مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات وأبحاث

مَصَادِر ابْن سَيِّد النَّاس فِي كِتَابه: «عُيون الأَثَر» (كتب السيرة، والمغازي، والطبقات، والتاريخ، والأنساب)

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد؛

فقد اعتنى العلماء بسيرة النبي ﷺ، وخدموا جوانبها المشرقة بكل أنواع الاعتناء، ولم يتركوا شاذة ولا فاذة إلا ذكروها، ومن بين هؤلاء العلماء المعتنين بسيرته العطرة ﷺ الحافظ ابن سيد الناس اليعمري (734هـ) رحمه الله في كتابه “عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير”.

ولأهمية مؤلفه خصصت له هذا المقال للحديث عن موارده ومصادره التي اعتمد عليها في جمع مادة كتابه، مقتصرا على موارده في: السيرة، والمغازي، والطبقات، والتاريخ، والأنساب دون غيرها، مع الإشارة إلى أنني لم أذكر جل موارد ابن سيد الناس في كتابه عيون الأثر على جهة الاستقصاء والحصر؛ وإنما اقتصرت فقط على إيراد بعض هذه الموارد الرئيسة؛ لأنه اعتمد على موارد عدة في كتابه يطول المقام بذكرها ، مرتبا لها بحسب وفيات مؤلفيها، ذاكرا اسم الكتاب، واسم مؤلفه، وتاريخ وفاته، مع ذكر الأسانيد التي سمع بها ابن سيد الناس هذه المصنفات إن وجدت، وأختم ذلك كله بخلاصة أبين فيها الملامح المنهجية العامة لابن سيد الناس في ايراد كتب السيرة، والمغازي، والتاريخ، والأنساب في كتابه عيون الأثر.

فأقول وبالله التوفيق:

أولا: ترجمة ابْن سَيِّد النَّاس اليَعْمُري:

هو الإمام الحافظ، المؤرخ ، الأديب النحوي، الشاعر فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبدالله بن محمد بن يحيى بن محمد بن سيد الناس اليَعْمُري، إشبيلي الآباء والأجداد ، مصري المولد والنشأة والوفاة، شافعي  المذهب، ولد بالقاهرة عام 671هـ[1].

ترعرع في بيت علم ودين وفضل، فوالده محمد بن سيد الناس من علماء الحديث كان يأخذه إلى مجالس المحدثين منذ الرابعة من عمره، ولما شب تلقى العلم على فطاحل علماء عصره بمصر، والشام، والعراق، والحجاز، وإفريقيا، وتكاد مشيخته تبلغ الألف[2]، ومن أشهر شيوخه:

 ابن قريش (694هـ) [3]، وابن دقيق العيد (702هـ) [4]، وأبو الحسن الغَرَّافي (703هـ)[5]، ووالده محمد ابن سيد الناس (705هـ) [6].

وروى عنه الجم الغفير من الناس أشهرهم: ابن أيبك الصفدي (764هـ) [7]، وأبو الفرج الغَزِّي المعروف بابن الشيخة (799هـ) [8].

 خلف ابن سيد الناس رحمه الله إرثا علميا يشهد بتمكنه وريادته، من أشهر مصنفاته: (عيون الأثر)، و(نور العيون)، و(بشرى اللبيب بذكرى الحبيب)…وغيرها من المؤلفات.

وأثنى على ابن سيد الناس جل من ترجم له من العلماء، واصفين له بالحفظ والضبط والإتقان في الحديث، ومعرفة علله وأسانيده، وتبحره في علوم السيرة النبوية ، قال البِرزَالي:” كان أحد الأعيان معرفة وإتقانا، وحفظا للحديث، وتفهما في علله وأسانيده، عالما بصحيحه وسقيمه، مستحضرا للسيرة”[9]، وقال القطب الحلبي:” إمام محدث، حافظ، أديب شاعر، بارع، جمع وألف، وخرج وأتقن، وصارت له يد طولى في الحديث والأدب مع الإتقان، ثبت فيما ينقل ويضبط”[10].

وقد أمضى ابن سيد الناس رحمه الله زهرة عمره في طلب العلم، والسماع والإقراء، وتولى مشيخة درس الحديث بالظاهرية بالقاهرة، ومدرسة أبي حُليقة المعروفة بالمهذبية[11].

توفي ابن سيد الناس رحمه الله ـ بعد حياة معطاءة شغلها بالإفادة والعلم، والخطابة والتدريس، والكتابة والتأليف ـ عام (734هـ) بالمدرسة الظاهرية بالقاهرة، ودفن بالقرافة.

ثانيا: جرد مَوارِد ابْن سَيِّد النَّاس فِي كِتَابه: «عُيون الأَثَر»

من: كتب السيرة، والمغازي، والطبقات، والتاريخ، والأنساب.

 على منهج العلماء الأثبات المعتنين بالدقة في تصنيف الكتب، قدم ابن سيد الناس رحمه الله لكتابه خطة منهجية محكمة رسم فيها معالم استفادته من الموارد والمصادر التي اعتمدها في كتابه، ووضع في آخره ثبتا لموارده الرئيسة، ذاكرا الأسانيد التي سمع بها هذه الموارد إلى مؤلفيها، وأخص بالذكر موارده في السيرة، والمغازي، والطبقات، والتاريخ، والأنساب وهي:

(المغازي): لموسى بن عقبة ابن أبي عياش القرشي الأسدي مولاهم، أبو محمد المدني (ت141 هـ):

وقد ذكر ابن سيد الناس سنده إلى هذا الكتاب فقال:”وما كان فيه من كتاب “المغازي” عن موسى بن عقبة فقد سمعت من شيخنا الإمام عز الدين أحمد بن إبراهيم بن الفرج الفاروثي أكثر هذا الكتاب، وأجاز لي سائره بسماعه من أبي محمد إسماعيل بن علي بن باتكين الجوهري بسماعه من أبي بكر أحمد بن المُقَرَّب الكَرخي قال: أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد بن الباقلاني، عن أبي طالب حمزة بن الحسين بن أحمد بن سعيد بن القاسم بن شعيب بن الكوفي، عن أبي الحسن علي بن محمد الشُّونيزي، عن أحمد بن زنجويه المُخَرَّمي، عن إبراهيم بن المنذر، عن محمد بن فُلَيح عنه”[12].

(السيرة النبوية) : لمحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي(151هـ).

وأسانيد ابن سيد الناس إلى سيرة ابن إسحاق ذكرها في آخر الكتاب فقال: “وما كان فيه عن ابن إسحق فمن كتاب “السيرة النبوية” من رواية أبي محمد عبدالملك بن هشام النحوي وتهذيبه عن زياد بن عبدالله البكائي عنه، وقد قرأتها على أبي المعالي أحمد بن إسحق الأَبْرَقُوهي إلا يسيرا فسمعته بقراءة غيري عليه قال: أنا أبو محمد عبدالقوي بن عبدالله بن الجباب قراءة عليه وأنا أسمع وإجازة لما خالف المسموع إن خالف. ومن أصل ابن الجباب كانت القراءة قال أنا أبو محمد عبدالله بن رفاعة بن غدير السعدي قال: أنا القاضي أبو الحسن الخلعي قال: أنا ابن النحاس قال: أنا ابن الورد، عن ابن البرقي، عن ابن هشام.  ولي في هذا الكتاب أسانيد أخر”[13].

ومنهجه في العزو إلى ابن إسحاق ذكرها في مقدمة كتابه عيون الأثر فقال: “وعمدتنا فيما نورده من ذلك على محمد بن إسحق؛ إذ هو العمدة في هذا الباب لنا ولغيرنا؛ غير أني قد أجد الخبر عنده مرسلا، وهو عند غيره مسندا فأذكره من حيث هو مسند ترجيحا لمحل الإسناد؛ وإن كانت في مرسل ابن اسحق زيادة اتبعته بها، ولم أتتبع إسناد مراسيله؛ وإنما كتبت ذلك بحسب ما وقع لي”[14].

(الطبقات الكبرى) : لأبي عبدالله  محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري(230هـ).

وقد ذكر ابن سيد الناس هذا الكتاب ضمن مصادره فقال: “وما كان فيه عن محمد بن سعد فمن كتاب “الطبقات الكبير” له”[15].

 ثم ذكر أسانيده إليه فقال: “وقد قرأت معظم هذا الكتاب على الشيخ الإمام بهاء الدين أبي محمد عبد المحسن بن الصاحب محيي الدين محمد بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العقيلي وأجاز لي جميع ما يرويه، وكان سمعه كاملا من الحافظ أبي الحجاج يوسف بن خليل بن عبدالله الدمشقي وذهب يسير من أصل سماعه فلم يقدر عليه حين قراءتي عليه قال ابن خليل: أنا أبو محمد عبدالله بن دهبل بن علي بن منصور بن إبراهيم بن كارة سماعا عليه ببغداد قال: أنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أنا أبو عمر محمد بن العباس بن ركريا بن حيوية قال: قرئ على أبي الحسن أحمد بن معروف بن بشر بن موسى الخشاب وأنا أسمع في شعبان سنة ثمان عشرة وثلاثمائة، قال أنا أبو محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي قال أنا ابن سعد.

هذا الإسناد من أول الكتاب إلى آخر ما فيه من خبر النبي ﷺ وهو الذي أُخرج منه في هذا المجموع ما أخرج، وقد يتغير إسناده في باقي الكتاب ولا حاجة بنا إلى بيانه؛ غير أني رأيت بعض من كتبه عن ابن دهبل أسنده عن القاضي أبي بكر سماعا لجميع ما ذكر عن الجوهري إجازة من أول الكتاب إلى قوله: ذكر مقام رسول الله ﷺ بمكة من حين نبئ إلى الهجرة.

وعن أبي إسحق البرمكي أيضا إجازة قالا: أنا ابن حيوية. والذي وقع لي في إسناد ابن خليل بالعنعنة لم يتبين فيه السماع من الإجازة.

وقد أخبرنا به إجازة الشيخ المسند أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي ابن نضر بن منصور الحراني قال: أنا أبو محمد عبدالله بن علي بن كارة قراءة عليه وأنا أسمع بسنده لبعضه، وإجازة لسائره بسنده المذكور أيضا”[16].

(المغازي): لأبي عبد الله محمد بن عائذ الدمشقي(ت234هـ):

وقد ذكر ابن سيد الناس سنده إلى هذا الكتاب فقال: “وما كان فيه من كتاب “المغازي” عن أبي عبدالله محمد بن عائذ القرشي الكاتب فقد قرأت على أبي القاسم الخضر بن أبي الحسين بن الخضر بن عبدان الأزدي الدمشقي بها بعض هذا الكتاب، وأجازني سائره، وناولني جميعه، قال: أنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن بن محمد بن البن الأسدي قراءة عليه وأنا أسمع بجامع دمشق قال: أنا جدي قال: أنا أبو القاسم بن أبي العلاء قال: أنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب قال: أنا أبو عبد الملك أحمد بن ابراهيم القرشي”[17].

(أخبار المدينة المنورة) :لأبي زيد عمر بن شبة بن عبيدة النميري البصري(262هـ).

نقل عنه في مواضع عدة من ذلك على سبيل المثال: خبر الإفك[18].

(تاريخ الأمم والملوك):و(ذيل المذيل في تاريخ الصحابة والتابعين):لأبي جعفر  محمد بن جرير الطبري  (310هـ).

تاريخ الأمم والملوك لابن جرير الطبري اقتبس منه ابن سيد الناس في مواضع عدة منها مثلا ذكر خبر عن مهلك أبي لهب قال:” وذكر محمد بن جرير الطبري في تاريخه أن العدسة قرحة كانت العرب تتشاءم بها، ويرون أنها تعدي أشد العدوى، فلما أصابت أبا لهب تباعد عنه بنوه، وبقي بعد موته ثلاثا لا تقرب جنازته ولا يحاول دفنه، فلما خافوا السبة في تركه حفروا له ثم دفعوه بعود في حفرته وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه”. (1/409-410)”.

أما كتاب “ذيل المذيل” لابن جرير الطبري فاقتبس منه ابن سيد الناس في موضعين الأول قوله:”ورأيت في كتاب “ذيل المذيل” لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري لحسان بن ثابت يرثى أصحاب الرجيع الستة:

ألا ليْتنى فِيها شَهِدت ابنَ طَارق*** وزَيدًا وما تُغني الأَمَاني ومرْثَدا

ودَافعت عنْ حِبَّيْ خُبيب وعَاصمٍ*** وكَان شفاءً لو تَداركتُ خَالدا[19]

والموضع الثاني الذي اقتبس منه هو قوله: ” ذَكَر هؤلاء المُسْتَشْهَدِين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتابه “ذيل المذيل” من رواية ابن عبد البر ، عن أبي عمر أحمد بن محمد بن الجسور، عن أبي بكر أحمد بن الفضل ابن العباس الخفاف عنه، ومن أصل أبي عمر بن عبد البر نقلت”[20].

(المنتقى من كتاب الطبقات): لأبي عروبة الحسن بن محمد بن أبي معشر مودود السلمي الجزري(318هـ).

وقد ذكر ابن سيد الناس سنده إلى هذا الكتاب فقال: “وما كان فيه عن أبي عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني فمما سمعته على الشيخ أبي عبدالله بن عبدالمؤمن بن أبي الفتح بظاهر دمشق، عن زاهر بن أبي طاهر، ومحمود بن أحمد الثقفين، وهشام بن عبدالرحيم الأصبهانيين إجازة بسماعهم من أبي نصر محمد بن حميد الكبريتي قال: أنا ابو مسلم محمد بن علي بن مهزبرد النحوي قال: أنا أبو بكر المقرئ عنه”[21].

(الفصول في معجزات الرسول ﷺ): لأبي بكر محمد بن الحسن بن فُورك الأصبهاني الأصولي المتكلم  (406هـ).

نقل عنه في باب: (ذكر تسمية محمدا واحمد ﷺ) ومن تسمى بهذا الإسم قبل النبي ﷺ قال: “ذكرهم ابن فورك في كتاب “الفصول” وهم محمد ابن سفيان بن مجاشع جد الفرزدق الشاعر، والآخر محمد بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبا بن كلفة بن عوف بن عمر بن عوف بن مالك بن الأوس، والآخر محمد بن حمران وهو من ربيعة، وذكر معهم محمدا رابعا أنسيته، وكان آباء هؤلاء الثلاثة قد وفدوا على بعض الملوك الأول، وكان عنده علم بالكتاب الأول فأخبرهم بمبعث النبي ﷺ وباسمه، وكان كل واحد منهم قد خلف امرأته حاملا، فنذر كل واحد منهم إن ولد له ولد ذكر أن يسميه محمدا ففعلوا ذلك”[22].

(جمهرة أنساب العرب): لأبي محمد علي بن حزم الأندلسي(456هـ).

نقل عنه في مواضع عدة من ذلك على سبيل المثال ما ذكره في بيان اسم بعض المهاجرات رضي الله عنها قال:” ولم أجد في جمهرة ابن الكلبي، وكتاب أبي محمد بن حزم في النسب غير زينب وحمنة “[23].

(تاريخ بغداد): لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (463هـ).

نقله عنه في مواضع كثيرة من كتابه تاريخ بغداد.

(الدرر في اختصار المغازي والسير): لأبي عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي(463هـ).

وقد ذكر ابن سيد الناس سنده إلى هذا الكتاب فقال: “وما كان فيه عن أبي عمر فمن كتاب :”الدرر في إختصار المغازي والسير” له وهو مما روينه عن والدي رحمه الله، عن شيخه أبي الحسين محمد بن أحمد بن السراج، عن خاله أبي بكر بن خير، عن أبي الحجاج الشنتمري، عن أبي علي الغساني عنه”[24].

 (اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار): لأبي محمد عبد الله بن علي اللخمي الرّشَاطي (542هـ)[25].

وقد ذكر ابن سيد الناس سنده إلى هذا الكتاب فقال: “وما كان فيه عن أبي محمد عبدالله بن علي الرشاطي فمن كتابه في “الأنساب” وأخبرنا به والدي، عن أبي الحسين بن السراج إجازة قال: أنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عبيدالله الحجري إجازة إن لم يكن سماعا عليه، قال: أخبرنا الرشاطي قراءة عليه”[26].

(الشفا بتعريف حقوق المصطفى): للقاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي(544هـ).

وقد ذكر ابن سيد الناس سنده إلى هذا الكتاب فقال: “وما كان فيه عن القاضي أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي فمن كتابه المسمى “بالشفا بتعريف حقوق المصطفى ﷺ” وقد سمعته كاملا بقراءة والدي رحمه الله بمصر على القاضي الإمام علي الدين أبي الحسن محمد ابن الشيخ الإمام جمال الدين أبي علي الحسين بن عتيق بن رشيق بمصر في سنة سبع وسبعين وستمائة، قال: أنا الإمام أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكناني سماعا عليه سنة تسع وستمائة، قال: أنا الإمام أبو عبد الله محمد بن عبدالله بن محمد ابن عيسى التميمي إجازة، قال أنا القاضي عياض سماعا”[27].

(الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام): لعبدالرحمن بن عبدالله الخثعمي السهيلي(581هـ).

وقد ذكر ابن سيد الناس سنده إلى هذا الكتاب فقال: “وما كان فيه عن الأستاذ أبي القاسم السهيلي فمن روايتي عن والدي رحمه الله قال: أنا الشيخ الرواية الزاهد أبو الحسين محمد بن أحمد بن السراج إجازة إن لم يكن سماعا، وقد سمع عليه الكثير بقراءة والده قال: قرئ كتاب “الروض الأنف والمشرع الروي” على أبي القاسم عبدالرحمن بن أبي الحسن الخثعمي السهيلي مصنفه من أوله إلى آخره مرتين وأنا أسمع. ومن كتابه هذا أثبت ما أثبت عنه هنا”[28].

(الإملاء المختصر في شرح غريب السير): لأبي ذر مصعب بن أبي بكر محمد بن مسعود الخشني(604هـ).

نقل عنه ابن سيد الناس في مواضع تهم شرح غريب السيرة من ذلك شرحه للغريب الوارد في صحيفة موادعة يهود المدينة قال في باب (شرح ما فيه من الغريب): الرَّبعة: الحالة التي جاء الإسلام وهم عليها…قال الخشني: رَبْعة ورَبَعَة، وكذلك رِبَاعة ورَبَاعة”[29].

(المختصر في سيرة خير البشر): لأبي محمد، شرف الدين، عبدالمؤمن بن خلف الدمياطي(705).

والدمياطي من شيوخ ابن سيد الناس نقل عنه في مواضع عدة من كتابه من ذلك حديثه عن أفراس النبي ﷺ وخيله قال:” قال شيخنا الحافظ أبو محمد الدمياطي رحمه الله فهذه سبعة متفق عليها: وهي السَّكْبُ، والمُرْتَجِز، والَّلحيف، ولِزاز، والظَّرِب، والوَرْد، وسَبْحَة “[30].

ثالثا: خلاصة للملامح العامة لمنهج ابن سيد الناس  في موارده من كتب السيرة، والمغازي، والطبقات، والتاريخ، والأنساب.

من خلال ما تم جرده من موارد ابن سيد الناس في السيرة، والمغازي، والطبقات، والتاريخ، والأنساب يتبين لنا ملامح منهجه الذي سار عليها في ترتيب هذه الموارد في كتابه، ومن ذلك الآتي:

1- اعتنى أشد الاعتناء في انتقاء هذه الأصول الصحيحة المتداولة بين العلماء في عصره، بعضها الآن في حكم المفقود كليا مثل المغازي لأبي عبد الله محمد بن عائذ الدمشقي(234هـ)، وبعضها وصلنا شذرات منه كمغازي موسى بن عقبة (141هـ)[31]، وهذا في حد ذاته يدل على أهمية وقيمة العمل الذي قام به ابن سيد الناس من خلال إسهامه في تداول هذه الأصول النفيسة في القرن الثامن الهجري، وروايتها بالأسانيد المتصلة إلى مؤلفيها.

2- ما يميز عمل ابن سيد الناس في انتقاء هذه الموارد توظيفه  لمناهج المحدثين في العناية بإسناد الطرق التي أخذ بها هذه المصنفات، حيث أشار إلى ذلك في مقدمة الكتاب فقال:” وأذكر أسانيدي إلى مصنفي تلك الكتب في مكان واحد عند انتهاء الغرض من هذا المجموع”،  وقد وفى المؤلف رحمه الله بشرطه فسرد أسانيده إلى الكتب المقتبس منها في آخر الكتاب حيث وضع عنوانا سماه: “ذكر الأسانيد التي وقعت لي من المصنفين الذين أخرجت من كتبهم في هذا المجموع ما أخرجته”؛ بيد أنه لم يذكر جميع أسانيده إلى الكتب المنقول منها بل اقتصر على أشهرها.

3-عنايته بصيغ التحمل والأداء التي سمع بها هذه الموارد حيث وظف جميع الصيغ المعروفة: كلفظ التحديث، والسماع من لفظ الشيخ، والإجازة، والمناولة…الخ.

4- ومما يلفت النظر في منهج ابن سيد الناس في سماع هذه المصنفات عن شيوخه أمانته ودقته العلمية، بحيث يذكر اسم الشيخ، والمقدار الذي سمعه منه، ولفظ السماع هل: بالتحديث أم بالإجازة؛ بل يذكر حتى الأماكن والبقاع التي تم فيها سماع هذه الكتب مما ينم عن شخصية العالم المسلم الذي يتحرى الدقة والنزاهة العلمية في جمع المعلومات وتوثيقها ونسبتها إلى أصحابها.

5 – بعض كتب السيرة والشمائل والأنساب التي ألفها علماء الغرب الإسلامي مثل: (الدرر في اختصار المغازي والسير): لابن عبد البر القرطبي(463هـ)، واقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار): للرّشَاطي (542هـ)، و(الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام): للسهيلي(581هـ)، و(الشفا بتعريف حقوق المصطفى): للقاضي عياض(544هـ).  سمعها من والده محمد ابن سيد الناس الإشبيلي.

هذا ما تيسر لي ذكره فيما يخص موارد ابن سيد الناس رحمه الله في كتابه :” عيون الأثر” من كتب السيرة، والمغازي، والطبقات، والتاريخ، والأنساب ، وبيان لملامح منهجه الدقيق في إيراد هذه الموارد في كتابه.

فأسأل الله تعالى أن يرحم ابن سيد الناس ويبرد مضجعه،

وأن يتقبل مني هذا العمل بقبول حسن، وأن يجزي من قرأه، ونشره،

والحمد لله رب العالمين.

**********************

هوامش المقال: 

([1]) انظر ترجمته في: الدرر الكامنة (5 /476)، وطبقات الحفاظ للسيوطي (1 /523)(1146)، والبدر الطالع (2 /250)، والوافي بالوفيات للصفدي (1 /219-220)(200).

([2])  الوافي بالوفيات للصفدي (1 /220).

([3])  لحظ الألحاظ (ص: 83-84).

([4])  ذيل التقييد (1 /192).

([5])  ذيل تذكرة الحفاظ للحسيني (1 /94)، الدرر الكامنة (5 /424)(1778).

([6])  الدرر الكامنة (5 /424)(1778).

([7])  شذرات الذهب (6 /200).

([8])  الدرر الكامنة (3 /112)(2283).

([9])  الدرر الكامنة (4 /209).

([10]) الدرر الكامنة (4 /210).

([11]) الوافي بالوفيات (1 /222)، والدرر الكامنة (4 /210).

([12]) عيون الأثر (2 /457).

([13]) عيون الأثر (2 /456-457).

([14]) عيون الأثر (1 /54).

([15]) عيون الأثر (2 /457).

([16]) عيون الأثر (2 /457-458).

([17]) عيون الأثر (2 /457).

([18]) عيون الأثر (2 /144).

([19]) عيون الأثر (2 /65).

([20]) عيون الأثر (2 /71).

([21]) عيون الأثر (2 /459).

([22]) عيون الأثر (1 /320).

([23]) عيون الأثر (1 /295).

([24]) عيون الأثر (2/ 459).

([25]) وهو كتاب كبير، حقق جزءًا منه الأستاذ محمد سالم هاشم ، وطبع عام 1999م، في دار الكتب العلمية.

([26]) عيون الأثر (2/ 459).

([27]) عيون الأثر (2 /460).

([28]) عيون الأثر (2 /460).

([29]) عيون الأثر (1 /320).

([30]) عيون الأثر (2 /421).

([31]) ـ الكتاب في حكم المفقود الآن سوى مختصر له احتفظ بطرف منه ابن قاضي شهبة، أما أصل الكتاب فلم يعلم له أثر إلى اليوم، وقام أستاذنا الدكتور محمد باقشيش أبو مالك  جزاه الله خيرا بجمع مروياته من خلال نقول له في كتب الحديث، وهي جهود مشكورة؛ لكن لا تغنينا عن أصل الكتاب المفقود الذي نأمل أن ييسر الله تعالى من يقف عليه.

**********************

ثبت المصادر والمراجع:

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع : لمحمد بن علي الشوكاني بيروت ، دار المعرفة ، ط ١٣٤٨هـ.

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ت  : محمد عبدالمعيد خان ، الهند ، مجلس دائرة المعارف العثمانية ، ط ٢، ١٣٩٢ هـ.

ذيل التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد: لأبي الطيب المكي تقي الدين ، محمد بن أحمد بن علي الحسني ت : كمال يوسف الحوت ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، ط ١ – ١٤١٠ هـ.

ذيل تذكرة الحفاظ : لأبي المحاسن ، محمد بن علي بن الحسن بن حمزة الحسيني الدمشقي ت : حسام الدين القدسي ، بيروت ، دار الكتب العلمية . بدون تاريخ.

شذرات الذهب في أخبار من ذهب: لشهاب الدين أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي الدمشقي ت: عبد القادر الأرناؤوط، ومحمد الأرناؤوط. دار ابن كثير ـ دمشق،  وبيروت، ط1 /1408هـ /1988م.

طبقات الحفاظ: لجلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 /1402هـ / 1983م.

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير: لأبي الفتح محمد بن محمد سيد الناس اليعمري، ت: د. محمد العيد الخطراوي، ومحي الدين ميستو. مكتبة التراث ـ المدينة النبوية، ودار ابن كثير، دمشق، بدون تاريخ.

لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ:  لتقي الدين محمد بن محمد بن محمد بن عبدالله بن محمد بن فهد  بيروت ، دار الكتب العلمية . بدون تاريخ.

الوافي بالوفيات: صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي ت: أحمد الأرناؤوط و تركي مصطفى. دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ ط1 /1420هـ / 2000م.

*راجعت المقال الباحثة: خديجة أبوري

Science

د. محمد بن علي اليــولو الجزولي

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق