مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيغير مصنف

من غلَّب الرواية على الدراية جانبه التوفيق في العلم

   ذكر ابن رشد الفقيه (ت 520ﻫ) في البيان والتحصيل:”عن عبد الرحمن بن القاسم أنه قال: كنا جلوسا عند مالك يوما  إذ مر بنا ابن وهب فلحظه مالك ببصره ساعة ثم قال: سبحان الله أيما فتى لولا أنه مكثر، ثم قال: بلغني أن رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: «إني مما أتخوف على أمتي العصبية والقدرية وكثرة الرواية». 

   قال محمد بن رشد: المعنى في كراهة ذلك بين؛ لأن من أكثر رواية الأحاديث ولم ينتق من يحملها عنه لم يأمن أن يحدث عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بما لم يقله؛ ومن اشتغل برواية الأحاديث عن التفقه فيها ومعرفة ما عليه العمل منها فما وفق لما له الحظ فيه. وقد قال مالك – رَحِمَهُ اللَّهُ -: العلم الذي هو العلم معرفة السنن، والأمر المعروف الماضي المعمول به. وكان ابن سيرين يقول: إنما هذه الأحاديث دين، فانظروا عمن تحملون دينكم. وقال يحيى بن يحيى: سمعت مالكا يقول: لقد أدركت بهذا البلد أكثر من سبعين شيخا كلهم أهل فضل ما حملت عن واحد منهم حرفا. قيل له: ولم ذلك يا أبا عبد الله؟ فقال: إن هذا الأمر ليس يؤخذ إلا من أهله، إنما هي كلمة تغير فيستحل بها حرام أو يحرم بها حلال”. [البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة: 18/523].

“المنطق إنما يفيد الفائدة المطلوبة منه إذا ارتاض الإنسان باستعمال هذه القوانين المتعلمة فيه، وأما معرفتها دون تعود استعمالها والارتياض بها، فقليلة الغناء” [البصائر النصيرية للساوي ط دار الفكر اللبناني ص: 28].

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق