مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينشذور

من فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (1)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»([1]).

إنّ الاعتراف بفضل الصحابة الكرام وتقديرهم أصل عظيم يجب على المسلمين معرفته؛ لأن ذلك من الإيمان، بُغْضهم أو بُغْض أَحَد منهم من الكفر والنّفاق، ولأن حبّهم من حبّ النبي صلى الله عليه وسلم، وبُغْضهم من بُغْض النبي صلى الله عليه وسلم. و هي من الأمور الواجب الإيمان بها في عقيدة أهل السنة والجماعة.

لقد عرف المسلمون للصحابة فضلهم، ومكانتهم، فأنزلوهم في سويدائه قلوبهم، فأحبوهم محبة عظيمة، وفضلوهم على سائر من سوى الأنبياء تفضيلا كبيرا، ولقد ظهرت هذه المحبة فيما قرروه من صحيح عقيدتهم.

قال الإمام أحمد في أصول السنة: (وَخير هَذِه الْأمة بعد نبيها أَبُو بكر الصّديق، ثمَّ عمر بن الْخطاب، ثمَّ عُثْمَان بن عَفَّان، نقدم هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة كَمَا قدمهم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِك، ثمَّ بعد هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة أَصْحَاب الشورى الْخَمْسَة: عَليّ بن أبي طَالب، وَالزُّبَيْر، وعبد الرحمن بن عَوْف، وَسعد، وَطَلْحَة، كلهم للخلافة وَكلهمْ إِمَام، وَنَذْهَب فِي ذَلِك إِلَى حَدِيث ابْن عمر «كُنَّا نعد وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيٌّ وَأَصْحَابه، متوافرون أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان ثمَّ نسكت» ثمَّ من بعد أَصْحَاب الشورى أهل بَدْرٍ من الْمُهَاجِرين ثمَّ أهل بَدْرٍ من الْأَنْصَار من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قدر الْهِجْرَة والسابقة أَولا فأولا.

ثمَّ أفضل النَّاس بعد هَؤُلَاءِ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقرن الَّذِي بعث فيهم كل من صَحبه سنة أَو شهرا أَو يَوْمًا أَو سَاعَة وَرَآهُ فَهُوَ من أَصْحَابه لَهُ الصُّحْبَة، على قدر مَا صَحبه وَكَانَت سابقته مَعَه وَسمع مِنْهُ وَنظر إِلَيْهِ نظر فأدناهم صُحْبَة أفضل من الْقرن الَّذِي لم يروه وَلَو لقوا الله بِجَمِيعِ الْأَعْمَال كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذين صحبوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورأوه وسمعوا مِنْهُ أفضل لصحبتهم من التَّابِعين وَلَو عمِلُوا كل أَعمال الْخَيْر)([2]).

كما يرى مسلمة بن القاسم القرطبي (ت353هـ) في كتابه في (الرد على أهل البدع) بأن: (من تمام السنة الصلاة على من مات من أهل القبلة، وإن عمل الكبائر، وذكر فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، والسكوت عما شجر بينهم، والاقتداء بهم)، كما قرروا أيضا: (أنّ خير الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم  أبو بكر الصديق.. ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين بعدهما، ثم علي الرضى رابعهم، ثم أصحابه الباقون خير الأصحاب، وأنصاره خير الأنصار، وأمته خير الأمم)([3]).

وقال ابن أبي زيد القيرواني الأندلسـي (ت386هـ) في متن الرسالة: (وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون: أبو بكر وعمر وعثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، وأن لا يذكر أحد من صحابة رسول اللهصلى الله عليه وسلم  إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن الظن)([4]).

ومن بين هؤلاء الأبرار أزواجه اللاتي ارتضاهن الله زوجات لرسوله وأمهات للمؤمنين. وأم المؤمنين، مصطلح قرآني يُطلق على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جاء في سورة الأحزاب قول الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُومِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}([5]) ، ولزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل ومزية عن بقية نساء المسلمين بنص القرآن الكريم لقوله تعالى:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ}([6])، وقد ذكر تقي الدين المقريزي في كتابه “إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع” في عدد أزواج النبي اللاتي دخل بهن على أكثر من قول، فقال: أنَّ عددهنَّ اثنتي عشرة امرأة، وفي رواية أخرى إحدى عشرة، وفي رواية ثالثة خمس عشرة، وفي رواية رابعة: ثماني عشرة، وفي رواية خامسة: ثلاث وعشرين، وقال ابن هشام: وكن تسعًا، هذا غير النساء اللاتي لم يدخل بهن، وهناك اختلاف في عددهنَّ أيضًا، وأما السراري فالمعروف أنه تسرَّى باثنتين إحداهما: مارية القبطية، والسُّرِّيَّة، الثانية هي: ريحانة بنت زيد النضرية أو القُرظية([7]).

لقد كن خير الأزواج لخير زوج، حياتهن قدوة للمسلمات، وتتبع سيرتهن من صور حبهن رضي الله عنهن، فهن اللاتي ارتضاهن الله عزوجل زوجات لرسوله صلى الله عليه وسلم وأمهات للمؤمنين، وقد صنف علماء المسلمين مصنفات وكتب هادفة لتتبع سيرهن وبيان فضلهن، والدفاع عنهن من شبهات المغرضين.

ومن بين هؤلاء  الزوجات الطاهرات أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .

لقد نالت الصِّديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها وعن أبيها حظا وافرا من عناية أهل الإسلام، فكانت منزلتها عندهم كبيرة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»([8]).

ومن مناقبها:

 نزول القرآن الكريم في براءتها، ونزول جبرائيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم  وهو في لحافها، وكونها أحبّ الناس إليه.

وقوله صلى الله عليه وسلم : >فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الأطعمة<([9]). وعرضها في الحرير على النبي صلى الله عليه وسلم  قبل أن يتزوجها([10]). وقوله صلى الله عليه وسلم : >إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ<([11])-يعني في فهمها وحسن نظرها- ومات صلى الله عليه وسلم  في يومها. وقوله صلى الله عليه وسلم  لها: >إن جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ<([12]). ونزول آية التيمم عند انحباس الناس عن السفر بسببها لالتماس عقدها حين ضاع، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِن أسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  رَجُلًا فَوَجَدَهَا، فأدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ وليسَ معهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا، فَشَكَوْا ذلكَ  إلى رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  فأنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَقالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ ما نَزَلَ بكِ أمْرٌ تَكْرَهِينَهُ، إلَّا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ ولِلْمُسْلِمِينَ فيه بركة([13])، ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم  بكراً غيرها. وفيها آيات الكتاب المبين تتلى إلى يوم الدين.

قال مسروق: (رأيتُ مشيخة أصحاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم  الأكابر يسألونها عن الفرائض)، وقال عطاء: (كانت عائشة أفقه الناس، وأحسن الناس رأيا في العامة)، وقال عروة: (ما رأيت أحدا أعلم بفقهٍ ولا طبٍّ ولا شعرٍ من عائشة)، وقال أبو الزناد: (ما رأيت أحدا أروى لشعر من عروة(، فقيل له: (ما أرواك يا أبا عبدالله( قال: (وما روايتي في رواية عائشة، ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرا)، قال الزهري: (لو جمع علم عائشة إلى علم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم  وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل)([14]).

وفي صحيح البخاري، من طريق حمـاد، عن هشام بن عروة، عن أبيه: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة. قالت: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة، فقلن: يا أم سلمة، والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كمـا تريده عائشة، فَمُري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يأمر الناس أن يُهْدوا إليه حيث مـا كان، أو حيث مـا دار. قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبيصلى الله عليه وسلم ، قالت: فأعرض عني، فلمـا عاد إليّ، ذكرت له ذلك، فأعرض عني، فلمـا كان في الثالثة، ذكرت له ذلك، فقال: «يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله مـا نزل عَلَيّ الوَحْي، وأنا في لِحَاف امْرأةٍ منكنّ غيرها»([15]).

وأخرج الترمذي، من طريق الثوري، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن غالب أن رجلاً نال من عائشة، عند عمـار بن ياسر، فـــقال: اغْرُبْ مَقْبُوحاً مَنْبوحاً، أتــــؤذي حبـيبـة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ([16]).

وفي صحيح البخاري من طريق ابن عون عن القاسم بن محمد أن عائشة اشتكت، فجاء ابن عباس فقال: يا أم المؤمنين، تَقْدَمِينَ عَلى فَرَطِ صِدْقٍ، على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر([17]).

وروى ابن سعدٍ، من طريق عبد الملك بن عُمَيْر عن عائشة، قالت: أُعْطِيتُ خِلالاً مـا أُعطيتها امرأةٌ: ملكني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا بنت سبع سنين، وأتاه المَلَكُ بصورتي في كَفِّه لينظر إليها، وبنى بي لتسع سنين، ورأيت جبريل، ولم تره امرأة غيري، وكنت أحب النساء إليه، وكان أبي أحب أصحابه إليه، ومَرِضَ رسول الله في بيتي فمَرّضْتُهُ فَقُبِض، ولم يَشْهَدْهُ غيري والملائكة([18]).

وأخرج أيضا، من طريق أم دُرَّة([19]) قالت: بعث ابن الزُّبَيْر إلى عائشة بمـال في غَرَارَتَيْن يكون مـائة ألف، فدعت بِطَبَق، وهي يومئذ صائمة، فجعلت تقسم في الناس. قال: فلمـا أمست قالت: يا جارية هاتي فطري. فقالت أم درة: يا أم المؤمنين، أمـا استطعت فيمـا أنفقت أن تشتري بدرهم لحمـا تفطرين عليه؟ فقالت: لا تُعَنِّفِيني، لو كنت أذكرتني لفعلت([20]).

ولله در ابن بهيج الأندلسي الواعظ وهو يعدد مناقب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنْها:

ما شأن أم المؤمنين وشاني

هُدي المحبُّ لها وضلَّ الشاني

إني أقول مبيِّنا عن فضْلها

ومترجما عن قولها بلساني

يا مـبغضي لا تأت قبر محمد

فالبيتُ بيتي والمكان مكاني

  • ذكر ما أنزل الله من براءتها حين قال أهل الإفك ما قالوا:

روى مسلم في الصحيح عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن عائشة رضي الله عنها قالت: حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا: فَبَرَّأَهَا اللهُ مِمَّا قَالُوا، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتَ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، ذَكَرُوا، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم   إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  مَعَهُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي، وَأُنْزَلُ فِيهِ مَسِيرَنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  مِنْ غَزْوِهِ، وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ مِنْ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِيَ الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، قَالَتْ: وَكَانَتِ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُهَبَّلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّ الْقَوْمَ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَادَّلَجَ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ عَلَيَّ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَوَاللهِ مَا يُكَلِّمُنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِيَ الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ، بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِي شَأْنِي، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ، حِينَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ، وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم َ اللُّطْفَ، الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: >كَيْفَ تِيكُمْ؟< فَذَاكَ يَرِيبُنِي، وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَمَا نَقَهْتُ وَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَلَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي التَّنَزُّهِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهِيَ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَبِنْتُ أَبِي رُهْمٍ قِبَلَ بَيْتِي، حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، قَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ أَوَ لَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قُلْتُ: وَمَاذَا قَالَ؟ قَالَتْ: فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: >كَيْفَ تِيكُمْ؟< قُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَّنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهْ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ فَوَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ، إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم  بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ لَهُمْ مِنَ الْوُدِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هُمْ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَإِنْ تَسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  بَرِيرَةَ فَقَالَ: >أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ مِنْ عَائِشَةَ؟< قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  عَلَى الْمِنْبَرِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: >يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي< فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ – وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ -، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ: وَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ بَكَيْتُ لَيْلَتِي الْمُقْبِلَةَ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي، قَالَتْ: فَبَيْنَما نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ لِي مَا قِيلَ، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: >أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ، ثُمَّ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ< قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فِيمَا قَالَ فَقَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم  فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ إِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي نُفُوسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِي وَإِنِّي، وَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} ([21])  قَالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، قَالَتْ: وَأَنَا، وَاللهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ، وَاللهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنْزَلَ فِي شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسـِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا، قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْيِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ، فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي، مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: >أَبْشِـرِي يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ< فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللهَ، هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} عَشْـرَ آيَاتٍ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ بَرَاءَتِي، قَالَتْ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} إِلَى قَوْلِهِ: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ} ([22])، قَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: هَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  عَنْ أَمْرِي >مَا عَلِمْتِ؟ أَوْ مَا رَأَيْتِ؟<فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَـرِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَعَصَمَهَا اللهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ([23]).

([1]) رواه البخاري في الصحيح-كتاب أصحاب النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -باب فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا -5/29 رقم:3770، ومسلم في الصحيح-كتاب فضائل الصحابة -باب في فضل عائشة رضي الله عنها – 4/1895، رقم 2446.

([2]) أصول السنة لأحمد بن حنبل: 35-42.

([3]) الرد على أهل البدع ورقة 305.

([4]) شرح الرسالة بـشرح عبدالمجيد الأزهري ص20.

([5]) سورة الأحزاب آية 6.

([6]) سورة الأحزاب آية 32.

([7]) ينظر امتاع الأسماع: 6/92.

([8]) رواه البخاري في الصحيح-كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  -باب فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا -5/29 رقم:3770، ومسلم في الصحيح-كتاب فضائل الصحابة -باب في فضل عائشة رضي الله عنها – 4/1895، رقم 2446.

([9]) رواه البخاري في الصحيح-كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  -باب فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا -5/29 رقم:3770، ومسلم في الصحيح-كتاب فضائل الصحابة -باب في فضل عائشة رضي الله عنها – 4/1895، رقم 2446.

 ([10]) رواه البخاري في الصحيح-كتاب مناقب الأنصار-باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم  عَائِشَةَ، وَقُدُومِهَا المَدِينَةَ، وَبِنَائِهِ بِهَا -5/56 رقم:3895.

 ([11]) رواه مسلم في الصحيح ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فِي فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا.4/1891 رقم: 2442.

 ([12]) رواه البخاري في الصحيح-كتاب بدء الخلق-باب ذكر الملائكة -4/112 رقم:3217.

([13]) رواه البخاري في الصحيح-كتاب التَّيَمُّمِ -باب إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلاَ تُرَابًا -1/74 رقم: 336، ومسلم في الصحيح-كتاب الْحَيْضِ -باب التَّيَمُّمِ -1/279، رقم: 367.

([14]) ينظر المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم. لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي 6/320.

 ([15]) صحيح البخاري ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فضل عائشة. 3/36. رقم: 3775.

 ([16]) جامع الترمـذي ـ  أبواب المناقب- باب من فضل عائشة. 6/185.رقم: 3888. وقال الترمذي: حسن صحيح.

 ([17]) صحيح البخاري ـ  كتاب فضائل الصحابة. باب فضل عائشة. 3/36. رقم: 3771.

 ([18]) الطبقات الكبرى 8/65.

 ([19]) أم درة مدنية تابعية ثقة. الثقات للعجلي 2/461.

 ([20]) الطبقات الكبرى 8/67.

([21]) سورة يوسف: 18.

([22]) سورة النور: 22.

([23]) أخرجه مسلم في الصحيح –كتاب التوبة– بَابٌ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ وَقَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاذِفِ -4/2129 رقم: 2770.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق