مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةدراسات عامة

من تضرعات القوم (11)

     سبحان من أيقظ قلوب أوليائه إلى تحقيق وحدته، وأمدَّ نفوس أحبائه بكشف حقائق معرفته، وأبان لهم بأنوار جلاله سر أزليته، وأوضح لقلوب خاصته معنى ألوهيته، وحقق لأبصار بصائر عارفيه خصائص ملك أبديته، وتظاهر في مقامه الرفيع وملكه البديع بصفة البصير السميع، فليس في جلاله العلي صفة حدث، ولا في جماله البهي صفة قدم ولا عبث، عَرَفَته الألباب المستنيرة بدلالته إياها عليه، وحَقَّقته الأفكار السليمة ببراهين إرشادهم إليه، فصار معنى اسمه ظاهرا في النور مستورا في الظهور، فلا عينُ من يعرفه تنكره، ولا عينُ من ينكره تراه، أنت الأحدي في الأزل، الواحدي في الأبد، الوحداني في السرمد، الذي هو في السماء إله وفي الأرض إله، تعاليت وتقدست عما يتصوره أهل الحجاب، والمنقطعون بالوهم دون الباب، يا إلهي الأحد ومالكي الواحد وربي الفرد، تولني في الفردية الموحشة إلا منك، وأعني على الوحدة التي خصصتني بها معك، وابسط لي أسرار الأحدية حتى أرتوي من جلالها، وأعبدك في تغربات جمالها، فإن جودك أسبق من سؤالي، وعلمك بي أرأف من تقلبات أحوالي، وأنت ربي في الشهود وأنا عبدك في العلم، ومطلوبي منك جليل لتخصيص عنايتك بي، وقصدي منك مأمول من فيض كرمك علي، وهما اللذان يمنعاني من تموج قلبي وحركة لساني في أن أسألك ما لا أستوجبه منك، وأنت العليم العلام الملك السلام، يا من أبدع محمدا بصورة المكان، وأنطقه بسرائر الزمان، ومثله على صورة الرحمن، وصرفه في المعدن والنبات والحيوان، وجعله مرآة صفاته ومستقر آياته، صلى الله عليه صلاة تتضاعف على تسبيح ملائكته، وحيّاه تحية ترفعه إلى أعلى مقامات كرامته، وجعل البركة فيه وفي آله وذريته، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.

Science

ذ. محمد المنصوري

باحث بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة بالرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق