وإن كان للخصوصية اعتبار في مشروعه، ولذلك، يضيف معصر، سيعمل المركز على التواصل والانفتاح على كافة المؤسسات الفاعلة في مجال الخطاب الديني من أجل ترسيخ رؤية سليمة وواضحة للتدين السليم، تتسم بالوسطية والاعتدال والانفتاح والتجاوب مع كافة الأسئلة والقضايا التي تحتاج إجابة من الفاعلين في الخطاب الديني داخل المغرب وخارجه.

من الأسئلة الملحة التي طرحت في الحوار الحي، ذلك الخاص بسُبل التوفيق بين مقتضيات الحفاظ على أسس الهوية المغربية، وقد لخصا الناظم ابن عاشر، وبين انفتاح المغاربة المعرفي والفكري على العالم بمذاهبه الفكرية والعقدية والإيديولوجية، حيث اعتبر المتدخل في هذا الصدد أن الحفاظ على الهوية لا يعني التحجر أو الجمود، كما أن الانفتاح لا يعني الانسلاخ والابتعاد عن مقومات الهوية التي تتشكل منها الشخصية الحضارية للمغاربة، ولكن الانفتاح هو جزء من ترسيخ القواعد التي بنيت عليها الهوية المغربية والتي تجعل لمقاصد الشريعة مكانة كبرى في مواجهة ما ينزل بالناس من قضايا ونوازل تتطلب الجواب الشرعي، مضيفا أن التأكيد على الثوابت الدينية التي أخذ بها المغاربة يحقق مصلحة كبرى في تآلف أفراد المجتمع ووحدتهم الفكرية والقيمية والمعرفية مع الاعتراف بالتعدد والاختلاف والتنوع دون السقوط في تنميط أو حجر فكري أو تكلس نفسي ووجداني.

ومن أجل تحقيق مُجمل هذه الأهداف، توقف الضيف عند مجموعة من الآليات، منها مثلا، إنشاء موقع دراس بن إسماعيل على شبكة الأنترنت على بوابة الرابطة المحمدية للعلماء؛ التنسيق مع المراكز العلمية المتخصصة في خدمة المذهب والعقيدة والسلوك داخل المغرب وخارجه؛ عقد شراكات مع المراكز والمؤسسات العلمية المتخصصة الوطنية والدولية، مع الانفتاح على المؤسسات العلمية والجامعية؛ التواصل مع الفاعلين في الحقل الثقافي بالمغرب، كمجالس الجهات ومندوبيات الثقافة وغيرها؛  إصدار مجلة علمية محكمة تعنى بتقريب المذهب والعقيدة والسلوك؛ إصدار دراسات وأبحاث علمية تخدم مشروع مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك؛ العمل على تيسير طبع ونشر الأطروحات والرسائل الجامعية التي تقرّب المذهب والعقيدة والسلوك؛ وأخيرا، إقامة دورات تدريبية متخصصة لإعادة تأهيل كفاءة الباحثين في مجال العقيدة والمذهب والسلوك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق